شبكة النبأ: يعد الصراع العربي
الإسرائيلي من أطول النزاعات في العالم. وما زال مستمرا منذ أكثر من
ستة عقود، فعلى الرغم من الجهود الدولية المشتركة، لم يتم التوصل إلى
حل بعد.
وقد اجتاح هذا الصراع كافة مجالات، سواء كانت سياسية او اقتصادية
او اجتماعية، وحتى الفنية والسينمائية.
فعلى الرغم من أنه صراع شديد التعقيد سياسيا وفي طور التجدد بصورة
ديناميكية، إلا أن أثره كان واضحاً على الأفلام السينمائية، وبدأت
الأعمال الفنية التي تتحدث عن هذا الصراع تكشف الانتهاكات الصارخة
وأهمل المرافق الأساسية للحقوق الإنسانية التي تمارسها اسرائيل ضد
الشعب العربي، كما تجلت بفيلم "حراس البوابة" الذي يصور احتلال الضفة
الغربية المستمر منذ 46 عاما والتعصب القومي اليهودي على انهما خطر على
بقاء اسرائيل.
في الوقت ذاته أستنكر حقوقيون مغاربة ترخيص بلادهم لتصوير فيلم
إسرائيلي على أرض المغرب وأعتبروا ذلك "جرما تطبيعيا"، مما يوضح أعماق
المشاعر الشعب العربي والضالعة حد النخاع ضد الإسرائيليين، إذ يرون بأن
هذا العمل هو محاولة تجميل الوجه البشع للصهاينة.
وعليه فقد لعب الفن السابع عاملاً مهماً في سرد الاحداث بصورة لها
تأثير على المتلقي على المستوى السياسي والاجتماعي على حد سواء، وذلك
لأنه غالبا ما تعنى بالقضايا السياسية والاجتماعية خصوصاً في الآونة
الاخيرة، ولكن يرى بعض الاخبراء في هذا المجال يجب أن تؤثر هذه
الوسائل على الناس تأثير ايجابي ويجب أن يكون لها دور حقيقي في المجتمع،
حيث ان منتجي الافلام اذا اهتموا فعلاً بتقديم النماذج الحقيقة للمتلقي
سوف تنجح كل أعمالهم وسوف نجد فعلا سينما نظيفة تقدم ما يحترمه عقل
المشاهد.
سينما الصراع العربي الإسرائيلي
فقد قوبل فيلم وثائقي اسرائيلي ينافس على جوائز الأوسكار بعدم
ارتياح من جانب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي
كانت بؤرة انتقادات الفيلم للسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين،
ويعرض فيلم "حراس البوابة Gatekeepers" مقابلات اشبه بالاعترافات
المقلقة مع ستة رؤساء سابقين لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)
ويصور احتلال الضفة الغربية المستمر منذ 46 عاما والتعصب القومي
اليهودي على انهما خطر على بقاء اسرائيل.
ومشاركته في الأوسكار تأتي في وقت حرج بالنسبة لنتنياهو الذي يتبنى
توجهات محافظة. والتزم نتنياهو الذي عادة ما يسارع لتهنئة الإسرائيليين
الذين يحققون نجاحات في الخارج الصمت عن الفيلم الذي قال احد مساعديه
انه لم يشاهده. وكان رد الفعل الصادر من مسؤولين آخرين فاترا، وقال
موشي يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان المقابلات مع رجال الشين
بيت القدامى التي يتحدثون فيها عن احداث مثل قتل بتوجيه من الجهاز
لاثنين من ابناء غزة اعتقلا بتهمة خطف حافلة ومؤامرة من قبل متطرفين
يهود لتفجير مقبرة اسلامية كبيرة في القدس قد صيغت "لخدمة الرواية
الفلسطينية". بحسب رويترز.
وقال يعلون الذي ينتمي لحزب ليكود في تصريح لراديو الجيش الاسرائيلي
ان "ما عرض فيه عرض باسلوب من جانب واحد تماما ولذا فإن الفيلم منحاز"،
وعند سؤاله عن الفيلم خلال مشاركته في اجتماعات منتدى دافوس الاخيرة
الشهر الماضي اثنى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك وهو المنتمي
الوحيد للوسط في ائتلاف نتنياهو بشكل فاتر على الفيلم وقال انه يدل على
"حقيقة انه في اسرائيل يمكنك التحدث بحرية اكثر، ربما اكثر من اي مكان
آخر"، ومن بين الافلام الوثائقية الخمسة المشاركة في المنافسة على
جائزة الأوسكار الفيلم الفلسطيني "خمس كاميرات محطمة" وهو عن رواية
مؤثرة للكفاح الفلسطيني ضد مصادرات الأراضي الناتجة عن اقامة الجدار
العازل الإسرائيلي.
في سياق متصل قال مخرج سينمائي فلسطيني انه احتجز في مطار لوس
انجليس الدولي وهو في طريقه لحضور حفل جوائز الأوسكار وتعرض للتهديد
بالترحيل قبل ان يخلى سبيله ويسمح له بدخول الولايات المتحدة، وقال
عماد برناط الذي ينافس فيلمه "خمس كاميرات محطمة" للفوز بجائزة أفضل
فيلم وثائقي إن مسؤولي الهجرة في المطار احتجزوه هو وزوجته وابنه
البالغ من العمر ثمانية اعوام فور وصولهم لوس انجليس قادمين من تركيا.
وقال برناط في بيان "طلب مسؤولو الهجرة دليلا على ترشيحي لإحدى
جوائز الأوسكار...وابلغوني انه اذا لم استطع اثبات سبب زيارتي فإنه
سيتم اعادتي وزوجتي ثريا وابني جبريل الى تركيا في نفس اليوم"، وقال
مخرج الأفلام الوثائقية مايكل مور الحائز على جائزة الأوسكار في سلسلة
من الرسائل على موقع تويتر انه تدخل للمساعدة في حل الموقف. ومور عضو
في أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة التي تمنح جوائز الأوسكار.
وقال مور على تويتر "مع انه (برناط) قدم دعوة الأوسكار التي يتلقاها
المرشحون لم يكن ذلك كافيا وتعرض للتهديد بانه سيرحل الى فلسطين...يبدو
ان مسؤولي الهجرة والجمارك لم يتفهموا كيف يمكن لفلسطيني ان يتم ترشيحه
للأوسكار. راسلنى عماد طلبا للمساعدة...اتصلت بمسؤولي الأكاديمية الذين
اتصلوا بمحامين"، وقال برناط انه احتجز واسرته قرابة الساعة، ورفض
مسؤولون امريكيون التعليق على الحادث وعزوا ذلك لقوانين الحفاظ على
الخصوصية.
على الصعيد نفسه يواجه فيلم "خمس كاميرات محطمة" عن المقاومة
الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية والمرشح لجائزة الاوسكار كافضل
وثائقي جدلا غير معتاد حول هويته حيث وصفه البعض بانه "اسرائيلي" لانه
تلقى تمويلا من الدولة العبرية.
ويتناول الفيلم الذي اخرجه كل من الفلسطيني عماد برناط والاسرائيلي
غاي دافيدي قصة قرية بلعين وتظاهراتها التي اصبحت تقليدا اسبوعيا، من
خلال قصة عائلة برناط التي تعيش في القرية.
وباتت بلعين مثالا لاسلوب المقاومة الشعبية للجدار الفاصل الذي
تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية والذي ادى الى مصادرة اراضي القرية
الفلسطينية لصالح مستوطنة موديعين عيليت القريبة.
وبعد الاعلان عن ترشيحات الاوسكار في كانون الثاني/يناير الماضي
والذي حصل فيها الفيلم على ترشيح افضل وثائقي، سارعت وسائل الاعلام
الاسرائيلية الى الحديث عن الفيلمين الاسرائيليين المرشحين في نفس
الفئة. حيث حصل فيلم اسرائيلي اخر وهو "حراس البوابة" الذي يتحدث عن
ممارسات جهاز الاستخبارات الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت) في عيون ستة
من رؤسائه السابقين، وسارعت السفارة الاسرائيلية في الولايات المتحدة
عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر الى الحديث عن الموضوع حيث كتبت
"فيلمان اسرائيليان مرشحان لجائزة افضل فيلم وثائقي في الاوسكار". بحسب
فرانس برس.
وكتبت صحيفة تايمز اوف اسرائيل الالكترونية "بعد سلسلة ملحوظة من
الترشيحات للاوسكار، تمكنت صناعة الافلام الاسرائيلية من الوصول الى
فئة جديدة عام 2013:الحصول على ترشيحين في عام واحد".
ويقول برناط "حاولت الصحافة الاسرائيلية تصنيف الفيلم على انه
اسرائيلي وهو امر مستغرب، لان الفيلم يتحدث عني وعن عائلتي وعن قريتي"،
واضاف "لا يمكن ان يكون الفيلم اسرائيليا لانه عن محاولة اسرائيل لمحو
فلسطين، من خلال الاستيلاء على اراضيها".
اما المخرج الاخر للفيلم، الاسرائيلي غاي دافيدي، فيرى ان "النقاش
حول هوية الفيلم، وما اذا كان فلسطينيا ام اسرائيليا، ليس بالامر
المهم"، واشار دافيدي "بالنسبة لي، وبشكل عام، فالافلام لا تمثل الدول
حتى لو قامت بانتاجها، ولا اعتقد بانه يجب ان يكون للافلام جنسيات".
والفيلم الذي تلقى تمويلا فرنسيا-اسرائيليا مشتركا، يتابع حياة
برناط وعائلته منذ ولادة ابنه جبريل عام 2005 بالتزامن مع بدء بناء
الجدار الفاصل بالقرب من القرية على مدى اكثر من ست سنوات. وصور الفيلم
باستخدام خمس كاميرات تحطمت كلها، ومن هنا عنوانه.
وقام برناط بدعوة دافيدي للمشاركة في الفيلم لانه متضامن اسرائيلي
معروف. ويقول عن ذلك "لم ادعه لتمثيل اسرائيل او لعمل فيلم
اسرائيلي-فلسطيني. كان ذلك لصعوبات في الانتاج ولم نهتم وقتها بهذه
الامور فغاي لا يمثل اسرائيل"، وقال دافيدي "هنالك نوع من التوقعات من
المخرجين الاسرائيليين بان يقوموا بتمثيل بلدهم (..) ولكن هناك طريقة
لاستغلالهم لاظهار اسرائيل كدولة ديمقراطية وفيها مجتمع منفتح يسمح
بالنقاش المفتوح وحرية التعبير".
واشار بحزم "لا اريد ان يتم استغلالي لغسل اسم اسرائيل خاصة وانني
بتصرفاتي امثل اقلية صغيرة جدا في اسرائيل"، ويوضح "اعتقد بان الكثير
من وسائل الاعلام ارادت ان تضعني في موقف +انظروا هذا اسرائيلي جميل
يقوم بدعم الفلسطينيين+ هنالك الفلسطينيون الذين يعانون والاسرائيلي
الجميل الذي يساعدهم. نحن لم نركز كثيرا على ذلك لان هدف قصتنا هو
انهاء الاحتلال وتغيير الواقع وليس تجميل العلاقات والقول للجمهور بان
هنالك املا".
وعلى الرغم من تلقي الفيلم تمويلا من الدولة العبرية الا ان متحدثا
باسم وزارة الثقافة والرياضة الاسرائيلية اكد ان الوزارة ليست مسؤولة
عن اختيار الافلام التي تتلقى التمويل بل تقوم باعطاء الاموال لمجموعة
متنوعة من صناديق الافلام استنادا الى معايير يوصي بها مجلس الفيلم
الاسرائيلي.
وبعدها تخصص الاموال الى الافلام التي تختار هذه الصناديق دعمها،
ولكن دافيدي اشار الى انه في نهاية الامر فانه حتى لو حصل الفيلم على
جائزة الاوسكار فان المسؤولين الاسرائيليين لن يقوموا بتبنيه، واكد
دافيدي بانه يتمنى ان يتم تبني الفيلم داخليا وفي نظام التعليم
الاسرائيلي، وقال "لو قام المسؤولون الاسرائيليون باخذ الفيلم للقيام
بعملية محاسبة للنفس وليساعد في التعليم وحتى لو عرض الفيلم في الكنيست
ودعي الناس في اسرائيل لمشاهدته فان هذا سيكون امرا ايجابيا".
من جهتهم إستنكر حقوقيون مغاربة ترخيص بلادهم لتصوير فيلم إسرائيلي
على أرض المغرب وأعتبروا ذلك "جرما تطبيعيا"، وقالت "مجموعة العمل
الوطنية من أجل فلسطين" في بيان لها حصلت رويترز على نسخة منه إن
المجموعة" إذ تستنكر وتشجب بشدة هذا العمل الشنيع الضارب في الأعماق
لمشاعر الشعب المغربي والضالع إلى النخاع في خدمة المشروع الصهيوني وفي
محاولة تجميل الوجه البشع للصهاينة." فإنها تطالب الحكومة
المغربية"بتحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا المجال."
وأعتبروا ترخيص المركز السينمائي المغربي لتصوير الفيلم"جرما
تطبيعيا..يدخل ضمن سلسلة من الجرائم المماثلة التي تحاول أن تجعل من
الفن والسينما مدخلا للتطبيع والتي تشكل خيانة وطنية"، ومن جهته قال
أحمد ويحمان الناشط الحقوقي ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع الذي
تأسس مؤخرا ورفضت السلطات الترخيص له "هذه مفارقة كبيرة في الوقت الذي
يتم فيه منع الترخيص للمرصد تم الترخيص للفيلم الإسرائيلي ليصور على
أرض المغرب."
وأضاف"يمنعون المغاربة من التعبير عن آرائهم ويرخصون للفيلم
الصهيوني. وعن منع الترخيص للمرصد قال إن الجمعية المكونة من مثقفين
وفنانين وحقوقيين وسياسين ونشطاء مجتمع مدني..لجأت إلى "الخطوة الثانية
التي ينص عليها القانون وهي اللجوء إلى المفوض القضائي, وبمحضر
قضائي..وإذا لم نتلق الرد الرسمي في أجل 60 يوما سيصبح المرصد
قانونيا."
إلا أنه في هذه الحالة لم يستبعد إعتراض المرصد مشاكل في المستقبل
من قبل حصولهم على قاعات للندوات والأنشطة وقال"سنتصدى لهذا هذه قضية
الشعب المغربي بكل مكوناته"، وأضاف "الشعب المغربي لا يجمع على شيئ
بقدر ما يجمع على القضية الفلسطينية"، وتعذر الإتصال بمسؤولين حكوميين
على الفور. بحسب رويترز.
ومن جهته برر نور الدين الصايل رئيس المركز السينمائي المغربي في
بيان لوسائل الإعلام المحلية موقفه من الترخيص قائلا أن "تصوير لقطات
من الفيلم بالمغرب يدخل ضمن الخدمات التي أعتادت شركة الإنتاج المغربية
تقديمها لفائدة الشركات الأجنبية التي تختار المغرب لتصوير أفلامها."
وجاء في البيان أن مخرجة فيلم (أورانج بيبل Orange People) يهودية
مغربية تدعى حنا أزولاي حصفاري. |