العراق في عنق زجاجة... خلافات اللا عودة

 

شبكة النبأ: الخلافات السياسية في العراق والتي أصبحت إحدى أهم السمات العامة في المشهد السياسي، أسهمت وبشكل فاعل بعودة العنف الى العراق خصوصا وانه قد شهد في الفترة السابقة هدوء نسبي ، وبحسب بعض المراقبين فأن الهجمات الإرهابية المتواصلة والتي ازدادت بشكل ملحوظ في الفترة السابقة هي نتاج طبيعي للفشل السياسي والخلافات المستمرة القائمة بين بعض الإطراف والأحزاب السياسية التي تسعى الى الحصول على امتيازات ومكاسب خاصة من خلال الاعتماد على الخطاب الطائفي او القومي او غيره من الأساليب الأخرى التي تسهم بإثارة الشارع العراقي. يضاف الى ذلك وجود بعض المخططات والتدخلات الخارجية التي تعتمدها بعض دول الجوار في سبيل أضعاف وتمزيق العراق، من خلال تسهيل ودعم مهام المجاميع المسلحة التي أصبحت تعمل بغطاء رسمي في بعض المناطق بسبب دعم بعض السياسيين المشاركين في العملية السياسية. مؤكدين في الوقت ذاته على ان استمرار الخلاف او اتساع رقعه ربما سيسهم بعودة مجاميع تنظيم القاعدة خصوصا وان التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة ستساعده على إعادة بناء صوفه في بعض مناطق العراق وخصوصا تلك التي طرد منها في وقت سابق.

وفيما يخص أخر التطورات الأمنية فقد قتل 52 شخصا على الأقل وأصيب نحو 180 بجروح في هجمات متفرقة عشية الذكرى العاشرة للغزو الذي دفع البلاد نحو موجة من العنف الدامي بدل ان يحولها الى حليف ديمقراطي كما كان مخططا. وقالت مصادر أمنية وطبية ان 50 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب نحو 180 بجروح في أكثر من عشرين هجوما استهدفت مناطق شيعية في بغداد والإسكندرية والتاجي والمحمودية.

كما قتل شخص في هجوم في بعقوبة وأخر في الرمادي في يوم دام جديد في العراق يثير شكوكا إضافية حول قدرات القوات الأمنية. وقال المحلل السياسي إحسان ألشمري ان الهجمات وبعد عشر سنوات من تغيير النظام، تؤكد ان المؤسسة الأمنية لم تستطع حتى هذه اللحظة ان تكبح جماح" الجماعات المسلحة.

وقبل عشر سنوات بدأت القوات الأميركية غزو العراق لإسقاط نظام صدام حسين ملوحة بنظام ديموقراطي بديل، الا ان القصة اتخذت منحى دمويا حين فتح حل الجيش العراقي الباب امام تمرد مسلح، سني وشيعي. والحرب نفسها كانت قصيرة، اذ استمرت حتى التاسع من نيسان/ابريل قبل ان يعلن الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ان "المهمة أنجزت". الا ان ما تلاها بقي مصبوغا بالدم حتى اليوم.

فقد شنت جماعات متمردة موجات من التفجيرات والاغتيالات أغرقت البلاد في عنف طائفي قتل فيه الآلاف، وكانت شرارته الكبرى الهجوم الذي استهدف مرقد الإمامين العسكريين في سامراء شمال بغداد في 22 شاط/فبراير 2006. وخاضت قوات التحالف الدولي التي قادتها الولايات المتحدة، وساهمت بشكل أساسي فيها بريطانيا، معارك مع مجموعات مسلحة سنية وشيعية على طول البلاد وعرضها.

وتشير أرقام مواقع ومنظمات غير حكومية بينها موقع "ايراك بادي كاونت" الى مقتل ما لا يقل عن 112 ألف مدني وآلاف عناصر الشرطة والجيش منذ بداية الغزو، الى جانب نحو 4800 جندي أجنبي غالبيتهم العظمى من الأميركيين. ولم تنخفض معدلات العنف، التي تبقى مرتفعة مقارنة بالمعايير الدولية، الا بعدما زادت القوات الأميركية من عديدها بالتزامن مع تأسيس قوات الصحوة السنية والتي بدأت تقاتل عناصر تنظيم القاعدة.

والى جانب إعمال العنف، بقيت المصالحة السياسية بعيدة المنال في بلاد تعيش تنافسا على السلطة منذ ولادة النظام الجديد فيها. وتتنوع الأزمات السياسية في العراق من الخلافات المرتبطة بالمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد في الشمال، الى كيفية تقسيم عائدات النفط. وفي الوقت نفسه يواجه العراقيون يوميا نقصا كبيرا في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه النظيفة، الى جانب المعدلات المرتفعة للبطالة.

وتشهد مدن مختلفة في العراق تسكنها أغلبية سنية، تظاهرات واعتصامات يومية منذ أكثر من شهرين، احتجاجا على ما يعتبره هؤلاء "إقصاء وتهميشا" لهم من قبل الحكومة التي هم اهم المشاركين. وقد أعلن وزيرا المالية رافع العيساوي والزراعة عز الدين الدولة، الوزيران السنيان المنتميان الى قائمة "العراقية" بزعامة اياد علاوي، استقالتهما من الحكومة وأكدا تأييدهما للتظاهرات وهو ما اعتبره بعض المحللين خطوة إعلامية سبقت موعد انتخابات مجالس المحافظات.

من جانب اخر لقي عشرة أشخاص على الأقل مصرعهم، وأصيب أكثر من 16 آخرين، في هجوم بسيارة مفخخة، استهدف سوقاً شعبية مفتوحة في إحدى البلدات التي تسكنها غالبية من الشيعة، في جنوب العراق. وقالت مصادر الشرطة العراقية إن الانفجار، الذي وقع في بلدة "كرمة علي"، شمالي مدينة البصرة، جاء بعد قليل من تفجير آخر استهدف محلاً تجارياً يقع في الجزء الغربي من المدينة ذاتها، أسفر عن سقوط جريحين على الأقل، بحسب التقديرات الأولية. وتبعد مدينة البصرة، التي تُعد أكبر الموانئ البحرية في جنوب العراق، حوالي 530 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

وزادت حده العنف في الوقت الذي زادت فيه احتجاجات معارضين من السنة وحثت دولة العراق الإسلامية ذراع تنظيم القاعدة في العراق المحتجين على حمل السلاح ضد الحكومة. ويقول خبراء أمن إن متشددين على صلة بتنظيم القاعدة يعيدون تنظيم صفوفهم في محافظة الأنبار ويعبرون الحدود إلى سوريا للقتال إلى جانب مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الرئيس السوري بشار الأسد.

من جانب اخر ذكر مصدر في شرطة كركوك، أن أربعة أشخاص بينهم شرطي أصيبوا بانفجار سيارة مفخخة جنوب غربي المدينة. وانفجرت السيارة المفخخة ، في ساحة الاحتفالات جنوب غربي المدينة، لدى مرور دورية لشرطة الطوارئ، مما أدى إلى إصابة أحد أفراد الدورية وثلاثة مدنيين كانوا بالقرب من موقع الانفجار".

على صعيد متصل قالت الشرطة العراقية إن مسلحين نصبوا كمينا لحافلة تقل مجموعة من مجنديها كانوا في طريقهم إلى مركز تدريب شمالي العاصمة بغداد مما أسفر عن مقتل تسعة بينهم ثمانية من المجندين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور عن الهجوم غير أن المتمردين السنة يكثفون جهودهم العام الجاري لتقويض الحكومة العراقية وإثارة صراع طائفي.

وكان 11 مجندا عراقيا غير مسلحين يتوجهون من مدينة الموصل الشمالية إلى مركز تدريب عندما اعترض مسلحون يستقلون سيارتين طريقهم وفتحوا النار على حافلتهم الصغيرة في قرية على مشارف بلدة التاجي التي تبعد مسافة 20 كيلومترا من بغداد. وقال النقيب مقدام علي إن إطلاق النار على الحافلة كان كثيفا مما أسفر عن مقتل ثمانية مجندين على الفور إلى جانب السائق بينما أصيب اثنان آخران بجروح خطيرة.

في السياق ذاته أكد وزير العدل العراقي حسن الشمري ان تنفيذ أحكام الإعدام سيستمر و"لن يوقفه شيء"، وذلك بعد هجوم دام استهدف وزاته وقتل فيه 30 شخصا، وقال الشمري في تصريحات سنستمر في عمليات الإعدام ولن يوقفنا أي شيء. وكان العراق نفذ العام الماضي 129 حكما بالإعدام على الأقل، مقابل 68 في 2011، وفقا لأرقام وزارة العدل.

واستهدفت وزارة العدل العراقية بهجوم منسق بدأ بتفجير سيارة مفخخة أمام الباب الرئيسي للوزارة قبل ان تقتحهما مجموعة من المسلحين وتشتبك مع قوات الأمن داخلها. وبعد ان أوضح ان الهجوم أدى الى سقوط ثلاثين قتيلا وخمسين جريحا، اكد ان هذه العملية الإرهابية كانت اكبر من القدرات الأمنية لوزارة العدل". وتبنى تنظيم دولة العراق الإسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، الهجوم الذي استهدف الوزارة. وفي بيان نشر على منتديات جهادية أعلن التنظيم ان عملية "دك وزارة العدل" جاءت "ضمن سلسلة العمليات النوعية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/آذار/2013 - 13/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م