اسرائيل وسباق الاستيطان... صراع على الارض والوقت

 

شبكة النبأ: التوسع الاستيطاني لإسرائيل التي تحث الخطى وتسابق الزمن لأجل السيطرة على الأرض مستفيدة من بعض التطورات والمستجدات السياسية التي تشهدها المنطقة، وربما يكون قرار غير مدروس قد يدخل إسرائيل في أزمة خانقة مع حلفائها الكبار، خصوصا بعد الاعتراضات الدولية المتزايدة بشأن المستوطنات الإسرائيلية التي تشكل تهديدا لعملية السلام، حيث لا يعترف المجتمع الدولي بالمستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة منذ 1967 سواء أقيمت بموافقة الحكومة الاسرائيلة او بمعارضتها.

وتلقت إسرائيل نقدا شديدا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب الإعلان عن خطط لبناء أكثر من 11 ألف منزل جديد على أراض يريد الفلسطينيون أن يقيموا دولتهم عليها وه مجازفة إسرائيلية جديدة غيرت الكثير من الحسابات كما يقول بعض المحللين وأدخلت إسرائيل في معركة جديدة مع إطراف حليفة قد تفقد بعضهم إذا ما أصرت على تعنتها السابق. وقاطعت إسرائيل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف لإجرائه مراجعة دورية عن الدولة اليهودية. وبعد أيام أصدر محققو الأمم المتحدة تقريرا شديد اللهجة قال إن المستوطنات يمكن أن تمثل جريمة حرب.

وقال أحد كبار مبعوثي الدول الغربية في القدس الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "إسرائيل تسير بلا وعي في اتجاه العزلة والتوبيخ في نظر العالم." وأضاف "ما لا أفهمه هو ما إذا كان نتنياهو لا يدرك ما يحدث أم أنه لا يكترث." وتلك المقدمات قد تكون بداية مهمة لإسرائيل لإعادة النظر في سياستها الحالية في سبيل تتجنب كارثة دبلوماسية خصوصا وإنها اليوم في مرحلة تشكل حكومة جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء في وقت يستعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقيام بأول زيارة رسمية له لإسرائيل يحاول من خلالها وبحسب الآراء إحياء دفعة للسلام على أمل أن يجد الائتلاف الحاكم في إسرائيل متفهما للمخاوف الغربية العميقة بشأن مستقبل إقامة دولة فلسطينية لها مقومات البقاء.

وقد اعترف مستشاران كبيران لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن العقوبات التي قررتها الحكومة ضد السلطة الفلسطينية بسبب نجاحها في رفع مكانتها في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب، وخصوصا مشاريع التهويد والبناء الاستيطاني في المناطق المحتلة من القدس الشرقية والضفة الغربية تسبب أزمة كبيرة لإسرائيل في العالم عموما ولدى أصدقائها بوجه خاص، وهو اعتراف صريح بأخطاء الحكومة المتكررة التي أحرجت حلفائها في مواقف كثيرة.

وإذا ما أصرت إسرائيل على تعنتها بهذا الجانب فعليها أن تتوقع تداعيات قد لاتتوقعها، منها إحكام اللوائح الدولية على تصدير البضائع الإسرائيلية التي تصنع في الأرض المحتلة وتأييد أجنبي ضمني للفلسطينيين في حالة ملاحقة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بالمستوطنات. ومن الممكن أن يعيد أوباما شخصيا الذي لم يعد يواجه أي ضغوط انتخابية النظر في التعاون الأمني والدفاعي الذي يقول مسؤولون اسرائيليون إنه بلغ مستويات جديدة خلال فترته الرئاسية الأولى حيث وصلت المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية نحو ثلاثة مليارات دولار.

 ويشعر الكثير من الدبلوماسيين الإسرائيليين بالتوتر من الاحتكاك المتزايد في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل العديد من التحديات بامتداد حدودها المضطربة وتولي إسلاميين السلطة في مصر وتصاعد الحرب في سوريا. وقال ايتامار رابينوفيتش وهو سفير اسرائيلي سابق لدى الولايات المتحدة "أنا قلق وكذلك الكثير من الإسرائيليين وأضاف "يحدث تراجع لشرعيتنا وكلما زاد عزل اسرائيل ونزع الشرعية عنها كلما كان من الصعب جعل الرأي العام ينحاز لنا فيما يتعلق بإيران" مشيرا الى الشبهات التي تحوم حول الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

ويصر دبلوماسيون على أن المزاج السائد في الخارج ليس في صالح إسرائيل. وهم يقولون إنه إذا أصبحت المستوطنات أكبر حجما فلن يكون هناك بأي حال متسع لدولة فلسطينية وهو ما يقضي على أي فرصة للتوصل إلى اتفاق. كما أنهم يقولون إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو أكثر الزعماء الفلسطينيين اعتدالا الذي يمكن أن تأمل إسرائيل في التعامل معه.

وقال معهد دراسات الأمن القومي وهو مركز أبحاث يحظى باحترام كبير إنه للمرة الأولى أصبحت البلاد تواجه احتمال "إجراءات عقابية ملموسة" مرتبطة بالتوسع الاستيطاني. وتجلت عزلة اسرائيل لأقصى مدى في نوفمبر تشرين الثاني عندما صوتت ثماني دول فقط منها الولايات المتحدة وأربع دويلات في منطقة المحيط الهادي مع اسرائيل في محاولة فاشلة لمنع الفلسطينيين من رفع تمثيلهم في الأمم المتحدة.

وكانت اسرائيل واثقة من أنها تتمتع بتأييد أمريكا. فواشنطن هي أقوى حليف لاسرائيل منذ زمن طويل واعتبرت الشكاوى الصادرة من الاتحاد الأوروبي غير ذات أهمية. كما مكنت الانقسامات السياسية الفلسطينية الداخلية إلى جانب اندلاع العنف من حين لآخر اسرائيل من القول أنها ليس لديها شركاء حقيقيون في السلام.

من جانب اخرتوقع زلمان شوفال وهو سفير اسرائيلي سابق بأن أوباما ونتنياهو سيتمكنان من التوصل إلى طريقة ما لإحياء عملية السلام التي انهارت عام 2010 بعد أن رفض الفلسطينيون الاستمرار ما لم يتوقف البناء الاستيطاني. وقال شوفال دون إسهاب "أعتقد أن التعاون بين الزعيمين سيكون ناجحا جدا." وقبل أن يلتقي نتنياهو بأوباما عليه أولا أن يشكل ائتلافا جديدا وهي مهمة صعبة في ظل النجاح غير المتوقع لحزب هناك مستقبل (يش عتيد) الجديد المنتمي إلى الوسط. ورغم أن الكثير من القضايا الشائكة متداخلة مع الشؤون الداخلية فإن حزب هناك مستقبل يقول إن استئناف مفاوضات السلام يجب ان يكون الهدف الرئيسي لنتنياهو في السياسة الخارجية.

ولا يتوافق هذا الرأي بسهولة مع الكثير من أعضاء حزب نتنياهو الذين يرفضون حل الدولتين من الأساس. وسيكون من الصعب أيضا أن يتوافق رأي حزب هناك مستقبل مع حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان والذي يريد ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية. وصرح نتنياهو بذلك مرات عديدة، أن الكتل الاستيطانية الكبرى ستبقى تحت سيادة إسرائيل في أي اتفاق يتوصل إليه الجانبان في المستقبل. لكن ذلك غير ثابت خصوصا بعد الاشارة الى التنازلات التي قد تقدمها اسرائيل في هذا الجانب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/شباط/2013 - 4/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م