حصل العراق على عضوية اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية
وذلك خلال الاجتماع الذي عقد في مملكة البحرين أوائل شهر اذار من العام
الحالي، وهذا الحدث يمثل خطوة كبيرة في مسيرة العراق الاتحادي
والديمقراطي، لان قبول العضوية لم يكن لو لم تتوفر المحكمة الاتحادية
العليا في العراق على شروط الانتماء الى الاتحاد ويعد اقرارا عربيا بان
العراق بلد فيه مؤسسات دستورية كما يمثل ردا على من يشكك بعدم شرعية او
دستورية المحكمة اعلاه ، لان من شروط العضوية ان تكون المحكمة او
الهيئة ممن يمارس الرقابة على دستورية القوانين او يدخل في اختصاصها
ذلك على وفق حكم المادة (6) من النظام الداخلي للاتحاد التي جاء فيها
الآتي:
(يعتبر عضواً مؤسساً في الاتحاد كل من الأطراف الموقعين على هذا
النظام، ولكل هيئة – في أية دولة عربية – يدخل في اختصاصها الرقابة على
دستورية القوانين أن تتقدم بطلب الانضمام إلى الاتحاد).
ويضم الاتحاد في عضويته اثنا عشر عضواً من البلدان العربية بعد
انضمام العراق إليه فضلا عن قرار قبول العضوية الذي يصدر من مجلس
الاتحاد المكون من الرئيس والنائب وسائر الاعضاء وهذا القرار لم يتم،
إلا بعد الاطلاع على قانون تشكيل المحكمة الاتحادية العليا والدستور
العراقي النافذ الذي اجاز تأسيسها والإطلاع على الاحكام والقرارات التي
اصدرتها خلال فترة عملها المنصرمة، وعندما قدم العراق الوثائق اعلاه مع
مجلدات سنوية للأحكام التي اصدرتها خلال فترة عملها، ما كان من المجلس
إلا القبول مع الاشادة بالدور الكبير الذي ادته المحكمة الاتحادية في
ترسيخ مبادئ الديمقراطية وصيانة الدستور من عبث التأويل وذلك من خلال
احكامها التي اصدرتها.
كما كان ثناء الجميع بالكم المعرفي الذي توفرت عليه هذه الاحكام
على الرغم من حداثة تشكيلها وان احد اعضاء المجلس قال في كلمته ان
انضمام العراق ممثلا بالمحكمة الاتحادية العليا هو مكسب معرفي قبل ان
يكون تنظيمي للمجلس وهذا العطاء والإثراء الذي بادرت به المحكمة
الاتحادية العليا في العراق لم يكن لو لا سعي القائمين عليها في
الاجتهاد الذي يراعي اصول التفسير القانوني والدستوري ويهدف الى صيانة
الدستور والحفاظ على الحقوق التي وردت فيه لصالح المواطن العراقي،
وللدلالة على ذلك اشير الى احكامها تجاه الكوتا النسائية وحقوق
الاقليات وقوانين الانتخابات ومنها التي عطلت الاحكام التي كانت تجيز
للسلطة التنفيذية حجز المواطن وسواها ويطول المقام في ذكرها ويعلم
الجميع ان هذه الكتيبة القانونية التي يحدوها معالي رئيس المحكمة
الاتحادية العليا القاضي مدحت المحمود كانت وما زالت صمام امان تجاه من
يسعى الى تأويل النص الدستوري تجاه رغباته وإنها اعطت مثالا حيا على ان
القضاء العراقي ما زال شامخا باجتهاده الصائب وعطاءه المثمر منذ ان عرف
العراق المحاكم النظامية وحتى اليوم وحداثة تجربة القضاء الدستوري لم
تكن هاجساً مخيفا لمن تصدى له لأنهم قضاة افنوا زهو شبابهم في التنقيب
عن الحكمة في بساتين المعرفة مخلصين لضميرهم المهني لا ينظرون الى
الدعوى إلا بحياد الموضوعي مترفعين عن كل ما لوث العملية السياسية
والتشريعية وباقي المفاصل في العراق، فكانوا دررا صافية نقية تطمئن
النفوس لأحكامهم لان فيهم قامات شمخت في ساحات العدل والفكر القانونية
في العراق والوطن العربي وعد رئيسها معالي الاستاذ مدحت المحمود من
ابرز الفقهاء في القانون على مستوى الوطن العربي فضلا عن الاشادة
الكبيرة من كبار القضاة في المحاكم الدستورية في البلدان المتقدمة في
هذا المضمار ونتمنى للعراق التقدم اكثر في كافة المجالات وان يجتهد اهل
السياسة في بناء العراق بمؤسساته الدستورية.
|