أيهما وزارة الجيش أم وزارة التعليم؟

توفيق أبو شومر

سألتني أحدى المحاورات في شبكة الإنترنت قائلة:

ما السر في صراع الأحزاب الإسرائيلية على وزارة التعليم؟

 فأجبتها الإجابة التالية:

كان التعليم في إسرائيل هو عربة النقل بين المحطات المختلفة في تاريخ إسرائيل، وهو الركن الرئيس في إسرائيل بعد الجيش، بل هو مقدمٌ على الجيش لأن زعماء إسرائيل الأوائل وضعوا له شعارا استراتيجيا وهو:

[ التعليم مصنع لإنتاج روح الأمة]

فهم نجحوا في جعل التعليم بوتقة صهر الأجناس المختلفة من اليهود ممن هاجروا من ثقافات ولغات مختلفة!

وقد اعتبروا إعلان قيام إسرائيل هو جوهر التعليم ومصدر رئيس لمناهجه وأهدافه، وكان إعلان الاستقلال يشير إلى التعليم بهذه الصيغة:

"سيكون التعليم للجميع مقاما على أسس ديمقراطية، وسيعمق الشخصية الريادية اليهودية، المرتكزة على مبادئ الصهيونية الثقافية والاجتماعية، بما يتلاءم مع الحركة العمالية في دولة إسرائيل، ويتوافق مع النشاط الاستيطاني في أرض الميعاد وإقامة الكيبوتسات"

ولم يغفلوا التعليم الديني أيضا، فقد وضعوا له شعارا:

" بناء جيل متدين حضاري، له شخصية صهيونية، والمزج بين الدين وعلوم العصر والاستفادة من التعليم في أوروبا وأمريكا"

ولم يكتفوا بالشعارات، بل شكلوا لجانا لمراقبة تنفيذ تلك الشعارات، وكانت أول لجنة شكلت لمتابعة التعليم عام 1950 هي لجنة فرومكين وأوصت في تقريرها:

" إن المدرسين من أعضاء الهستدروت غير أكفاء، لا يصلحون لتنفيذ الأهداف السابقة، وهم سيئو المظهر وغير مؤهلين".

 ووضعت اللجنةُ توصية:

 يجب تغيير شعار التعليم من (بوتقة الصهر) إلى شعار جديد وهو[ التعددية الثقافية].

وكان من نتيجة توصيات هذه اللجنة أن استقال أول وزير تعليم في إسرائيل وهو زلمان شازار، مما أدى إلى إسقاط أول الحكومات في إسرائيل 1951.

إذن فإن وزارة التعليم ليست وزارة ثانوية كما هي الحال عندنا في فلسطين وبقية العالم العربي والدول (النائمة)، بل هي أهم الوزارات، وهذا ما أدركه يائير لبيد رئيس حزب ييش عتيد، حين صمم على أن تكون هذه الوزارة ضمن مسؤولياته، لإعادة صياغة مستقبل إسرائيل، وظلت وزارة التعليم هي العقبة الرئيسة في تشكيل الحكومة الثالثة والثلاثين في إسرائيل عام 2013.

وقد قال الإعلامي يائير لبيد:

 "من يملك وزارة التعليم يملك المستقبل"

ظل القائمون على التعليم في إسرائيل يدركون أهميته، لذا فإنهم واظبوا على تشكيل لجان التقييم والمتابعة، وكان لتوصيات لجنة (دوفرات) في بداية الألفية الثالثة - وهي لجنة خاصة درست حالة التعليم والمدرسين أوصت بتحسين مرتباتهم ومستوياتهم - أثر كبير في تطوير التعليم، كما أن إسرائيل تواظب على قياس نواتج التعليم وبخاصة في موضوع التكنلوجيا والرياضيات وفق مقاييس دول التنمية في أوروبا، وهي ترفع الراية الحمراء عندما يتدنى المستوى في كل عام!!

أما وزارات التربية والتعليم عندنا وفي الدول النائمة- لا النامية- هي أعباء وهَمٌّ ثقيل وعالات على كاهل الحكومات، وهي من سقط المتاع، لأن وزارات التعليم عندنا وعند الدول النائمة، ليست سوى دفيئات (لتفريخ) موظفي الدولة، ممن ينهشون لحمها، ويرتزقون على كاهلها، والمدراس والجامعات أيضا قد تكون بؤرا للثورات ضد الحكومات الديكتاتورية إن نهض التعليمُ وتغيَّرتْ أساليبُه!!

 وهي كذلك عباءات وأوسمة ونياشين على صدور الآباء والأبناء تشير إلى تراثهم السابق، وتقاليد الأجداد، أكثر مما تشير إلى المستقبل، وكلما ابتعدت عن تكنلوجيا العصر، وجعلت التعليم حشوا للعقول، كانت أقرب إلى النظام العشائري، لأنها تنتج في النهاية كتائب عسكرية قبلية، وميليشيات مسلحة حزبية!!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/آذار/2013 - 4/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م