الاخوان المسلمين ومأزق الثورة... صدفة القيادة

 

شبكة النبأ: ادرك الكثير من ابناء مصر وبالدليل القاطع الخطر الحقيقي لجماعة الاخوان المسلمين التي تسعى الى مصادرة نتائج ثورة 25يناير كانون الثاني التي أسهمت بإسقاط النظام الدكتاتوري للرئيس السابق حسني مبارك وفرض هيمنتها المطلقة على جميع مؤسسات الدولة العسكرية أو المدنية والإعلامية والتي بدأت بتعزيز سلطة الرئيس محمد مرسي المنتمي الى جماعة الإخوان المسلمين والذي يتمتع اليوم بالعديد من الصلاحيات والامتيازات التي مكنته اصدار بعض التشريعات القانونية المهمة التي ساعدت بتعزيز قوة جماعة الاخوان المسلمين الساعية الى تثبيت وجودها كقائد اساسي متفرد في الساحة المصرية كما يقول بعض المحللين الذين اكدوا على ان الجماعة التي اسسها حسن البنا عام 1928وظلت محظورة طوال سنوات عن العمل السياسي بسبب طروحاتها الفكرية المتطرفة تسابق الوقت في سبيل استحصال غطاء شرعي وقانوني يتيح لها بسط النفوذ والعمل بحرية وهو امر يرفضه الكثير في مصر.

وفي هذا الشأن فقد أجلت محكمة مصرية النطق بالحكم في دعاوى تطالب بحل جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي بعد طلب من الجماعة بإتاحة مزيد من الوقت أمامها لتقديم أدلة في قضية وضعتها في موقف دفاعي. وقال المستشار عبد المجيد المقنن رئيس المكتب الفني لمحاكم القضاء الإداري إن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قررت إعادة فتح باب المرافعة في الدعاوى التي تتضمن المطالبة بإغلاق مقار الجماعة.

وكان من المقرر صدور الحكم في الدعاوى التي أقامها محامون معارضون للجماعة لكن المحكمة استجابت لطلب من الجماعة وقررت إعادة فتح باب المرافعة يوم 23 ابريل نيسان. وكانت جماعة الاخوان المسلمين قالت إنها حصلت على إشهار قانوني بقرار من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية تحت اسم جمعية الإخوان المسلمين. وقال محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود "قدمنا طلبا لفتح باب المرافعة لأن الجماعة هي الجمعية." وأضاف "أرفقنا بالطلب أوراق الإشهار لتنظر المحكمة في الموضوع وفقا لها."

وتم حل الجماعة رسميا عام 1954 وأجبرت على العمل في الخفاء حتى الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في الانتفاضة قبل نحو عامين. ومن المرجح ان يكون تأثير أي حكم ضد الجماعة سياسيا أكثر منه عمليا حيث يرى محللون أن من غير المتصور أن تتخذ الدولة أي إجراء ضد جماعة تقف حاليا في قلب السلطة. غير أن مثل هذا القرار يمكن أن يثير مزيدا من الضغينة ضد الإسلاميين في الوقت الذي يواجهون فيه احتجاجات عنيفة متزايدة.

وتقول الجماعة إنها حصلت على الشرعية الشعبية والقانونية. لكنها اتخذت في الوقت نفسه خطوات إضافية لحماية نفسها. ومثل قرارها بالتسجيل كمنظمة غير حكومية بموجب القانون الحالي عدولا عن قرار سابق بعدم التسجيل قبل صدور قانون جديد للجمعيات الأهلية. وأعلنت نجوى خليل وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية إشهار جمعية باسم الإخوان المسلمين. وأضافت الوزيرة أنه لا دخل للوزارة في عمل القضاء لكنها أعربت عن استعدادها للتعاون مع القضاء فى حال طلب أى معلومات أو تقارير أخرى تدخل فى نطاق عمل الوزارة.

وقالت الوزيرة إن الوزارة "تلقت طلبا مكتمل الأركان بإشهار جمعية باسم الإخوان المسلمين بالإخطار وفقا للمادة 51 من الدستور الجديد وذلك بعد أن تحققت الوزارة من الشروط الواجب توافرها تم الإشهار تحت رقم 644 لسنة 2013 واستوفيت جميع المستندات المطلوبة." وأضافت "الوزارة ستتابع أنشطة وميزانية جمعية الإخوان المسلمين بدءا من وقت إشهارها كجمعية وفقا لقانون الجمعيات لسنة 2002 وستلتزم مثل غيرها بتوفيق اوضاعها لحين إقرار القانون الجديد."

وتقول الجماعة إن وضعها كمنظمة غير حكومية لا يضيف إلى شرعيتها أو ينتقص منها. وقال محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود إن وضعها قانوني منذ تأسيسها. وفي مقابلة مع تلفزيون الجزيرة مباشر وصف الطعون على الوضع القانوني للجماعة بأنها في إطار "المحاولات الحثيثة من البعض لتأجيج العنف ضد الجماعة."

وتابع قوله إن "الجماعة تم توفيق أوضاعها طبقا للقانون الحالي الذي ما كنا نرغب أن نشهر في ظله .. ولكن ما دعانا لذلك محاولات التربص التي تستهدف الجماعة من جهات عدة." وأثارت سرعة موافقة الحكومة على تسجيل الجماعة كمنظمة غير حكومية تساؤلات لدى البعض. وقال خليل العناني خبير شؤون الحركات الإسلامية في جامعة دورهام "هذا سيلقي بشكوك على حياد مؤسسات الدولة." وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين "تتبنى استراتيجية دفاعية لتهدئة التوتر".

وتتهم المعارضة الجماعة ومرسي بمحاولة الاستئثار بالسلطة في حين يتهم الاسلاميون معارضيهم بعدم احترام قواعد الللعبة الديمقراطية التي أتت بهم إلى السلطة. ومن بين قرارات مرسي التي ترفضها المعارضة قرار بتعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله في أواخر العام الماضي عندما أثار الرئيس عاصفة من الاحتجاجات بإصداره إعلانا دستوريا وسع سلطاته لفترة مؤقتة.

وقضت محكمة القضاء الإداري أيضا بعدم اختصاصها بنظر دعوى أقامها معارضون لعزل النائب العام الجديد. وفاز حزب الحرية والعدالة الذي كان ينتمي إليه الرئيس محمد مرسي والمنبثق عن جماعة الاخوان بالانتخابات البرلمانية التي أعقبت انتفاضة أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011. وقالت مصادر قضائية إن هيئة المفوضين في المحكمة الإدارية العليا بمصر أوصت في تقرير برفض طعن أقيم عام 1992 على قرار صدر عام 1954 بحل جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي.

وجاء التقرير في وقت يستعد فيه نشطون وسياسيون لتنظيم مظاهرة حاشدة أمام المقر الرئيسي للجماعة. ويقول النشطون إن المظاهرة تأتي ردا على ما قالوا إنه عنف بدني ولفظي تعرض له عشرات منهم قبل أيام من جانب أعضاء في الجماعة أمام المقر وترتبت عليه في يوم تال اشتباكات عنيفة بين مئات المحتجين والشرطة سقط خلالها مصابون وألقي القبض على عدد من المحتجين.

وقال مصدر قضائي إن تقرير هيئة المفوضين صدر بشأن طعن على دعوى أقامتها الجماعة قبل 36 عاما طالبة إلغاء القرار الصادر عام 1954 من مجلس قيادة ثورة 1952 بحل الجماعة واعتبارها كأن لم تكن. وكانت المحكمة الأدنى درجة وهي محكمة القضاء الإداري أصدرت حكما عام 1992 بعدم قبول دعوى الجماعة التي أُقيمت عام 1977 بعد خروج قياداتها من السجون قائلة إنه لا يوجد كيان قانوني لها وإن دستور عام 1956 حَصَن قرارات مجلس الثورة من الطعن القضائي عليها. وأضاف المصدر أن الجماعة طعنت على حكم محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا عام 1992.

ورغم حظر الجماعة سمح لها بنشاط محدود في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر 30 عاما وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي استمر نحو 10 سنوات. وصدر قرار حظر جماعة الإخوان في وقت مواكب لمحاولة لاغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمدينة الإسكندرية نسبت للجماعة التي نفت ذلك وقالت إن محاولة الاغتيال اختلقت لتبرير قمعها بعد نشوب خلافات بينها وبين عبد الناصر.

وبعد الإطاحة بمبارك في انتفاضة شعبية شاركت فيها جماعة الإخوان بعد أيام من اندلاعها مطلع عام 2011 أسست الجماعة حزب الحرية والعدالة وهو أول حزب تؤسسه في تاريخها وكسب مختلف الانتخابات التي أُجريت منذ الإطاحة بمبارك لكن المعارضة للجماعة تصاعدت وسط اتهامات لها بالاستئثار بالسلطة.

وكان مرسي أول رئيس لحزب الحرية والعدالة واستقال من رئاستة للحزب بعد انتخابه في يونيو حزيران. وكانت مقار وأموال الجماعة صودرت بعد حظرها وأعدم عدد من قادتها كما أعدم القيادي فيها سيد قطب عام 1966 وعوقب عدد كبير من القياديين والأعضاء بالسجن لفترات طويلة. وأقام محامون بعد تصاعد المعارضة للجماعة دعاوى أمام القضاء الإداري طالبين تأكيد حظرها قائلين إن نشاطها لا سند له من القانون.

الى جانب ذلك يرى العديد من "شباب الثورة" انه لم يعد امامهم سوى اللجوء الى العنف "كرد فعل على عنف الاخوان" في اشارة الى جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة في مصر والمتهمة باعادة انتاج نظام قمعي يضرب عرض الحائط المبادئ الديموقراطية التي قامت من اجلها الثورة.

وشهدت مصر اعمال عنف بين المتظاهرين الغاضبين وبين الاسلاميين وقوات الشرطة اوقعت عشرات الجرحى. ويدل استهداف مكتب ارشاد جماعة الاخوان على ان الحركة الاسلامية باتت تعتبر مع مكتبها السياسي مركز السلطة الحقيقي وليس الرئيس محمد مرسي المنتمي اليها. وفي فيديو اعده موقع "مصرين" الاعلامي تظهر اعمال العنف الحالية وكأنها امتداد للثورة التي طردت مبارك من السلطة. ويقول المتظاهرون "الاخوان كذابون يخدعون الناس تحت ستار الدين" لقد اصبحوا "الحزب الوطني الجديد" في اشارة الى حزب مبارك السابق.

ومرسي الذي انتخب في حزيران/يونيو 2012 ديموقراطيا، هو اول رئيس مدني بعد ان تعاقب عدد من العسكريين على الرئاسة في مصر. لكن مرسي منح نفسه صلاحيات واسعة جدا بموجب اعلان دستوري اصدره في نهاية 2012 ثم عمل على تبني دستور يرسخ سلطة الاسلاميين الامر الذي اثار غضب المعارضة.

وما يزيد النقمة محاولتهم السيطرة على كل مفاصل الدولة اضافة الى حالة الانفلات الامني والازمة الاقتصادية الخانقة التي انعكست خصوصا في تراجع احتياطي النقد الأجنبي الى "مستوى حرج" بحسب البنك المركزي حيث انخفض الى نحو 5ر13 مليار دولار في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/نيسان/2013 - 25/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م