كويكبات... تثير غضب النيازك ومخاوف الأرض!

 

شبكة النبأ: يتوقع  بعض العلماء أن هناك احتمالاً كبيراً يشير إلى أننا نتجه خلال السنوات المئة القادمة إلى نهاية الحضارة البشرية، قد يتسبب فيها اصطدام كويكب بالأرض. والحل المطروح؟. هو البحث عن كواكب أخرى يمكن للإنسان اللجوء إليها في حالة وقوع كارثة ما، هذا ما يواصل علماء الفلك بحثهم عنه، اضافة الى ايجاد سبل الوقاية من اصطدم الكويكبات او النيازك في الارض، كما حدث مؤخرا في روسيا  إثر مرور وابل شهبي في السماء وانفجاره فوق وسط روسيا ما أدى إلى سقوط كريات من اللهب على الأرض وإصابة نحو 1200 شخص، وتهشم زجاج نوافذ بالمنطقة وحدوث أضرار بالمباني، وعليه كيف يمكن للبشرية ان تتجنب اصطدام جرم فلكي بالارض قد يشكل خطرا على الحياة على الكوكب؟. هذا السؤال يشغل بال العلماء في اوروبا والولايات المتحدة وروسيا، في الوقت الذي تعمل وكالة الفضاء الاميركية بعناية على رصد الاجرام التي تقترب من مدار الارض.

فيما تشير بعض الأبحاث والدراسات في هذا الشأن الى ان كوكب المريخ هو أول الكواكب المرشحين لهجرة إليه في حال تعرض كوكب الارض لكارثة كونية؛ فهو يشبه الأرض في أمور كثيرة منها وجود كميات كبيرة من الماء والكربون والنيتروجين عليه،  في حين يتطلع الباحثون الجدد الى أن تمكنهم أجيال التلسكوبات الحديثة من تحقيق اختراقات علمية خلال العقدين الجاري والمقبل، فلا يوجد شيء يثير اهتمام بني البشر أكثر من معرفة مصير الكون وكوكبنا بالتحديد، وانه لمن المثير والرائع حقا ان نتمكن من التنبؤ متى ستقوم هذه كويكبات بالهيمنة على شمسنا ومجموعتنا الشمسية.

هجوم النيزك

فقد اعلنت وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) ان نيزكا قطره 45 مترا اقترب من الارض بدون ان يسبب اضرارا خلافا لمذنب سقط في اليوم نفسه في روسيا انفجر ما ادى الى جرح حوالي الف شخص، وقالت الوكالة ان النيزك الذي يزن حوالي 135 الف طن واطلق عليه اسم "2012-دي ايه-14" -- وهو جسم في النظام الشمسي يتألف من صخر ومعادن وجليد -- مر على بعد 27 الفا و680 كيلومترا عن الارض، وكشفت صور التقطها تلسكوب في استراليا وبثتها الناسا خطا ابيض صغيرا يتحرك في سماء سوداء، واوضحت الوكالة ان هذا النيزك هو الاكبر الذي يقترب من الارض ويرصده العلماء.

وتابعت ان النيزك الذي اكتشف في شباط/فبراير 2012 مر على بعد عشر المسافة بين الارض والقمر شرق المحيط الهندي في موقع شاقولي على سواحل سومطرة في اندونيسيا بسرعة 7,8 كلم في الثانية، وراقب نظام الرادار "غولدستون سولار سيستم" التابع للناسا والواقع في صحراء موجاف في كاليفورنيا (غرب الولايات المتحدة)، مرور هذا الجسم الفضائي وسيتابعه لبضعة ايام لتحديد حجمه وشكله بشكل ادق. بحسب فرانس برس.

وكان هذا النيزك يمكن ان يسبب دمارا في مساحة واسعة لو لامس الارض، وقال دونالد ياومانز مدير مكتب الاجسام التي تقترب من الارض في مختبر الدفع في الناسا "في المعدل، يقترب نيزك بهذا الحجم من الارض كل اربعين سنة ويمكن ان يصطدم بكوكبنا كل 1200 سنة"، ولو تحطم هذا النيزك الذي يعد صغيرا على الارض لادى الى اضرار تشبه تلك التي نجمت عن سقوط جسم مماثل في وسط سيبيريا في 1908 في تونغوسكا، على حد قول الخبير في جامعة هافرد تيم سبار، وتفيد تقديرات ان الصدمة التي احدثها ذلك في تونغوسكا اكبر بمئات المرات من تفجير قنبلة هيروشيما.

انفجار وابل شهبي في سماء روسيا

في سياق متصل قال مراسل في مدينة تشيليابينسك الصناعية التي تقع على بعد 1500 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة الروسية موسكو إن أهالي المنطقة سمعوا دويا كالانفجار وشاهدوا أضواء مبهرة ثم تلا ذلك وقوع موجة اهتزازية أثناء توجههم إلى أعمالهم.

وقالت وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس إن الوابل الشهبي كان يسير بسرعة 30 كيلومترا في الثانية. وبرق الشهاب في السماء مخلفا ذيلا طويلا من الأدخنة البيضاء أمكن رؤيتها من على بعد 200 كيلومتر.

وانطلقت أجهزة الإنذار بالسيارات وتهشم زجاج النوافذ فيما تعطلت شبكات الهاتف المحمول. وقالت وزارة الداخلية الروسية إن انفجار الشهاب تسبب في موجة من الدوي الصوتي الهائل، وقال فيكتور بروكوفيف (36 عاما) وهو أحد سكان مدينة ايكاترينبورج في منطقة جبال الأورال "كنت أقود سيارتي متوجها إلى عملي وكان الظلام يغشى المنطقة ولكن انطلقت فجأة أضواء مبهرة كما لو كنا في نهار اليوم."

وأضاف "تصورت أنها الكشافات الأمامية المبهرة لسيارة تمرق أمامي"، ولم تشر الأنباء إلى حدوث أي وفيات. وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الطوارئ فلاديمير بوشكوف بمساعدة المتضررين. بحسب رويترز.

وقال بوتين لوزير الطوارئ في تصريحات بثها التلفزيون "للأسف توقف العمل العادي لبعض المؤسسات الصناعية وعانى الشعب وكذلك البنية التحتية الاجتماعية - رياض الأطفال والمدارس"، وأضاف "قبل كل شيء من الضروري أن نفكر في كيفية مساعدة الناس ولا نكتفي بالتفكير في ذلك فحسب بل يجب القيام به على الفور."

وقال مسؤول بوزارة محلية إن مثل هذه الحوادث نادرة للغاية وإن ظاهرة ربما تكون مرتبطة بكويكب في حجم حمام سباحة أولمبي كان من المقرر أن يمر قرب كوكب الأرض. ورغم ذلك قالت وكالة الفضاء الأوروبية على حسابها بموقع تويتر إن خبراءها أكدوا عدم وجود أي صلة بين الأمرين.

ثلاث سيناريوهات لمواجهة احتمال اصطدام جرم فضائي بالارض

من جهته يقول ايروان كرفندال المسؤول عن هذا الملف في مجموعة استريوم كبرى الوكالات الفضائية الاوروبية انه في حال رصد جرم سيصطدم بالارض "لا احد يفكر في تفجيره.. فنحن لسنا في فيلم من انتاج هوليوود، وهذا الحل قد يضاعف المخاطر من جراء تفتت الكويكب الى اجرام صغيرة"، وبينما يقترب الكويكب "2012 دي ايه 14" من الارض من دون ان يشكل خطرا عليها، يدرس العلماء ثلاثة احتمالات لحرف الجرم عن مساره، بحسب كرفندال.

الاحتمال الاول هو "صدم الجرم الفضائي بسرعة فائقة تصل الى 30 الف كيلومتر في الساعة في منطقة قريبة من مركز ثقله، وبزاوية محددة، بغية حرفه عن مساره، وهذا الحل هو الذي يعمل الاوروبيون عليه، بحسب كرفندال.

والاحتمال الثاني يعمل عليه الاميركيون، وهو يقضي بجذب الجرم بواسطة مركبة فضائية تسير لوقت طويل بمحاذاته، وتكون بمثابة "قاطرة جاذبية".

اما الروس، فهم يعملون على احتمال ثالث، وهو حرف الجرم عن مساره بواسطة العصف الناتج عن انفجار ضخم بالقرب منه، ويقول كرفندال "كل منا يعمل في اتجاه، لكننا سنجمع معا معارفنا ووسائلنا..ليس هناك منافسة بيننا بل تعاون".

ويضيف هذا العالم الفرنسي ان العلماء عندما سيتوصلون الى الطريقة "المثلى والقابلة للتحقق بحلول منتصف العام 2015، سيحتاجون بعدها الى سنوات حتى يبصر مشروعهم لحماية كوكب الارض النور.

ويقول "اذا وافق الاتحاد الاوروبي على الاقتراح، سيتوجب علينا ان نجري تجربة العام 2020 للمصادقة على جدوى الحل المقترح، ولاثبات القدرة على التأثير على جرم يبعد عن سطح الارض اكثر من 36 الف كيلومتر"، ويعتبر كرفندال انه من السابق لاوانه اعطاء المزيد من التفاصيل حول هذه الدراسات والمهل، لكنه يشير الى "اننا لسنا في عجلة من أمرنا، فمن غير المرتقب ان تكون الارض امام خطر اصطدام فعلي خلال هذا القرن، ولا سيما بعد استبعاد العلماء امكانية ان يصطدم الكويكب ابوفيس في الارض في العام 2036". بحسب فرانس برس.

ويبدي ثقته من قدرة وكالة آستريوم على تنفيذ هذه المهمة، ويقول "الصواريخ الفضائية متوافرة، ولدينا الخبرة في ارسال مركبات عبر الكواكب، ولدينا خبرة في ارسال مركبات الشحن الى محطة الفضاء الدولية في مهمات دقيقة..الامر يتطلب قدرة على اصابة الجرم بدقة".

اما النيزك الذي سقط قبل 66 مليون عاما وادى الى انقراض الديناصورات فقد كان قطره عشرة كيلومترات، وتقول الناسا انها حققت تقدما كبيرا في السنوات الاخيرة في مجال رصد الكويكبات المحيطة بالارض.

سقوط كويكب قبل 300 مليون سنة

الى ذلك قال باحثون إن سقوط كويكب كبير على سطح الارض خلال حقبة سحيقة منذ ما يربو على 300 مليون عام أحدث منطقة ارتطام ضخمة مدفونة في قارة استراليا وان ذلك أدى الى تغير وجه الحياة على كوكب الارض.

وقال اندرو جليكسون الاستاذ الزائر بالجامعة الاسترالية "أدى الغبار الكوني والانبعاثات الغازية والهزة الزلزالية وكرة اللهب الاولية الى احراق مساحات شاسعة من سطح الارض"، وتجاوز قطر الكويكب عشرة كيلومترات فيما بلغ اتساع منطقة الارتطام اكثر من 200 كيلومتر مربع وهي ثالث أكبر بقعة ارتطام في العالم.

وقال جليكسون "ستبقى الانبعاثات الغازية في الغلاف الجوي للارض لعشرات الالاف من السنوات"، وتم التوصل الى هذا الاكتشاف بعد ان نبه باحث آخر جليكسون الى وجود رواسب معدنية غريبة في منطقة واربيرتون الشرقية بجنوب استراليا.

وقال جليكسون إنه ورفاقه قاموا بتحليل حبيبات الكوارتز المأخوذة من مناطق عميقة تحت سطح الارض في ابحاث باشرها بدءا من عام 2000 فيما تم التعرف في الآونة الاخيرة على الحفرة ذاتها الناجمة عن ارتطام الكويكب بسطح الارض، واضاف جليكسون المشارك في دراسة نشرت في دورية فيزياء الكتلة البنائية للقشرة الارضية ان هذا الارتطام ربما يجيء في اطار سقوط مجموعة من الكويكبات التي ادت الى حقبة من الاندثار الشامل التي تضمنت ازالة شعاب مرجانية بدائية وانواع اخرى من الكائنات. بحسب رويترز.

ومضى يقول ان هذا الارتطام حدث قبل ظهور الديناصورات على سطح الارض، يجيء الاعلان عن هذا الاكتشاف قبيل التوصل الى ان كويكبا يبلغ حجمه نحو نصف حجم ملعب لكرة القدم سيمر قرب كوكب الارض وعلى ارتفاع نحو 27520 كيلومترا من سطحه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/شباط/2013 - 9/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م