السياسيون في العراق وتصحيح المسار

 

شبكة النبأ: أثبتت تجربة السنوات العشر الماضية، أن العراق يحتاج الى قادة محنكين، في الميدان السياسي، قادرين على الحفاظ على البلد ومصالحه وخيراته وسيادته، بإرادة قوية وذكاء متميز، لأن السيادة الوطنية هي حلم الجميع، وقد يُستثنى من مطلب السيادة، نفر هنا وآخر هناك بفعل المصالح المادية الضيقة، ولكن تبقى القاعدة بزوال الاحتلال هي المطلب الأوضح لعموم الناس.

وتبقى السيادة غير المنقوصة هدف العراقيين وحلمهم، حتى البسطاء منهم، أولئك الذي لا ناقة لهم ولا جمل في السياسة وتوابعها، يؤمنون بالفطرة، أن إدارة البلد بأهله ورجاله أفضل، حتى لو جار عليهم أبناء جلدتهم، فأهلي كما يقول الشاعر (وإن شحّوا عليّ كرام)، لكن أن يصل الحال الى صراع مستديم ونار لا تنطفئ، حطبها الابرياء من العراقيين، فهذا الامر يجعل العراقيين في ظل محنة الاختيار بين السيادة والاحتلال، بمعنى أوضح، بعد أن غادر آخر جندي من جنود الاحتلال أرض البلد، وسُلّمت السيادة والقيادة لأهله، لا ينبغي أن يستمر المشهد السياسي بصراعاته كما هو، ولا يجوز أن تبقى حالة الرعب في الشارع العراقي هي السائدة، ولا يصح أبدا أن يتحول الصراع بين السياسيين الى آلة موت مزمن، تحصد رؤوس الابرياء في الاسواق والساحات والشوارع العامة وعموم الاهداف الضعيفة وغير المحمية.

إن المشهد العراقي كما تشير الدلائل على الارض، لم يتغير بعد الاحتلال، بل ربما كان الحال في ظل الاحتلال أفضل كما سمعتُ من بعض العراقيين وهم يرددون مثل هذا الكلام الخطير، نعم اذا ما فشل سياسيو العراق في وأد الفتنة، وبث روح الامان والاطمئنان في الشارع العراقي، فإن المحنة العراقية سوف تتضاعف الى حدود وآماد لا تُعرَف أبعادها ومخاطرها، لذلك لابد أن يُأخَذ مثل هذا الكلام على محمل جاد، من لدن جميع السياسيين المشاركين في تفعيل العملية السياسية، وأن لا تقودهم مصالحهم الى حالة من العماء والصمم، بحيث لا يسمعون ماذا يقول الشارع وماذا يردد الناس، فما أقسى الحال وأخطره، حين يصل الامر بالناس الى تفضيل الاحتلال على أبناء جلدتهم، وما أضعف أبناء البلد ورجاله، اذا أخذتهم مصالحهم وصراعاتهم مأخذا تغيب فيه الرؤية السليمة لإدارة دفة السياسة في البلد.

إذن من الواضح أشد الوضوح، أن محنة العراقيين تحتاج الى سياسيين يتمتعون بمواصفات خاصة، وليست مستحيلة، فقد سبقهم الى ذلك سياسيون عمالقة، أعادوا لشعوبهم الكرامة والسيادة والسلام، وهم أمثلة سياسية انسانية خالدة في صفحات التاريخ، نحن لا نحلم بغاندي جديد، ولا بمانديلا أفريقي ولا بلوثر أمريكي، إننا نريد ساسة يثبتون بأنهم أفضل من الاحتلال، فاذا تشابه المشهد بين ما فبل وما بعد الاحتلال، ماذا سيجني العراقيون من ساستهم؟ وما هي تبريرات هؤلاء الساسة على سوء الحال أكثر فأكثر، العراقيون غير متشائمين ولا سوداويين، ولكن واقع الحال واستمرار التفجيرات التي تطال العزل والابرياء منهم، هي التي تدفع الى التساؤل، اذا كان الحال مضطربا وقاسيا في زمن الاحتلال، فلماذا يستمر على نفس المنوال بل لماذا يسوء اكثر؟.

إن الساسة العراقيين جميعا، هم المسؤولون عن هذه المحنة المزمنة، وعن الدماء والارواح البريئة، عليهم أن يصححوا المسارات سواء كانوا كتلا او احزابا او شخصيات، ومن لا يستطيع منهم ذلك، فليعلن خروجه من الساحة، ويتركها لمن يستطيع أن يعطي من دون أن يأخذ، ويخدم من دون هدف أو منصب أو مركز او سلطة او مال، خلاف ذلك ليس لدينا سوى التأريخ الذي سيذكر الجميع بما فعلوا وقدموا، وليس لنا سوى الايمان الكبير بقدرة الشعب العراقي على العودة الى الحياة المعافاة مجددا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/آذار/2013 - 4/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م