أزمة الحويجة... حفنة من الاكاذيب

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لماذا قاطع السنة انتخابات 2005 ؟ قيل: بسبب وجود الاحتلال الامريكي.

لماذا بقي الكثير من السنة ضد العملية السياسية والمطالبة باسقاطها بعد خروج الاحتلال الامريكي؟

هنا يجدر بنا التوقف عند المعلن والمضمر من التصريحات التي نسمعها كل يوم على السنة السياسيين او قادة التظاهرات او الاعتصامات ونتوقف ايضا عند الشعارات والهتافات والاهازيج في ساحات التظاهرات، والمستمرة منذ اكثر من ثلاثة اشهر وحتى الان.

منذ البيان الاول للقائمة العراقية بعد اعتقال حماية وزير المالية، والذي اكد انه (استهداف طائفي) للمكون السني، والخطاب الموازي وهو الخطاب الطائفي يتسيد ساحات التظاهرات.

في الايام الاولى، تم انكار رفع اعلام الجيش الحر وصور صدام واردوغان والعلم العراقي القديم، وكثير من السياسيين دافعوا عن صور اردوغان، كما فعل الناطق بلسان الاعلام الفضائي للجزيرة القطرية، ايام الحرب المريكية الاخيرة، ظافر العاني، بقوله: ما الضير في ذلك فانا اعلق صورة اردوغان في بيتي.

بعد ايام تراجع قادة التظاهرات عن الانكار وبرروا رفع ماتم رفعه بواسطة (المندسين).. اصبح لدينا الان متظاهرون ومندسون، وصار من السهل على قادة التظاهرات ان يلصقوا كل شيء بهؤلاء المندسين.. فالراقصون على اهازيج (ياكاع ترابج كافوري) هم مندسون، والقائلون بان الشيعة خنازير، هم مندسون، والمطالبون بذبح الشيعة هم مندسون.

الامور لاتبقى على حالها، فالجمود موت، وفي الحركة بركة.. ولدينا خيارات عديدة، وكلها تصعيدية اذا لم تستجب الحكومة لمطاليبنا.

ماهي تلك المطاليب؟ لا احد من قادة التظاهرات يريدنا ان نعرفها، ولا يريدون تشكيل لجنة للتفاوض بشأنها، ولايعترفون باي سياسي يفاوض باسمهم.. ماهو الحل؟الذهاب الى التصعيد.

وكانت احداث الحويجة، تلك المدينة التي كان اسمها متداولا في الاخبار منذ الايام الاولى للاحتلال، فكثير من التقارير كانت ترجح اختباء عزت الدوري فيها، وقسم من التقارير رجحت اختباء صدام حسين ايضا في بيوتها قبل القبض عليه في منطقة اخرى.

والحويجة منذ الايام الاولى للاحتلال اصبحت مهوى افئدة البعثيين والقاعدة والجماعات المسلحة، والان تتحول بقدرة قادر الى مدينة سلام وتسامح ومحبة..

والقادر كما نعرفه هو الله، وقد وقف مع متظاهري الفلوجة، حين ذكر احد قادة الاعتصام فيها وعبر قناة الشرقية في نشرتها الاخبارية المسائية ليوم الاربعاء 24 / 4 / 2013، ان احد الشفلات التي كانت تريد رفع الخيم من الساحة قد تعطلت وان السائق اصيب بنوبة قلبية.. ياستار يالطيف.

في خبر اخر من فضائية اخرى، وعلى لسان شاهد عيان، ان المعتصمين ليس لديهم سلاح، وان اعتصاماتنا سلمية، وفي خبر اخر، اسقاط مروحيتين للجيش من قبل ابناء العشائر (وهي تسمية ملطفة للمسلحين) واحراق ست عربات همر وقتل عدد من الجنود، ولا ادري كيف حدث ذلك وهم غير مسلحين، الا اللهم مثلما حدث ايام الحرب الامريكية، حين ظهرت وسائل الاعلام العراقية وهي تلتقي بالفلاح (منقاش) الذي اسقط مروحية امريكية ببندقية (البرنو) ليتراجع منقاش بعد الاحتلال عن مفخرة اسقاط تلك المروحية.

يجب تشكيل لجنة محايدة، لتقصي الحقائق، ما هي هذه الحقائق؟ يجب تجريم الجيش باي ثمن، وتقديم المسؤولين للمحكمة، وهي ليست محكمة عراقية بل محكمة دولية على غرار محكمة الحريري.

احد الشهود متصلا بالشرقية: لقد احرقوا المعتصمين احياء وهم داخل الخيم.

مدير الصحة في كركوك: جميع القتلى نتيجة اعيرة نارية، وليس هناك من اسباب اخرى للوفاة.

من حق الشهود ان يكذبوا، فالمقتول (ابن عمو وابن خالو)، وشهادة الشهود المعتصمين صادقة اكثر من اي شهادة اخرى قد يدلي بها جندي او شرطي او ضابط، فنحن هدفنا الحقيقة اولا واخيرا.

قد يفهم ويتفهم الواحد منا ردودو الافعال التي حدثت في الحويجة ردا على ماحدث، لكن من غير المفهوم ماحدث في مناطق اخرى، فهي ليست ردود افعال نتيجة علاقة قرابة او صداقة مع المعتصمين، بل علاقة مصالح متبادلة، وعلاقة حواضن اجتماعية للعنف، وهو عنف مبرر لايرتقي حتى الى مرتبة الادانة، اذا تم قتل مجموعة من الجنود او الشرطة في مناطق اخرى من العراق، ذات الغالبية السنية، وهو ليس قتل عادي وطبيعي، بل قتل بقصد القتل والتمثيل بالجثة واحراقها.. كما حدث مع احد الجنود الذي تم قتله بالقرب من ساحة اعتصام الانبار وهو الذي كان ينقل مواد لبناء سدود تحمي تلك المدينة من خطر متوقع لانهيار سدود سورية... نحن مسالمون.

ولان الاكاذيب مرتبطة بعضها بالبعض الاخر، ماذا عن الانتخابات الاخيرة؟

قبل الانتخابات سمعنا الكثير من التحذيرات عن احتمال التزوير وحرف ارادة الناخب، وكانت هناك عدد من (الافلام الهندية) الحاضرة في هذا المجال، لعل ابرزها تصريح لاحد اعضاء تيار الاحرار بان (الباسوورد) لعملية ادخال البيانات يعرفه شخص واحد ينتمي الى (جهة معينة)، وهذه الجهة المعينة، عرفا وعقلا يجب ان تكون تابعة لدولة القانون، مثلما نفهمها عند كل تصريح من تيار الاحرار.. وفات صاحب التصريح، انه لو توفي او قتل او اختفى هذا الشخص، من سيقوم بادخال تلك البيانات؟ لم نعرف الاجابة لاننا لم نطرح السؤال عليه.

السيد مقتدى الصدر ذهب خطوة ابعد في مايتعلق بالاحجام عن التصويت، حين ارجع السبب في ذلك الى الحكومة، نتيجة لفسادها وتدهور خدماتها، وكأن التيار الصدري غير معني بهذا الفشل بوزرائه ونوابه ومدرائه وموظفيه.

وتحاشى السيد مقتدى الصدر ان يجعل من زيارته الى اربيل في موضوع سحب الثقة عن المالكي، او وقوفه دون تردد مع التظاهرات فور اندلاعها، دون النظر الى الشعارات التي رفعتها، اقول تحاشى ان يتوقع ان تكون تلك الاسباب هي الحقيقية خلف احجام ناخبي تياره عن التصويت.

فما افهمه ان الناخب يعاقب الجهة التي يتهمها الصدر، وليس معاقبة الجهة التي تدافع عنه.. ولكن هنا ايضا لايجب مناقشة زعيم التيار الصدري في ما ذهب اليه، لان النائبة مها الدوري قد جاءت بالتبيان الصحيح لكل مايبدر من زعيم التيار، وهو انه لاينطق عن الهوى، وان الاخرين لايستطيعون فهم مايفعله، وهو غير قابل للخطأ.

القائمة العراقية، وهي تعرف حقيقة حظوظها في هذه الانتخابات، وحتى قبل ان تبدأ، بادرت الى التشكيك بنتائجها، وتطالب باعادتها او اجراء انتخابات تكميلية، والاسباب ايضا لديها كثيرة، لعل ابرزها الترويع الذي مارسته القوات الامنية بحق جماهير القائمة، وكأن كل ناخب يسير في الشارع حسب ادعاءات العراقية يحمل على صدره لافتة تقول سانتخب العراقية، والعراقية (عراقيات) في حقيقة الامر، فهناك العراقية العربية والعراقية الوطنية ومتحدون وغيرها.

ماحدث في الحويجة هو ماقادت اليه الاكاذيب التي سبقته قبل ذلك، ورافقته ورافقت فترة الانتخابات، وسترتفع حدة الاكاذيب والافعال المبنية عليها، طالما بقيت محافظتان لم يصوتا في الانتخابات وهما الانبار والموصل، فالبازار الانتخابي على اشده في حركته داخل هاتين المحافظتين وخارجها.

اعود الى السؤال الثاني الذي طرحته في بداية هذه السطور، وهو لماذا بقي الكثير من السنة ضد العملية السياسية والمطالبة باسقاطها بعد خروج الاحتلال الامريكي؟

هل وجدتم الاجابة؟ اقرأوا الموضوع من جديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/نيسان/2013 - 17/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م