الطائرات بدون طيار.. مكافحة إرهاب تثير للجدل

 

شبكة النبأ: أضحت عمليات الطائرات من دون طيار جزءاً مهماً من المعادلات العسكرية في الحروب الأمريكية الحديثة، حيث أصبحت الطائرات الأمريكية بدون طيار الوسيلة المفضلة لجيش الولايات المتحدة في حملته الحربية وتنفيذ عمليات اغتيال أو قصف مبرمجة ضد ما يسمى بالحرب ضد الارهاب من خلال عمليات القتل المستهدف وهي من احدث الإستراتيجيات العسكرية للولايات المتحدة الامريكية.

لكنها في الوقت نفسه تثير جدلا كبيرا على المستويين الأميركي والعالمي، في ضوء الغضب المتصاعد على ما تقوم به طائرات أمريكية من هجمات قاتلة في باكستان واليمن، ويسقط معظم ضحاياها من المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، حيث تواجه الهجمات الأمريكية بطائرات بدون طيار انتقادات حادة في باكستان، وقد ندد بها مسؤولون عسكريون ومدنيون في أكثر من مناسبة بوصفها انتهاكا للسيادة الباكستانية، كما أنها تضرر بجهود البلاد في مكافحة الارهاب.

كما شوهت هجمات الطائرات بدون طيار صورة أمريكا باليمن، حيث تتزايد ردود الفعل الرافضة لاستخدام الطائرات من دون طيار في الهجمات التي تقتل الكثير من الأبرياء، فيما انتقد مراقبون برنامج هذه الطائرات الذي تديره وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.أي)، وانتقدوا كذلك الاعتراف الرسمي من جانب الولايات المتحدة بهذا البرنامج، وذلك بدعوى أن من شأنه تشجيع عشرات الدول على امتلاك هذا النوع من الطائرات التي غالبا ما تستخدم للهجوم ضد الأفراد.

إذ يرى العديد من الخبراء على الادارة الامريكية إعادة النظر في إستراتيجية هذه الطائرات التي تشن طلعات في باكستان والشرق الأوسط وأفريقيا بهدف قتل مشتبه بهم فيما يسمى الإرهاب، وان هناك حاجة لوضع إطار قانوني يحكم نشاط الطائرات بدون طيار.

وعليه فأن انتشار الطائرات بلا طيار وطائرات القتال بلا طيار – حتى في تصميماتها الأكثر بساطة- يشكل مجموعة من التحديات أو المخاطر الجديدة امام الامن العالمي مستقبلا.

العمليات  في باكستان

فقد اطلقت طائرة اميركية بدون طيار صاروخين على معسكر تدريب لحركة طالبان في المناطق القبلية شمال غرب باكستان ما ادى الى مقتل خمسة متمردين، على ما اعلن مسؤولون محليون، وقالت هذه المصادر الامنية ان الهجوم وقع في قطاع بابر غار في جنوب وزيرستان، المنطقة القبلية ذات الحكم شبه الذاتي المحاذية لافغانستان والتي تعتبر معقلا لطالبان الافغان والباكستانيين ولمجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.

وقال مصدر امني ان "الهدف كان قاعدة لطالبان باكستان. قتل خمسة متمردين واصيب اثنان بجروح"، واكد مصدر في اوساط الاستخبارات في جنوب وزيرستان الحصيلة مشيرا الى تدمير المعسكر، وتدين اسلام اباد بانتظام هذه الغارات التي تشنها طائرات بدون طيار اميركية متمركزة في افغانستان داخل اراضيها، غير ان المسؤولين الاميركيين يعتبرون ان هذه العمليات التي تكثفت بعد وصول باراك اوباما الى البيت الابيض تشكل سلاحا اساسيا في التصدي للمجموعات الاسلامية المسلحة. بحسب فرانس برس.

وقام المقرر الخاص للامم المتحدة في مسائل مكافحة الارهاب وحقوق الانسان بن ايمرسون مؤخرا بزيارة الى اسلام اباد في سياق تحقيق حول الضحايا المدنيين لعمليات القصف بواسطة الطائرات بدون طيار، وبحسب الجمعية البريطانية للصحافة الاستقصائية فان غارات الطائرات بدون طيار في باكستان اوقعت 3577 قتيلا منذ 2004 بينهم 884 مدنيا.

خرق السيادة الباكستانية

من جهة أخرى أدانت باكستان بشدّة الغارة الأميركية التي شنتها طائرة من دون طيار في منطقة شمال وزيرستان القبلية على الحدود مع أفغانستان وأودت بحياة 4 أشخاص على الأقل، ونقلت وسائل إعلام باكستانية عن بيان للخارجية أن "مثل الهجمات تتناقض مع القانون الدولي ولها نتائج عكسية على الاستقرار في البلاد"، وأضاف البيان أن الحكومة الباكستانية تحافظ على موقفها بأن "هجمات الطائرات من دون طيار تعد خرقاً لوحدة وسيادة الأراضي الباكستانية". بحسب يونايتد برس.

وقال إن مثل هذه الهجمات تشكل سابقات خطيرة في العلاقات بين الدول، مضيفاً أن "الحكومة الباكستانية تدعو الحكومة الأميركية لوقف مثل هذه الهجمات وفقاً للاحترام المتبادل والمعايير الدولية المعترف بها قانونياً"، وكان 4 أشخاص على الأقل قتلوا بغارة جوية شنتها طائرة أميركية من دون طيّار، على منطقة شمال وزيرستان القبلية شمال غرب باكستان.

فقد ذكرت شبكة (سي ان ان) الاخبارية الأمريكية ان الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف اعترف بأن بلاده كانت وافقت على ضربات أمريكية بطائرات أمريكية بدون طيار لمعاقل تنظيم القاعدة وطالبان.

ولطالما أنكر المسؤولون الباكستانيون أي اتفاق سري مع واشنطن يقضي باستخدام طائرات بدون طيار لضرب أهداف تابعة للقاعدة أو طالبان في المنطقة القبلية المضطربة المتاخمة للحدود الافغانية، ويأتي اعتراف مشرف بعدما كشف الصحف الأمريكية عن أن مسؤولين باكستانيين علموا عن هذه الضربات الجوية الأمريكية، بل وساعدوا فيها، في حين كانوا ينكرون ذلك في العلن.

وقال مشرف في تصريحات للشبكة الأمريكية عند سؤاله بشأن وجود أي نوع من الاتفاق: "لا، لقد كان الأمر في مناسبات قليلة جدا، عندما كان الهدف معزولا جدا وبدون أي فرصة لاحداث أضرار جانبية"، وأجرت الشبكة هذا اللقاء مع مشرف في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، وأوضح مشرف أنه تم منع هذه الضربات بعد مناقشات بين القادة العسكريين ومسؤولي الاستخبارات، مشيرا إلى أن مثل هذه العمليات كانت تتم إذا لم يكن هناك وقت للقوات الخاصة أو الجيش الباكستاني للتصرف.

غارات في اليمن

من جهته قال مسؤول في الحكومة اليمنية إن قياديا في تنظيم القاعدة واربعة متشددين قتلوا في غارة لطائرة أمريكية بلا طيار على المركبة التي كانت تقلهم إلى الجنوب من العاصمة اليمنية صنعاء، وقال المسؤول لرويترز طالبا ألا ينشر اسمه ان القيادي الذي يدعى حامد الردمي قتل مع أربعة من أتباعه في بلدة وصاب بمحافظة ذمار. بحسب رويترز.

ولا تعلق الولايات المتحدة على الضربات التي تشنها بطائرات بلا طيار. وتغض حكومة اليمن الطرف عن هذه الضربات لكنها عادة لا تعلق على الدور الأمريكي في حوادث بعينهاـ وصعدت واشنطن من هجماتها على القاعدة في جزيرة العرب التي يعتبرها الحكومات الغربية أخطر أجنحة القاعدة.

قاعدة طائرات بدون طيار تهدي غرب إفريقيا لأمريكا

في سياق متصل ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن أحدث موقع في إمبراطورية الحكومة الأمريكية لقواعد الطائرات بدون طيار، تم نصبها خلف جدار من الأسلاك الشائكة، وتقع خارج عاصمة النيجر في غرب إفريقيا.

وأوردت الصحيفة على موقعها الإلكتروني، أن القوات الجوية الأمريكية بدأت في تحليق مجموعة من الطائرات بدون طيار من طراز "بريداتور" من تلك القاعدة الشهر الماضي؛ حيث تخرج تلك الطائرات بشكل متقطع من حظيرة الطائرات، وترتفع اتجاه الشمال بحثًا عن مقاتلي القاعدة ومقاتلين من مجموعات أخرى، يختبئون في صحارى وتلال المنطقة، ولفتت الصحيفة إلى أن التضاريس القاسية في منطقة شمال وغرب إفريقيا،  أخذت في الظهور بسرعة كجبهة أخرى في الحرب المستمرة منذ فترة طويلة للولايات المتحدة ضد الشبكات الإرهابية، وهو الصراع الذي يغذي ثورة في حرب الطائرات بدون طيار.

وأشارت إلى أنه منذ تولي أوباما منصبه في عام 2009، اعتمد بشكل كبير على غارات وهجمات الطائرات بدون طيار، سواء المعلنة منها والخفية، في كل من أفغانستان والعراق وباكستان واليمن وليبيا والصومال، وأوضحت أن الطائرات الأمريكية بدون طيار تحلق من قواعد التحالف في تركيا، وإيطاليا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والفلبين.

موقف الأمم المتحدة

الى ذلك قتلت غارات لطائرات بدون طيار تابعة لـ (سي اي اي) أكثر من 3000 شخص خلال 9 سنوات، قال فريق التحقيق في هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار على باكستان التابع للأمم المتحدة إن اسلام اباد لا توافق على هذه الهجمات وتعتبرها "انتهاكا اقليميا"، وقال بين إيمرسن، المحامي البريطاني الذي يرأس لجنة التحقيق "إن موقف الحكومة الباكستانية واضح.. فهي لا تؤيد الهجمات الامريكية على أراضيها بل وتعتبرها انتهاكا لسيادتها وسلامة اراضيها".

وجاء ذلك عقب زيارة بحثية سرية قام بها رئيس الفريق الأممي في باكستان، لكن التقارير الاعلامية تفيد بأن مثل هذه الهجمات لا يمكن تنفيذها بدون موافقة ضمنية من الحكومة، وتحدث مراسلون داخل البلاد حول تفاهمات سرية بين مسئوولين من البلدين حول أسباب استمرار الهجمات، وقد قتلت غارات لطائرات بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي اي ايه) 3461 شخصا في باكستان بينهم 891 مدنيا بين عامي 2004 و 2013. بحسب البي بي سي.

ونفذت معظم تلك الغارات في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، ومن النادر أن تقوم الولايات المتحدة الامريكية بالتعليق على الهجمات التي تنفذها في باكستان لكن التقارير تفيد بإن اسلام اباد قد سمحت لسنوات للطائرات باستخدام قواعدها الجوية، وقال مسئول أمريكي إن التعاون بين البلدين لم ينته تماما رغم فتور العلاقات أخيرا حيث تحظى الهجمات بتأييد بعض الساسة و ضباط الجيش الباكستانيين على حد قوله، وكانت الأمم المتحدة فتحت تحقيقا حول ضحايا الهجمات التي تشنها طائرات بدون طيار، وما يسمى "بالهجمات الموجهة".

ويشمل التحقيق نشاط تلك الطائرات في خمسة أماكن، حيث يجري فحص 25 هجوما في باكستان وأفغانستان واليمن والأراضي الفلسطينية والصومال، وقال إيمرسن إن هناك حاجة لتحمل المسؤولية ودفع تعويضات إذا حصل خلل في التنفيذ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/نيسان/2013 - 17/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م