جمعة لن يعود حكم الأقلية السنية في العراق

محمد الوادي

بداية وفي أول سطر لابد من الاشارة ان استخدام مفردة السنة العرب لاتعني كل السنة العرب في العراق إذ لايمكن التعميم على 15% من تعداد الشعب العراقي فمثل ذلك ان حدث سيكون اطلاق غير منصف لان الكثير من ابناء محافظات الحكم السابق في صلاح الدين والموصل والانبار كانوا بعيدين عن دوائر الحكم الصنمي الساقط، لكن بنفس الوقت فان كل المناصب والوزراء والسفراء وقادة الجيش والأمن والمخابرات وكل دوائر الدولة ومقاوليها وتجارها والمستفيدين من الحكم كانوا من تلك المحافظات الثلاث دون غيرها.

وهذه الامور لاتحتاج الى قال الراوي ولا لصحائح مسلم او البخاري حتى نختلف عليها بل هي واقع تاريخي اقصائي وظلامي دفع العراق البلد والعراقيين الشعب أثمانه الباهظة منذ عقود طويلة وحتى يومنا هذا مازال جرح نازف دون انقطاع.

 لذلك ان ماحدث ومايحدث في محافظات الحكم السابق في صلاح الدين والموصل والانبار من مظاهرات مفتعلة ومستفزة لغالبية الشعب العراقي أصبحت خطرا يداهم المكتسبات الإنسانية والدستورية والديمقراطية في البلد، فلقد تم استغلال المطالب الشرعية لبعض المتظاهرين وتسخيرها كخطوة أولى في خارطة طريق كارثية تحاول اعادة حكم الأقلية السنية العربية في العراق تحت شعارات لم تعد تنطلي على أفقر الناس وأبسطها، لذلك فان خطابات عزت الدوري وهيئة علماء السنة والمدان الهارب طارق الهاشمي والشيخ السعدي وايضا مفتي الديار السنية ووزراء واعضاء برلمان وشيوخ عشائر وشيوخ دين جميعهم وان اختلفت مفردات التعبير بطرق حزبية او عشائرية او سياسية او اجتماعية او طائفية او مغلفة بالدين او الوطنية لكنها تؤدي الى طريق واحد لاغيره هو مختصر مفيد " اعطونا حكم العراق " !!.

 أن يقف عضو برلمان ويصف غالبية الشعب العراقي الساحقة الشيعة بالخنازير المجوس ! وان يتوعد وزير في الحكومة بتحرير بغداد من الصفويين الشيعة ثم يذهب لتحرير طهران ! وأن يقف معمم ليعلن منع كل عبد الزهرة وعبد الحسين والعباس من الدخول لمدنهم وأن يقيم بابهم العالي في اسطنبول مؤتمر تحت يافطة " الانتفاضة العراقية " وترفع صور أوردغان واعلام تركيا في المظاهرات وأن يعلن شيخ عشيرة بانهم سيهجمون على أسوار بغداد ويجعلوها انهار من الدماء وأن يعلن النجيفي بان هذه المظاهرات " بداية عقد جديد لحكم العراق "، وأن يتم استقبال شيوخ الجنوب والفرات الأوسط بالحجارة والشتائم رغم موقفهم الايجابي في تجاوز كل هذه الخزعبلات، فان مثل هذا السلوك والتصريحات ليس محض صدفة او زلة قدم او حتى زلة لسان بل انه منهج دموي وظلامي خطير ينتظر الإشارة للانطلاق بساعة صفر انقلابية أخرى. والسؤال وبعد كل ذلك وغيره ألا يخجل البعض من نفسه وهو يصف هذه العورة الوطنية بالثورة او الانتفاضة !! والتي توجت بقطع الطريق الدولي على العباد والبلاد.

ومسالة حكم العراق طريق مغلق عليهم ولا حتى بالاحلام وبالفعل كان قد بدأ الكثير من هؤلاء يستوعب الامور حتى أشهر قليلة لكن ماحدث في المنطقة وخاصة أحداث سوريا أعاد احلام السوء هذه لبعض الرؤوس مرة أخرى بتحريض من سلطانهم العثماني أوردغان سليل مراد الرابع وايضا بتحريض من دولة المجهر الغازية المراهقة.

 ولكن الخطوة الأخيرة التي انفلتت من أجندتهم دون وعي من خلال إعلان شيوخ عشائر وشيوخ دين ومسؤولين بنيتهم الذهاب الى بغداد لإقامة المظاهرات في الاعظمية حيث جامع ابو حنيفة كانت هذه الخطوة مرسومة مسبقا لكن طريقة إعلانها لم تأخذ بنظر الاعتبار الواقع الآخر لغالبية الشعب العراقي والذي لم تهتز له ولا شعرة واحدة بل كان هذا السلوك التدميري مركز استفزاز للتجهيز والتحضير لساعة لايتمناه الكثيرون، وكذلك هذه الشطحة لم تأخذ بنظر الاعتبار الوضع على الارض في سوريا والذي لايسير بما يسرهم ويدعم موقفهم بعد أن ربطوا أمورهم وحاضرهم ومستقبلهم بما يحدث من خطوات طائفية في سوريا، ثم الأهم ان السلاح والعدة والعدد لم يكتمل دخولها الى العراق وكذلك تدريبات العصابات في دول الجوار لم تكتمل.

 لذلك انطلقت وعلى الفور الأوامر من اسطنبول وبعض مدن النفط العربي " لاتستعجلوا الذهاب الى بغداد الآن... الأمور تغيرت " فما كان من هؤلاء الا خرجوا علينا ببيانات وطنية صفراء تدعوا لإلغاء هذه الخطوة البغدادية تحت يافطات وشعارات كاذبة ومكشوفة ولابأس بعد ذلك أن ترمى دعوات مظاهرات بغداد برأس " شبيبة الثورة " مع العلم أن التوثيق التلفزيوني والاذاعي يثبت من هم دعاة هذه الصلاة الكارثية التي ألغيت في ساعاتها الاخيرة.

والمفارقة في الموضوع ان يخرج أحدهم ليطالب الدولة بتوفير الحماية والطرق للمتظاهرين للوصول الى جامع ابو حنيفة وكما قال نصا " وكما تفعل الحكومة مع زيارة محرم حيث ذكرى استشهاد الإمام الحسين "ع" ! والفرق في واقع الامر كبير لان زوار كربلاء يذهبون مسالمين مشيا على الأقدام وهم يعلمون أن بهائم الموت تستهدفهم جسديا وارهابيآ، اما مدّعو الزيارة المزعومة لأبي حنيفة فهذه زيارة سياسية خطيرة ان حدثت ستفجر بغداد وستعيد أيام سوداء من الاستهداف والمواجهات الطائفية المقيتة، وستكون هذه الصلاة الاستفزازية شرارة النار التي ستلتهم الكثيرين وفي مقدمتهم من أسس ودعم هذه الخطوات التدميرية.

لكن بالتأكيد ان الامور هذه المرة ان حدثت ستختلف كثير وبشكل كبير وجوهري لن تفيد بعدها لا صحوات ولا ألف بيان وطني كاذب ودجال، بل سيقال كان هنا العراق، لذلك على أخوتنا وأهلنا العقلاء في هذه المدن العراقية الالتفات الى خطورة الموقف وتقدير الامور قبل ان تفلت من عقالها فانتم اخوتنا وأهلنا وبنت الرمادي أختنا والام في الموصل امنا ومايمسهم يمسنا والعراق يسعنا جميعا بخيراته وتاريخه وحاضره ومستقبله، اما اوردغان واغلو ودول المجهر هؤلاء لايشتركون معنا في هذا الشعور الإنساني والمصيري بل هم أداة يبحثون عمن هو أدنى من الأداة نفسها بين صفوفكم، فالأسلم لكم ان تقيموا صلاة واقعية هذا الاسبوع لاصحاب الحكمة والعقلاء بعيدا عن بغداد وأهلها تحت شعار " لن يعود حكم الأقلية السنية في العراق " أما غير ذلك فهو الفراق الدائم أجلا أم عاجلا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/شباط/2013 - 9/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م