من الدواء ما قتل! فضيحة دولية حول صناعة الادوية

 

شبكة النبأ: أثارت موجة التقارير الصحفية الاخيرة حول عمليات انتاج بعض الادوية مخاوف جدية حول المخاطر التي قد تطال متعاطيها في حال وصلت اليهم بعضها، خصوصا بعد الكشف عن عقاقير قاتلة ومؤذية للمرضى.

اذ تعد صناعة الادوية من اكثر القطاعات حساسية في مختلف دول العالم، نظرا للأهمية التي تتمتع بها لارتباطها الوثيق بكافة شرائح المجتمعات دون تمييز، وهو ما دفع الكثير من الدول الى اعادة تقييم الكثير من العقاقير الطبية بعد حوادث موت تسببت بها.

المضادات الحيوية

فقد وحدت المراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها وائتلاف يضم 25 مؤسسة للرعاية الصحية القوى لمكافحة الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في البشر والماشية في محاولة للحد من ارتفاع "الإصابات الخطيرة" المقاومة للأدوية.

وقال خبراء من المراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها ومركز ديناميات الأمراض والاقتصاد والسياسة وهو جماعة بحثية في الصحة العامة انه دون اتخاذ اجراء قد يواجه المرضى قريبا زمنا تعجز فيه المضادات الحيوية عن علاج العديد من الأمراض الأكثر شيوعا.

وقال الدكتور أرجون سرينيفاسان المدير المساعد لبرامج الرعاية الصحية المرتبطة بالوقاية من العدوى في المراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها في مؤتمر صحفي عبر الهاتف مع الصحفيين يوم "لا بد من تغيير طريقة استخدام هذه الأدوية المهمة وحمايتها بشكل جذري."

وقال الدكتور ديفيد رلمان رئيس جمعية الأمراض المعدية الأمريكية إن الأطباء يرون بالفعل مرضى يعانون التهابات بكتيرية مقاومة "لكل مضاد حيوي تركناه." وأضاف "يتعين على الجميع المستهلكين ومقدمي الرعاية الصحية والباحثين وصناع السياسات والصناعة وغيرها معالجة هذه المشكلة."

وأكد بيان وقعته منظمات بدءا من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إلى اتحاد المستهلكين على الحاجة إلى سياسات تصون وتحمي المضادات الحيوية وتضمن أن المرضى يحصلون على المضادات الحيوية المناسبة في الوقت المناسب ولمدة مناسبة. بحسب رويترز.

ودعوا أيضا إلى فرض قيود على استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات التي تدخل في غذاء الإنسان واوصوا بأن يستخدمها الأطباء البيطريون فقط عندما تكون هناك حاجة إليها لضمان صحة الحيوان.

ولا يحتاج منتجو الاغذية إلى استشارة الأطباء البيطريين لأن المضادات الحيوية الشائعة متاحة منذ أمد بعيد للمزارعين دون وصفة طبية.

والموقف من استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات التي تدخل في غذاء الإنسان يردد أصداء جهود الأجهزة التنظيمية الأمريكية التي تحث منتجي الأغذية على التوقف عن استخدام المضادات الحيوية في الماشية لأغراض غير طبية.

وذكرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في أبريل نيسان أن المضادات الحيوية يجب ألا تستخدم إلا تحت إشراف طبيب بيطري للوقاية من الأمراض أو علاجها في الحيوانات وطلبت من الشركات البدء في الإلغاء التدريجي لاستخدامها لأغراض مثل زيادة النمو وهي عملية قد تستغرق ثلاث سنوات.

وقد تؤثر هذه الخطوة للحد من الأدوية على منتجي اللحوم الكبار مثل تايسون فودز وكارجيل وهورميل فودز. وقالت جيل هانسن وهي طبيبة بيطرية في بيو تشريتابل ترستس إن كمية المضادات الحيوية المستخدمة في الولايات المتحدة في حيوانات الغذاء تفوق الكمية التي يستخدمها البشر.

وقالت إن نحو 30 مليون رطل من المضادات الحيوية تباع سنويا من أجل الحيوانات مقابل 7 ملايين رطل للبشر.

وقال سرينيفاسان من المراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن المشكلة لا يمكن علاجها بمجرد الحد من استخدام المضادات الحيوية في حيوانات الغذاء. وأضاف "هذه مشكلة مشتركة."

دواء ملوث يسبب التهاب السحايا

في حين اعتبرت حقن ستيرويدات ملوثة كان الهدف منها التخفيف من آلام الظهر مسؤولة عن وباء التهاب السحايا الذي أودى بحياة خمسة أشخاص على الأقل في ست ولايات أميركية، على ما أعلنت السلطات الصحية .

وتقوم هذه السلطات بالاتصال بالأشخاص الذين استخدموا هذه الحقن في 23 ولاية لتطلب منهم الخضوع لفحوصات. وقد تم اكتشاف 42 حالة من هذا المرض حتى الآن.

وبما أن فترة حضانة هذه الجراثيم تدوم طويلا، فقد شمل النداء جميع الاشخاص الذين تلقوا هذه الحقن منذ الأول من تموز/يوليو.

وولاية تينيسي (جنوب الولايات المتحدة) هي الولاية الأكثر تأثرا بهذا الوباء الذي أصاب 29 شخصا فيها وأودى بحياة ثلاثة آخرين. وبحسب النتائج الاولية للتحقيق، لم يكن في وسع الاطباء الذين أجروا هذه الحقن في تينيسي معرفة انها ملوثة، على ما أكد جون دريزنر المسؤول عن الخدمات الصحية في الولاية خلال مؤتمر صحافي. وهو أضاف ان "الادلة تظهر أن المشكلة متعلقة بالمنتج" المحقون. بحسب فرانس برس.

وكانت السلطات الصحية الفدرالية قد أعلنت أنها اكتشفت عاملا ملوثا في إحدى عينات المنتج الذي يصنع في مركز "نيو إينغلاند كومباوندينغ سنتر" الذي يتخذ من ولاية ماساتشوستس (جنوب غرب الولايات المتحدة) مقرا له. وقد أعلن المركز سحب منتجاته من الاسواق وعلق عملياته.

يعتبر التهاب السحايا الفطري الذي يطال الغشاء الذي يحمي الدماغ والنخاع الشوكي، من الأمراض النادرة التي تشخص في أغلب الأحيان في مرحلة متأخرة لأن أعراضها تشبه في البداية أعراض زكام بسيط.

عقار (ديان-35) وقتل الشباب

فيما فتحت الهيئة المعنية بالرقابة على الصحة في فرنسا تحقيقا بشأن عقار (ديان-35) الذي يستخدم لعلاج حب الشباب وايضا كاحدى وسائل منع الحمل بعد أربع حالات وفاة تم الربط بينها وبين هذا الدواء في السنوات الخمس والعشرين الماضية.

وقالت هيئة (آ.إن.إس.إم) الرقابية يوم إن الدواء الذي تنتجه شركة باير الألمانية للمستحضرات الدوائية مصرح باستخدامه في 135 دولة ويباع في اكثر من 116 دولة. وأضافت الهيئة أن نحو 325 الف امرأة في فرنسا استخدمن العقار وذكرت أنها ستنشر تقريرها خلال ايام.

وقالت الهيئة إنه تم ربط الوفيات الأربع والتي كانت نتيجة الإصابة بجلطة باستخدام عقار (ديان-35). وأضافت أن تقارير إعلامية أفادت بأن هناك ثلاث وفيات أخرى يحتمل أن تكون مرتبطة بالعقار وكانت نتيجة مشاكل صحية أخرى. بحسب رويترز.

ويقضي دواء (ديان-35) الذي يباع ايضا تحت اسم (ديانيت) في بعض الدول على حب الشباب عند النساء عن طريق التحكم في عمل الهرمونات وفقا لما ذكرته عدة مواقع الكترونية. ويستخدم العقار ايضا كوسيلة لمنع الحمل.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي قالت الهيئة إنها تدرس احتمال الحد من استخدام الجيل الثالث والرابع من أقراص منع الحمل بعد أن قاضت امرأة شركة باير بشأن مزاعم عن آثار جانبية مثل حدوث جلطات.

دواء سام للسعال

الى ذلك أعلنت الشرطة الباكستانية وعدد من الأطباء أن ستة عشر شخصا على الأقل، غالبيتهم من مدمني المخدرات، توفوا بعد أن شربوا دواءا ساما لمعالجة السعال في مدينة في شرق باكستان.

وسجلت حالات الوفاة الأولى في مدينة كوجرانوالا الصناعية على بعد حوالى 70 كيلومترا شمالي لاهور، علما أن غالبية الضحايا هم مدمنو مخدرات حاولوا اشباع حاجاتهم بواسطة الدواء.

وقال كبير الأطباء في المستشفى المحلي لوكالة فرانس برس "استقبلنا في المستشفى 54 مريضا أكدوا أن حالتهم تدهورت بعد أن تناولوا دواءا لمعالجة السعال، وقد توفي 16 شخصا منهم". وأضاف أن أعمار المرضى تراوحت بين 20 و40 عاما وأن معظمهم لديه سوابق مع المخدرات، مشيرا إلى أن الدواء المذكور لم يحدد بعد. بحسب فرانس برس.

وأكد عزام مهر وهو مسؤول رفيع المستوى في الشرطة هذه الأرقام، موضحا أنه تم جمع عينات من هذا الدواء المتوافر في الصيدليات المحلية بغية اجراء التحاليل اللازمة عليها.

يذكر أن 19 شخصا على الاقل توفوا الشهر الماضي في لاهور بعد أن شربوا دواءا ساما لمعالجة السعال.

عقار ممزوج بالزجاج

من جانبهم سحب مصنعو عقار واسع الاستخدام لعلاج الكولسترول بالولايات المتحدة منتجهم من الأسواق، على ضوء مخاوف من احتواء الدواء على جزيئات صغيرة من الزجاج.

وقالت شركة رانباكسي للصناعات الدوائية، إنها قررت سحب 40 دفعة من عبوات 10 و20 و40 ميللغرام من "أتورفاستاتين كالسيوم" - الإصدار العام من عقار ليبتورLipitor المضاد للكولسترول.

وبررت الشركة الخطوة بأنها لدواع احترازية وبعلم "دائرة الدواء والغذاء" الأمريكية، وأضافت في بيان: "السحب يجري على مستوى التجزئة لدفعات محددة ربما تحتوي على مادة غريبة (جزيئات زجاجية ضئيلة للغاية من الزجاج."

ويذكر أن "دائرة الدواء والغذاء" الفيدرالية منحت شركة "راباكسي" الهندية رخصة لإنتاج العقار في ولاية نيوجيرسي عام 2011.

وانتقدت الدائرة الحكومية الأمريكية الأوضاع في اثنين من منشآت الإنتاج التابعة للشركة في الهند عامي 2006 و2008، وفي مطلع العام الجاري حظرت وزارة العدل الأمريكية الشركة من إنتاج عقاقير للأسواق المحلية حتى الارتقاء للمعايير الأمريكية.

ويشار إلى أن هناك نوعين من الكولسترول: الضار (LDL) والكولسترول المفيد (HDL)، ويعتقد المختصون أن الكولسترول يؤدي إلى الإصابة بتصلب الشرايين أو الزهايمر.

العقاقير والكريب فروت

كما أظهرت دراسة كندية أن المزج بين أكثر من 85 نوعا من العقاقير وفاكهة الكريب فروت قد يؤدي إلى مشاكل طبية خطرة وصولا إلى الوفاة المفاجئة.

وكان الباحث الكندي دايفيد بيلي قد أشار قبل 20 سنة إلى هذه العلاقة الخطيرة بين أنواع من العقاقير والكريب فروت، لكن دراسته الأخيرة بينت أن عدد العقاقير القابلة للتفاعل بشكل سيئ مع هذه الفاكهة قد ارتفع بشكل ملحوظ.

وهذه العقاقير هي في غالبيتها عقاقير شائعة تستهلك كلها عن طريق الفم وتشمل عقاقير مضادة للسرطان وعلاجات للقلب وعقاقير لمعالجة الفصام.

وأوضح الباحث أن عدد العقاقير التي قد تتفاعل بشكل سيئ مع الكريب فروت قد ارتفع من 17 إلى 43 عقارا في غضون أربع سنوات فقط. وأشار إلى أن غالبية المرضى لا يقولون للطبيب إن هذه الفاكهة تدخل ضمن نظامهم الغذائي وأن الأطباء لا يفكرون في طرح هذا السؤال على مرضاهم.

ويكمن خطر الكريب فروت في أنه عندما يمتزج بأنواع معينة من العقاقير، يعيق وظيفة انزيم يسمح للجسم عادة بامتصاص المنتجات الطبية. وبالتالي، يدخل العقار الدم من دون أن يتحول، ما قد يؤدي إلى جرعات مفرطة.

وأوضح الباحث أن كمية قليلة من الكريب فروت قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. فاستهلاك كوب واحد من عصير الكريب فروت قد يؤدي إلى نزيف في الجهاز الهضمي واضطرابات كلوية ومشاكل في التنفس وحتى الموت.

ولفت إلى أن فواكه حمضية أخرى مثل البرتقال المر والحامض الأخضر قد تؤدي إلى آثار مماثلة، لكن الباحثين لم يتعمقوا في دراستها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/شباط/2013 - 3/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م