الذهب الأسود في العراق... طموحات متأرجحة نحو المستقبل

 

شبكة النبأ: بعد ثلاثين سنة من النزاعات وانعدام الاستقرار لتحقيق نمو سريع في انتاج ثروة العراق من النفط والغاز، يحاول قطاع الطاقة العراقي اليوم النهوض مجددا، ويأمل هذا البلد الذي يملك ثالث احتياطي من النفط في العالم، في ان يؤدي تطوير صناعة الذهب الاسود الى زيادة صادراته النفطية وتنويع منافذه.

ليرتقي بالمجال الاقتصادي نحو نموا وازدهارا يضعه ضمن البلدان المزدهرة اقتصاديا، لكنه يأتي بمصاف الدول الاكثر اضطرابا على هذا الصعيد، وذلك لعدة اسباب جوهرية أبرزها الفساد والنزاع الطويل الامد بين الحكومة المركزية ببغداد وحكومة كردستان، بشأن مستحقات الشركات النفطية العاملة في الاقليم، فضلا عن ضعف البنية التحتية وانتهاج السياسية البيروقراطية.

فيما شكلت أزمة الميزانية أحدث حلقة في نزاع طويل الأمد بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي بشأن كيفية استغلال رابع أكبر احتياطيات من النفط في العالم وتقسيم الإيرادات.

وقد تؤخر هذه الأزمة مشروعات كبيرة للبنية التحتية ومدفوعات للسلطات الإقليمية في الدولة العضو في أوبك.

في حين تمثل صادرات وعقود النفط في قلب نزاع أوسع نطاقا بين حكومة بغداد التي يقودها العرب وإقليم كردستان حيث يتولى الأكراد إدارة شؤونهم، فبعد تسعة أشهر من انسحاب القوات الأمريكية من العراق لا يزال النزاع بشأن عقود النفط جزءا من خلاف سياسي عميق الجذور بين الجانبين، حيث تفاقمت تلك التوترات بسبب توجه عدد من الشركات النفطية الاجنبية الى تعامل مباشرة مع حكومة الإقليم دون طلب موافقة الحكومة المركزية.

وترددت تكهنات في الأشهر الأخيرة بأن شركة إكسون تدرس الانسحاب من حقل غرب القرنة 1 البالغة قيمته 50 مليار دولار والواقع في جنوب العراق بعد أن وقعت اتفاقات لست مناطق نفطية مع حكومة إقليم كردستان، وتحاول بغداد إقناع اكسون بالاستمرار في المشروع ما يمثل معضلة للشركة الأمريكية.

فمازالت الخلافات السياسية والوضع الأمني ومشكلة الحكومة مع إقليم كردستان تشكل ابرز العقبات امام الطموحات النفطية للعراق، ففي ظل السباق والنزاع على نفط العراق المستمر، تتجدد بدورها مخاوف العراقيين على نفطهم من الضياع، فضلا وجود ثغرات في الدستور وغياب قانون النفط والغاز، مما يبقى الصراع على النفط مأزق متأرجح في المستقبل. 

على صعيد آخر شكل تصدير الموارد النفطية لبعض الدول العربية كالأردن ومصر منفذا جديدا يساهم تنمية الاقتصاد، لذا يرى أغلب المختصين بأنه ينبغي على العراق بذل الجهد الأكبر خلال العقد الحالي من خلال الاستثمارات الاقتصادية العالمية في هذا المجال، لكي يواصل الذهب الاسود العراقي مسيرته المـتألقة على المدى القريب والبعيد.

في سياق متصل اعلن وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي ان العراق يخطط لاستثمار حوالي 175 مليار دولار في القطاع النفطي خلال السنوات الخمس المقبلة حتى يبلغ انتاجه تسعة ملايين برميل يوميا، وقال لعيبي ان "الوزارة من خلال تعاقداتها خلال السنوات الثلاث الماضية حققت ارقاما انتاجية كبيرة وسيبلغ الانتاج في الفترة المقبلة تسعة ملايين برميل يوميا"، واشار الى ان "هذه الخطة ستحقق عوائد بحدود 600 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة".

ووقعت وزارة النفط خلال جولات التراخيص السابقة عقودا مع شركات عالمية لتطوير عشرة حقول كبيرة، ويسعى العراق الذي ينتج حاليا 2,9 مليون برميل يوميا، الى انتاج حوالى 12 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات، ما سيجعله ثاني منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك).

على الصعيد نفسه تقول كردستان إن لها مستحقات تزيد على أربعة تريليونات دينار عراقي أو 3.5 مليار دولار لتغطية التكاليف التي تحملتها شركات النفط العاملة هناك على مدى السنوات الثلاث الماضية لكن بغداد ترفض تلك العقود وتقول إنها غير قانونية ولم تخصص سوى 750 مليار دينار عراقي (644.33 مليون دولار).

وقال مؤيد طيب المتحدث باسم الكتلة الكردية في البرلمان العراقي إن المحادثات بشأن مدفوعات شركات النفط وصلت إلى طريق مسدود واصفا موقف بغداد بأنه تكتيك لتخويف شركات النفط التي يجذبها الوضع الأمني الأفضل وشروط التعاقد في الشمال.

في المقابل قال عباس البياتي العضو الشيعي في البرلمان من ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي إنه ليس من حق الأكراد الحصول على مدفوعات لأنهم لم يساهموا بحصتهم العادلة في الصادرات الوطنية.

على صعيد آخر نقلت وسائل إعلام رسمية عن وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي قوله إن تركيا أبلغت العراق أنها سترفض مد أي خطوط أنابيب للنفط والغاز من كردستان بدون موافقة حكومة بغداد.

وقال اشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في كردستان العراق في وقت سابق ان المنطقة تمضي قدما في مد خطوط انابيب تصدير خاصة بها إلى تركيا رغم اعتراضات من الولايات المتحدة الني تخشي ان يقود المشروع لتقسيم العراق.

من جهة أخرى خولت الحكومة العراقية وزير نفطها عبد الكريم لعيبي صلاحية التوقيع على اطار اتفاق لبناء انبوب للغاز يمر عبر اراضيه من ايران الى سوريا واوروبا.

وافاد بيان صادر عن مجلس الوزراء العراقي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه ان "المجلس خول وزير النفط صلاحية التوقيع على اطار اتفاق عمل بين وزارة النفط العراقي ووزارة البترول الايرانية و(وزارة) البترول والموارد المعدنية السورية حول مشروع خط الانابيب الناقل للغاز عبر ايران-العراق-سوريا-اوربا".

في موازاة ذلك، خول مجلس الوزراء العراقي وزير النفط التوقيع على اطار اتفاق مبادئ مع الأردن وسوريا لتنفيذ مشروع نقل النفط الخام العراقي عبر الأراضي الأردنية الى مرافئ التصدير في ميناء العقبة على ساحل البحر الأحمر.

من جانبه قال السفير العراقي في عمان في تصريحات صحافية ان مد انبوب لنقل النفط الخام العراقي عبر الاراضي الاردنية الى مرافئ التصدير في ميناء العقبة على ساحل البحر الأحمر سيوفر عائدات مالية للاردن تصل الى حدود 2 الى 3 مليار دولار سنويا.

وقال جواد هادي عباس لصحيفة "الرأي" الحكومية أن الانبوب الذي سيتم انشاؤه لنقل النفط الخام من حقل الرميلة العملاق في البصرة جنوب العراق الى الاردن الى ميناء العقبة الاردني "سينقل 2,25 مليون برميل من النفط الخام يوميا، حيث سيتم مد خط الى الاردن لنقل مليون برميل يوميا وفي مرحلة لاحقة سيتم مد خط الى سوريا بنفس الطاقة".

وتحدث السفير عن امكانية انشاء مصفاة جديدة كبيرة في العقبة (325 كلم جنوب عمان) بمشاركة الاردن مع احدى الشركات العالمية أو باستثمار أجنبي مستقل بطاقة تصل الى 300 الف برميل يوميا، اضافة الى انشاء ميناء خاص في العقبة لتصدير النفط الخام العراقي بطاقة اكبر.

كما قال علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن بلاده وافقت على إمداد مصر بأربعة ملايين برميل من النفط شهريا وذلك خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل لبغداد، وقال تجار ان عدد الشركات التي تورد الوقود لأكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان انخفض ويثير النقص المتكرر للامدادات غضب سائقي السيارات ويعرقل الصناعة والزراعة.

في حين تتوقع شركة جينل انرجي أن تبدأ في تصدير النفط من خط أنابيب من كردستان العراق عام 2014 بصرف النظر عن الأزمة السياسية بين بغداد والاقليم شبه المستقبل.

وتبيع الشركة نفطها أساسا في أسواق كردستان المحلية وتبيع كميات صغيرة تنقل بالشاحنات إلى تركيا لكنها تريد استئناف الصادرات عن طريق خطوط الأنابيب لتفتح أسواقا أكبر للنفط والغاز وتزيد إيراداتها.

وقال جوليان ميثيريل المدير المالي للشركة في مقابلة "نتوقع بحلول 2014 أن نصل إلى اسواق التصدير من أصولنا الضخمة سواء عن طريق بنية تحتية تسيطر عليها بغداد أو عن طريق بنية تحتية كردية مستقلة."

 الى ذلك دخلت المجموعة الروسية العملاقة الناشطة في مجال الغاز "غازبروم" في مشروع جديد لاستخراج النفط في كردستان العراق على الرغم من توترات مع السلطة المركزية في بغداد المستاءة من انشطتها في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، كما اعلن مسؤول في المجموعة الروسية.

وستكون "غازبروم نفت" على راس مشروع حلبجة الذي ستملك نسبة 80 بالمئة منه مقابل 20 بالمئة لحكومة كردستان، كما اوضح. وقال ان هذا الحقل النفطي يمكن ان يحتوي على احتياطات تصل الى 100 مليون طن من النفط، واوضح ياكوفليف ان "مهمتنا المقبلة ستكون التحضير لاشغال الاستخراج" التي ستدوم سبعة اعوام.

وكان مسعود بارزاني رئيس منطقة كردستان العراق ابرم اثناء زيارة الى موسكو "اتفاقات مهمة جدا مع غازبروم نفت"، من دون ان يوضح طبيعتها. والمجموعة الروسية متواجدة في المنطقة في حقول غرميان وشاكال.

على صعيد ذو صلة قال جيانغ جي مين رئيس مجلس إدارة بتروتشاينا أكبر منتج صيني للنفط والغاز إن الشركة مستعدة للمشاركة في تطوير حقل نفط غرب القرنة في العراق مع شركة النفط الأمريكية العملاقة إكسون موبيل، وسئل عما إذا كان لديه علم بمحاولة بغداد إبقاء إكسون في المشروع فأجاب "للعراق حساباته. إذا استمرت اكسون في مشروعاتها الجديدة في إقليم كردستان فستواجه علمياتها في العراق مصاعب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/آذار/2013 - 8/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م