انتفاضة البحرين... بين الاقليم والتدويل

تداعيات خطيرة تتسع مع استمرار تعنت السلطة

شبكة النبأ: يوميا بعد يوم تطل على المراقبين للوضع البحريني تداعيات مقلقة ومؤسفة في ذات الوقت، سيما بعد اتساع دائرة العنف والقمع واصرار السلطة على تجاهل مطالب الاصلاح السياسي والاقتصادي داخل وخارج البلاد.

اذ بدت السلطة الحاكمة عاجزة عن تلبية الحد الادنى من تلك المطالب، سيما بعد سيطرة الاجنحة المتشددة والمتطرفة على مراكز القرار الحكومي، وخضوع الملك لإملاءاتها المقيدة لا جهد في سبيل حل الازمة او وضع قواعد مقبولة للحوار بين النظام والمعارضة.

فيما تجهد بعض الاطراف المستترة الى محاولة تشويه الاحتجاجات السلمية للشعب البحريني عبر فبركة سيناريوهات مفضوحة لاتهامها بأعمال ارهابية او ارتباطات اقليمية، كانت ولا تزال اتهامات لا وزن لها او قيمة في قواميس الحقيقة.

وكالت الحكومة البحرينية في الذكرى الثانية لانطلاق انتفاضة الشعب جملة من الاتهامات بارتكاب عمليات ارهابية وصفها المراقبون بذريعة جديدة لقمع المحتجين ومحاصرتهم.

فقد اعلنت وزارة الداخلية في بيان بثته وكالة الانباء الرسمية "القبض على اربعة من الارهابيين وبحوزتهم الاسلحة التي استخدموها في اطلاق النار على قوات حفظ النظام بمنطقة كرزكان".

فيما قال مسؤولون ان الشرطة البحرينية عثرت على قنبلة في الجانب البحريني من جسر الملك فهد الذي يربط المملكة بالسعودية.

وزعمت هيئة شؤون الإعلام البحرينية إنه تم اكتشاف القنبلة التي تزن كيلوجرامين بالقرب من مسجد في الجانب البحريني من الجسر الذي يستخدمه آلاف الأشخاص يوميا وتم إبطال مفعولها بأمان.

ونقلت الهيئة عن اللواء طارق حسن الحسن رئيس الامن العام قوله ان أربعة من رجال الشرطة تعرضوا لاطلاق نار في منطقة كرزكان التي تسكنها الأغلبية الشيعية.

وزعم رئيس الامن العام البحريني ان الهدف من تشكيل هذه "الخلية الارهابية" تشكيل تنظيم "جيش الامام" المسلح لحساب ايران.

وقال ان "التنظيم يهدف لتأسيس ما يسمى بجيش الامام لممارسة نشاط ارهابي في مملكة البحرين من خلال تنظيم عسكري مسلح"، مشيرا الى ان "اعضاء التنظيم كلفوا بجمع معلومات وتصوير بعض الاماكن المهمة والمنشآت العسكرية وتجهيز مستودعات لتخزين اسلحة سيتم ادخالها" الى البلاد. وتابع، "المعلومات كشفت ان التنظيم يتكون من عناصر بحرينية من المتواجدين بالداخل وبالخارج بالاضافة الى عدد اخر من الجنسيات".

وقال ان "هناك اربعة متهمين ما زالوا هاربين وتقوم الاجهزة الامنية بالاجراءات اللازمة للقبض عليهم".

وكان وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبد الله ال خليفة اعلن ان "الأجهزة الأمنية نجحت خلال الفترة الماضية بالتعاون مع دولة شقيقة في ضبط خلية ارهابية مكونة من ثمانية عناصر بحرينية".

وبحسب الوزير، "دلت التحريات على تنقلهم بين ايران والعراق ولبنان وتلقيهم تدريبات على استخدام الاسلحة والمتفجرات مع توفير الدعم المالي".

واوضح اللواء الحسن انه "وفقا لاعترافات المتهمين اتضح ان تجنيد العناصر يتم بواسطة شخصين هما المدعو ميرزا محمد والمدعو عقيل جعفر بحرينيي الجنسية ومقيمين في ايران، كما اسفرت عمليات البحث ان من يدير العملية هذه هو شخص ايراني يكنى +ابوناصر+ من الحرس الثوري الايراني".

واضاف انه "من ضمن التدريبات التي تدربت عليها الخلية استخدام السلاح والمتفجرات وخاصة شديدة الانفجار وطرق جمع المعلومات وتصوير وكتابة احداثيات المواقع والتجنيد" وذلك "في مواقع للحرس الثوري الايراني في ايران ومواقع تابعة لحزب الله العراقي في كربلاء وبغداد".

واكد اللواء الحسن ان "اجمالي الدعم المالي للخلية الارهابية بلغ 80 الف دولار تقريبا وان جميع المبالغ التي تلقاها التنظيم بمعرفة المدعو +ابو ناصر+ وهو ايراني الجنسية يتبع الحرس الثوري الايراني".

في السياق ذاته لقي فتى حتفه الخميس الماضي بطلقة من سلاح الخرطوش واصيب آخرون بجروح في مواجهات مع الشرطة في قرى شيعية، اثناء تظاهرات الذكرى الثانية لانطلاق الحركة الاحتجاجية في البحرين.

واكدت جمعية الوفاق الشيعية عبر تويتر "استشهاد الطفل حسين الجزيري اثر اصابته بطلقات الشوزن في منطقة الديه". واكد الخبر المكتب الاعلامي لجمعية الوفاق، و"ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" عبر موقع فيسبوك. وبحسب معلومات تناقلها المعارضون على الانترنت، فان الجزيري في ال16 من عمره.

واقدم المئات على التظاهر وقطع الطرقات في القرى الشيعية القريبة من المنامة منذ ساعات الصباح الاولى الخميس، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وسلاح الخرطوش لتفريق المحتجين، بحسب شهود.

واستمرت المواجهات حتى بعد الظهر وتوقفت قليلا لتبدأ مجددا ضمن ما سماه الناشطون عبر الانترنت ب"جولة ثانية" من الاحتجاجات. وندد المحتجون خلال النهار بمقتل الجزيري الذي رفعوا صوره مرددين "هيهات ننسى الشهداء".

وياتي هذا التصعيد في الشارع بعد ان دعا "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" الذي يقوده مجهولون الى اضراب عام وعصيان مدني والى التظاهر والتوجه الى مكان "دوار اللؤلؤة" الذي ازيل بعد ان شكل معقل الاحتجاجات التي قادتها الغالبية الشيعية في 2011.

وفي القوت الذي دعت منظمة العفو الدولية الى الافراج عن معارضين معتقلين ل "ممارستهم حقهم في حرية التعبير"، تم توقيف ثلاثة مصورين يعملون لوكالات انباء عالمية بينها وكالة فرانس برس، لفترة قصيرة من قبل الشرطة قبل الافراج عنهم بعد نحو ساعة ونصف الساعة.

الى ذلك تظاهر بباريس نحو مئة شخص مطالبين بالافراج عن سجناء الراي بالبحرين وبحسب العفو الدولية فان تجمعات مماثلة نظمت في عشرة بلدان اخرى.

من جانبه طالب مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات الدولي في بيان له مؤخرا السلطات البحرينية بالاستجابة الى مطالب المحتجين، وبين المركز، "أكملت الثورة الشعبية في البحرين عامها الثاني وهي لاتزال ترفع مطالبها المشروعة والمتمثلة بوجود حياة دستورية وحكومة منتخبة وعدالة اجتماعية واحترام حقوق الانسان والغاء الطائفية، وقد برزت خلال هذين العامين جملة من الحقائق كان أبرزها ما يعرف بتقرير (بسيوني) والذي اعترفت الحكومة البحرينية بمضمونه وبالانتهاكات التي حصلت من قوات الأمن ضد المتظاهرين".

وجاء في بيان المركز جملة من الملاحظات عن تداعيات الاوضاع في البحرين، "وقد لاحظ الحقوقيون في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات إن ما أفرزته تلك المرحلة يمكن إيجازه بالآتي:

أولاً: عدم استجابة الحكومة البحرينية لأيٍ من المطالب التي خرج من أجلها الشعب البحريني.

ثانياً: استمرار السلطات وبشكل يومي باضطهاد الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب عن طريق القتل والتعذيب والزج في السجون والاعتداء على حرمة المنازل ودور العبادة.

ثالثاً: إن السلطة متمثلة بقوات الأمن حاولت ملياً جر المتظاهرين إلى تبني العنف كنهج للاحتجاج بينما استمر المتظاهرين بالطابع السلمي للاحتجاج.

رابعاً: ضربت السلطة كل المقررات التي وردت في تقرير (بسيوني) عرض الجدار ولم تشرع بتنفيذ التوصيات التي خرج بها التقرير.

خامساً: وما يثير قلق الحقوقيين أيضاً هو اسلوب السلطة الحاكمة الذي دأبت عليه بإثارتها للشحن الطائفي داخل النسيج البحريني ومحاولة إخراج الاحتجاجات الشعبية السلمية على إنها حركة طائفية مدعومة من الخارج، وهذا من شأنه أن يجلب للبلاد صراع غير محمود العواقب.

سادساً: لا يزال أغلب الذين تم القبض عليهم خلال التظاهرات هم قيد الاعتقال والسجن وبالخصوص النساء وكبار السن وبعض الصبية الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر، إضافة إلى الكوادر الطبية التي أسعفت المتظاهرين المصابين برصاص قوات الأمن.

سابعاً: استخدام قوات الأمن أسلحة ناريه بعتاد حي وأنواع محرمة دولياً من الرصاص (المتشظي) يستخدم للقتل في أنواع كثير من الاغتيالات، ويُعَدّ ذلك مؤشراً خطيراً على تمادي السلطة بتجاوز القوانين الدولية الجنائية التي تحرم مثل تلك الأسلحة في مثل هذه الحالات.

وبالتالي فإن جميع تلك التصرفات تدل دلالة واضحة على أن السلطة في البحرين أصبحت تتنصل من وعودها وتعهداتها كلما استجاب قادة المعارضة لدعوات الحوار، وإنها أصبحت تستخدم مفردة الحوار للاستهلاك الإعلامي، حيث لايلمس الخبراء الحقوقيين والقانونيين جدية واضحة من قبل السلطة في تفعيل موضوع الحوار والخروج بحلول ايجابية ترضي المتظاهرين وتستجيب لمطالبهم".

وتابع البيان، "لقد تفاؤل كثيرون بالدعوة إلى الحوار وثمنوا استجابة المعارضة للقبول بالحوار كحل للخروج من الأزمة وتجنيب البلاد ويلات العنف، إلا أن الأحكام التعسفية والجائرة التي يتابعها مركزنا الحقوقي والتي صدرت أخيراً بحق المتظاهرين والمحتجين والمعارضين السياسيين تمثل إنتهاكاً صارخاً لجميع الحقوق والثوابت الدولية التي تكفل الحق للجميع بالعيش في دولة دستورية تعددية تقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة".

واختتم المركز بيانه قائلا، "مرةً أخرى ندعو الحكومة بالتعقل والتعاطي بإيجابية في مطالب المتظاهرين، كما ندعو المعارضة إلى الاستمرار بضبط النفس وعدم الانجرار إلى العنف، ونجدد دعوتنا أيضاً إلى المجتمع الدولي الذي نأمل منه التدخل السريع لصالح الشعوب وإنصافها وليس لصالح الحكام والمتسلطين، وذلك بتشكيل لجان أممية حاضرة في جلسات الحوار التي دعت إليها الحكومة وأن تقوم الأمم المتحدة بالإشراف على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين الحكومة والمتظاهرين كي لا يكون هناك المزيد من الضحايا في صفوف الأبرياء".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/شباط/2013 - 13/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م