المال القطري يثير لعاب اوروبا

صفقات شرعية وغايات مشبوهة

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بات المجتمع الدولي يدرك دور واهمية المال القطري المتخم في التأثير على العديد من الملفات السياسية والاجتماعية للكثير من الدول العالم، سيما في هذا الفترة من الركود الاقتصادي والازمة المالية التي تعانيها اغلب الحكومات الغربية.

اذ نجحت قطر من خلال توظيف خزائنها الممتلئة في اشاعة ظاهرة شراء الذمم والقرارات العائدة للحكومات والشخصيات السياسية والدينية، فضلا عن دخول تلك الدويلة الصغيرة التي لا تكاد ترى على الخارطة في السوق العالمية بشكل مريب، مما اثار حفيظة معظم المراقبين لطبيعة النوايا التي تقف وراء ذلك.

حيث تقر قطر ومشايخها في كل مناسبة التفاخر بانها استطاعت اثارة القلائل والاضطرابات في اكثر من دولة عربية او افريقية، عبر تمويلها وادارتها للجماعات الراديكالية وجماعات العنف والجريمة كوسيلة ضغط او تدمير بوجه كل من يقف امام مشاريعها المشبوهة.

وتكشف التقارير الاقتصادية ان قطر تسعى بقوة الى الهيمنة على بعض المقدرات الاقتصادية في اوروبا، في محاولة مكشوفة لزيادة النفوذ والتأثير في قرارات تلك الدول، سيما ما يتعلق بالسياسة المتبعة ازاء دول ما يعرف الربيع العربي، وهذا ما قوبل بشهية مفتوحة من قبل الحكومات والانظمة الاوربية، على الرغم من معرفتها بالغايات الفاسدة لحكام قطر.

يقول احد مراسلي البي بي سي، كلهم يريدون قطعة من قطر على ما يبدو، أو على وجه التحديد، من الأموال القطرية. فمتابعو هذه الدولة الخليجية الصغيرة في المملكة المتحدة، في لندن تحديدا، أصبحوا أكثر عددا، بعد أن أصبحت شريكا في ملكية أحدث معالم لندن، برج شارد.

كما قامت بتعزيز استثماراتها من أجل استعادة بنك باركليز عام 2008 الأمر الذي ساهم في إبعاد البنك عن شبح التأميم، واستطاعت أيضا الحصول على نسبة 20 بالمئة كحصة في الشركة المالكة لمطار هيثرو.

وتتسع قائمة ممتلكات قطر، والتي يملكها صندوق الثروة السيادية الذي يدير استثماراتها، لتشمل مثلا محلات هارودز، وحصة 20 بالمئة في ملكية سوق كامدن، وحصة 26 بالمئة من متاجر سينسبري، وهي أمثلة تعرض قليلا من كثير.

وتشير التقارير الجديدة إلى أن الحكومة البريطانية تبحث الاستفادة مجددا من تلك الدولة الشرق أوسطية الغنية بالبترول والغاز، بمبلغ يصل إلى 10 مليارات جنية استرليني (15 مليار دولار) من أجل مشروعات للبنية الأساسية.

وهو التحرك الذي أشار إليه اللورد دايتون الأمين التجاري للخزانة البريطانية، حيث قال لمنتدى الاستثمار في البنية التحتية :"لقد قمنا باتصالات بالعديد من الحكومات وصناديق الثروة السيادية من أجل البنية التحتية."

وأضاف دايتون "استطاعت الاستثمارات الداخلية القوية داخل الاقتصاد البريطاني توفير أكثر من 112 ألف وظيفة في عام 2011-2012، بزيادة 19 بالمئة خلال العام الماضي، ونأمل في أن يتحسن هذا المعدل ويعمل مع المؤسسات الاستثمارية."

لكن إنجلترا ليست وحدها في مغازلة الاستثمارات القطرية، ففرنسا واليونان المثقلة بالديون تتودد إليها، خاصة وأن قطر تستثمر فعليا في مشروع التعدين الرئيسي في اليونان لاستخراج الذهب.

اذ شاركت قطر في تمويل مشروع تنمية المناطق المعدمة في فرنسا.

ففي الوقت الذي تعاني فيه العديد من الاقتصاديات الأوروبية من التعثر، فإن السيولة بالنسبة لقطر ليست قضية كبيرة، حيث يرى بعض المراقبين انها تستطيع أن تلعب دور المستثمر الاستراتيجي طويل الأمد.

فيما يرى كولين فورمان المحرر الإخباري في مؤسسة الاستشارات الاقتصادية "ميدل إيست إيكونوميك دايجست" يشير إلى الفارق بين التمويل الحكومي والتمويل الخاص "الجانب السيادي جذاب جدا كمستثمر، فأنت تتفق مع حكومة ليس لديها مشكلات اقتصادية، ولأن التمويلات المطلوبة تثير المشكلات فلا أعتقد أن البنوك الأجنبية يمكن أن تفتح أبوابها لمثل هذا النوع من التمويل."

كما استطاعت قطر من خلال جهاز قطر للاستثمار شراء نادي باريس سان جيرمان عام 2011، كما ظهرت مؤسسة قطر كراع رسمي على قمصان اللعب لنادي برشلونة الأسباني.

وجعلت الاستثمارات الداخلية في البنية الأساسية من قطر هدفا للشركات الأجنبية الباحثة عن الربح. وربما يكون الأكثر أهمية في هذا هو استضافة قطر لكأس العالم 2022، وهي البطولة التي ستستثمر فيها بكثافة لتعزيز مكانتها في أنحاء العالم، حيث يتوقع أن تصل الاستثمارات بها إلى أكثر من 150 مليار دولار (100 مليار استرليني) في مشروعات البنية الأساسية حتى بدء الحدث.

ويرى البعض ان العلاقات بين إنجلترا وقطر فريدة من نوعها والكثير من الاستثمارات القطرية في لندن تدعم البلاد سياسيا، خصوصا مع توفر هذه اللقمة السائغة من المال القطري فإن الشركات والمشروعات البريطانية تبحث عن موقع جيد لمزيد من الاستفادة.

في السياق ذاته اعربت قطر مجددا عن اهتمامها بشراء موقع هيلينيكون العقاري المميز في اثينا، وذلك بعدما سحبت في كانون الثاني/يناير ترشيحها للاستحواذ على هذا المشروع العقاري الاهم في اليونان، كما اعلنت الحكومة اليونانية. وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية سيموس كيديكوغلو لاذاعة "فيما اف ام" الخاصة ان "قطر وقعت اتفاقا سريا وتعود للمشاركة في استدراج عروض لبيع هيلينكون".

واكد مصدر في الوكالة اليونانية للتخصيص ان شركة "الديار" القطرية التابعة لجهاز قطر للاستثمار والتي تمت الموافقة على مشاركتها في المرحلة الاولى من استدراج العروض في ايلول/سبتمبر، "وقعت الاربعاء" على مشاركتها في المرحلة الثانية.

وفي منتصف كانون الثاني/يناير، اعلنت الوكالة اليونانية ان ثلاث شركات فقط هي البريطانية "لندن اند ريجيونال بروبرتيز" واليونانية "لمدا ديفلوبمنت" والاسرائيلية "البيت كوشين ليمتد" تواصل التنافس لتطوير وتجهيز هذا الموقع الشاسع الكائن في ضاحية اثينا الجنوبية. بحسب فرانس برس.

واكدت الصحافة الاقتصادية في تلك الفترة انسحاب شركة "الديار" القطرية من المشروع. لكن زيارة رئيس الوزراء اليوناني انطونيس ساماراس الى الدوحة في نهاية كانون الثاني/يناير اعادت احياء اهتمام الدولة الخليجية الغنية بالغاز للاستثمار في اليونان التي تشهد مرحلة انكماش خانقة.

واعلن رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم ال ثاني آنذاك ان قطر ستستثمر ما يصل الى مليار يورو في الشركات اليونانية الصغيرة والمتوسطة عبر صندوق استثمار مشترك مع اليونان.

وموقع هيلينيكون الواقع على الساحل الجنوبي للعاصمة اليونانية والقريب من وسط المدينة في الوقت نفسه، يمتد على مساحة 620 هكتارا، وتعادل مساحته مساحة سنترال بارك في نيويورك وهو اهم مشروع عقاري في اليونان. واستغلاله عبر اقامة مقار سكنية و/او مواقع لانشطة متنوعة سيزيد اجمالي الناتج الداخلي في اليونان، التي تعاني من مديونية ضخمة، بنسبة 0,3 بالمئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/آذار/2013 - 18/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م