تفاقم ظاهرة الاغتصاب.. سلطة الأعراف وضعف قوانين الردع

 

شبكة النبأ: جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي ضد النساء والأطفال أصبحت اليوم محط اهتمام وترقب لدى العديد من المنظمات الإنسانية التي تخشى من تفشي وانتشار هذه الجرائم والتي ازدادت نسبها بشكل مخيف في بعض البلدان، ويرى بعض المراقبين ان من أهم أسباب تفشي هذه الجريمة هو ضعف الأداء الرقابي لعديد من الحكومات التي تتهاون في تشريع قوانين رادعة بحق مرتكبي مثل هكذا جرائم او حتى المروجين اليها، مشيرين بذلك بعض وسائل الإعلام التي باتت تستقطب المشاهد من خلال الاعتماد على بعض الإعلانات المهينة وغيرها من الأمور الأخرى، وفي هذا الشأن فقد اضطرت شركة أمريكية إلى سحب "تي شيرت" معروض للبيع على موقع "أمازون" بالمملكة المتحدة بعدما أثار شعار مطبوع على القميص غضب مستخدمي الموقع الإجتماعي "تويتر" لدعوته المفتوحة للاغتصاب. وتقدمت "سوليد غولد بومب"، الشركة المنتجة للـ"تي شيرت" المثير للجدل، بالاعتذار عن المنتج، وتبرأت من الشعار المكتوب عليه "كن هادئاً واغتصب" بزعم إنه يطبع تلقائياً بواسطة أجهزة الكمبيوتر ولم يتم إعداده عمداً، كما عمدت الشركة إلى سحب منتج آخر عليه شعار: "كن هادئاً واضربها." بحسب CNN.

ولم يخفف اعتذار الشركة من غضب واستهجان مستخدمي تويتر الذين وصفوا الـ"تي شيرت" بـ"المثير للغثيان" وقالوا في معرض استنكارهم: "ربع النساء سيصبحن ضحايا العنف الجنسي.. وأنتم تجعلون، وبشكل شائن، الأمر يبدو تافها." وكتبت كيت ميريك: "متى تتحمل الصناعات مسؤولية الرسائل التي تبعث بها للعالم." وطالت الانتقادات موقع "أمازون" ببريطانيا لعرضه المنتجين للبيع، وقال الناطق باسم الموقع الإلكتروني المخصص للتسوق، بن هويس: "يمكنني التأكيد بأن تلك المنتجات غير متوفرة للبيع حالياً."

الهند بلد الاغتصاب

على صعيد متصل قالت وسائل اعلام هندية ان "أحد المتهمين في قضية الاغتصاب الجماعي بحق الطالبة الجامعية البالغة من العمر 23 عاما، وجد منتحراً في زنزانته في نيودلهي". وقال مسؤول في سجن تيهار في نيودلهي "نعم لقد مات"، وسينغ متهم بالمشاركة في جريمة الاغتصاب الجماعي بحق الطالبة االتي توفيت بعد ايام من الجريمة متأثرة بالجروح الخطرة التي نجمت عن الاعتداء الجماعي عليها.

ويعتبر رام سينغ أحد المتهمين الخمسة باغتصاب الطالبة الهندية التي تعرضت لاغتصاب جماعي في كانون الاول/ديسمبر، وأدت هذه الحادثة الى نشوب موجة عنف واستنكارات في أرجاء البلاد. ويحاكم متهم سادس في القضية في محكمة الأحداث. وقالت القناة الهندية الإخبارية (أن.دي.تي.في) عن مسؤول في السجن الهندي أن "رام سينغ إنتحر في زنزانته وأضاف هذا المسؤول الذي شارك في التحقيق في هذه القضية ان "الدعوى مستمرة، ليس هناك اي داع لتعطل القضية" بسبب انتحار المتهم في هذا السجن الموضوع تحت حراسة امنية مشددة.

ورام سينغ متهم مع شقيق له في هذه القضية، وهو بحسب الاتهام كان يقود الحافلة التي اغتصبت فيها الفتاة. ولم يتم الافصاح عن اسم هذه الطالبة الهندية لأسباب قانونية، وتوفيت الفتاة الهندية في سنغافورة جراء نزيف داخلي حاد في 29 كانون الأول/ديسمبر. وكانت الطالبة الهندية برفقة زميل لها عندما اعتدي عليها داخل إحدى الحافلات ثم تعرضت للضرب المبرح نتج عنه نزيف حاد أدى الى وفاتها.

وحادث الاعتداء على الفتاة في الحافلة ليس حادثا معزولا في الهند، بل سبقته حوادث أخرى. وعدد النساء المغتصبات في الهند يصل إلى خمسة وعشرين ألف سنويا، أما عن العدالة فحدث ولا حرج، لا القضاء ينصفهن ولا المجتمع يرحمهن فتبقى المرأة المغتصبة أسيرة لمشاعر الخزي والعار، ويتم تحميلها مسؤولية الاغتصاب. وفي عام 2012 تم الحكم في قضية اغتصاب واحدة من بين مئات الدعاوى المسجلة.

وحسب دراسة أخيرة، تشعر 94 بالمئة من النساء بعدم الأمان في المواصلات العامة، لكنهن يرفضن الانصياع والخضوع، وقضايا الاغتصاب أصبحت اليوم تخرج إلى الإعلام، والسلطات باتت تحت المجهر، والبرلمان أنشأ صندوق دعم لزيادة أمن النساء في الشارع والمواصلات العامة. والمرأة في الهند في الطريق لإنتزاع حقوقها، والمتظاهرون والملايين من الهنود يعتقدون أن ثورة المراة انطلقت في الهند، والنساء ينهضن اليوم باسم كل ضحايا العنف لإعطاء الصوت لفتاة صمتت للأبد بعد اغتصابها.

في السياق ذاته شهدت العاصمة الهندية دلهي احتجاجات عنيفة بعد ورود تقارير بشأن تعرض طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات لاعتداء جنسي في المدرسة التي تدرس فيها. واستخدمت الشرطة الهندية الهراوات لتفريق المحتجين الغاضبين الذين تجمعوا خارج أحد المستشفيات حيث نقلت الطفلة إلى هناك لتلقي العلاج.

وقالت الشرطة إنها تستجوب مدرسين وحراس أمن في المدرسة الحكومية على خلفية المزاعم بتعرض الطفلة لاعتداء جنسي. وقال الدكتور سانجاي كومار وهو أحد أفراد الطاقم الطبي الذي ساعد في علاج الطفلة إن الجروح التي أصيبت بها الطفلة تتفق مع المزاعم بأنها تعرضت للاغتصاب.

وتأتي الاحتجاجات في أعقاب إجراء البرلمان الهندي نقاشا حادا بشأن اغتصاب وقتل ثلاث أخوات تتراوح أعمارهن ما بين 6 و 11 عاما في ولاية ماهاراشترا. ولم تلق الشرطة القبض بعد على أي مشتبه به، ما حدا بنواب البرلمان إلى انتقاد بطء إجراءات التحقيق. وقال وزير الداخلية الهندي، سوشيل كومار، شيند، إن السلطات أوقفت شرطيا عن العمل بسبب عدم اتخاذه إجراءات سريعة في أعقاب تقارير أولية عن أنهن في عداد المفقودين. وعثر على جثامين البنات الثلاث ملقية في بئر بعد يومين من اختفائهن.

الشرطة تهين الضحايا

الى جانب ذلك قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الأطفال ضحايا العنف الجنسي في الهند يتعرضون لمعاملة سيئة وإهانات من جانب الشرطة. وأكدت المنظمة على أن العنف الجنسي "منتشر بصورة تبعث على القلق" بالمنازل والمدارس ودور وقالت إن الهيئات الحكومية لا تزال تتعامل مع قضايا العنف بصورة غير مناسبة.

وأورد تقرير حكومي عام 2007 أن اثنين من كل ثلاثة أطفال في الهند يتعرضوا لعنف بدني، وأن 53 بالمئة من قرابة 12,300 طفل استطلعت شملهم استطلاع تحدثوا عن تعرضهم لصورة أو أكثر من العنف الجنسي. وافادت تقارير أخرى بأن أكثر من 7,200 طفل، بينهم أطفال رضع، يتعرضوا للاغتصاب في الهند كل عام. ويعتقد نشطاء يدافعون عن حقوق الأطفال أن هناك الكثير من الحالات الأخرى غير مسجلة.

وذكر تقرير هيومن رايتس ووتش، أن السلطات فشلت في حماية الأطفال من العنف الجنسي، كما فشلت في توفير المعاملة المناسبة للضحايا. وتقول ميناكشي جانجولي، مديرة قسم جنوب آسيا بالمنظمة إن "الأطفال الذين يتحلون بالشجاعة ويشتكون من تعرضهم لعنف جنسي يقابلون بالرفض وتتجاهلهم الشرطة والمسؤولين عن تقديم العلاج المناسب وغيرها من الهيئات." وأوضح تقرير هيومن رايتس ووتش أن الكثير من الأطفال "يتعرضون لمعاملة سيئة مرة أخرى بسبب فحوصات طبية تقوم بها الشرطة وهيئات أخرى لا ترغب في سماع أو تصديق رواياتهم."

وقال إن محاولات الحكومة التعامل مع المشكلة، ومنها السعي لإصدار تشريع جديد يحمي الأطفال من العنف الجنسي، سيكون مصيره الفشل "ما لم تنفذ إجراءات لتوفير حماية بصورة مناسبة، وما لم يتم إصلاح نظام العدالة لضمان تقديم بلاغات حال حدوث عنف واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة." ويقول نشطاء إن الأطفال يتعرضون لعنف جنسي من قبل الأقارب والجيران في المدارس ودور رعاية الأيتام ولا يتم تقديم بلاغات لاعتبارات اجتماعية. بحسب بي بي سي.

وأقر البرلمان الهندي قانون لحماية الأطفال من الانتهاكات الجنسية، ومن ثم أصبت كافة أشكال الانتهاكات الجنسية للأطفال جريمة جنائية. ويتيح القانون سبيلا لرفع دعوى قضائية ضد مَن يمارس العنف الجنسي. وقبل صدور القانون كان في مقدور الكثير من ممارسي العنف الإفلات من العقاب. ويقول نشطاء إن القوانين وحدها لا تكفي، ويطالبون بتغيير تقاليد اجتماعية وطريقة تعامل الشرطة والهيئات الطبية المعنية والقضاء مع حالات العنف الجنسي بين الأطفال.

جرائم أخرى

في السياق ذاته وجهت قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة الموجودة في جمهورية الكونغو الديموقراطية إنذارا لوحدتين تابعتين للجيش الأنغولي بشأن تهم بالاغتصاب الجماعي. وقالت القوات الأممية إنها ستتوقف عن العمل مع وحدات الجنود المتهمين ما لم يتم الإسراع في محاكمتهم. وكانت نفس الجهة قد تحدثت في شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي عن حيازتها أدلة على وقوع 126 حالة اغتصاب نفذها جنود فروا من هجوم متمردين. وتستعمل المجموعات المسلحة شرقي جمهورية الكونغو الديموقراطية الاغتصاب كسلاح حرب.

وتعرضت المنطقة الغنية بالثروات المعدنية إلى النهب من طرف مجموعات وبلدان خلال العقدين الماضيين. وقد وقعت عمليات الاغتصاب في مدينة مينوفا، جنوبي مدينة غوما التي استولى عليها متمردون شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكشفت لجنة التحقيق الأممية عن عدد من الجناة من داخل الجيش الكونغولي المتراجع وطالبت بمحاكمتهم. وصرح مسؤول أممي في نيويورك أنه "طالما لم يحدث شيء كاف حتى الآن فقد وجهنا إنذارا لوحدتين في الجيش الكونغولي بأنهم إن لم يتحركوا بسرعة فسنوقف دعمنا لهم". وأضاف "إن الوحدات العسكرية المعنية التي لم يكشف عن هويتها تعتمد على دعم القوات الأممية في الهجمات باستعمال طائرات الهيلكوبتر مثلا".

من جهة أخرى قال مسؤولون في المكسيك إن ستة رجال اعتقلوا لصلتهم بحادثة اغتصاب ست نساء اسبانيات قرب منتجع أكابولكو السياحي بالمكسيك. وقال المدعي العام المكسيكي إن المشتبه فيهم قد اعترفوا بجريمتهم. وكان اشخاص مسلحون ملثمون اقتحموا المبنى الذي تسكن فيه النساء ليقوموا بالاعتداء عليهن. وقالت الشرطة إنها تبحث عن مشتبه فيه آخر.

ويعد أكابولكو من أشهر المنتجعات السياحية على الساحل المكسيكي، بيد أنه عاني في الفترة الأخيرة من آثار العنف المرتبط بتجارة المخدرات. وقد هزت الوحشية التي ارتكبت فيها هذه الجريمة المكسيكيين والأجانب الذين يعيشون في المكسيك. اذ اقتحم المسلحون الأثنين بيتا على الشاطئ كانت تقيم فيه السائحات، وقاموا بتقييد واحتجاز ستة رجال اسبان تحت تهديد السلاح ثم اعتدوا على النساء لساعات عدة. وتمكنت امرأة سابعة من الهرب بعد أن أبلغت المهاجمين أنها مكسيكية. وافادت تقارير أن معظم النساء الاسبانيات كن من المقيمات في المكسيك وقد سافرن إلى منتجع أكابولكو على شاطئ المحيط الهادئ في عطلة نهاية الأسبوع. وحادثة الاغتصاب قد أضرت بسمعة المكسيك التي تحاول أن تعزز سمعتها كمكان سياحي لجذب السائحين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/آذار/2013 - 6/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م