لاقى قرار مجلس الوزراء العراقي الأخير الذي اتخذه في جلسة
استثنائية لتعديل قانون المساءلة والمعادلة (اجتثاث البعث سابقا) هجوم
عنيف من التجمعات السياسية المنسوبة لشيعة العراق. يتضمن التعديل
السماح لأعضاء فرقة في حزب البعث المنحل بتولي منصب حكومي وإمكانية
إحالة فدائيي صدام على التقاعد.
انتقد السياسيون المحسوبون على التشيع هذا القرار لتناسيه معاناة
الشعب العراقي المظلوم وعوائل وذوي الشهداء ويخدش مشاعرهم ويستخف
بحقوقهم، فبصفقة سياسية بحتة ينسى هذا التعديل ما حصل لمدينة بلد
والدجيل وسيد محمد وحلبجة وكربلاء والأنفال والمجازر الجماعية والهجمات
الوحشية على الشيعة والتركمان والأكراد والاعدامات والاغتيالات
السياسية وانتهاك الأعراض، بغض النظر عن الجرائم التي انتهكت بحق
البيئة كتجفيف الأهوار وتجريف بساتين الدجيل وحرق آبار نفط الكويت
والمآسي التي تسببت بها هذه الأعمال اتجاه الموارد الحيوانية والنباتية.
سؤالنا لهؤلاء السياسيين الذين هم للأسف يمثلون شيعة العراق
المظلومين ولم يجلبوا لهم إلا الخزي والهوان: إذا كنتم ترفضون مصالحة
حزب البعث الكافر، وترفضون نسي جرائمه بحق عوائلكم ومدنكم، فلماذا
نسيتم ظلامة الزهراء عليها السلام ورضيتم بأن يبقى قتلتها مقدسين
ومحترمين في المناهج الدراسية التي يتعلمها أبناءنا يوميا؟
لماذا لا تزال شوارعنا في بغداد وغيرها من المدن وكذلك محافظاتنا
وجامعاتنا تسمى بأسماء حفنة من المتوحشين وأبناء السفاح والمستخنثين
الذين قتلوا الزهراء عليها السلام ولم يحترموا حرمة بيتها وقتلوا
أئمتنا وطاردوا شيعتهم في كل أرض؟
إن إبقاء مثل هذه الأسماء في الكتب الدراسية وعلى لوحات الشوارع يصب
الزيت على نار الطائفية في العراق ولا يطفيها. أما تعلمون أن في تقديس
والترضي عن قتلة الزهراء وقتلة أبنائها في وسائل الإعلام والمناهج
الدراسية استهزاء بمشاعر الشيعة الروافض الأبرار في شتى محافظات العراق
وخارجها؟
لماذا لا يتم حل هذه المشكلة الطائفية بتبديل المناهج الدراسية وحذف
تقديس كل شخصية يختلف عليها المسلمين وإبقاء من نتفق بصلاحهم وعدالتهم
كأئمة أهل البيت عليهم السلام؟ وكذلك الأمر بالنسبة لأسماء الشوارع
والمحافظات والجامعات وغيرها. هل يرضى مخالفونا بأن نسمي شارع رئيسي في
بغداد باسم أبولؤلؤة النهاوندي الذي نحن نقدسه ونجله؟ هل يرضون بأن
نعلّم أبناءهم فضائل أبولؤلؤة في المدارس الحكومية ونجبرهم على أن
يقولوا "أبولؤلؤة رضي الله عنه وأرضاه"؟ إن كان الجواب لا، فلماذا
يجبروننا على أن نرضى بالمثل لنمشي في شوارع ونذهب إلى جامعات ونزور
محافظات سميت بأسماء قتلة الزهراء وأبناءها المعصومين عليهم أفضل
الصلاة والسلام؟ ولماذا يريدون أبناءنا أن يتعلموا حب وتقديس من غصب
ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وحرق باب فاطمة الزهراء عليها السلام؟
السؤال الأكبر هو: لماذا يرضى بمثل ذلك من يمثل شيعة العراق في
العملية السياسية؟ لقد عقد ساسة العراق المحسوبين على التشيع صفقة
سياسية سبقت الصفقة الحالية التي تتمخض بالعفو عن البعث ونسيان جرائمه،
عفت فيها تلك الصفقة المنسية عن من قتل بضعة رسول الله صلى الله وآله
وكسر ضلعها وغصب حق بعلها ولم يراعي حرمة أبناءها المعصومين وحق شيعتها
المظلومين. لماذا تعتبرون جراحات أهالينا وأبنائنا خطوط حمراء وترضون
بأن تدوسوا على جراحات الزهراء عليها السلام؟ أدماء الزهراء رخيصة
عندكم؟
تروي الروايات أن الزهراء عليها السلام بعد استشهاد رسول الله وما
جرى على بعلها وحرق بابها صاحت: يا أبتاه ماذا لقينا بعدك من ابن أبي
قحافة وابن الخطاب.
لقد نسيت الجماعات السياسية المتسترة بلباس الدين والعمائم العفنة
استغاثة الزهراء عليها السلام ولم يجلبوا لناخبيهم إلا الفساد والفقر
والجوع والعنوسة والبطالة وارتفاع معدل الانتحار وفيضانات تغرق مدننا
وقرانا وحياة بلا كهرباء ومياه غير صالحة للشرب وأفظع من ذلك جلبوا لنا
الذل والهوان حتى أصبحنا نحن الأغلبية نتعلم أن قتلة أنبيائنا وأئمتنا
قد "رضي الله عنهم وأرضاهم."
اللهم اخذل من خذل الزهراء عليها السلام وارزقنا من ينصرها وبذلك
فقط ستعود كرامتنا وتتحسن أوضاعنا. |