شبكة النبأ: هناك من يتكلم بجمال تام
عن حقوق المرأة، لدرجة أننا حين نسمع مثل هذا الكلام نشعر بالراحة
والفرح، ولكن المشكلة أننا سوف نصطدم بالواقع، حيث الفارق الكبير بين
الكلام الجميل عن حقوق المرأة وعدم تطبيقه في الواقع، عند ذاك يتحول
الكلام الى مجرد شعار تطرب له الاسماع، أما ما يحدث في الواقع من سلب
لحقوق المرأة، فإنه يوجع القلب والضمير فعلا، لأننا نلاحظ اختلافا
واسعا بين القول الجميل والفعل القبيح بشأن حقوق المرأة، مع أن الصحيح
والسليم هو ما يكفله العقل والفكر السليم والمبادئ الانسانية من مساواة
في الحقوق بين الرجل والمرأة، كما ورد ذلك بوضوح في التعاليم السمحاء
للدين الاسلامي.
حقوق النساء والرجال
لا تختلف حقوق الرجال وحقوق النساء من حيث الاهمية والقيمة، فالمرأة
لها حقوقها على الرجل، والرجل له حقوقه على المرأة، والطرفان ملزمان
بتنفيذ هذه الحقوق بالتفاهم والانسجام، و وفقا للمتعارف عليه من
الضوابط الدينية والعرفية والاجتماعية والاخلاقية وسواها، ولا يجوز
للرجل أن يظن مجرد الظن انه اكثر حقوقا من المرأة وانه افضل منها،
وانها ملزمة بتنفيذ حقوق الرجل عليها فيما هو في حل منذ لك، كلا الحقوق
بين الطرفين متبادلة بالاهمية نفسها.
يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني
الشيرازي (دام ظله)، حول هذا الموضوع، في الكتاب الموسوم بـ (من عبق
المرجعية): إن (حقوق النساء على الرجال مماثلة لحقوق الرجال على النساء).
إن المشكلة التي تتعلق بحقوق المرأة تكمن في الاذى الكبير الذي
تتعرض في الواقع، علما ان الكلام والشعارات جميلة كلها، وتقف الى جانب
المرأة وتطالب بمساواتها مع الرجل، ولكن واقع الحال يقول غير ذلك تماما،
حيث تتعرض المرأة الى شتى انواع التجاوزات والاذلال والحط من كرامتها،
من خلال تعريضها لمواقف لا تليق بكرامتها ولا تتوافق مع انسانيتها،
فضلا عن قدراتها العضلية او سوى ذلك من امور، تجعل المرأة في اذى وحرج
كبير بسبب عدم تطبيق الشعارات الجميلة بحقها، لتصبح مجرد كلمات شكلية
لا قيمة لها في الحقيقة.
لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب المذكور نفسه قائلا في
هذا الصدد: (لقد صبغت المظاهر هذه الدنيا، فعندما نأتي الى قضية المرأة،
نلاحظ أن الشعارات التي ترفع باسمها ليست سوى ظواهر وضجيج فارغ، فتحرير
المرأة مثلا كلمة جميلة، ولكن عندما تنبش قلب هذه الكلمة لكي تعرف
حقيقتها والواقع الذي تعيشه المرأة المعاصرة في ظلها تكتشف أن فيها
تقييد المرأة وإذلالها وليس حريتها كما يزعمون).
علما أن العلاقة بين الرجل والمرأة غالبا ما تكون ذات صيغة تكاملية،
وتتسم بالتعاون والدعم المتبادل، لأن كلاهما بحاجة للاخر لادامة الحياة
على الصعيد الفردي او الجمعي، لهذا يصف سماحة المرجع الشيرازي العلاقة
بين الرجل والمرأة قائلا: (مثل الرجل والمرأة في الحياة مثل العظم
والغضروف في بدن الانسان).
علما أن واجبات الرجل تختلف عن واجبات المرأة ولكن هذا لا يمنع
التعاون بينهما، بل يحتّم التعاون بينهما من اجل تحقيق التكامل، إذ
يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (من الطبيعي أن تختلف
واجبات المرأة عن واجبات الرجل، بسبب الاختلاف الموجود في طبيعتهما،
فكما تختلف واجبات الغضروف عن العظم في بدن الانسان، حيث استقامة البدن
بالعظم، وحركته بالغضروف، ولو اردت أن تساوي بينهما فمعناه انك شللت
البدن).
الاسلام وكرامة المرأة
لم تشهد المرأة انصافا في ظل الفكر والمساواة كما قام الاسلام بذلك،
إذ تشهد جميع الوقائع الفرق الكبير بين واقع المرأة العربية قبل
الاسلام وبعده، فكلنا على اطلاع بحالات الوأد التي كانت تتعرض لها
البنات الوليدات من لدن الآباء القساة في المجتمع الجاهلي، حتى جاء
الاسلام وحرم هذا الفعل تحريما قاطعا، لذا فقد راعى الاسلام المرأة بكل
شيء حتى في طبيعة الواجبات الملقاة على عاتقها، وفرق بين واجبات الرجل
والمرأة بسبب الاختلاف الفسلجي للجسم.
يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب بالكتاب نفسه: (اذا اردنا
أن ندخل النساء المعامل الثقيلة او نسكن الرجال البيوت للقيام بالمهام
المنزلية، فكلا الفرضين شلل للحياة، والدليل على ذلك ما نلاحظه في
الحياة الغربية، فمن أين جاءت هذه المشاكل مع ان البشر هم بشر، والرجل
هو الرجل، والمرأة هي المرأ؟ الجواب، لأن واجبات المرأة أخذت منها
وحولت الى واجبات الرجل، وواجبات الرجل أخذت منه وحولت الى المرأة،
لذلك حدث شلل في الحياة الاسرية ومشاكل، وبدأ الرجال يزدادون نفرا من
زوجاتهم، والنساء يزددن نفرا من ازواجهن، واخذت نسبة الطلاق تتزايد
يوما بعد يوم).
وثمة ازدواجية في النظرة الى التقدم والعلم، يقع فيها البعض، عندما
يظن ان الغرب الذي غزا الفضاء اعطى للمرأة حقوقها، وان المرأة في ظل
المجتمع الغربي وطبيعته وخصوصيته، تعيش حرة كريمة، ولكن واقع الحال
يقول غير هذا، كما نقرأ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي: (العلم
يتقدم بالبشر الى الفضاء، ولكن مشاكله تتقدم به الى الطلاق، وانهدام
الاسرة، وتفكك العائلة، والمشاكل الزوجية، لماذا؟ لأن كلا من الرجل
والمرأة تخلى عن بعض واجباته وقام بواجبات الآخر، مع أنه ليس كفئا لها،
والحياة حياة الاكفاء).
ومن الحقوق الحساسة والبالغة الاهمية التي اعطاها الاسلام للمرأة
حقها في اختيار الرجل المناسب لها، رفضا او قبولا، وبهذا ساوى بين
الاثنين في هذا الجانب الحساس، وهذا الامر مبدأ شرعي غير قابل للرفض
اطلاقا، وهنا تكمن اهميته في حفظ حقوق المرأة في اهم قضايا حياتها، وهي
الجانب الاسري والزواج، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص: (لم
يتجاهل الاسلام كرامة المرأة واختيارها حتى في مجال الطلاق، فقد ترك
لها الارادة كاملة قبل الزواج، والحرية في ألا تتزوج بشرط أن تكون
وكيلة عن الزوج في الطلاق، فيصبح لها هذا الحق كما للزوج، ولكنه مع ذلك
يشجع في خطه العام على الزواج). |