البطالة حول العالم... وتيرة متصاعدة وأرقام تثير القلق

 

شبكة النبأ: تعتبر مشكلة البطالة من أهم واخطر المشاكل التي تفاقمت بشكل مخيف بسبب الأزمة الاقتصادية التي أضرت بالعديد من دول العالم، و البطالة كما تشير بعض المصادر هي ظاهرة اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية. طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى. وفي هذا الشأن قالت منظمة العمل الدولية في تقريرها السنوي إن عدد العاطلين في العالم سيرتفع إلى أكثر من 200 مليون شخص هذا العام مكرّرة تحذيرًا استهلّت به كل عام من الأعوام الستة الماضية. وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إن عدد العاطلين سيرتفع 5.1 مليون هذا العام لأكثر من 202 مليون عاطل وبمقدار ثلاثة ملايين أخرى في 2014 عقب زيادة بمقدار 4.2 مليون في 2012. وإذا صحّت هذه التوقعات فستسجّل البطالة العالمية مستوى قياسيًا. لكن المنظمة تراجع أرقامها للعاطلين بالخفض كل عام مع تزايد أعداد من يتوقفون عن البحث عن عمل وهو ما يعني عدم تصنيفهم كعاطلين. ويظهر تحليل لتقارير سابقة من منظمة العمل الدولية أن المنظمة خفّضت تقديراتها للبطالة في كل من السنوات الست الأخيرة.

وتمّ خفض الرقم الأصلي للبطالة لعام 2007 بنسبة 11 بالمئة من 189.9 مليون إلى 169 مليونًا. وتراجعت الأرقام بين 2008 و2010 أيضًا بما بين عشرة و15 بالمئة عن التقديرات الأصلية. من جانبه قال نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية ذراع البنك الدولي لإقراض القطاع الخاص إن البطالة أزمة عالمية وذلك في إطار بحث المؤسسة عن سبل لاستخدام استثماراتها في البلدان النامية لخلق مزيد من فرص العمل.

وقال جين يونج كاي: بصفتنا أكبر مؤسسة للتنمية في العالم تركز على القطاع الخاص نعتقد أن خلق فرص العمل يتيح أفضل سبيل للخروج من الفقر وتابع: النهوض بذلك في البلدان النامية على رأس أولوياتنا. ووفقًا لتقديرات البنك الدولي يوجد نحو 200 مليون عاطل عن العمل في العالم ويتعيّن توفير 600 مليون فرصة عمل في البلدان النامية بحلول عام 2020 لمواكبة النمو السكاني.

في السياق ذاته أفادت "هيئة الإحصاء في الاتحاد الأوروبي" (يورستات) في بيان أن نسبة البطالة في منطقة اليورو ارتفعت إلى 12% في شهري شباط /فبراير وكانون الثاني /يناير الماضيين"، مشيرة إلى أن هذه النسبة هي "الأعلى منذ تأسيس منطقة اليورو عام 1999"، مشيرة إلى أن 19 مليون عاطل عن العمل في هذه المنطقة. ولفتت "يورستات" كما اوردت "يو بي اي"إلى أنه في مقابل منطقة اليورو، فإن نسبة البطالة في منطقة الإتحاد الأوروبي بلغت البطالة 10.9% و10.8% في شباط/فبراير وكانون الثاني/يناير 2013 على التوالي، موضحة أن معدل البطالة في المنطقتين إرتفع بشكل كبير عن شباط/فبراير 2012 حين كان 10.9% في منطقة اليورو و10.2% في الاتحاد الأوروبي. وقدّرت عدد العاطلين عن العمل في الاتحاد الأوروبي بـ26.338 مليون رجل وامرأة بينهم 19.071 مليون في منطقة اليورو في شباط/فبراير الماضي.

الى جانب ذلك ارتفع عدد العاطلين عن العمل في فرنسا إلى رقم قياسي بلغ أكثر من 3.2 ملايين شخص وذكرت وزارة العمل الفرنسية أن "عدد طالبي العمل من الفئة أ، أي الذين لا يمارسون أي عمل بلغ في نهاية آذار/مارس 3 ملايين و224 ألف و600 شخص، وهو أعلى من أكبر عدد عاطلين عن العمل سجّل في العام 1997 وكان 3.195 ملايين شخص". وارتفع عدد العاطلين عن العمل عن شباط/فبراير بواقع 36 ألف شخص أي 1.2% وبأكثر من 30 ألف شخص عن العام 1997.

غير أن معدل البطالة بلغ في نهاية آذار/مارس الماضي 10.2% مقارنة بـ10.8% في العام 1997. ويعتبر هذا الأمر تحدياً كبيراً للرئيس فرانسوا هولاند الذي سبق أن تعهد بمواجهة ارتفاع البطالة في العام 2013. وإذا ما أضيف إلى العدد السابق، عدد طالبي العمل في الفئتين (ب) و(ج)، أي الذين يمارسون عملاً ما، يبلغ العدد الإجمالي 4 ملايين و741 ألف و100 شخص. ويواصل عدد العاطلين عن العمل في فرنسا ارتفاعه للشهر الثالث والعشرين على التوالي من دون انقطاع.

من جانب أخر ينشر المعهد الوطني للاحصاءات في اسبانيا نتائج مسحه الفصلي للعاطلين عن العمل مع توقع وصول عددهم مستوى قياسياً يبلغ ستة ملايين شخص. وبذلك تبلغ نسبة العاطلين 27 في المئة مثلما اوردت دراسة اصدرتها يوم الاثنين رابطة اسيمبليو لوكالات التوظيف في الاعمال الخاصة المؤقتة.

وكان مسح المعهد اظهر في يناير/كانون الثاني وجود نحو ستة ملايين عاطل في اسبانيا بنهاية 2012 او 26 في المئة من قوة العمل. وتشمل بيانات وزارة العمل التي تنشر شهرياً فقط الاشخاص المسجلين كعاطلين اما مسح معهد الاحصاءات فيشمل المسجلين وغير المسجلين ممن لا عمل لهم. وفي ظل تأثير اجراءات التقشف على مستوى دخول المواطنين فإن البطالة هي اكبر مصدر قلق للاسبان الذين يواجهون ازمة مالية تلقي بظلالها البلاد منذ 2008. بحسب رويترز.

ومما زاد الضغط على الاقتصاد توقف فطاع الانشاءات بعد انفجار فقاعة الاسكان وزيادة الحكومة ضغط الانفاق لمحاولة تحقيق الاهداف الصارمة لخفض عجز الميزانية التي فرضتها بروكسل. وقال لورينزو ريفاريز المتحدث باسم الرابطة "توقعنا في المسح الاول من 2013 انه سيكون هناك ستة ملايين عاطل. البيانات التي نستخدمها للوصول الى هذا الرقم هي المعلومات التي حصل عليها من جهاز التوظيف العام الذي ابلغنا ان هناك خمسة ملايين و35 الف عاطل مسجل في وكالات التوظيف العامة وكلا الرقمين (من المسح ووكالات التوظيف العامة) هما للاسف رقمان قياسيان في هذا البلد." بل ان البطالة بين الشبان في اسبانيا اكثر ارتفاعا حيث تزيد على 52 في المئة بين من تتراوح اعمارهم بين 16 و24 عاما وفقا لاحدث تقرير من وزارة العمل.

قبرص سلسلة إجراءات

على صعيد متصل كشف الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس عن سلسلة اجراءات لحماية فرص العمل في الجزيرة بعد الاعلان عن الخطة الاوروبية لانقاذ اقتصاد الجزيرة. وحذر الرئيس القبرصي من ان الذين لا يسعون بشكل نشط لايجاد عمل لهم لن يستفيدوا من اي مساعدة من الدولة، واكد بالمقابل ان حكومته ستقوم بكل ما هو ممكن لمساعدة الذين يبحثون فعلا عن عمل وسط تزايد نسبة البطالة التي وصلت الى 15% مع ترجيح مواصلة هذا الارتفاع خلال العام الحالي والعام المقبل.

وتطرق في كلمته التي نقلت عبر قنوات التلفزيون الى امكان الموافقة على فتح كازينوهات الامر الذي كان حتى الان من المحرمات وسط معارضة الكنيسة الارثوذكسية الشديدة له. ومع تزايد الاصوات التي تشدد على ضرورة اعطاء الاولوية في فرص العمل للقبارصة ما ينتهك القوانين الاوروبية، اوضح ان الخطط التي يضعها لخلق فرص عمل ستكون مفتوحة امام كل "الذين اقاموا في قبرص بشكل شرعي ودائم خلال السنوات الخمس الماضية".

الا انه شدد ايضا على ان قبرص لن تكون بعد اليوم "جنة للمهاجرين" موضحا انه سيتم تقليص المساعدات التي تقدم الى طالبي اللجوء بشكل كبير، كما ان الاعانات المالية التي كانت تقدم اليهم ستحول الى قسائم لتأمين اللباس والطعام. وقال الرئيس القبرصي ايضا ان الدولة ستوظف 800 متعاقد كما ستستثمر 21 مليون يورو لدعم رواتب 6000 عاطل عن العمل سيوظفون في القطاع السياحي.

كما اعلن ان المؤسسات ستستفيد من خفض للضريبة بنسبة 25% مع كل توظيف جديد خلال السنة. وقال اناستاسيادس "مما لا شك فيه ان هناك امتحانات صعبة تنتظرنا لذلك اطلب من الجميع التحلي بالصبر والتفهم". وشدد على ان "النجاح في اعادة اطلاق الاقتصاد والخروج من الازمة في اسرع وقت ممكن لا يمكن ان يتما الا في اطار التقيد بالالتزامات التي وافقنا عليها" في اطار خطة الانقاذ. بحسب فرنس برس.

وكانت الحكومة وافقت في اذار/مارس الماضي على تدابير قاسية جدا مقابل الحصول على قرض بقيمة عشرة مليارات دولار لانقاذ اقتصاد الجزيرة من الغرق. اما الحصة التي يتوجب على الحكومة القبرصية ان تتدبرها فارتفعت من 17,5 مليار دولار الى 23 مليارا ما يضيق اكثر الخناق على الجزيرة.

200 مليون شخص عاطلون عن العمل

البطالة والربيع العربي

على صعيد متصل بلغت نسبة البطالة في المنطقة العربية 16% اي ما يعادل 20 مليون عاطل عن العمل في بداية 2012 مسجلة زيادة بنسبة 2% مقارنة بسنة 2010 اي قبل احداث الربيع العربي في المنطقة، كماافاد المدير العام لمنظمة العمل العربية احمد محمد لقمان بالجزائر. وقال لقمان في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير العمل الجزائري طيب لوح "كانت البطالة في المنطقة العربية الى سنة 2010 14% اي 17 مليون بينما سجلت نسبة البطالة في بداية العام الماضي (2012) زيادة ب 2% لتبلغ 16% اي ما يعادل 20 مليون عاطل عن العمل".

واوضح مدير منظمة العمل العربية "الترتيبات السياسية بعد الاحداث التي شهدتها المنطقة العربية اخذت امدا اطول على حساب الترتيبات الاجتماعية والاقتصادية". وقال ان سبب ما حصل هو تراجع الاستثمار وتوقف الانتاج وظهور مطالب فئوية عطلت الانتاج زيادة على تراجع قطاع السياحة". واكد لقمان ان "الامن والاستقرار وعودة رؤوس الاموال هي عناصر تساعد في تراجع نسبة البطالة وبالذات في دول الربيع العربي". بحسب فرنس برس.

واضاف ان كل الدول العربية وضعت توفير فرص العمل ومكافحة البطالة ضمن اولوياتها، الا انه حتى الحاصلين على وظائف "في القطاع غير المنطم الذي يشكل 50% من القطاع الاقتصادي في الدول العربية لا يتمتعون باي حماية اجتماعية". وتسجل دول مجلس التعاون الخليجي ادنى نسب بطالة في المنطقة العربية ب 3%، الا ان المستفيد الاكبر من ذلك هو العمالة الاجنبية، بحسب لقمان.

من جانب اخر اعلن جهاز حكومي للاحصاء ان معدل البطالة في مصر التي تعاني ازمة اقتصادية خانقة ارتفع الى 12,7 بالمئة في 2012 بعدما وصل عدد العاطلين عن العمل الى نحو 3,4 مليون عاطل بزيادة 7,6 بالمئة عن عام 2011. واعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في بيان له ان "معدل البطالة فى مصر وصل خلال عام 2012 الى 12,7 بالمئة مقابل 12 بالمئة عام 2011 بينما كان 9 بالمئة خلال عام 2010"، حسبما نقلت عنه وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية.

واوضحت دراسة اجراها الجهاز الحكومي عن القوى العاملة في مصر في 2012 ان عدد العاطلين عن العمل بلغ 3,42 ملايين عاطل في 2012 مقابل 3,18 ملايين في 2011، بزيادة نحو 240 الفا (نحو 7,6 بالمئة). وارجع جهاز الاحصاء زيادة معدل البطالة الى الظروف السياسية والاجتماعية التى تشهدها مصر فى أعقاب ثورة يناير، وهو ما قالت انه "نتج عنه تباطؤ فى الأنشطة الإقتصادية بشكل عام خلال تلك الفترة".

في السياق ذاته تظاهر الآلاف في شوارع العاصمة المغربية الرباط في مسيرة احتجاجية ضد البطالة وما وصفوه بارتفاع تكاليف المعيشة. وجاءت هذه المسيرة قبيل قيام الحكومة المغربية بإعلان خطط إصلاح اقتصادية واجتماعية. وجاب المتظاهرون المشاركون في المسيرة، التي دعت إليها اثنتان من كبريات النقابات في المغرب، شوارع الرباط مرددين شعارات مناهضة لسياسات الحكومة وما وصفوه بالفساد.

واتهم المتظاهرون رئيس الحكومة بأنه يدفع البلاد إلى " واد ضيق". وبينما قالت الشرطة المغربية إن نحو 3 آلاف شخص شاركوا في المسيرة السلمية التي توجهت إلى مقر البرلمان وسط العاصمة إلا أن تقديرات النشطاء تحدثت عن مشاركة ما بين 5 آلاف و10 آلاف شخص. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن زعيم نقابي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن " المسيرة كانت بمثابة نوع من التحذير للحكومة ". وتشهد المغرب تراجعا في النمو الاقتصادي مع بلوغ عجز الموازنة إلى أكثر من 6 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي في عام 2011. وكانت وكالات التصنيف الائتماني خفّضت تصنيف الاقتصاد المغربي من مستقر إلى سلبي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/نيسان/2013 - 19/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م