الانتحار موتا... آخر حلول اليأس وأخطرها

 

شبكة النبأ: شهدت السنوات الأخيرة وبحسب بعض التقارير الخاصة تزايد ملحوظ في أعداد المنتحرين في مختلف دول العالم ولأسباب مختلفة من أهمها الأسباب الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها العديد من دول، وبحسب بعض المنظمات العالمية فأن هنالك أكثر من20 مليون محاولة انتحار سنويا، ويرى بعض المتخصصين ان ظاهرة الانتحار حرقا قد أصبحت اليوم إحدى أكثر الظواهر انتشارا في العديد من الدول، وفي هذا الشأن قال مصدر طبي ان الشاب التونسي العاطل عن العمل الذي اضرم النار في نفسه توفي متأثرا بجروحه في حادثة قد تثير موجة من الغضب ضد الحكومة الجديدة التي يقودها الإسلاميون والتي تسعى لنيل الثقة من المجلس التأسيسي. وأضرم شاب تونسي عاطل عن العمل اسمه عادل خذري (27 عاما) النار في نفسه في الشارع الرئيسي بالعاصمة تونس في احتجاج يذكر برمز الثورة التونسية محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه ليفجر ثورة في تونس والعالم العربي قبل عامين. بحسب رويترز.

واصبح البوعزيزي رمزا في تونس والشرق الأوسط بعد ان فجرت وفاته ثورة انتهت بالإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي وانتقلت الى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط. وتعتبر البطالة وغلاء الاسعار من ابرز التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة بقيادة علي العريض والتي سيقدمها للمجلس التأسيسي لنيل الثقة. وتصل معدلات البطالة في تونس الى حوالي 17 بالمئة وأغلب العاطلين من حملة الشهادات.

وقال شهود عيان ان الشاب صرخ بصوت عال قبل ان يضرم النار في نفسه قائلا "هذا هو الشباب الذي يبيع السجائر، هذا ما تفعله البطالة". وسكب الشاب مادة حارقة على جسمه ثم اضرم في نفسه النار أمام مقر المسرح البلدي فهرع اليه مواطنون لإطفاء النيران التي ألحقت به حروقا بالغة.

في السياق ذاته اقدم شاب من التيبت على الانتحار بإحراق نفسه احتجاجا على الهيمنة الصينية على منطقة التيبت، في اول عملية من نوعها هذا العام، وفق ما اعلنت منظمة حقوقية ومحطة اذاعية. وحصلت الحادثة في منطقة شياهي بمقاطعة غانسو غرب البلاد والتي يطلق عليها اسم سانغشو في لغة اهل التيبت.

وتم نقل جثمان الرجل الذي عرف عنه باسمه الاول، تسيبي او تسيبا، الى قريته البعيدة حوالى 4 كلم عن المكان الذي احرق نفسه فيه بعد مشاركته في تظاهرة بحسب المنظمة الحقوقية. واشارت المنظمة الى ان الشاب يبلغ قرابة العشرين عاما. وبحسب مصادر اذاعة اسيا الحرة فإن الشاب يبلغ 19 عاما. ومنذ 2009، احرق اكثر من 90 تيبتيا انفسهم ما تسبب بوفاة غالبيتهم، وذلك احتجاجا على الهيمنة الصينية على هذه المنطقة في جبال الهملايا.

من جانب اخر توفي رجلان في جنوب اسبانيا متأثرين بحروق اصيبا بها لدى محاولتهما، بفارق ساعات، الانتحار حرقا، كما افاد مصدر طبي. وبحسب وسائل الاعلام المحلية فان احد الرجلين كان عاطلا عن العمل ويعاني من ضائقة مالية، علما ان اسبانيا شهدت خلال الاشهر الماضية اقدام عدد من الاشخاص المديونين والمهددين بالطرد من مساكنهم على الانتحار.

وقال متحدث باسم مستشفى فيرخين دل روكيو في اشبيلية (جنوب) ان رجلا يبلغ 57 عاما اضرم النار في جسده في ملقة "توفي متأثرا بحروقه". ونقلت صحيفة "ال موندو" عن احد معارف الرجل انه كان عاطلا عن العمل ويعاني من مشاكل مالية. وفي وقت لاحق اعلن المستشفى نفسه ان رجلا ثانيا يبلغ من العمر 63 عاما توفي متأثرا بحروق بالغة اصيب بها اثر اضرامه النار في جسده.

وكانت طوافة نقلته الى المستشفى بعدما عثرت عليه الشرطة وهو يعاني حروقا خطيرة اثر قيامه بما يبدو انها "محاولة انتحار" قرب سيارة محترقة على طريق سريع قرب ملقة، بحسب بيان للشرطة. وتواجه اسبانيا ازمة اقتصادية خانقة منذ انفجرت الفقاعة العقارية فيها في 2008. بحسب فرنس برس.

 ولتقليص العجز في ميزانيتها العامة، اعتمدت مدريد خطة تقشفية صارمة اثارت انتقادات متزايدة في اوساط الخبراء الاقتصاديين الذين ينظرون اليها على انها عائق امام انتعاش الاقتصاد كما ان هذه الخطة تواجه باستمرار من خلال تظاهرات ضخمة في شوارع اسبانيا.

النار في بلغاريا

على صعيد متصل أضرم رجل 41 عاما النار في نفسه في بلغاريا ليصبح سادس مواطن يحتج بهذه الطريقة على الفقر وفساد مزعوم أدى إلى سقوط الحكومة. ولم تذكر الإذاعة الحكومية بي.ان.ار اسم الرجل وهو من قرية قرب مدينة سيليسترا على نهر الدانوب لكنها قالت إنه عاطل وله طفل واحد ونقل إلى مستشفى في مدينة فارنا المطلة على البحر الاسود وانه في حالة حرجة.

وأدت احتجاجات على الدخول المنخفضة ونخبة سياسية متهمة بالإبقاء على نظام فاسد منذ انهيار النظام الشيوعي عام 1989 إلى استقالة حكومة يمين الوسط برئاسة بويكو بوريسوف. وتراجعت أعداد المتظاهرين في أفقر دول الاتحاد الاوروبي منذ ذلك الحين لكنها قد تندلع مرة أخرى مع اقتراب الانتخابات المقررة في مايو أيار المقبل.

وكانت أحدث واقعة لاحراق النفس حدثت قبل يومين من هذا الحادث عندما أضرم رجل يبلغ من العمر 59 عاما النار في نفسه في بلدة بوبوفدول. وتوفي ثلاثة رجال بعد أن أضرموا النار في أنفسهم والباقون في المستشفى في حالة حرجة. ويبلغ متوسط الأجور 400 يورو (520 دولارا) في بلغارايا التي يبلغ عدد سكانها 7.3 مليون نسمة وتقل معاشات التقاعد عن نصف متوسط الأجور. بحسب فرنس برس.

في السياق ذاته استقال رئيس بلدية مدينة فارنا البلغارية تحت ضغوط شعبية بعد أن أشعل رجل بالمدينة النار في نفسه ليصبح أحدث سياسي تطيح به الاحتجاجات التي أطاحت بالحكومة. وأصبح بلامين جورانوف وهو فنان عمر 36 عاما رمزا للاحتجاجات على تدني مستويات المعيشة عندما سكب البنزين على جسده وأشعل النار في نفسه للمطالبة بإقالة رئيس بلدية فارنا كيريل يوردانوف. ولقي جورانوف حتفه متأثرا بجراحه.

ضجة في فرنسا

الى جانب ذلك وبعد الصدمة والغضب، تحاول فرنسا فهم كيف اقدم عاطل عن العمل (42 سنة) على الانتحار حرقا في خطوة نادرة في هذا البلد تعكس الياس المتزايد في مجتمع يواجه ارتفاع نسبة البطالة. وانتحر الشاب الجزائري جمال شعاب المقيم في فرنسا بشكل قانوني، حرقا امام وكالة تابعة "لبول انبلوا" الهيئة العمومية التي تدير ملفات حوالى ثلاثة ملايين عاطل عن العمل اي حوالى 10 بالمئة من اليد العاملة الفرنسية.

واعرب الرئيس الفرنسي عن "تأثره الشديد من هذا الحادث وعائلة هذا العاطل عن العمل الذي انتحر حرقا". ووقعت المأساة في نانت غرب فرنسا المدينة التي يتحدر منها رئيس الوزراء الحالي جان مارك ايرولت الذي اعرب عن ايضا عن "تاثره الشديد". وقال المسؤول في الشرطة المحلية فيليب كوساك "انه شخص غير معروف لدى اجهزتنا (الشرطة) انه جزائري الجنسية، استفاد من تصريح اقامة لعشر سنوات، انه رجل عادي كان يعيش حياة عادية في حي عادي".

وشعاب متزوج ولا ابناء له وكان مدينا لمكتب "بول امبلوا" الذي اخذ عليه عدم اعلانه انه يعمل نهاية 2012 وطلب منه تسديد ما تقاضاه مقابل العلاوات التي دفعت اليه. وقالت زوجته "لست ادري لماذا، لن اتمكن ابدا من ادراك لماذا". وقد اعرب الرجل عن نواياه الانتحارية اولا في رسالة شفهية تركها على الخط الهاتفي المخصص للعاطلين عن العمل ثم في رسالة الكترونية الى صحيفة برس اوسيان الاقليمية.

واتصل به حينها مستشارون لمساعدته على التوصل الى حلول بديلة (علاوة التضامن وتمديد مدة الدفع...) لكن دعواتهم ظلت بدون اجوبة حسب مكتب التوظيف. وقال فيليب كوساك انه تم نشر عدد من الشرطه امام مكتب التوظيف عبثا، بينما راى شهود عند الظهر وهم عاجزين "الرجل يصل راكضا والنار تشتعل فيه".

والقى عليه الشرطيون بطانية ورشوه بجهاز الاطفاء لكن بعد فوات الاوان، لان الرجل سكب على نفسه البنزين واشعل النار عند محطة الحافلة قبل ان يقطع ركضا عشرة امتار كانت بينه وبين مكتب التوظيف. وصرح وزير التوظيف ميشال سابان الذي انتقل الى مكان الحادث ان "كل شيء بذل" للحؤول دون وقوع هذه المأساة. واحتجت كارول فابر المستشارة المدربة على تويتر "ليس هناك اي دليل على تغيير النظام الاقتصادي" بينما اكدت جمعية الدفاع عن العاطلين عن العمل ان "نسبة الانتحار بين العاطلين عن العمل ستة اضعاف تلك النسبة لدى بقية السكان".

واعتبر عمدة نانت الاشتراكي باتريك ريمبير في تصريح لصحيفة ليبيراسيون ان "هذه المأساة تدل على اليأس الذي تتسبب فيه الازمة والبطالة بين بعض مواطنينا". من جانبه اعتبر العالم النفساني ميشال دبو مؤلف كتاب "الانتحار، من المحرمات الفرنسية" في تصريح لمجلة لكسبرس ان الانتحار حرقا له معنى "احتجاجي"، مؤكدا ان "الانتحار امام مكان رمزي مثل بول انبلوا وابلاغ الصحافة بذلك طريقة لاثارة المجتمع". بحسب فرنس برس.

وفي آب/اغسطس الماضي، اقدم عاطل عن العمل 51 سنة على الانتحار حرقا في مانت لاجولي عندما كان في لقاء مع مستشار هيئة اجتماعية اخرى، وهي صندوق العلاوات العائلية.

ومنذ بضعة اسابيع كثرت اعلانات شركات مثل رينو وارسيلور ميتال وغود اير في فرنسا، تبلغ عن غلق مصانع وفصل عمال مما يهدد هدف الحكومة "تغيير" تنامي البطالة وخفضها بحلول نهاية السنة.

صعيد مصر

أقدم شاب في الثانية والعشرين من عمره، من محافظة بني سويف في صعيد مصر، على إشعال النار في نفسه، بعدما فشل في الحصول على عمل، مما أدى إلى إصابته بأزمة نفسية حادة، وذكر موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، أن الشاب، ويُدعى أحمد كمال سيد، من قرية "بهبشين"، في مركز ناصر، أشعل النار في نفسه وفي محتويات المنزل الذي كان يقيم فيه، مما أدى إلى إصابته بحروق شديدة، تم نقله إلى مستشفى ناصر المركزي، إلى أنه توفي متأثراً بإصابته قبل وصوله إلى المستشفى.

وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية المعنية أن الشاب كان يمر بأزمة نفسية حادة، بعدما فشل في الحصول على فرصة عمل، وأن شقيقه، والذي يعمل "رقيب شرطة" بقسم شرطة مركز ناصر، تركه في الصباح وذهب لعمله وفوجئ بالجيران يبلغونه باشتعال النيران في منزل شقيقه في الطابق الأرضي من المنزل، فتوجه إلى هناك ليفاجأ بشقيقه وقد التهمته النيران. بحسب CNN.

وأكدت التحقيقات أن الشاب كان يعمل مزارعاً بالأجر لدى عدد من أصحاب الأراضي الزراعية، وأنه حاول الحصول على وظيفة ثابتة لكنه فشل، فأصيب بحالة اكتئاب شديدة دفعته إلى الانتحار. يأتي انتحار هذا الشاب "الصعيدي" بعد يوم من خطاب الرئيس المصري، محمد مرسي، أمام مجلس الشورى، في وقت سابق والذي أشار فيه إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية، واستعرض بعض المؤشرات "المطمئنة"، من بينها زيادة حركة السياحة، وارتفاع صافي الاحتياطي النقدي لمصر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/آذار/2013 - 18/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م