البدانة... يضعف الجيوب ويغني المعالجين

 

شبكة النبأ: لاتزال مشكلة البدانة وزيادة الوزن واحدة من أهم المشاكل التي يعاني منها الكثير من البشر في مختلف بلدان العالم، وتشير العديد من التقارير والدراسات الى وجود ارتفاع ملحوظ في أعداد الأشخاص الذين يعانون من البدانة ولأسباب مختلفة، وهو ما سيجعلهم وبحسب بعض المتخصصين أكثر عرضة للإصابة بالعديد المشاكل والإمراض الصحية والنفسية التي تهدد حياتهم. وفي هذا الشأن أفاد بحث علمي حديث بأن زيادة استخدام التكنولوجيا بجانب تقلص ساعات قيام المرأة بالأعباء المنزلية لهما تأثير سلبي على صحة الجنس الناعم، وفق الدراسة التي شملت كذلك تأثير ذلك على الذكور. واعتمد البحث الجديد على خلاصة بيانات سابقة أعدها "المكتب الأمريكي لإحصاءات العمل" عام 2011.

 وجدت بأن الموظفين، في العصر الحديث، يقضون معظم الوقت خلف شاشات أجهزة الكمبيوتر، ما يعني قلة الحركة وزيادة وزن الجسم وظاهرة السمنة بين الجنسين. وكذلك وجد البحث بعد مقارنة تغييرات النمط المعيشي والأنشطة البدنية للمرأة في البيت والعمل، خلال الـ45 عاماً الماضية، والسعرات الحرارية التي تحرقها النساء خلال أداء مهامهن في العمل والمنزل، بأن عدد ساعات العمل المنزلي تقلص من 25.7 ساعة بالأسبوع عام 1965، إلى 13.3 ساعة عام 2010. ومع تقلص ساعات القيام بالمهام المنزلية، تزايد الوقت الذي تقضيه المرأة جالسة إما أمام التلفزيون، أو استخدام الكمبيوتر بكافة أشكاله المختلفة، كما وجدت الدراسة. بحسب CNN.

وقال د. إدوارد آرشر، باحث في كلية آرنولد للصحة العامة بجامعة "ساوث كارولاينا" في كولومبيا، الذي قاد البحث: "الفرضية من هذه الدراسة هو أن البشر لهم أنشطة موجه بكافة مجالات الحياة اليومية.. من العمل إلى المنزل.. لكننا لا نقول أن المرأة ينبغي أن تقوم بالمزيد من الأعمال المنزلية."

محاربة السمنة

الى جانب ذلك قالت شركات وجماعات أمريكية أخرى تحاول محاربة معدلات السمنة المرتفعة بين الاطفال الأمريكيين إنها بدأت تحقق بعض النتائج وان الاطفال أصبحوا يمارسون الرياضة أكثر ويأكلون طعاما صحيا. وجاء في تقرير لجماعة (شراكة من أجل صحة أفضل لأمريكا) وهي جماعة غير ربحية تعمل على الزام الشركات والمنظمات بالتعهد باتخاذ تدابير لمحاربة الزيادة في الوزن المنتشرة بشكل وبائي في الولايات المتحدة ان أكثر من 1700 مدينة أمريكية تبنت العام الماضي حملة للترويج لممارسة الرياضة وجعل أكثر من ثلاثة ملايين طفل يمارسونها.

لكن الجماعة حذرت انه اذا لم يتم الالتفات الى هذه المشكلة سيعاني نصف الأمريكيين من السمنة بحلول عام 2030. ورحب بعض خبراء الصحة بهذه النتائج لكنهم قالوا ان هناك حاجة لمزيد من الجهد على الأخص من جانب الحكومة. وحاليا يعاني ثلث الشبان الأمريكيين من السمنة وهناك ثلث آخر يعاني من زيادة في الوزن. ويشعر الخبراء بالقلق لان الأطفال الذين يعانون من زيادة في الوزن سيظلون على الارجح على هذا الحال بعد البلوغ وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالسكري وأمراض القلب وحالات أخرى.

وأظهرت بيانات مسح من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن البالغين في الولايات المتحدة قللوا بشكل منتظم من السعرات الحرارية في وجباتهم منذ نحو عشر سنوات ورغم ذلك استمرت الزيادة في معدلات السمنة. وحلل الباحثون الذين نشرت نتائج دراستهم في الدورية الأمريكية للتغذية الإكلينيكية الاتجاهات منذ السبعينات ووجدوا أنه بين البالغين ارتفع معدل الاستهلاك اليومي للسعرات الحرارية لما يصل إلى 314 سعرا حراريا من 1971 إلى 2003 ثم تراجع بواقع 74 سعرا حراريا خلال الفترة بين 2003 و2010.

وقال وليام ديتز المدير السابق لإدارة التغذية والنشاط البدني والسمنة في المراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية "من الصعب التوفيق بين ما تظهره هذه البيانات وما يحدث من حيث انتشار السمنة." ويعاني نحو 35 من النساء البالغات في الولايات المتحدة من السمنة وظلت هذه النسبة ثابتة منذ عام 1999 كما تظهر بيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وبالنسبة للرجال ارتفعت السمنة من 27 في المئة إلى 35 في المئة خلال الفترة ذاتها.

وأضاف ديتز أنه كان يتوقع استقرار معدلات السمنة لكلا الجنسين وان تبدأ في التراجع في هذه المرحلة إذا كان الناس يستهلكون كميات أقل من السعرات الحرارية. وقال خبراء إنه ربما تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت كي تشهد معدلات السمنة انخفاضا نتيجة لانخفاض ما يستهلكه الأمريكيون من سعرات حرارية. كما أنه من الممكن أن يكون الأمريكيون قد غيروا من عاداتهم الغذائية لكنهم رغم ذلك لا يمارسون ما يكفي من الرياضة لإحراق السعرات الحرارية التي يستهلكونها أو أن الدراسة ربما تكون مخطئة. بحسب رويترز.

وأشار ديتز الى ان زيادة الوعي بالأغذية غير الصحية ربما تجعل الناس يتحرجون من تناول الوجبات السريعة واحتساء الصودا وأنهم ربما ما زالوا يتناولون مثل هذه الأطعمة لكنهم قد لا يعترفون بذلك خلال الدراسة. من جانب اخر أكدّ مركز استعلامات المستهلك بمدينة ميونيخ الألمانية "أن التعديل التدريجي للنظام الغذائي المقترن بممارسة الرياضة، هو السبيل الوحيد لإنقاص الوزن بصورة مستمرة، لافتاً إلى أن معدل إنقاص الوزن بشكل صحي يتراوح بين 1 إلى 2 كيلوغرام شهرياً". لذا حذّر المركز الألماني من إتباع أنظمة الحمية الغذائية الصارمة وغير المتوازنة، التي يمتنع الإنسان خلالها عن تناول الطعام تقريبًا؛ حيث لا يُثمر ذلك إلا عن إنقاص الوزن لفترة محدودة فقط، كما أنه يتسبب في حدوث نتائج عكسية بعد ذلك.

أوضح المركز "أن الإقلال من إمداد الجسم بالسعرات الحرارية بصورة كبيرة عند إتباع أنظمة الحمية الغذائية الصارمة يجعل الجسم يبطئ من معدلات عملية التمثيل الغذائي للطعام؛ ومن ثمّ يقل معدل حرق الدهون المختزنة بداخله. وأضاف المركز "أنه بمجرد أن يبدأ الشخص في زيادة معدل تناوله للسعرات الحرارية بعد الانتهاء من أنظمة الحمية الغذائية، سيؤدي ذلك حينئذٍ إلى اكتساب كل الكيلوغرامات، التي تم إنقاصها بصعوبة بالغة، بل ويؤدي على المدى الطويل إلى زيادة الوزن بشكل عام بدلاً من إنقاصه".

ضرائب كبيرة

في السياق ذاته وجه أطباء مختصون بمكافحة السمنة نداء لفرض ضرائب كبيرة على المشروبات الغازية، وكذلك فرض عقوبات على الوجبات السريعة، حيث أكدت الأكاديمية الملكية لكليات الطب التي تمثل تقريبا كل أطباء المملكة المتحدة، أن تضخم الخصر يمثل بالفعل أزمة صحية كبيرة. وأشارت في تقريرها إلى أن التدابير الحالية للحد من السمنة فشلت في الحد منها، وطالبت بأن يخضع تناول الطعام غير الصحي لنفس الإجراءات وطريقة التعامل التي يتم بها التعامل مع مشكلة الإدمان على التدخين، في حين أكدت بعض الشركات الصناعية المتخصصة في هذا المجال أن التقرير لم يضف جديدا إلى الجدل الدائر حول السمنة.

وتعد المملكة المتحدة واحدة من أكثر الأمم في العالم من حيث انتشار البدانة، حيث يصنف ربع البالغين بها كبدناء، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2050 خاصة وأن ثلث خريجي المدارس الأساسية يعانون من الوزن الزائد فعليا، ويخشى الأطباء من أن زيادة عدد البدناء يمكن أن يؤدي لعواقب وخيمة على صحة العامة المجتمع.

وتمثل الأكاديمية الملكية الطبية هي جبهة واحدة تجمع الأطباء والجراحين والأطباء النفسيين والأطباء المتخصصين في طب الأطفال. تؤكد هذه الأكاديمية أن أطباءها يرون الممارسات غير الصحية كل يوم، ولم يسبق لهم أن أجمعوا على قضية من قبل مثل اجماعهم حول قضية السمنة هذه المرة.

وتضمنت توصيات الأكاديمية حظر الإعلان عن الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة أو السكريات أو الأملاح، قبل التاسعة مساء، وفرض ضريبة إضافية على المشروبات السكرية الغازية بما يرفع سعرها بنسبة 20 بالمئة على الأقل، وكذلك تقليل محلات بيع الأطعمة السريعة بالقرب من المدارس ومراكز الترفيه.

وطالبت برصد ميزانية تقدر بمئة مليون جنيه استرليني لإجراء جراحات خفض الوزن، وحظر وجود الأطعمة غير المغذية أو أجهزة توزيعها وبيعها في المستشفيات، حيث يفترض أن تكون الأطعمة بها طبيعية مثل المدارس، وضرورة أن تحمل المغلفات التي تغطي الأطعمة بيانات حول مايمكن أن تقدمه من سعرات حرارية للأطفال.

ويشير تيرينس ستيفنسون عضو الأكاديمية إلى التشابه الواضح بين هذه الحملة لمكافحة السمنة وتلك الخاصة بمكافحة التدخين. وقال يأتي التشابه من أشياء مثل حظر الإعلان وتقليل عدد المحال المخصصة لبيع السجائر في أماكن الأنشطة الرياضية وكلها إجراءات تساعد الناس على الإقلاع عن التدخين." وأكد على ضرورة تثقيف الناس بمخاطر البدانة حتى يحولوا اهتمامهم إلى الأطعمة الصحية، وهاجم المشروبات السكرية والمشروبات الغازية مطالبا بمنع بيعها في دور السينما، مؤكدا أنهم في حاجة لأن تقوم الضريبة بتحويل الناس إلى المشروبات الصحية. وقال :"لم نسمع من شخص واحد قوله بأنه يرغب أن يكون وزنه زائدا، وكل شخص قابلناه كان في حاجة لدعم المجتمع."

في الوقت نفسه وصف تيري جونز من الاتحاد البريطاني للغذاء الطعام والشراب على التقرير بأنه فرقعة فارغة ولم يضف جديدا للجدل حول الموضوع رغم أهميته، وقال :"من الواضح أن التوصيات التي قدمتها الأكاديمية هي مجموعة من الأفكار غير المتوازنة، ويحتمل أنها قد تأثرت بإحدى جماعات الضغط في القضية".

في حين رفضت المؤسسة البريطانية للمشروبات فكرة زيادة الضريبة على المشروبات الغازية، مؤكدة أن المشروبات الغازية لاتتدخل في السعرات الحرارية بالنسبة للنظام الغذائي المتوسط إلا بنسبة 2 بالمئة فحسب، ومعالجة مسألة البدانة يكون بأنظمة الحمية ومستويات النشاط. فيما أكد الدكتور أسيم مالهوترا أستاذ امراض القلب الذي شارك في إعداد التقرير أنه لاحظ بشكل متزايد أن مرضاه من أصحاب الوزن الزائد يعانون من السمنة المرتبطة بأمراض أخرى، وقال:"إن السبب الأساسي هو البيئة الغذائية، فهي تشبه مطالبة الأطفال بالذهاب إلى محل الحلويات وليس تناول الحلوى. هناك إغراء متزايد بالأطعمة السكرية الرخيصة، والتنظيم الواضح ضروري." بحسب بي بي سي.

ورحب الوزير في وزارة الصحة الولورد هاو بالتقرير مؤكدا أنه يأمل في أن يرى الشركات تكثف جهودها من أجل هذا، وقال: "للتعامل مع التيار المتزايد للسمنة، فإن الصناعة وخبراء الرعاية الصحية، والحكومة، والأفراد عليهم أن يعملوا سويا للوصول إلى نتائج، مما يمنح هذه الدعوة أهميتها، كما أن الحكومة تساعد الناس في الاختيارات الصحية، من خلال التعاون مع المصنعين لتقليل الدهون، والملح والسكر في الأطعمة، وتقديم النصيحة للأطفال والعائلات."

البدانة وسرطان الجلد

في السياق ذاته اكتشف باحثون بريطانيون من جامعة ليدز البريطانية في دراسة "أن الجين المسؤول عن السمنة، هو نفس الجين المسؤول عن زيادة مخاطر الإصابة بنوع خطير من سرطان الجلد". واعتمدت هذه الدراسة على تحليل بيانات 73 ألف شخص، فتبين أن هناك نوعاً من جين السمنة يرتبط بمرض سرطان الجلد الأسود أو الميلانينيو حيث قام فريق دولي بتحليل البيانات الجينية من أورام 13 ألف مريض بالسرطان الميلانيني، و60 ألف شخص سليم.

ووجد الباحثون "أن الأشخاص الذين لديهم متغيرات معينة في الحمض النووي الخاص بجين الدهون أو ما يعرف بـ"FTO gene"يواجهون مخاطر أعلى للإصابة بسرطان الجلد الأسود الميلانيني". وقد ربطت دراسة سابقة بين هذا الجين والبدانة، ووجدت "أن المتغيرات في الجزء الذي يعرف بـ"Intron 1" ترتبط بزيادة الوزن والنهم للطعام".

وفي هذا السياق، أقرّ كاتب الدراسة د. مارك إيلز من معهد ليدز لطب الجزيئات بأنه "من الواضح الآن أننا لا نعرف ما يكفي عن هذا الجين المخادع". وأضاف "هناك الكثير من الأمراض الأخرى ترتبط بهذا الجين إلا أنها جميعاً ترتبط بزيادة الوزن، ولكن الدراسة الحالية هي الأولى التي يكتشف الباحثون من خلالها وجود صلة بين هذا الجين ومرض لا يرتبط بالبدانة أو كتلة الجسم".

وتفتح هذه الدراسة وجهة جديدة لمعرفة وظائف الجين، حيث إن التركيز حتى الآن كان تأثيره على زيادة الوزن وعوامل تنظيم الشهية. ومن جهتها تعلق د. جولي شارب، الباحثة في أمراض السرطان، على الدراسة قائلة: "هذه نتائج أولية رائعة والتي إذا ما ثبت صحتها من خلال دراسات أخرى ستقدم هدفاً جديداً لإنتاج عقاقير تستهدف هذا الجين كعلاج لسرطان الجلد".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/آذار/2013 - 6ب/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م