مسؤولية الناخب في صنع القرار

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: من المظاهر الجميلة التي استجدت في حقل الحريات، هي قيام العراقيين بعدة دورات انتخابية لاختيار نواب البرلمان، واعضاء مجالس المحافظات، وقد اكتسب هذا الفعل السياسي الحقوقي طابعا جديا كونه جعل لصوت الناخب العراقي قيمة كبيرة تتحكم في اختيار الاعضاء المذكورين لادارة البلد، وقد تكالب المرشحون على استرضاء المواطن وكسبه والتقرب اليه لانه اصبح قادرا على اختيار هذا الشخص وابعاد غيره ممن لا يستطيع كسب ثقة الناخب.

من هذا المنطلق تضاعفت مسؤولية المواطن المشمول بالتصويت بخصوص العمر، حيث بات صعود القادة السياسيين الى دفة الحكم يتعلق به هو تحديدا، وهذا الامر لم يكن متاحا في الانظمة الدكتاتورية السابقة، أما الان فليس هناك حجة او عذر للمواطن لان صوته واختياره اليوم، هو الذي يحدد طبيعة قادة البلد وكفاءتهم ونجاحهم في ادارة الدولة او اخفاقهم.

لذا ينبغي على الجميع المشاركة في الانتخابات، لان الصوت الانتخابي بات اليوم يمتلك قدرة التغيير والاختيار الافضل، وعلى الناخبأن يقوم بدوره على اكمل وجه وعليه ضمان حقه الانتخابي وعدم التخلي عنه، أو التقاعس، أو ابداء عدم الاهتمام واللامبالاة، لان الابتعاد عن صناديق الاقتراع سيجعلها عرضة للاحتيال والتزوير فضلا عن انها ستكون مجيرة لاشخاص او جهات حزبية فاشلة، من هنا تظهر أهمية مشاركة الناخب في الاقتراع.

يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في كتابه الموسوم بـ (إضاءات) حول دور المواطن في الانتخاب: (يلزم على جميع العراقيين الكرام، المشاركة في تسجيل أسمائهم للإنتخابات، ومن ثَمّ المشاركة العامة فيها).

خطورة المرحلة الراهنة

تمر الشعوب والامم في مراحل مختلفة تتعلق بتطورها او بقاءها تراوح في مكانها او تتراجع الى الوراء، والمرحلة الراهنة التي يمر بها العراق بالغة التعقيد، كونها تؤسس لتجربة سياسية جديدة على العراقيين، فضلا عن التغييرات الكبرى في المجالات الاخرى، لهذا ينبغي السيطرة على هذه المرحلة والتحكم بمساراتها حتى لا تذهب في الاتجاهات الخاطئة، خاصة في قضية الانتخابات ومسؤولية المواطن في هذا الجانب، كما ان أي خطأ يحدث في هذه المرحلة، لا ينحصر ضرره في الموجودين حاليا، بل سيمتد الى اجيال لاحقة يصيبها الضرر، من هنا تم وصف هذه المرحلة بالصعبة والمعقدة.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بكتابه المذكور نفسه: (إن العراق الجريح يمرّ بفترة صعبة، وفي نفس الوقت مصيريّة، قد يتحدد على ضوئها مستقبله لفترة طويلة، وإنّ أي تفريط في الحقوق في هذه الفترة سيكون له نتائج مؤلمة على الأجيال القادمة ـ لا سمح الله ـ. فينبغي للجميع، تحملّ المسؤولية الشرعيّة والتاريخية الملقاة على عواتقهم، والمساهمة الجادة الإيجابية في الإنتخابات المترقبة).

إن قضية المشاركة في الانتخابات باتت مهمة لانها تسهم في صنع النظام السياسي الافضل، خاصة اذا جاء الانتخاب عن معرفة مسبقة بكفاءة ومؤهلات وقدرات المرشح الذي سيتم منحه الصوت الانتخابي، يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (يلزم الاشتراك ترشيحاً وتصويتاً وكذلك لزوم المحافظة على نزاهتها وسلامتها إن شاء الله تعإلى، ودليل لزوم ذلك واضح لأن المشاركة في الظرف المعاصر هي من أفضل السبل الموجودة في الأنظمة السياسية).

وتظهر اهمية صوت الناخب في تحديده لصلاحية الحكومة ونجاحها من عدمه، لان الحكومة ينبغي ان تتوافر فيها مقومات النجاح المعروف، يقول سماحة المرجع الشيرازي بكتابه المذكور نفسه: (إن الحكومة يجب أن تتوفر فيها عدة مقومات حتى تكون مرضية منها: أن يختارها الشعب عبر إنتخابات حرة ونزيهة وبعيدة عن الضغوط الأجنبية).

شرط نزاهة الانتخابات

عندما يتم التأكيد على اهمية صوت الناخب، وانه في البلدان المتقدمة يتحكم بصنع القرار عبر صناديق الانتخاب، فإن هناك جانب آخر ينطوي على اهمية كبيرة، يتعلق بنزاهة الانتخابات، إذ لا فائدة من المشاركة الكبيرة في عملية الاقتراع، عندما تكون هناك خروقات كبيرة لها، وعندما تتعرض للتزوير والانتهاك، فإن صوت الناخب يصبح لا قيمة له.

يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على الاهمية القصوى لنزاهة الانتخابات قائلا في هذا الصدد: (يلزم أن تكون الإنتخابات بإشراف ومراقبة دوليّة نزيهة، إضافة إلى القوى الدينية والسياسية والعشائرية العراقية، لضمان نزاهة الإنتخابات، وحريتها، وإشتراك الجميع فيها). ولابد من اتخاذ الخطوات المطلوبة والاجراءات الفعالة من لدن الجهات المعنية الحكومية وسواها من المنظمات، لكي تتم حماية نتائج الاقتراع من الاختراق الذي قد يقوم به اصحاب التزوير، اولئك الذين لا يعنيهم البلد ولا المواطن بقدر ما تعنيهم مصالحهم وجيوبهم.

لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا في هذا المجال بكتابه نفسه: (يجب توفير المناخ السليم كي لا تتمكن الجهات المشبوهة من التلاعب والتزوير في الإنتخابات، وينبغي الإستفادة من أحدث التقنيات والأساليب التي تمنع من التزوير ـ كل ذلك بإشراف الخبراء العراقيين والدوليين النزيهين-).

وهناك حالات شاذة قد يكون الناخب مصدرها، مثل بيع الاصوات وما شابه وحينما سئل سماحة المرجع الشيرازي عن حكم من يبيع صوته في الانتخابات لصالح جهة معينة مقابل المال سواء كانت :جهة معادية للخط الإسلامي أوجهة علمانية أو جهة مجهولة؟،، أجاب سماحته (لا يجوز ولا يصح منه البيع ـ في فرض السؤال ـ).

أما فيما يتعلق بأهمية و وجوب المشاركة في الانتخابات، فقد أكد سماحة المرجع الشيرازي في معرض رده عن سؤال بهذا الخصوص: إن (المشاركة لازمة لأنها تعبير عن الإهتمام بأمور العراق الجريح).

وهكذا يتضح عمق واهمية شعور الناخب بدوره وصوته وقدرته على المشاركة في صنع القرار، من خلال اختياره السليم لاعضاء البرلمان ومن ثم الحكومة التي سوف تدير شؤون البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/نيسان/2013 - 7/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م