حوادث المرور... اسلوب آخر للموت في العراق

 

شبكة النبأ: تعرّض العراقيون لاسباب كثيرة للموت وفقدان الحياة، وكان أكثرها شيوعا، الموت بسبب الحروب، والامراض الوبائية التي انتشرت بسبب الحصارات وضعف المنظومة الصحية، وكذلك الموت الذي تنتجه ماكنة الارهاب منذ عشر سنوات، كل هذه الانواع والمسببات المتنوعة لانتاج الموت، جعلت العراقيين يعيشون حالات مميتة يوميا وبصورة متصاعدة.

هناك اسلوب آخر للموت له حصة أخرى لا يستهان بها، تدل على حصد مئات الارواح من خلال حوادث الطرق الكثيرة المتصاعدة على نحو ملحوظ، الامر الذي يؤكد وجود خلل واضح في التعامل مع هذه الحوادث اليومية المدمرة، والخلل يحدث من لدن الجهات المعنية، ومنها دوائر ومديريات المرور المسؤولة بالدرجة الاولى، عن تنظيم السير وضبط السرعة في قيادة السيارة، فضلا عن التطبيق السليم للقيادة الآمنة للمركبة الخاصة او العامة، الصغيرة أم الكبيرة.

ان مديريات المرور لم تعد كما كانت بمثابة الجهة الرادعة للسائق الذي لا يستخدم الطريق بصورة صحيحة، كما انها اخذت تهمل تطبيق الضوابط والقوانين والتعليمات التي تحد من حوادث المرور بنسبة كبيرة، وابسطها واهمها على سبيل المثال ارتداء حزام الامان، فالملاحظ على جميع السيارات الخاصة والعامة، ان الذي يستخدم حزام الامان ويربطه حول جسمه، هم سائقو السيارات فقط، كما ان نسبة السائقين الذين يربطون الحزام قليلة جدا، قد لا تتجاوز الواحد بالمئة، بمعنى ان هناك حالة شائعة بين العراقيين، تدل على ان الراكب غير مشمول بربط حزام الامان، كما ان رجل المرور لا يحاسب الراكب على عدم ارتدائه للحزام، فضلا عن عدم محاسبة اصحاب السيارة اصلا، أي السائق.

وهكذا تسود حالة اللامبالاة ازاء التعامل مع المخاطر الكبيرة لحوادث المرور، سواءا من لدن الناس انفسهم، أو من لدن رجال المرور والمديريات التي تعنيها هذه الحوادث، لذلك اصبحت حوادث المرور منفذا آخر للموت الذي يحصد ارواح العراقيين، على نحو متصاعد، والسبب الاول هم رجال المرور ومديرياتهم لأنهم يتهاونون في تطبيق القانون الذي يحقق درجة من الامان للسائق والركاب معا.

وهناك جهات رسمية اخرى لها دور في المخاطر التي يتعرض لها الناس في الشوارع، وهي مديريات الطرق والجسور والبلديات، التي غالبا ما تغض الطرف على سلامة الشوارع التي يستخدمها الناس، للوصول الى اعمالهم او السفر بين المحافظات او خارج البلاد، فحتى الطرق السريعة التي تتمتع بمواصفات عالمية من حيث درجة الامان، اصبحت بسبب الاهمال مكمن خطر داهم، يهدد ارواح العراقيين، حيث العبث في هذه الطرق وسرقة أسيجة الامان المنصوبة على الجوانب او في وسط هذه الطرق، من اجل زيادة الامان، وهكذا يكون الخطر الذي يتسبب للسيارات وحافلات نقل الركاب حاضرا على الدوام، علما ان هذه الجهات البلدية هي المسؤولة عن طبيعة الطرق وملاءمتها للسير الآمن، ولكنها ايضا تتعامل بحالة من اللامبالاة والاهمال المتواصل، الامر الذي يجعل الطرق سببا آخر للحوادث، وحالات الموت المتصاعدة بين العراقيين.

لذلك مطلوب اتخاذ اجراءات فورية فاعلة، تحد من مخاطر المرور على ارواح الناس، ويمكن ان يتحقق هذا من خلال عدة خطوات يجب اتخاذها من لدن الجهات المعنية ومنها على سبيل المثال:

- ان يتم تطبيق تعليمات الامان وقوانين المرور بخصوص السلامة، بصورة تامة لا تقبل التهاون مثل ربط الحزام اثناء السير، وينبغي ان تشمل السائق والراكب على حد سواء، ولا يتم التركيز على السائق فقط لان الارواح متساوية في القيمة الانسانية، كما ان الراكب معرض لخطر حوادث السير بنفس الدرجة التي يتعرض لها السائق.

- أن تفرض غرامات فرية على المخالف دونما تهاون، ويشمل هذا المارة الذين لا يعتمدون المناطق المخصصة لعبور الشوارع كما كان معمولا في الستينات والسبعينات حينما كان يتم تغريم المخالف مبلغ 5 دينار آنذاك وبصورة فورية.

- ان تقوم مديريات البلديات والطرق والجسور بواجبها، في تأمين الطريق وتأهيلها بما يجعلها صالحة للاستخدام الآمن، ومنها نشر علامات المرور والتنبيه والمنع والسماح، وما الى ذلك من امور تساعد على نسبة اعلى من سلامة المواطنين.

- أن تشترك جميع الجهات المعنية بنشر ثقافة مرورية آمنة، من خلال وسائل الاعلام المتاحة، ويمكن ان تكون الطرق والتقاطعات اماكن مناسبة لتعليم الناس، وتوجيههم من خلال مكبرات الصوت، واطلاق التعليمات التي تساعد على التقليل من نسب الحوادث المميتة.

- أن يتم استثمار الشباب عموما وطلبة المدارس، في نشر ثقافة مرورية آمنة، من خلال العمل الطوعي، حيث يقوم الطلبة بتنبيه وتوعية الناس على الاستخدام السليم للشارع، من اجل تقليل الحوادث المرورية القاتلة، فضلا عن القضاء على الفوضى في استخدام الطرق خارج وداخل المدن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آذار/2013 - 12/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م