شبكة النبأ: في مركز طبي خاص بحي راق
في اسطنبول يتأهب صالح -وهو مدير في مجال الموارد البشرية من قطر-
لمغادرة تركيا وتعلو وجهه ابتسامة بعد أن خضع لعملية زراعة شعر.
كان صالح قد اصطحب من قبل زوجته وأبناءه إلى اسطنبول للسياحة
والتسوق وعاد إلى تركيا في وقت تسعى فيه لاجتذاب أعداد متزايدة من
الزائرين الذين يقصدون السياحة الطبية.
قال السائح الذي رفض ذكر اسم عائلته لرويترز "هناك ضغط اجتماعي كي
يظهر المرء بمظهر حسن" بينما كان يجلس في انتظار إجراء فحوص بعد زرع
بصيلات الشعر في فروة رأسه. وأضاف "اثنان من إخوتي ونصف أصدقائي أجروا
عملية زرع شعر في تركيا. سهل ذلك علي الأمر."
وبينما تسعى تركيا لزيادة إيراداتها من السياحة والحد من العجز في
ميزان معاملاتها الجارية -وهو نقطة ضعفها الاقتصادية الرئيسية- تعكف
على تنويع وجهات السياحة بحيث لا تقتصر على الجولات السياحية بشواطئها
المطلة على البحر المتوسط والتي تشكو شركات محلية من أنها لا تساهم
كثيرا في الاقتصاد المحلي.
ومن بين 37 مليون سائح زاروا تركيا العام الماضي جاء نحو 270 ألفا
لإجراء جراحات من زرع الشوارب وشفط الدهون إلى عمليات لعلاج أمراض
خطيرة مما أدر على تركيا مليار دولار.
قال كاظم دوران أوغلو المدير الطبي لمجموعة دونياجوز التي تضم 14
مركزا طبيا للعيون في تركيا وفروعا في غرب أوروبا "عادة ما يأتون
لثلاثة أيام. نعرض عليهم التسوق أو جولات تزلج.. يشعرون بالتحسن."
وأضاف ان نحو عشرة في المئة من مرضى المجموعة أي نحو 35 ألف شخص سنويا
يأتون من الخارج.
وتابع "أغلبهم من دول غرب اوروبا مثل ألمانيا وهولندا وبلجيكا وكذلك
من الجزائر وأذربيجان."
وهناك عوامل عديدة تجعل السائحين يفضلون تركيا. فالقادمون من دول
تعاني أنظمتها الصحية ضغطا شديدا في استيعاب المرضى لديهم فرصة اختيار
وقت الخضوع للجراحة في حين ينجذب الوافدون من دول أقل نموا إلى أطقم
الأطباء والممرضين الذين تلقوا تدريبا في الغرب وإلى المنشآت الجديدة
التي ظهرت مع ازدهار قطاع الرعاية الصحية الخاصة في تركيا. بحسب رويترز.
كما أن شوارب نجوم المسلسلات التركية التي حققت انتشارا واسعا في
الشرق الأوسط وشمال افريقيا اجتذبت أعدادا كبيرة من الرجال الراغبين في
شوارب مماثلة.
ويقول عاملون في قطاع الصحة ومرضى إن تكلفة جراحات التجميل وجراحات
تصحيح الإبصار متضمنة السفر والإقامة يمكن ان تقل بما يصل إلى 60 في
المئة عن البرامج المماثلة في غرب أوروبا.
وتهدف الحكومة إلى مضاعفة أعداد الوافدين لأغراض طبية إلى نصف مليون
سنويا خلال العامين القادمين وزيادة الإيرادات إلى سبعة مليارات دولار.
ب
قال درسون آيدن رئيس قسم المرضى الأجانب في وزارة الصحة "نرى تركيا
وجهة أساسية للسياحة الطبية... لدينا أطباء ذوو خبرة ومستشفيات جديدة.
تركيا رخيصة نسبيا كما أن اعتدال الجو عامل مساعد."
وتصب هذه الظاهرة في صالح السياحة التركية التي تواجه حرب أسعار مع
وجهات منافسة مثل اليونان واسبانيا كما تصب في صالح قطاع الرعاية
الطبية الخاصة.
وأقر البرلمان في فبراير شباط تشريعا جديدا لتيسير الاستثمار الخاص
في قطاع الرعاية الصحية في خطوة يأمل أن تؤدي إلى تدفق مليارات
الدولارات خلال السنوات القليلة القادمة.
ويفضل المستثمرون قطاعات الخدمات سريعة النمو في تركيا بما في ذلك
الرعاية الصحية والتعليم. وشهد قطاع الرعاية الصحية بتركيا تدفقا في
أموال مؤسسات أجنبية منها بنك قطر الأول ومؤسسة التمويل الدولي التابعة
للبنك الدولي ومؤسسة الخزانة الوطنية الماليزية وشركة كارلايل
الأمريكية للاستثمار المباشر وشركة إيه.دي.إم كابيتال للاستثمار في
الأسواق الناشئة.
وبموجب القانون الجديد الذي صدر في فبراير ويسهل المشاركة بين
القطاعين العام والخاص تستأجر الدولة المستشفيات التي يبنيها القطاع
الخاص ويديرها لمدة 25 عاما.
وقال ايدن من وزارة الصحة "الهدف هو إنعاش المستشفيات القديمة. ففي
حين أنها بنيت في الأساس من أجل المواطنين الأتراك فسيجري تجهيزها
تجهيزا فاخرا بهدف اجتذاب ولو بعض نزلائها من الخارج."
وتمثل زيادة إيرادات السياحة عنصرا رئيسيا للحد من عجز حساب
المعاملات الجارية في تركيا والذي بلغ نحو ستة في المئة من الناتج
المحلي الإجمالي في 2012 بعد أن كان نحو عشرة في المئة عام 2011. ووصل
صافي إيرادات السياحة 21.6 مليار دولار في العام الماضي في حين بلغ عجز
حساب المعاملات الجارية 47 مليار دولار.
وتقول منظمة السياحة العالمية إن تركيا هي سادس أكبر وجهة سياحية من
حيث أعداد السائحين لكنها ربما تحتاج لاستراتيجيات مثل السياحة الطبية
للحفاظ على هذا المركز. |