وجدت المراكز القانونية من اجل خلق سياق مالي تجاه الانفاق العام
بمعنى ان الذي يتحصل على ابراء من المال العام لابد ان يكون قد توفر
على شرائط اقرها القانون النافذ والموظف في ملاك الدولة لا يستحق
راتباً ما لم تتوفر فيه شروط التعيين وصدور امر التعيين والمباشرة
بالوظيفة وعندما ينقطع عن مباشرة الوظيفة ينقطع معه الراتب (المعاش)
وهذا هو ما يسمى بالمركز القانوني للموظف، وعند قضائه لمدة من الزمن في
الوظيفة التي يستقطع فيها من راتبه مبلغ من المال يوظف له حتى يتم
الانفاق عليه فيما بعد عند تركه الوظيفة وعند ذاك يتبدل مركزه القانوني
من موظف الى متقاعد وينقطع عن الارتزاق على المال العام لأنه يتقاضى
راتبا تقاعديا من موارده المالية التي ادخرها لدى دائرة التقاعد عندما
كانت تستقطع منه الاموال لإيداعها لدى تلك الدائرة.
ويكون بذلك مناط المركز القانوني هو المباشرة بالوظيفة التي من
خلالها يقدم الخدمه العامة وعادة ما تكون هذه الوظائف متاحة للجميع عبر
التنافس بين المتقدمين على وفق مؤهلاتهم المطلوبة لإشغال الوظائف، اما
عضو مجلس النواب فهو لم ينافس اقرانه على الحصول على مركزه في مجلس
النواب بموجب منافسة وظيفية بعد تعديها يستحق راتبه الوظيفي وإنما يكون
عبر اعلانه عن تقديم خدمة لجمهور الناخبين من خلال ادائه البرلماني
وعلى وفق ذلك يتم انتخابه من بين جمهور الناخبين ويكون بمثابة التعاقد
بين المرشح والناخب، الاول يعرض والثاني يقبل وعند تجاوزه للعتبة
المحدد لأشغال المقعد النيابي يكون العقد قد تم بينهم، وعند مباشرته
العمل بعد ادائة اليمين القانونية يستحق الاجر الذي حدد له خلال فترة
عمله ويكون مركزه القانوني قائم على وفق التعاقد وشروط الترشح الاولى
التي قبل ترشيحه بموجبها.
اما اذا تخلف عنه شرط من هذه الشروط فان العقد يكون قد انقضى لأنه
اصبح بمركز لا يقدم فيه الخدمة التي تعاقد عليها مع الناخب وبذلك لا
يستحق معه الراتب الذي حدد له لان الانفاق يكون بوجود المركز القانوني،
إلا اننا نجد ان عضو مجلس النواب بمجرد ترشحه الى المجلس وفوزه بأحد
المقاعد يكون قد اكتسب حقا تجاه المال العام بالإنفاق من خلال رواتب
وخدمات مرتفعه الثمن ومبالغ فيها مع سائر الامتيازات والرواتب التي
منحوها لأنفسهم دون موافقة الطرف الاخر في العملية الانتخابية وهو
الناخب، لان مصدر حق النائب في الراتب والامتيازات هو العقد المفترض
بين الناخب والمرشح فكان لابد وان تعرض هذه الامتيازات والرواتب على
الناخب مرة اخرى لبيان قبوله او رفضه لما جاء فيها عن طريق الاستفتاء
وخلاف ذلك يعد كسبا دون سبب على حساب المال العام والناخب، فضلا عن
استمراره بالحصول على امتيازاته وهو خارج العمل بعد انتهاء الدورة
الانتخابية وعدم ترشحه مرة اخرى، وبذلك فان مركز عضو مجلس النواب تجاه
ارتزاقه بالمال العام مصدره العقد المفترض بين الناخب والمرشح وكل ما
لم يعرض في البرنامج الانتخابي من منح وامتيازات للمرشح لا يجوز العمل
إلا بعد موافقة الطرف الاخر في العقد المفترض وهو الناخب وعن طريق
الاستفتاء.
|