نجّار عراقي يخلّد التراث داخل ورشته

واقد مرجون يجمع بين ورشة النجارة والمقتنيات والتحفيات

تقرير – دعاء القريشي

 

شبكة النبأ: لم يكن معمل النجارة والأعمال اليومية الشاقة، عائقاً يحول دون الشاب (واقد مرجون عبود)، أو يمنعه عن عمل معرض تراثي إبداعي يضم عددا كبيرا من المقتنيات والمصنوعات اليدوية داخل ورشة نجارته، ليجذب زبائنه والزائرين لمشاهدة أروع التحفيات النحاسية والخشبية وتكرار العودة بين الحين والآخر لمعرفة آخر ما اقتناه.

وولد عبود في العام 1977 / الديوانية، وهوايته جمع المقتنيات الفنية المصنوعة يدوياً في ورشة نجارته (معمل نجارة واقد) في منطقة السراي/ شارع الجمعية الاستهلاكية القديمة.

وأوضح عبود انني وبجهد شخصي ومنذ الصغر كانت هوايتي هي جمع المقتنيات، والتي منها ما يخص الديكور الحديث، بالإضافة الى المصنوعات اليدوية الأولوية في اقتنائها وتشمل النحاسيات ومنها الأعمال اليدوية والفخار (الخزف) وكذلك تطعيم النحاس على الخشب وهي مرغوبة في كل العالم كون النحاس يتكون من ثلاث ألوان "الأحمر والأصفر والقريب للون للذهبي".

وهل هناك ثمة قاسم مشترك بين النجارة وجمع المقتنيات، قال: لو نرجع إلى أصل النجارة فهي حرفة يدوية وفنية ولو لم يمتلك النجار المهارات الفنية لما أبدع وأصبح نجاراً دقيقا في القياسات او الأبعاد والنقش وأنا عشقت المقتنيات حبا لما تحمله من بعد فني.

وبحسبه، فأن معرضه جمعت أنواع المقتنيات، موضحا: بالأساس اجمع النحاسيات كونها الأكثر رغبة وأكثر جمالية ودقة في صناعتها وتجذب الناظر، ولصعوبة إكمال القطع منه كونه مادة رقيقة ولا تتجاوز المليمات ويكون فيها الإبداع واضحا.

وأضاف عبود: وكذلك مقتنيات من الخشب وهناك أنواع من الخشب من الصعب ان تحول قطعة منه إلى أشكال فنية وتحفة تجذب الناظر لشدة وصعوبة وإتقان النقوش والأشكال عليها، هذا غير الفخاريات منها القوارير القديمة والتي كانت مستخدمة لحفظ المشروبات والأغذية وتطعم بالخزف او الألوان الزيتية ورسومات لها عناوين وقصص.

مشيرا الى انه اقتنى اول تحفة في أيام دراسته في المتوسطة وذلك تقريبا في سنة 1995 ومازال محتفظا بتلك القطع، وهي أعمال خشبية يدوية ونحاسيات ومقتنيات قديمة رغم صعوبة تداولها او الحصول عليها في السابق.

وتختلف مناشئ هذه المقتنيات، فالبعض منها عربي من المغرب ودول الخليج ولكن تأتي الحرف اليدوية والتحف الفنية بالدرجة الأساس من الهند وهي مصنوعة من  الخشب الصاج والنحاس، وكذلك من الدول الأوربية واغلبها من بريطانيا وعمرها يناهز 80 – 100 سنة، بحسب عبود.

ولفت الى ان أوربا اهتمت بتراثنا أكثر من اهتمامنا بتراثنا ومصنوعاتنا اليدوية وهذا ما يلاحظ من خلال الأدوات والمصنوعات الأوربية التي تشكل على صيغة وأشكال الأدوات العربية المستخدمة والمستعملة، كوننا اقدم الحضارات والتي يصل عمرها إلى 8000 سنة وهم يعشقون اقتناء الأشياء العربية القديمة التي أصولها حاضرتنا القديمة.

وبيّن عبود انه كان يملك العديد من المقتنيات العراقية، لكنه فقد منها الكثير ومازال يحتفظ بعدد منها، وهي لا تمثل حرفة يدوية فقط، وإنما تمثل حقبة وتاريخ وروايات ستكون مستقبلاً أرشيفا لماضٍ يحكي الإبداع.

وأعرب عبود عن أمله في الحصول على مقتنيات من تراثنا العراقي منها الأدوات القديمة التي كان يستخدمها أجدادنا في سنوات 1900 – 1910 حيث كانت هناك مقتنيات جميلة ورائعة مثل أدوات الزراعة والأدوات المنزلية من مادة البرنج والنحاس والصفر مثل ما يطلق عليها (السلبچة والمصخنة والمصفاة والمعجنة).

لافتا الى ان لبعض هذه المقتنيات قصص، وخاصة ان أعمارنا لا تعايش أزمان هذه التحفيات، وقال: عند اقتنائي تحفة أحاول معرفة قصتها وتفاصيلها، مثلا كانت هناك مطرقة الأبواب المصنوعة من الخشب الجاو والصاج وكانت توضع مطرقة على اليمين يستعملها الرجال ومطرقة على اليسار تستعملها النساء، للتمايز بين الطارق ومن يفتح الباب، فإذا كان الطارق رجلا خرج الرجل للباب، وإما إذا كان طارق امرأة خرجت المرأة لفتح الباب آخذين بنظر الاعتبار الحشمة او الحياء. حيث تتميز المطرقتين بصوتين مختلفين ومن خلال طرق الباب يتعرف على الطارق ان كان رجلا او امرأة.

وقدّم عبود نصيحته قائلا: هناك من المقتنيات لا تقدر بثمن فأنا عندما اقتني قطعة لا يمكنني ان أفرط بفقدانها مقابل أي ثمن، وسأحافظ عليها ما دمت موجودا، ومن المؤسف ان هناك مقتنيات أثرية لا يعرف أبناء أصحابها قيمتها، فبمجرد وفاتهم يفرط أبناؤهم بها ببيعها او إهدائها او إهمالها.

وأضاف: لاحظت اهتمام الدولة والأهالي في دول الخليج الدولة بمثل هذه الحرفة وبطرق مختلفة منها إقامة الكثير من المعارض والمشاركات وكذلك دعم أصحاب هذه المواهب وتحويل الكثير من المنازل إلى متاحف او تحويل معظم البيوت الى معارض فنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/آذار/2013 - 28/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م