الفضاء.. أسرار ومغامرات ومخاطر

 

شبكة النبأ: استكشاف ومعرفة أسرار الفضاء اصبح اليوم من أهم الأمور خصوصا بعد النتائج المثيرة والمذهلة والإخطار المتوقعة التي توصل إليها علماء الفلك من خلال بحوثهم ودراساتهم المستمرة.

 وبحسب بعض المتخصصين فأن تلك الدراسات والنتائج ربما ستسهم بتفادي بعض الإخطار والكوارث الغير متوقعة التي قد تؤثر على الحياة البشرية، وفي هذا الشأن فقد أفاد تقرير بريطاني بأنه إذا تعرضت الأرض لعاصفة شمسية قوية، فإن "أضرارها قد تمثل تحدياً الا انها لن تكون كارثية". وقيمت هيئة من الخبراء التابعين للأكاديمية الملكية للهندسة في بريطانيا مدى جاهزية دول مثل بريطانيا لمواجهة كميات كبيرة من الانبعاثات والجسيمات التي تطلقها الشمس. واشار هذا التقريرالى ان "إمكانية حدوث بعض الأعطال في بعض المناطق، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي".

واضاف التقرير ان "خلال هذه العاصفة الشمسية القوية ستتأثر بعض النظم التي تعتمد على الإشارات الزمنية في نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي اس) وستحتاج الى الاستعانة بمذبذبات احتياطية لبضعة ايام، كما أن خدمات الطيران قد تتأثر نتيجة للتشويش الذي ستتعرض له الاتصالات التي تعتمد عليها الأنظمة الإلكترونية. وبحسب التقرير، فإن الخبراء يؤكدون أن الاختبار الحقيقي للدول المعرضة لهذه العاصفة هي قدرتها على تحمل مجموعة كبيرة من المشاكل في آن واحد.

وقال بول كانون، المشرف على هذا التقرير"إن هذه العاصفة يمكن أن تقارن بانفجار بركان آيسلندا عام 2010، أو ما شابه ذلك، حيث ستواجه الحياة اضطرابات لبعض الوقت، إلا أنه يمكننا مواجهتها". ويمكن أن يكون لهذا الجو الفضائي عدد من التأثيرات على البنى التحتية الحديثة، بداية من الأعطال التي تصيب الإلكترونيات في السفن الفضائية وانتهاء بالتشويش الذي قد يسمع في موجات البث لمحطات الراديو.

أما ما يقلق هيئة الخبراء فعليا فيتمثل في التأثيرات التي قد تنتج عن الانفجارات الضخمة. وقد لجأت الهيئة إلى ما يعرف باسم "عاصفة كارينغتون" التي حدثت في سبتمبر/أيلول من عام 1859 للقياس عليها. فأثناء ذلك الانفجار، نتج عن اصطدام الجسيمات الشمسية بالغلاف الجوي ظهور شفق كبير في مناطق مختلفة من العالم.

وتوصل الخبراء إلى أن عاصفة شمسية قوية قد تحدث ارتفاعا في درجات حرارة المعدات ما من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى إعطاب المحولات الكهربائية وتوقفها. كما أنه لا يوجد شك في أن تأثيرا ما سيقع على الأقمار الصناعية أيضا جراء العاصفة. إلا أن كيث رايدن، وهو أستاذ علم في مركز هندسة الفضاء بجامعة "ساري" وأحد المشاركين في كتابة ذلك البحث، أكد أن الأقمار الصناعية مصممة بطريقة تمكنها من مواجهة تلك الظروف في الفضاء. وقال رايدن: "يأخذ مهندسو الفضاء بالغ احتياطاتهم أثناء عملهم على تصميم مثل تلك الأقمار".

إلا أن ثمة قلق من أن تتأثر خدمة نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي اس)، كما أن هناك منشآت تستخدم الإشارات الزمنية التي تبثها السفن الفضائية الأمريكية لكي تعمل على ضبط شبكاتها. ومع تعرضها لعاصفة شمسية، يمكن لهذا البث أن ينخفض أو يتلاشى لأيام جراء تعرضه لبعض الاضطرابات في الغلاف الأيوني.

لذا، فقد أوصت هيئة الخبراء بأن من يعتمدون على التوقيت من خلال نظام "جي بي اس" سيحتاجون لأن يكون لديهم مذبذبات احتياطية، كما أوصتهم بأن يلجأوا إلى شبكات الهواتف الثابتة والمحمولة عند حدوث ذلك. إلا أنها حذرت من أن مواصفات تقوية أنظمة الجيل الرابع الجديدة للهواتف المحمولة لن تتمتع بالقدرة المطلوبة لمواجهة تلك العاصفة.

واشار التقرير الى ان "انقطاع خدمة نظام الـ جي بي اس سيكون له تبعات على حركة الملاحة البحرية والجوية. كما قد تتسبب الاضطرابات التي ستشهدها الأقمار الاصطناعية واتصالات الراديو في أن يواجهوا بعض المشاكل أيضا". إلا أن هيئة الخبراء أكدت وجود بدائل لمواجهة هذه المشكلة، وخاصة قطاع الملاحة الجوية، وذلك يتمثل بوضع أجهزة استشعار على متن الطائرات والسفن حتى يتمكنوا من تتبع الخلل الذي قد يحدث للأنظمة الإلكترونية على متن تلك المركبات ومن ثم فهمها.

فعلى سبيل المثال، تواجه الأنظمة الإلكترونية الموجودة على متن الطائرات بعض المشكلات التي تحدثها جزيئات النيوترون المنهمرة من خلال الغلاف الجوي العلوي أثناء حدوث عاصفة ما. كما أن المشكلة الأخرى فيما يتعلق بمسألة الطيران تتمثل في تزايد الإشعاع الذي قد يتعرض له طاقم الطائرة والمسافرون جراء عاصفة شمسية قوية

على صعيد متصل اعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روغوزين، أن "تأسيس منظومة دولية واقية لمواجهة سقوط الأجسام الكونية على الأرض يستلزم توحيد الجنس البشري بأكمله،" في دعوة روسية تأتي عقب سقوط نيازك في منطقة الأورال ومخاوف نجمت عن احتمال كويكبات بكوكب الأرض.

ولفت روغوزين في تصريحات أوردتها وكالة أنباء "نوفوستي" إلى أن العالم "بصدد خطر يستدعي اتحاد الجنس البشري في مواجهته"، موضحا أن "نظام الدفاع الفضائي الحالي لا يستطيع رصد النيازك التي تقترب من الأرض، وذلك لأن هذا النظام إنما يتتبع مسارات الصواريخ المنطلقة من الأرض."

وأكد أن "صنع النظام الذي يستطيع رصد مثل هذه الأجسام الخارجية يستلزم تعاونا من جانب دول أخرى." وتأتي الدعوة الروسية عقب سقوط زخات من النيازك في منطقة الأورال وأدى الانفجار القوي لإحداها إلى تحطم نوافذ المباني وإصابة المئات بجراح، وبعد أن أخطأ كويكباً مساره نحو الأرض ووسط مخاوف وترقب للمذنب"ابوفيس.

تضاؤل الآمال

في السياق ذاته تبددت آمال ظلت تراود العلماء في ان رصد جسيم بوزون هيجز - الذي نشأ عنه الكون في اعقاب الانفجار العظيم - في الصيف الماضي سيفتح المجال عما قريب أمام ارتياد عوالم اخرى في مجال الفيزياء. وقال علماء في الفيزياء إن اوراقا بحثية أشارت الى جسيم بوزون باعتباره مجرد الحلقة المفقودة في جهود علمية لفك طلاسم الكون تبذل على مدار 30 عاما. وقالت عالمة الفيزياء بولين جانيون التي تعمل في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) قرب جنيف والتي يوجد بها مصادم الهدرونات الكبير الذي كشف النقاب عن بوزون هيجز "تتضاءل أمامنا الفرص أكثر وأكثر بأننا في سبيلنا لرصد شيء آخر مثير عما قريب."

وهذا الاكتشاف الذي تداوله العلماء بعد تحليل كم هائل من البيانات في مصادم الهدرونات خلال السنوات الثلاث المنصرمة يبدد اي فرصة قبل عام 2015 بشأن تقديم تفسيرات مثيرة وجديدة عن موضوعات مثل المادة المعتمة او نظرية التناظر الفائق. والمادة المعتمة في علم الفيزياء الفلكية تعبير أطلق عن مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها والتي بدونها لا تستقيم حسابيا العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات.

ويرجح ان المادة المعتمة تشكل حوالي 25 في المئة من مادة الكون الكلية فيما تمثل الطاقة المعتمة التي يعتقد أنها مسؤولة عن اتساع الكون واستمرار حركته حوالي 70 في المئة من كتلة الكون. اما نظرية التناظر الفائق فقد تنبأت بأنه مقابل كل جسيم معروف يوجد جسيم آخر غير مرئي أكبر منه يسمى الشريك الفائق وهو في صورة مادة خفية.

وتتضمن أضخم تجربة علمية في العالم في سيرن في أحداث تصادم بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين في مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا في مصادم الهدرونات الكبير وبكم طاقة هائل لمحاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون منذ 13.7 مليار عام. بحسب رويترز.

ويركز العلماء في تجاربهم المستفيضة هذه على التعرف على كيفية نشوء المادة وما يعرف بضديد المادة وما اذا كان هناك وجود لما يعرف باسم بوزون هيجز وهو جسيم افتراضي قال عالم الفيزياء الاسكتلندي بيتر هيجز قبل ثلاثة عقود من الزمن انه يساعد على التحام المكونات الاولية للمادة ويعطيها تماسكها وكتلتها. وكان بعض العلماء يتعشمون في ان يمثل اكتشاف بوزون هيجز فتحا في علم "الفيزياء الجديدة" في ظل اعتقاد بانه اسهم في تكون النجوم والكواكب والمجرات من مخلفات المواد المنشطرة من الانفجارات ومن ثم نشأة الحياة على كوكب الارض وربما في عوالم اخرى مجهولة.

المذنب بان-ستارز

من جانب اخر وصل أول مذنب من بين اثنين في طريقهما نحو الشمس هذا العام الى أقرب نقطة من الارض يوم الثلاثاء وسيمكن رؤيته في نصف الكرة الشمالي. وتمكن عشاق متابعة الاجرام السماوية في نصف الكرة الجنوبي من رؤية المذنب بان ستارز طوال أسابيع وقت الشفق حتى بدون منظار أو تلسكوب. وأصبح المذنب على بعد 161 مليون كيلومتر من الارض.

وكتب المصور مايكل وايت من ماناواتو في نيوزيلندا تعليقا مصاحبا لصورة مذهلة للمذنب نشرت على موقع (سبيس ويذر) على الانترنت يقول "بينما كان المذنب بان ستارز يستقر على الافق الجنوبي الغربي .. كان يمكن رؤية رأسه بالعين المجردة." واكتشف مركز المسح التلسكوبي للرؤية الشاملة ونظام الرد السريع (بان-ستارز) في هاواي المذنب المعروف رسميا باسم (سي/2011 إل4) في يونيو حزيران عام 2011 .

ويعتقد ان المذنب بان ستارز يزور الارض لاول مرة منذ ان طرد بفعل الجاذبية من سحابة أورت التي تحيط بالمجموعة الشمسية وسميت على اسم عالم الفلك الالماني جان أورت الذي توصل الى وجود هذه السحابة الدائرية الضخمة على حافة النظام الشمسي التي تمتد لمسافة ثلاث سنوات ضوئية وتعتبر المصدر الرئيسي للمذنبات.

وقال موقع (سبيس ويذر) SpaceWeather.com "قال المتابعون في نصف الكرة الجنوبي ان المذنب يمكن رؤيته بالعين المجردة حتى وسط أضواء المدينة... قد يصبح المذنب اكثر لمعانا مع تحركه باتجاه نصف الكرة الشمالي." وقال معهد الفلك بجامعة هاواي في بيان صحفي "حتى تراه .. ستحتاج الى مكان رؤية بلا عوائق أو سحب باتجاه الافق الغربي.

يفضل ان تختار نقطة مظلمة بعيدا عن أضواء الشارع." وسيمكن رؤية المذنب في اتجاه غروب الشمس بعد اختفائها خلف الافق. وربما يصعب الشفق وضوء القمر من الرؤية. وبحلول نهاية الشهر سيظهر المذنب بان ستارز في الناحية الشرقية من السماء قبل قليل من شروق الشمس لكنه سيكون بعيدا عن الشمس والارض وخافتا. ومن المتوقع ان يقترب مذنب اخر من الارض في نوفمبر تشرين الثاني اذا لم تدمره الشمس. ويحتمل ان يظهر هذا المذنب المسمى (آي.إس.او.إن) لامعا مثل قمر مكتمل وربما يمكن رؤيته اثناء النهار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/آذار/2013 - 9/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م