حروب الغاز... موارد غنية وسياسات استراتيجية

 

شبكة النبأ: باتت الموارد الطبيعية مصدر توتر رئيسي بين معظم دول العالم وخاصة الدول الصناعية، حيث تعتمد معظم البلدان المتقدمة على هذه الموارد وفي مقدمتها الطاقة الغازية في عدة مجالات أبرزها الصناعة والاقتصاد، إذ ان الحاجة العالمية الملحة في مجال لتنمية الاقتصادية مع توسع السكان الى سبعة مليارات نسمة وغيرها من الضروريات الحياتية الأخرى، يدفع الطلب على الطاقة الغازية الى معدلات لم يعرفها العالم قط من قبل.

وهذا ما يدفع بجميع الدول الى الدخول في مارثون البحث عن مصادر هذه الطاقة والى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة تضمن استثمارها بصورة إستراتيجية تدعم الاقتصاد. فقد أصبحت الطاقة الغازية اليوم مطلباً أساسياً وحتمياً لمعظم دول العالم، وان الموارد الغازية في العالم مهددة نتيجة لارتفاع الطلب عليها لأغراض متعددة، منها تتعلق بالصناعة والزراعة والتكنولوجيا وغيرها العديد من الأغراض الاخرى، وهذا ينذر بنشوب "حرب الغاز" في السنوات المقبلة من القرن الحالي.

وعلى سبيل المثال فبعد طول تأجيل والضغوط الأمريكية متواصلة على باكستان للعدول عن مشروع بناء خط أنابيب لنقل الغاز بينها وبين إيران، وتعارض الولايات المتحدة بشدة هذا المشروع إذ ترى أنه ينتهك العقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية التي تشك واشنطن في أنها تهدف لتطوير أسلحة نووية. وتنفي إيران ذلك.

مما وضع باكستان في مشكلة في الوقت الذي هي في أمس الحاجة للمساعدات الأمريكية التي تصل إلى مليارات الدولارات الى جانب الحاجة الى الطاقة. بينما تعول قبرص الغارقة في ازمة اقتصادية خانقة ومستفحلة آمالها بما سيدر عليها الغاز الطبيعي المكتشف قبالة سواحلها لاستعادة طريقها نحو الازدهار.

في حين اثار وجود حقول نفطية بحرية في لبنان توترات مع اسرائيل لان البلدين في حالة حرب ويتنازعان ترسيم الحدود البحرية في ما بينهما. وعليه فأن التطورات الأخيرة على هذا الصعيد تظهر مؤشرات قوية لحروب إستراتيجية بين البلدان النفطية مما قد يخلق أزمة اقتصادية تمهد لصراعات إستراتيجية عالمية في المستقبل القريب.

غاز مشترك بين باكستان وايران

فقد اطلق الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ونظيره الباكستاني آصف علي زرداري اعمال بناء الجزء الباكستاني من مشروع انبوب غاز مشترك خلال حفل جرى على الحدود بين البلدين.

وازاح الرئيسان الستارة عن لافتة قرب شاباهار (جنوب شرق ايران) في موقع الورشة التي تقدر كلفتها بحوالى 7,5 مليار دولار. وحضر اعضاء من الحكومتين وكذلك وزير الطاقة الاماراتي محمد بن ظاعن الهاملي بحسب وسائل اعلام ايرانية.

وقال الرئيسان كما نقلت عنهما وسائل الاعلام ان "انجاز انبوب الغاز هذا في مصلحة السلام والامن وتقدم الامتين (...) وسيقوي العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية" بينهما.

وتطور ايران، التي تملك ثاني احتياطي عالمي من الغاز، سريعا انتاجها وهي بحاجة لتصديره في حين ترزح تحت وطأة حظر نفطي غربي ادى الى خفض صادراتها النفطية بمعدل النصف منذ مطلع 2012. وباكستان التي تحتاج الطاقة بشدة تعتزم انتاج 20% من الكهرباء بفضل الغاز الايراني.

كما تخطط ايران لبيغ الغاز للعراق وسوريا. وقد قررت الدول الثلاث في 2011 انشاء انبوب للغاز بدأت اعمال بنائه في الجانب الايراني، ولدى ايران ايضا مشروع لاسالة الغاز لتصديره بالسفن وهي وسيلة النقل الاكثر مرونة وملاءمة بسبب الحظر الدولي المفروض على طهران.

احتياطي جزر القمر

في سياق متصل صرح الرئيس السابق لجزر القمر احمد عبد الله محمد سامبي ان دراسات طبقات الارض التي اجريت في 2011 اشارت الى وجود احتياطات من النفط والغاز اكبر من تلك الموجودة في قطر.

وقال الرئيس السابق ان "النتائج الاولية واعدة"، واضاف ان جزر القمر تملك احتياطات هائلة من النفط والغاز اكبر على الارجح من تلك الموجودة في قطر، الى درجة ان مجموعات نفطية كبرى من بينها شل وبريتش بتروليوم عرضت استثمارها، مؤكدا انه مؤشر جيد.

واشار بسخرية الى ان بين الشركات الفرنسية الف توتال، مذكرا بان هذه الشركة كانت ردت عليه برسالة في 2006 بان دراساتها تفيد ان "المنطقة تتسم لسوء الحظ بغياب" النفط لانها "تأثرت ببركان" قديم.

على الصعيد نفسه قال وزير الطاقة القطري إن قطر اكتشفت حقلا بحريا صغيرا يحوي نحو 2.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في أول كشف من نوعه للبلد العربي الخليجي منذ عام 1971، وأبلغ الوزير محمد السادة مؤتمرا صحفيا في الدوحة أن الكشف تم في الرقعة البحرية 4-شمال قرب حقل الشمال القطري العملاق وقام به كونسورتيوم يضم فينترشال الألمانية وميتسوي اليابانية.

وحقل الشمال القطري هو أضخم حقل للغاز الخالص في العالم ويحوي نحو 900 تريليون قدم مكعبة في حين لا يشكل الحقل الجديد سوى 0.28 بالمئة من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد. بحسب رويترز.

قبرص تعلق آمالها على الغاز الطبيعي للخروج من ازمتها

من جانب آخر قال وزير الطاقة القبرصي إن الجزيرة المتعطشة لايرادات احتياطياتها المكتشفة حديثا من الغاز الطبيعي تأمل في أن تبدأ الصادرات بحلول 2018 وتستهدف التصدير لزملائها في الاتحاد الأوروبي.

فعلى الساحل الجنوب للجزيرة القريب من شواطىء مدينة ليماسول، وضعت السلطات آمالها في ارض بور محصورة بين محطة كهربائية وقاعدة عسكرية بحرية. وفي هذا الموقع سيشيد مصنع ضخم لتسييل الغاز الذي من شأنه ان يدر عائدات تقدر بمئات مليارات الدولارات.

وفي حين تعيش الجزيرة على وقع ازمة اقتصادية غير مسبوقة وتعول على مساعدة دولية للخروج من النفق المظلم، قال وزير الصناعة نيوكليس سيليكيوتيس ان "على دائنينا ان يدركوا ان هذا الاقتصاد له افاق وما من شك ان الدين سيكون ضمن نطاق السيطرة مع وجود امكانية استخدام ثروتنا الطبيعية".

وقد اعلنت المجموعة النفطية الاميركية نوبل اينيرجي العام الماضي انها اكتشفت تحت المياه القبرصية حقلا -- اسمته افروديت -- قد يحتوي حتى 224 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي على بعد بضعة كيلومترات من حقلي الغاز الاسرائيليين الضخمين ليفياثان وتامار.

واكد تشارلز ايليناس رئيس الشركة الوطنية القبرصية للهيدروكربورات (كريتيك باليونانية) المكلفة ادارة وتطوير الثروة الجديدة في الجزيرة "ما زال هناك الكثير من العمل لنثبت وجود الغاز، لكننا متفائلون جدا"، واضاف ايليناس ان مصنع فاسيليكوس الذي يطمح لمعالجة الغاز القبرصي وايضا المستخرج من المياه الاسرائيلية واللبنانية، يهدف في البداية الى انتاج 5 ثم اكثر من 15 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.

حول احتياط المحروقات في  لبنان

الى ذلك اطلق لبنان دراسة المسوحات الزلزالية الثنائية الأبعاد للتنقيب عن النفط والغاز في الاراضي اللبنانيية التي قد تحول البلد، بحسب وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، الى مركز نفطي اقليمي.

وقال الوزير باسيل للصحافيين في بيروت "توصلنا إلى اتفاق مع شركة سبكتروم يقضي بمسح بري ثنائي الأبعاد يمتد على مسافة 500 كلم وتم تحديد هذه المسافة بطريقة تضمن تخطي المسافات التي تم حفرها بين عامي 1947 و1968، وبهدف تحسين تقديراتنا الخاصة بمشاريعنا المتعلقة بالمسح البري، ما يسمح لنا لاحقا باطلاق عملية التلزيم للمشاريع البرية بعد تحضير القوانين اللازمة وإصدارها".

واضاف "يسرنا ان نتشارك باطلاق عملية المسح البري النفطي لشركة سبكتروم في لبنان. نجحنا خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة باصدار قانون الموارد البترولية في المياه البحرية والمراسيم الضرورية لبدء عمليات الإستكشاف والتنقيب والقيام بدراسة ثلاثية وثنائية الأبعاد للبيانات الزلزالية في مياهنا الإقليمية".

شركة البوتاس العربية

الى ذلك تجري شركة البوتاس العربية التي تملك الحكومة الاردنية نحو ثلث اسهمها، اتصالات لبحث امكانية استيراد الغاز من اسرائيل لخفض كلف الانتاج، حسبما افادت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الاردنية.

وقالت الوزارة في بيان ان "اتصالات تجري حاليا بين شركة البوتاس العربية ونظيرتها في اسرائيل من خلال شركة +نوبل+ الاميركية حول امكانية استيراد الغاز المتاح في منطقة البحر الميت (50 كلم غرب) كوقود رخيص ونظيف لمصانع الشركة الموجودة في منطقة البحر الميت"، وشهدت كميات الغاز الموردة الى الاردن من مصر تقلبا وتراجعا كبيرين في الاونة الاخيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آذار/2013 - 11/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م