شبكة النبأ: في ابسط تعريفاتها، تعني
الدولة: كيان سياسي – قانوني، ذو سلطة سيادية معترف بها، في رقعة
جغرافية محددة، على مجموعة بشرية معينة..كما يذهب الى ذلك الدكتور سعد
الدين ابراهيم في كتابه (المجتمع والدولة في الوطن العربي).
هذا التعريف كما يذكر الباحثون في السياسة ليس الوحيد، بل هناك
مايقرب من مائة وخمسين تعريفا للدولة.. معظم هذه التعريفات تحتوي مع
التعريف الاول على العناصر الموجودة فيه.. وتختلف عنه في مجموعة من
الاحكام القيمية.
عند هيغل الدولة هي تجسيد لاسمى فكرة اخلاقية.. وعند ماكس فيبر هي
التنظيم الذي يحتكر استخدام العنف المشروع في رقعة جغرافية معينة..
وعند كارل ماركس هي جهاز مستقل للعمل السياسي، ولكنه جهاز طفيلي منعزل
عن المجتمع المدني.
من خلال التعريف الاول، والذي يتكون من مجموعة عناصر هي:
الدولة كيان سياسي – قانوني، وهو يعني انه بناء او هيكل للقوة،
تحكمه مجموعة من القواعد المقننة..ويتجسد هذا الهيكل في جهاز بيروقراطي،
مدني – عسكري – امني.. وتعني قواعده المقننة ان له صفات تتجاوز شخصانية
الافراد الذين يديرونه من ناحية، وشخصانية الافراد الذين يتعامل معهم
هذا الجهاز من ناحية اخرى.
العنصر الثاني في التعريف، هو ان الدولة ذات سلطات سيادية. وينطوي
هذا على ان هيكل القوة الذي تمثله الدولة هو، نظريا على الاقل، اعلى
هياكل القوة في المجتمع، وله وحده دون هياكل القوة الاخرى مشروعية
ممارسة هذه القوة، بما في ذلك حق الاستخدام المنفرد للعنف.
العنصر الثالث في التعريف هو الاعتراف بشرعية هذا الكيان السياسي
القانوني، داخليا وخارجيا. والاعتراف داخليا يعني ان اغلبية افراد
المجتمع يقرون بحق هذا الكيان في ممارسة السلطة عليهم.
وهذا الاقرار قد يتراوح بين الحد الادنى وهو الاذعان، والحد الاقصى
وهو التاييد والاعتزاز. والاقرار بالحد الادنى يعني عدم مقاومة سلطة
الدولة، اما الحد الاقصى فهو التهيؤ والاستعداد لحماية هذه الدولة
والتضحية في سبيلها. اما الاعتراف خارجيا فيعني ان الدول الاخرى، او
بعضها على الاقل، تقبل بوجود هذا الكيان في الاسرة الدولية او النظام
الدولي.
العنصر الرابع في تعريف الدولة هو شرط توافر الارض او الاقليم، الذي
تمارس عليه وفيه سلطة الكيان السياسي – القانوني.
العنصر الخامس والاخير هو شرط توافر البشر الذين يعيشون بشكل شبه
دائم على ارض الدولة.
يتداخل مع مفهوم الدولة مفاهيم اخرى اهمها: الامة، القومية، الشعب،
الحكومة، المجتمع. يعتبر مفهوم الحكومة هو اكثر المفاهيم تداخلا
واختلاطا في الاذهان بمفهوم الدولة. الحكومة هي جزء من الدولة، وهي
الجهاز التنفيذي.
على الرغم من الاهتمام الكبير والاستخدام الواسع لمفهوم السلطة في
إطار الدراسات والأبحاث السوسيولوجية والسياسية، إلا أننا نلاحظ تداخلا
في استخداماته، وجعله بديلا لمصطلحات ومفاهيم أخرى، مثل الدولة،
والحكومة، والقوة، والنفوذ، والسيطرة.
بعض المختصين استخدم مفهوم السلطة كمرادف لمفهوم الدولة. وربما كان
ذلك امتدادا للمفهوم الارسطي في اشارته إلى إن شرعية الدولة تقوم على
السلطة. يعرّف والتر بكلي السلطة: بانها التوجيه أو الرقابة على سلوك
الآخرين لتحقيق غايات جمعية، معتمدة على نوع ما من أنواع الاتفاق
والتفاهم.
أما بيرود فيعرّفها، بأنها قوة في خدمة فكرة، يولدها الوعي
الاجتماعي، وتتجه تلك القوة نحو قيادة الجموع للبحث عن الصالح العام
المشترك، وهي قادرة على أن تفرض على أعضاء الجماعة ما تأمر به.
ويعرّف الدكتور أحمد زكي بدوي السلطة، بأنها القوة الطبيعية أو الحق
الشرعي في التصرف وإصدار الأوامر في مجتمع معين.
أما تعريفه الآخر للسلطة فإنها القدرة أو القوة التي تمكن من
السيطرة على الناس، ومن الضغط عليهم ورقابتهم، للحصول على طاعتهم،
والتدخل في حريتهم، وتوجيه جهودهم إلى نواح معينة.
والسلطة قوّة، ولا سلطة بلا أسباب القوّة... وعلى حد تعبير عبد الله
العروي في كتابه مفهوم الدولة (من معاني السلطة،أية سلطة،يسمع في نهاية
المطاف كلمة دولة التي تتجمّع فيها ينابيع جميع السلطات).
في موسوعة علم الاجتماع لانجد تعريفا لكلمة (سلطة) بل هناك
الكاريزما، والشرعية،والقوة، والسيطرة.
وتعني السيطرة، الحكم بالقهر او الامتثال عن طريق القهر. فالافراد
او الجماعات قد يمارسون القوة بعضهم على البعض الاخر، اي السيطرة، سواء
باستخدام القوة الغاشمة، او على اساس ان من تمارس معهم هذه القوة
يتخيلونها بوصفها قوة شرعية.
وفي هذا الصدد حدد ماكس فيبر ثلاثة انماط خالصة من السيطرة الشرعية،
وهي التي يمكن ان تعد اليوم انماطا للسلطة، يتم تصنيفها طبقا للاساس
الذي يستند اليه ادعاء كل منها للشرعية.
وهذه الانماط هي السيطرة القانونية الرشيدة (التي تستمد شرعيتها من
خلال القبول العام لمجموعة من القواعد والاجراءات). والثانية السيطرة
التقليدية (والتي تتاسس مشروعيتها على استمرارها عبر الزمن). اما النمط
الثالث فهو السيطرة الكاريزمية (والتي تستمد مشروعيتها بناء على السمات
الشخصية فوق العادية للقائد).
والسُّلْطة ايضا هي قدرة شخص معين أو منظمة على فرض أنماط سلوكية
لدى شخص ما. تعتبر السلطة أحد أسس المجتمع البشري وهي مناقضة لمبدأ
التعاون. إن تبني أنماط العمل نتيجة فرض السلطة يُسمى الانصياع،
والسلطة كمصطلح يشمل غالبية حالات القيادة.
تُطبق السلطة استنادا إلى قوة اجتماعية معينة. قد تكون هذه القوة
حقيقية (كالتهديد بالتسبب بأذى جسماني) أو وهمية (كانصياع المؤمنين
لطريق غورو). تتحدد القوة من خلال الاستخدام المحتمل للعقوبة: عملية
تمس بالشخص الذي لا ينصاع إلى السلطة أو يهددها، بغية ضمان وجود قوة
اجتماعية.
قد تطبق السلطة بشكل مباشر استنادا إلى وجود قوة فعلية (كالتهديد
بالحبس)، ما يسمى (الإكراه) أيضا، وقد تنبع من الشرعية التي يمنحها
الخاضع للسلطة لأصحابها (مثل: الاعتراف بمرجعيات النبلاء). وغالبا ما
نجد هذين النوعين من المرجعيات متداخلين.
منذ تشكل الدولة العراقية في العام 1921، فانها قد استوفت على
الشروط الناجزة للتعريف الذي ذكرناه في البداية. الا ان ماسادها طيلة
العقود الماضية هو تداخل الدولة مع السلطة باشكال عديدة ومتنوعة.
كانت تلك التنوعات تاكل من جسد الدولة لحساب السلطة وتجسدها عبر
الانقلابات العسكرية، وماكانت تقود اليه من تغييرات دراماتيكية، وايضا
على مستوى شخصنة الدولة، وجعلها مختزلة بافكار او اشخاص، تكون الغلبة
في النهاية لتلك الافكار وهؤلاء الاشخاص.
ولعل التجلي الاكبر لاندثار الدولة العراقية كتجسيد لمفهوم الدولة،
هو اندحارها بالكاما امام سلطة الافكار البعثية وبعدها اندحار الاثنين
اما سلطة رجل واحد، كان هو الدولة واصبحت الدولة هي ذلك الشخص.
مفاعيل هذا الاندحار، لازالت فاعلة في الفضاء الابرز لتنجليات
الدولة، وهو الحكومة، كجهاز تنفيذي، والبرلمان كجهاز تشريعي، اضافة الى
السلطة القضائية التي اختارت الوقوف الى جانب الاقوى في معادلة
الاندحار والانحدار.
لم تعد الدولة في العراق تمتلك الا اطارها النظري، وهو اطار ربما
يتآكل مستقبلا في الكثير من عناصره نتيجة لتغوّل السلطة لافراد او
جماعات تتصارع فيما بينها. |