من عتاوي بالترشيح الى تماسيح بالسلطة

رياض هاني بهار

ينحدر اغلب ابطال السياسة الجدد من اوساط اجتماعية متواضعة ولكن مهاراتهم الاجتماعية وعلاقاتهم وكفاءاتهم التواصلية تساعده على تسلق السلم السياسي والاجتماعي عبر سنوات قليلة. قد يكون في بداية حياته مجرد( دلال أو عامل أو عتاك ) و(المهنة ليس عيبا) ولكن (قيادة بلد موضوع اخر).

 ولكنه سرعان ما يكتشف قدرته على المناورة الخطابية والكلامية والتواصلية مع القادة الجدد الوافدين للعراق فيترشح لعضوية مجلس المحافظة أو ينصب في مجلس القضاء والناحية وبعد إتقانه لحرفة العلاقات التواصلية وتتلمذه على يد جهابذة السياسة المحلية واجادته للتنفيذ مما يطلب منه تنفيذه، يبدأ شيئا فشيئا يتطلع إلى مناصب أعلى كمحافظ أو رئيس لمجلس المحافظة، ليتم بعدها الى الوزارة وكيل او وزير.

ما يعطي (للعتوي الجديد) القدرة على المناورة هو إبقاء شبكات العلاقات الاجتماعية مع الطبقات التي ينتمي اليها قائمة ليخلق بها نظاما من الزبونية والمصالح المشتركة فيجعل منهم (حزامه الامني ) والبعض الاخر يسخرهم للجانب (الربحي الاقتصادي المقاولاتي ) ويتم بمقتضاه استمالة الشارع عبر منهج شعبوي تصير بموجبه الحقوق امتيازات والواجبات تبرعات على المحيطين به المغلوب على امرهم، وبذلك يعتبر الرشوة نوع من العدالة الاجتماعية ( ما دام أنه يبتز المقاول ويأخذ الاتاوة من الاغنياء لكي يساعد المحيطين به على اشباع حاجياتهم)، او إنه يأخذ من المال العام ويعطي للمحيطين به الفتات وهذا هو قمة العدالة بالنسبة إليه-العدالة الحقيقيةـ لا عدالة النظريات والثقافة وحقوق الإنسان اوماتنص عليه القوانين، ما يُعتبر حقا صار بموجب هذا المنطق امتيازا ولا يتوانى العتوي السياسي في تقديمه على أنه تضحية من جانبه الخ ليصبح (تمساح)، وهؤلاء الفئة هم من يصنع الدكتاتور واصبحت لهذه المخلوقات السيئة الناشئة تأثير متزايد على مستوى السلطة المحلية والبعض على المستوى الوطني ماذا يعني هذا بالنسبة لمسلسل الدمقرطة وبناء دولة الحق والقانون؟

والعتوي عندما يتحول الى تمساح ينظر إلى مجال تدخله (المحافظة والقضاء) على أنها منطقة محررة تابعة له حتى أجهزة العدالة يتم إسكاتهم (بخردوات او تكتيم افواههم) لكي يغضوا الطرف عن هذا الخروقات السافرة للقانون الذي يشبه نظام الفتوة الذي نشاهده في الأفلام والمسلسلات المصرية، العتوي السمين من وجهة النظر هذه يشكل خطرا على السلطة نفسها. مما دفع بالمجرمين والمحتالين إلى ارتكاب جرائم وحماقات.

أن هذا يشكل تحولا سوسيولوجيا عميقا تعرفه الانتخابات السياسة في العراق فمن الصعب التغلب على هذا المسلسل دون أخد الوقت اللازم وتبني سياسة واضحة المعالم في هذا الإطار عمليات دعم ترشيح الشباب والمثقفين والجامعيين وذوي الخبرات يلعبون دور المتفرج وإدخالهم إلى المعترك يقتضي جرأة كبيرة على مستوى الأحزاب.

 لهذا فتجديد النخب لا يعني فقط الشبيبة ولكن تنمية قدرات جيل جديد من المتعلمين يمكن لهم أن يحدثوا قطيعة مع جيل، احد المحافظين كان صاحب محل لبيع الملابس النسائية في بلد مجاور والآخر رئيس مجلس محافظة كان حمالا في علوة المشاهده والامثلة كثيرة كيف تنهض السلطة المحلية بأمثالهم بعد اعتبار المحافظة (اقطاعية عائلية او عشائرية) لمثل هذه النماذج الطارئة على الحياة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/نيسان/2013 - 9/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م