الذهب الأسود في العراق... بين التنمية والازمات

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يمتلك العراق خزينا من الثروات قلما يوجد مثلها في بلدان العالم، لكن كما يبدو ان هذه الثورات والخيرات الوفيرة هي مصدر رئيسي لازمات هذا البلد، ولعل ابرز ثروة تثير الصراعات وتغذي الأزمات بمختلف أشكاها هي ثروة الذهب الأسود.

حيث يتسبب النفط في نزاع طويل الأمد بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي. إذ تقول بغداد إنها هي فقط صاحبة الحق في التحكم في الصادرات وتوقيع العقود، بينما يقول الأكراد إن حقهم في ذلك منصوص عليه في دستور العراق الاتحادي.

لينتج عن هذا النزاع خلاف سياسي عميق الجذور بين الجانبين يهدد بتفكك البلاد.

كما أشار الكثير من المراقبين إلى أن النفط كان أحد الأهداف الرئيسية للحرب على العراق، باعتراف العديد من كبار السياسيين والقادة العسكريين في الولايات المتحدة، خلال السنوات التي تلت الغزو.

فيما تسعى تركيا وكردستان العراقية منذ العام الماضي لاقامة علاقة مشاركة واسعة في مجال الطاقة تمتد من التنقيب الى التصدير، وزادت هذه علاقة غضب بغداد التي هددت باتخاذ اجراءات لحمل منطقة كردستان وشركات النفط الاجنبية العاملة هناك على وقف الصادرات التي تقول انها غير مشروعة.

حيث شكلت تركيا ابرز حلقة في نزاع طويل الأمد بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي بشأن  تنفيذ خطط لإنشاء خط أنابيب خاص بها لتصدير النفط الى تركيا برغم اعتراض الولايات المتحدة التي تخشى ان يؤدي المشروع الى تفكك العراق. كما قد تؤخر هذه الأزمة مشروعات كبيرة للبنية التحتية ومدفوعات للسلطات الإقليمية في الدولة العضو في أوبك.

ومن بين أسباب التوتر الأخرى عقود التنقيب التي وقعتها كردستان مع شركة نفط عالمية مثل اكسون موبيل وشيفرون. ودفعت تلك العقود بغداد الى تحذير الشركات بشكل متكرر من المخاطرة بفقد أعمالها في الجنوب.

لذا يحاول اليوم قطاع الطاقة العراقي النهوض بعد ثلاثين سنة من النزاعات وانعدام الاستقرار لتحقيق نمو سريع في انتاجه من النفط والغاز، وذلك من خلال طرح تراخيص جديدة لاستثمار مواقع استكشاف غازية امام الشركات العالمية خلال العام الجاري، وكذلك توقيع عقود استثمارية جديدة مع دول مثل الأردن ومصر. لكن مازالت هناك مشكلات تشكل عقبات أمام تطور صناعة النفط في البلاد مثل ضعف البنية التحتية وانتهاج السياسية البيروقراطية، وبعض الخلافات السياسية الاخرى.

وعلى نحو آخر فعلى الرغم من أن العراق يقع ضمن واحدة من أغنى مناطق العالم بمصادر الطاقة المتجددة، فإن اعتماد الحكومات المتعاقبة على النفط كمصدر رئيسي للطاقة في هذه الدولة، حال دون الاستفادة من المصادر الأخرى غير التقليدية، التي بدأت الكثير من الدول، سواء النفطية أو غيرها، في التوجه نحوها.

لذا يرى العديد من المختصين بأنه ينبغي على العراق بذل الجهد الاكبر في العقد الحالي من خلال الاستثمارات الاقتصادية العالمية في هذا المجال، لكي يواصل الذهب الاسود العراقي مسيرته نحو مستقبل اكثر ازهارا.

هل الحرب على العراق كانت من أجل النفط؟

في سياق متصل "نعم.. الحرب على العراق كانت حرباً على النفط"، بهذه الكلمات بدأت الخبيرة في شؤون النفط، أنطونيا جوهاز، مقالها الذي خصت به شبكة CNN، بمناسبة مرور عشر سنوات على الحرب، التي قادتها الولايات المتحدة، مع حلفائها، لغزو واحدة من أكثر الدول العربية إنتاجاً للنفط.

وكتبت جوهاز، التي قامت بتأليف عدد من الكتب تناولت فيه الحرب على العراق، منها "أجندة بوش"، و"طغيان النفط"، أنه بعد مرور عشر سنوات على انطلاق الحرب على العراق، وسقوط أول قذيفة على بغداد، ومع مغادرة غالبية قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، بدأت شركات النفط الغربية في جني ثمار الحرب.

فقبل غزو العراق في عام 2003، بحسب المحللة الأمريكية، كان قطاع صناعة النفط يعتمد بشكل كبير على الكفاءات والقدرات الوطنية العراقية، ومغلقاً أمام العديد من شركات النفط الغربية، ولكن بعد مرور عقد كامل الآن، أصبح هذا القطاع خاضعاً لسيطرة القطاع الخاص، الذي تقوده الشركات الأجنبية.

واستطاعت كبرى شركات النفط الغربية، بدءاً من "إكسون موبيل" و"شيفرون" إلى "بريتش بتروليوم BP" و"شل"، أن تجد موطأ قدم لها في العراق، بالإضافة إلى العديد من الشركات الأمريكية، من بينها "هاليبورتون"، التي يوجد مقرها في ولاية تكساس، والتي أدارها ديك تشيني، قبل أن يصبح نائباً للرئيس جورج بوش في عام 2000.

وأشارت جوهاز إلى تصريحات أدلى بها الجنرال السابق جون أبي زيد عام 2007، والذي كان يتولى القيادة المركزية الأمريكية وقائد عملية "غزو العراق"، قال فيها: "بالتأكيد كانت بشأن النفط، ولا يمكننا أن ننكر ذلك"، وأضافت في مقالها لـCNN إنه ولأول مرة خلال نحو 30 عاماً، بدأت شركات النفط الغربية في عمليات التنقيب وإنتاج النفط في العراق.

الدربكة التركية

على صعيد ذو صلة قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز إن تركيا ستلعب دورا نشطا في أي ترتيبات في العراق بشان تقسيم إيرادات تصدير النفط الخام بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان شبه المستقل في الشمال، وقال يلدز لرويترز في مقابلة إن تركيا مستعدة لدعم ترتيبات تتضمن حصول الحكومة المركزية في بغداد على 83 بالمئة من إيرادات تصدير النفط بينما تذهب النسبة الباقية الي حكومة كردستان، واضاف قائلا "لا يوجد أي شيء في تلك المسألة يمكن أن يقلق الحكومة العراقية المركزية"، "ستلعب تركيا دورا نشطا في حصول كردستان على 17 بالمئة وحصول بغداد على 83 بالمئة."

وقال يلدز إنه لا يرى عقبات أمام الشركات الحكومية أو الخاصة التي تريد إبرام صفقات للتنقيب عن النفط مع حكومة كردستان لكنه قال إن تركيا ستشارك في عطاءات التنقيب عن النفط إذا دعتها الحكومة المركزية في بغداد، وأضاف أن تركيا مستعدة لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي في العراق إذا طلبت بغداد أو كردستان. بحسب رويترز.

وتابع ان واردات تركيا من شمال العراق تتغير يوميا لكن ذروتها تبلغ ما بين 200-250 شاحنة برية في اليوم. وقال إن تركيا ربما تزيد وارداتها النفطية السنوية من العراق ككل إلى أربعة ملايين طن من 3.5 مليون طن حاليا.

وكان نفط إقليم كردستان يصل إلى الأسواق العالمية عبر خط أنابيب تسيطر عليه بغداد يمتد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي لكن الشحنات عبر هذا الخط توقفت في ديسمبر كانون الأول بسبب خلاف مع بغداد حول المدفوعات، وحث يلدز العراق على ضخ المزيد من النفط في خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان وقال إن تركيا ستدعم أيضا فكرة بناء خط أنابيب جديد من البصرة في جنوب العراق إلى جيهان.

في الوقت ذاته قال مسؤول عراقي كبير إن تجارة النفط المتزايدة بين كردستان العراقية وتركيا تهدد بانقسام العراق وجاءت تصريحاته في الوقت الذي تجاهلت فيه المنطقة الكردية تهديدات بغداد بالتصدي بإجراءات مشددة لما تصفه بالصادرات غير المشروعة من المنطقة.

وقال صفاء الشيخ حسين نائب مستشار الامن الوطني في تصريحات على هامش مؤتمر بخصوص العراق "إذا صدر النفط من كردستان الى تركيا مباشرة فسيكون هذا مثل تقسيم العراق. هذا مبعث قلقنا البالغ."

وقال وزير الطاقة في حكومة كردستان الاقليمية أشتي هورمي انه يمكن تحويل خط لأنابيب الغاز يجري مده حتى يمكن استخدامه في نقل 300 الف برميل من النفط الخام يوميا بحلول يونيو حزيران، وقال حسين نائب مستشار الامن الوطني الذي أنشئ في 2004 "كردستان تكاد تكون مستقلة وهم يريدون مزيدا من المكاسب الآن. إنهم مفرطون في الثقة ومبالغون في الطموح."

وقال حسين "التوتر شديد مع الأكراد. ولا اعتقد ان الخلاف يمكن حله هذا العام لكن قد نتمكن من احتوائه"، وتدرس إكسون بيع عملياتها في حقل غرب القرنة-1 في الجنوب لكن مصادر بالقطاع قالت إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عرض على الشركة شروطا أفضل كثيرا في يناير كانون الثاني لتستمر في المشروع الذي يتكلف 50 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين أشار مسؤولون من العراق وكردستان إلى أن اكسون ستنحاز إليهم.

وقال حسين إنه إذا بدأت اكسون الحفر في أراض متنازع عليها مع كردستان "فسيتم اتخاذ اجراء قانوني ... لانهاء كل أعمال اكسون في باقي انحاء العراق"، وأضاف "نحن عازمون على حل مشاكلنا بطرق سلمية لكن هذا يمكن أن يؤثر على وحدة العراق."

وزار مسؤولون من اكسون وكردستان العراق الشهر الماضي امتياز التنقيب قرة هنجير الواقع في مناطق متنازع عليها وناقشوا بناء معسكر هناك، وقالت مصادر بصناعة النفط إن الشركة الأمريكية العملاقة حفرت ثلاث آبار للمياه في منطقة القوش الواقعة هي الأخرى في منطقة محل نزاع وذلك استعدادا لبدء الحفر بحلول مطلع يونيو حزيران، وصاحبت النزاع النفطي زيادة في التوتر العسكري بين الجانبين.

وفي العام الماضي أرسل كل من الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية جنودا لتعزيز مواقعهما حول بلدات منتشرة في المنطقة المتنازع عليها ومن بينها مدينة كركوك التي تسكنها أعراق مختلفة، وقال حسين العميد السابق بالقوات الجوية العراقية "لا يريد أي من الجانبين إنهاء ذلك بالقوة العسكرية."

استثمار المواقع الغازية

من جهة أخرى يستعد العراق لطرح تراخيص جديدة لاستثمار عشرة مواقع استكشاف غازية امام الشركات العالمية خلال العام الجاري، هي الخامسة من نوعها منذ عام 2009، حسبما ذكر متحدث رسمي، وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد لوكالة فرانس برس، ان "وزارة النفط تخطط لطرح عشر رقع استكشافية غازية فقط ضمن الجولة الخامسة المؤمل الاعلان عنها هذا العام"ن واضاف ان "الاعلان سيجري بعد الانتهاء من اعداد الوثائق المطلوبة" مشيرا الى انها "ستكون جولة متميزة خصوصا في مجال الغاز والمواقع ستحفز الشركات العالمية لتطويرها".

واكد المتحدث باسم الوزارة ان "العراق يتطلع لتعظيم انتاجه واحتياطه الوطني من الغاز"، ونظم العراق في ايار/مايو الماضي، جولة التراخيص الرابعة لحقول النفط والغاز، الا ان هذه الجولة لم تثمر الا عن ثلاثة اتفاقات لاستكشاف ثلاث رقع من بين 12 رقعة استكشافية عرضت على شركات عالمية. بحسب فرانس برس.

وكان وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي اعلن السبت ان العراق يخطط لاستثمار حوالى 175 مليار دولار في القطاع النفطي خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف رفع معدل انتاجه الى تسعة ملايين برميل يوميا، وبلغت واردات العراق من صادرات النفط الخام خلال 2012 حوالى 94,03 مليار دولار ومثلت زيادة تصل الى 13 بالمائة عن العام الذي سبقه.

ويقدر معدل انتاج النفط العراقي بحوالى 3,2 ملايين برميل يوميا، وتشكل ايرادات النفط 94 في المئة من عائدات البلاد، ويملك العراق ثالث احتياطي من النفط في العالم يقدر بنحو 143 مليار برميل و3,2 ترليون متر مكعب من الغاز وهو اعلى احتياطي في العالم.

إكسون موبيل تعزز استثماراتها

في حين قال ماضي عبد الرزاق مدير اللجنة المشتركة لإدارة حقل غرب القرنة 1 العراقي لرويترز إن اكسون موبيل خصصت 1.65 مليار دولار لتطوير الحقل في 2013 ارتفاعا من 1.6 مليار دولار العام الماضي، وقال مسؤول في وزارة النفط العراقية إن الميزانية تعكس التزام إكسون بتطوير الحقل الجنوبي في 2013. وكانت إكسون قد عرضت التخارج من المشروع العام الماضي بعدما اغضبت بغداد بتوقيع ستة عقود مع اقليم كردستان شبه المستقل.

وترفض بغداد العقود الموقعة مع المنطقة الكردية وتصفها بأنها غير قانونية وتطلب من اكسون الاختيار بين مشروع غرب القرنة 1 الذي تبلغ تكلفته 50 مليار دولار وأصولها في كردستان وعرضت على الشركة الأمريكية الكبرى شروطا افضل كي تواصل أنشطتها في الحقل الجنوبي.

وقال عبد الرزاق إن برنامح عمل اكسون لعام 2013 الذي أقرته وزارة النفط خصص 1.65 مليار دولار لتطوير الحقل.

وبموجب عقود الخدمة المبرمة مع العراق يتعين على شركات النفط تقديم خطة عمل تشمل ميزانية التطوير إلى وزارة النفط قبل بداية العام لإقرارها، وقال المسؤول بوزارة النفط الذي طلب ألا ينشر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام "لو لم تكن إكسون مهتمة بمواصلة العمل في غرب القرنة 1 ما كانت ستخصص استثمارات ضخمة تصل إلى 1.65 مليار دولار لتطوير الحقل."

كان وزير الاقتصاد الاندونيسي قد قال في وقت سابق من الشهر الجاري ان شركة برتامينا المملوكة للدولة تجري مفاوضات لشراء ما بين عشرة و20 بالمئة من حصة اكسون في غرب القرنة 1، وذكرت مصادر ان اكسون تدرس بيع جزء من حصتها البالغة 60 بالمئة في الحقل إلى بتروتشاينا ذراع شركة النفط الوطنية الصينية، وقال عبد الرزاق إن انتاج الحقل سيرتفع إلى 540 ألف برميل يوميا بحلول منتصف 2013 من 480 ألفا حاليا، وتوقع أن يصل الانتاج إلى 600 ألف برميل يوميا بنهاية العام الجاري و900 ألف برميل يوميا في 2015.

مد انبوب نفط من العراق الى الاردن

وفي الشأن ذاته وقع الاردن والعراق اتفاقية اطار لمد انبوب لنقل النفط الخام العراقي من البصرة، جنوب العراق، الى مرافئ التصدير في ميناء العقبة، اقصى جنوب المملكة على ساحل البحر الأحمر، حسبما افاد مصدر رسمي عراقي.

ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية عن مدير عام شركة المشاريع النفطية في وزارة النفط العراقية نهاد احمد موسى، التي تزور المملكة ضمن وفد نفطي عراقي يرأسه ثامر غضبان مستشار رئيس الوزراء العراقي ووزير النفط السابق، قولها ان "المرحلة الاولى من المشروع، الذي يبدأ من البصرة جنوب العراق حتى مدينة حديثة (غرب العراق) سيتم تنفيذه وانجازه بالكامل من خلال الحكومة العراقية ممثلة بوزارة النفط، فيما سيتم انجاز المرحلة الثانية التى تصل (من الحدود العراقية) الى ميناء العقبة (325 كلم جنوب الاردن) بعد طرحه للاستثمار".

واوضحت ان "الانبوب يبلغ طوله 1700 كلم وستعد تصماميمه احدى الشركات الكندية خلال الربع الاخير من العام الحالي ليصار بعدها طرح عطاء التنفيذ للمرحلة الاولى"، مشيرة الى ان "الاردن لن يتحمل أية تكلفة من جراء تنفيذ المشروع حيث سيتحمل المستثمرون اعباء مد الانبوب كاملا في نظام استثمار يقوم على تحصيل العوائد بعد التشغيل".

واكدت ان "الحكومة العراقية جادة في تنفيذ المشروع وهناك خطوات متسارعة من العمل"، مرجحة ان "يتم انجاز الانبوب بحلول عام 2017".

وقالت ان "مد الانبوب فيه مصلحة مشتركة، اذ يتيح للعراق منفذا جديدا للتصدير، مثلما يساهم في الوقت ذاته في سد احتياجات الاردن من النفط"، ويقدر خبراء النفط كلفة مد خط ألانبوب من البصرة الى العقبة بنحو 18 مليار دولار وانه سيوفر فرص عمل لاكثر من 1000 مهندس وعامل داخل العراق وأكثر من 3000 مهندس وعامل داخل الاردن.

وكان المالكي اعلن خلال زيارة الى الاردن في كانون الاول/ديسمبر الماضي انه اتفق مع نظيره الاردني عبد الله النسور على مد انبوب للنفط من العراق الى ميناء العقبة الاردني، ويستورد الاردن حاليا حوالى عشرة آلاف برميل من النفط العراقي الخام وبأسعار تفضيلية (بفارق يقل عن 18 دولار عن السعر العالمي للبرميل) تشكل 10 بالمئة من احتياجاته النفطية التي يستورد معظمها من السعودية.

ويسعى العراق الذي ينتج حاليا 3,2 مليون برميل يوميا، الى انتاج حوالى 12 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات، ما سيجعله ثاني منتج في اوبك، ويأمل العراق الذي يملك ثالث احتياطي نفطي في العالم يقدر بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية وايران، في ان يؤدي بناء هذا الانبوب الى زيادة صادراته النفطية وتنويع منافذه.

مع نضوب النفط.. العراق مازال بعيداً عن الطاقة المتجددة

الى ذلك تشير تقارير علمية إلى أن الشمس وحدها تمد الأرض بكمية من الطاقة خلال ساعة واحدة تفوق احتياجات العالم خلال عام كامل، وأن مساحة لا تتجاوز نسبتها 1 في المائة من الصحراء الكبرى، يمكنها أن توفر احتياجات سكان كوكب الأرض من الكهرباء.

وبالنسبة للعراق، فإن متوسط ما يصل إليها من الطاقة الشمسية، بحسب التقارير ذاتها، يُقدر بحوالي 5 كيلوواط/الساعة، في المتر المربع الواحد، بالإضافة إلى توافر مصادر "بديلة" أخرى للطاقة "النظيفة"، مثل الرياح، والمياه، والوقود الحيوي.

ومع دعوات الخبراء الجادة والحثيثة لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للطاقة، باعتباره "ثروة ناضبة"، وترشيح دراسات متخصصة لإمكانية نضوب النفط في العديد من الدول خلال المائة سنة القادمة، يطرح هذا التساؤل: أين العراق اليوم من استغلال الطاقة النظيفة، وبالأخص الشمسية؟

وفي محاولة للإجابة على هذا السؤال، أكد عميد كلية الهندسة بجامعة بغداد، أسامة فاضل عبد اللطيف، أن "العراق لا يمتلك أطلس شمسي، مع أن دراسات أولية دلّت على قدرات هائلة للشمس فيه، وبمعدل 2000 كيلوواط/ ساعة في المتر المربع بالسنة، وتزداد هذه النسبة كلما اتجهنا نحو الجنوب."

وفي الوقت الذي أشار فيه عبد اللطيف إلى إمكانية استغلال طاقة الرياح في عدد من المناطق بالعراق، خاصةً على الحدود مع المملكة العربية السعودية، وفي منطقة "شط العرب" الحدودية مع إيران، استبعد خبير الطاقة الأردني، باسم فراج، ذلك، مؤكداً عدم وجود "ممرات هوائية" في العراق، مما يقلل فرص الاستفادة من الرياح لتوليد الكهرباء.

إلا أن الخبير الأردني فراج، أكد في المقابل، أنه يمكن إنتاج الطاقة الكهرومائية، عن طريق مجموعة السدود المنتشرة على خارطة العراق، والشلالات الموجودة في الأقسام الشمالية من البلاد.

وشهد العراق مشروعات "متواضعة" لاستغلال الطاقة الشمسية، منها مشروع إنارة الشوارع، الذي بدأ تنفيذه عام 2006، نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة، التي ألقت بصعوبات على تغذية إنارة شوارع بغداد بالطاقة الكهربائية، مما دفع وزارة الكهرباء للجوء إلى طاقة الشمس.

وبدت مساعي الوزارة لإدخال تقنيات الطاقة المتجددة في قطاع الكهرباء، أكثر وضوحاً وجدية في أواخر عام 2010، مع استحداث "مركز الطاقة المتجددة"، ووضع برنامج للأعوام 2012 و2015، يتمحور بين الإنتاج والتوزيع، ويعتمد على إنشاء محطات، وإنتاج سخانات شمسية، وإنارة الطرق العامة.

إلا أن هناك عقبات أخرى تتعلق بتكلفة اللجوء إلى مصادر الطاقة البديلة، حيث يتطلب إنتاجها توافر خلايا شمسية ذات كفاءة وجودة عالية، بالإضافة إلى استحداث منظومات لنقلها وربطها بشبكة الكهرباء، فضلاً عن تكلفة الصيانة الدورية لها، الأمر الذي يدفع الكثير من المخططين لتفضيل مصادر الطاقة التقليدية، خاصةً أن تكلفتها التشغيلية تكون أقل، بينما تكون قدراتها الإنتاجية أكبر، مقارنة بالمصادر  البديلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/نيسان/2013 - 2/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م