شبكة النبأ: تشهد قبرص تراجعا نسبيا
في المجالين السياسي والاقتصادي، فربما سيستمر التراجع الاقتصاد
القبرصي، اذا ما كثفت جهودها للحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي على
صفقة الانقاذ المالي، لكن الأداء الضعيف خلال السنوات الأخيرة قد يعرقل
دفع أجندة الإصلاح إلى الأمام ولاسيما معالجة القضايا التي تعرقل
الاستثمارات، فضلا عن بناء إستراتجية رصينة للنظام المصرفي الذي اثر
عمليا بشكل سلبي على الاقتصاد.
ويخشى بعض المسؤولين في قبرص من يستخدم شركائهم في الاتحاد الاوربي
الازمة الحالية كورقة ضغط مالية لحملها على التوصل إلى تسوية لانقسام
الجزيرة المستمر منذ نحو 40 عاما، ومع ذلك ليس هناك أي مؤشر على أن
الاتحاد الأوربي يتأهب لاستخدام هذه الميزة لتحقيق أمل الوحدة الذي ضاع
من بين أيدي المفاوضين عندما انضمت الجزيرة الواقعة بالبحر المتوسط
للاتحاد الأوروبي قبل نحو عشر سنوات تقريبا، لذا تسعى الدول عموما
لتحسين الأوضاع الاقتصادية لشعوبها، لاسيما الدول المتقدمة وتلك التي
قطعت شوطا كبير في تحقيق الامن الاقتصادي والفكري.
في حين يرى معظم المحللين بان الاقتصاد القبرصي يعاني في هذه
المرحلة من حالة كساد قد تفاقم من حدة الأزمة الاقتصادية في الوقت
الراهن، على الرغم من جهود مكافحي الركود الاقتصادي، لأخرج اقتصاد
قبرص الى بر الأمان عن طريق خطة الانقاد باستخدام القروض الدولية، لكن
تبقى حلولهم لا تخلو من المشاكل وربما لا يبعد اقتصاد هذه الدولة
الأوربية الصغيرة كثيرا عن دائرة الخطر في المستقبل القريب.
بينما يخشى المراقبون للوضع الاقتصادي في قبرص من أنه في حال استمرت
أزمة اليورو داخل أوروبا والازمة اليونانية تحديدا، التي تعد الشريك
الاقتصادي للقبرص فإن ذلك سيعني تراجع الاقتصاد بشكل عام، وهو فعلاً ما
سجلته الأرقام التي تتحدث عن خفضت التصنيف الائتماني لقبرص بدرجتين من
"بي بي-" الى "بي"، لتقترب بذلك الجزيرة المتوسطية اكثر الى فئة الدول
العاجزة عن سداد مستحقاتها في الآونة الأخيرة، وبالتالي سيؤثر ذلك على
مجمل المصارف القبرصية واقتصادياتها خلال السنوات المقبلة.
قبرص وضغوط الاتحاد الأوروبي
في سياق متصل قد تكون أقوى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل
ألمانيا وفرنسا راضية عن رؤية الصراع في قبرص يحتدم بدلا من أن يحل
بالتوصل إلى اتفاق محتمل من شأنه أن يقرب تركيا بدرجة أكبر من عضوية
الاتحاد.
والجمهورية القبرصية التي يديرها القبارصة اليونانيون (800 ألف نسمة)
مفلسة. وبعد تعرضها الكبير لأزمة ديون اليونان ولمغامرات سيئة من جانب
بنوكها تقول الحكومة إن أموالها قد تنفد بحلول أبريل نيسان ما لم تتلق
إنقاذا من الاتحاد الأوروبي، وتحتاج نيقوسيا بشدة لنحو 17 مليار يورو
من شركائها في منطقة اليورو أي ما يعادل الناتج الاقتصادي في عام
بكامله. وهو ما يمثل 19722 يورو (26800 دولار) للفرد في القطاع
اليوناني من الجزيرة.
ومن شأن ذلك أن يعطي بروكسل وسيلة تضغط بها على القبارصة اليونانيين
للتعاون مع القبارصة الأتراك في شمال الجزيرة في اتحاد فضفاض للمنطقتين
من النوع الذي اقترحه في عام 2004 كوفي عنان الأمين العام للأمم
المتحدة في ذلك الوقت، وفي ذلك الوقت صوت القبارصة الأتراك لصالح خطة
عنان وشجعتهم تركيا التي تنشر قوات يبلغ قوامها نحو 30 الف جندي في
شمال قبرص أغلبهم من المفترض أن يعودوا إلى ديارهم بحلول عام 2018.
وغزت تركيا شمال قبرص في عام 1974 ردا على انقلاب عسكري قصير الأمد
في نيقوسيا مدعوم من اليونان نفذه قبارصة يونانيون متشددون يسعون إلى
الاتحاد مع أثينا. وقسمت الجزيرة منذ ذلك الحين، وكان القبارصة
اليونانيون مطمئنين إلى أنهم سيقبلون في عضوية الاتحاد الأوروبي حتى لو
رفضوا خطة الوحدة فصوتوا لصالح رفض خطة عنان في استفتاء عليها قبل
اسبوع من انضمامهم للاتحاد الأوروبي.
وشعر مسؤولون بالاتحاد الأوروبي خاصة جونتر فيرهوجن مفوض الاتحاد
الأوروبي لشؤون التوسعة في ذلك الوقت بأنهم خذلوا، وقال فيرهوجن "التفاهم
كان واضحا جدا عندما أعطينا تركيا وضع مرشح للعضوية في 1999 وكان أكثر
وضوحا عندما استكملنا المفاوضات مع قبرص في 2002: القبارصة اليونانيون
لم يكونوا ليسمحوا بفشل خطة السلام وإذا فشلت بسبب القبارصة الأتراك
ستتمكن قبرص من الانضمام."
واضاف فيرهوجن "كنا قريبين جدا. المشكلة اننا في نهاية الأمر لم يكن
لدينا أي ورقة ضغط على القبارصة اليونانيين لانهم كانوا يعرفون انهم
سينضمون على أي حال"، وكان الخاسر الأكبر هو القبارصة الأتراك الذين
ظلوا معزولين اقتصاديا ومستبعدين من الاتحاد الأوروبي. واستمر القبارصة
اليونانيون في استخدام عضويتهم في عرقلة مفوضات تركيا للانضمام إلى
الاتحاد الذي يضم 27 دولة.
وفي ذلك الوقت صرفت بروكسل بعض الأموال التي كانت تعهدت بها
للقبارصة الأتراك من أجل التنمية الاقتصادية وتعهدت بالسماح لهم بتصدير
منتجاتهم مباشرة للاتحاد الأوروبي. لكن القبارصة اليونانيين عطلوا
التجارة المباشرة في حين رفضت تركيا السماح بمرور القبارصة اليونانيين
عبر موانيها ومطاراتها، وعلى أقل تقدير أصبح بإمكان الاتحاد الأوروبي
استخدام خطة انقاذ مالي لقبرص في محاولة السماح بتجارة مباشرة للقبارصة
الأتراك مما قد يشجع الأتراك على رفع الحظر، والشخص المرجح فوزه في
انتخابات الرئاسة القبرصية المقررة يوم 17 فبراير شباط وهو المحافظ
نيكوس اناستاسيادس صوت لصالح خطة عنان. وتقوم الأمم المتحدة بمراجعة
الوضع الراهن في المحادثات ومن المتوقع أن يعود ألكسندر داونر المبعوث
الخاص للامم المتحدة إلى الجزيرة في مارس آذار المقبل.
لكن بعض الدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي يقولون أنه سيكون من
الخطر سياسيا ممارسة ضغوط دبلوماسية باستغلال المعاناة الاقتصادية
لقبرص. وحذروا من أن اي ربط قد تكون له آثار عكسية ويخدم المتشددين
القوميين على الجانبين، ويقول المتشككون إن من المناسب تماما لبرلين
وباريس الإبقاء على المشكلة القبرصية في حالة تأزم طويلة الأمد لأن ذلك
يمنع تركيا من التقدم باتجاه الانضمام للاتحاد الأوروبي، وقال وسيط
سابق في الجزيرة طلب عدم الكشف عن هويته لأنه مازال على صلة بالجهود
الدبلوماسية "أوروبا نفسها منقسمة بشأن المسألة القبرصية. هناك العديد
من الدول التي ليست لها أي مصلحة على الإطلاق في حل المشكلة لأن ذلك
سيدفع انضمام تركيا قدما."
وكانت الولايات المتحدة لها دور نشط في محاولة التوصل إلى تسوية
للنزاع القبرصي والذي اعتبرته بؤرة صراع محتملة في شرق البحر المتوسط،
وتحتفظ بريطانيا المستعمر السابق بقواعد سيادية في الجزيرة تعد مواقع
مراقبة حيوية بالنسبة للشرق الأوسط وكانت مفيدة عندما قادت الولايات
المتحدة الغزو على العراق وفي أفغانستان، لكن اهتمام الولايات المتحدة
بسياسة لي الأذرع تراخى فيما يبدو منذ أن اكتشفت قبرص كميات كبيرة من
الغاز الطبيعي في مياهها وبدأت العمل بالتعاون مع إسرائيل أكبر حليف
لواشنطن في المنطقة على الاستفادة من هذه الثروة البحرية.
وهذا الثراء المنتظر من الموارد المكتشفة في قاع البحر قد يساعد
نيقوسيا في نهاية الأمر على سداد أموال الانقاذ. فمن سبل سداد قروض
الانقاذ الاقتراض مرة أخرى بضمان إيرادات الغاز المستقبلية المنتظر أن
تبدأ في التدفق في عام 2019، وفي هذه المرحلة فإن أي حافز للتوصل إلى
تسوية مع القبارصة الأتراك قد يتبخر وسط أحلام الغاز. فإذا أرادت الدول
الأوروبية ممارسة بعض النفوذ فعليها ان تتحرك الآن او تصمت للأبد.
وفي حين قد يكون لدى بروكسل الآن وبشكل مؤقت ورقة ضغط على القبارصة
اليونانيين فإن نفوذها على تركيا يتقلص. وانتخب القبارصة الأتراك
المتشدد درويش ايروغلو رئيسا في عام 2010. وهو يفضل الاستقلال
للجمهورية التركية في شمال قبرص المعلنة من جانب واحد، وقال الوسيط
السابق "تركيا لم تعد بأي حال بنفس درجة استعدادها لتقديم تنازلات كما
كانت في عام 2004"، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن قلة من الأتراك يعتقدون أن
الاتحاد الأوروبي سيقبل عضوية بلادهم في أي وقت من الاوقات ويعارض الآن
ثلثا الأتراك الانضمام للاتحاد الأوروبي كما يرجع أيضا لأن أنقرة حققت
نجاحات اقتصادية كبيرة في السنوات العشر الماضية فلم تعد بنفس الحاجة
للانضمام للاتحاد الأوروبي.
ويقول علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي إن عملية الانضمام
للاتحاد الأوروبي ساعدت تركيا على تنفيذ إصلاحات ديمقراطية واقتصادية
وعززت سيادة القانون مما دعم الازدهار الاقتصادي على مدى عشر سنوات زاد
خلالها نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي إلى ثلاثة امثاله، وقال
باباجان للصحفيين في دافوس بسويسرا "عضوية الاتحاد الأوروبي مسألة
استراتيجية بالنسبة لنا... نعمل على تحقيق هذا الهدف منذ 1959 ...
ويبدو اننا مازلنا نحتاج لوقت طويل حتى يتحقق ذلك"، وتابع أنه في حين
كانت عملية السعي للانضمام فعالة جدا في جذب الاستثمارات فإن العضوية
الكاملة "لم تعد هدفا رئيسيا بالنسبة لنا الآن لأن بعض ما يجرى في
الاتحاد الأوروبي لا نرضى عنه بشكل كامل" مشيرا إلى قواعد سوق العمل
الجديدة التي يراها خانقة، وتقدمت قبرص احدى أصغر دول منطقة اليورو
بطلب للحصول على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد
الدولي في يونيو حزيران الماضي بعد أن تضررت بنوكها بشدة بقرار للاتحاد
الأوروبي بشطب ديون اليونان المستحقة للمستثمرين من القطاع الخاص.
ويطالب مسؤولون بالاتحاد الأوروبي بأن تقلص قبرص قطاعها المصرفي
وتخصخص الشركات الحكومية وتجري إصلاحات اقتصادية كشروط للمساعدة. وأثار
المشرعون الألمان مخاوف تتعلق بما يزعم أنه عمليات غسل أموال وهو ما
تنفيه بشدة الحكومة القبرصية، ولكن حتى الآن لم يربط أحد بين خطة
الانقاذ وبين التسوية السياسية في فرصة ربما تكون الأخيرة للتوصل إلى
تسوية قبرصية قد لا تجد من يستغلها وسط غياب الاهتمام الأوروبي.
تسونامي المصارف اغرقت قبرص
من جهته اعلن الرئيس القبرصي ديميتريس خريستوفياس ان بلاده كان يمكن
ان تواجه ازمة منطقة اليورو لوعمل البنك المركزي بشكل افضل لحل مشاكل
القطاع المصرفي في الجزيرة المكشوف على الديون اليونانية، وقال
خريستوفياس في خطاب امام متقاعدين "كان بامكاننا ان نخرج من الازمة
ولكننا واجهنا +تسونامي+ يدعى المصارف التي، وبدون اي مراقبة من حاكم
البنك المركزي، اثرت عمليا بشكل سلبي على الاقتصاد".
وباستمرار، يؤكد الرئيس الشيوعي الذي يتعرض للانتقاد بسبب ادارته
للازمة ان طلب قبرص لخطة انقاذ سببه التساهل الذي اظهره حاكم البنك
المركزي اثاناسيوس اورفانيدس وسلوك المصارف القبرصية، وفي استطلاع
للرأي اجري اخيرا، اعرب 71% من الاشخاص عن امتعاضهم للطريقة التي ادار
فيها خريستوفياس المفاوضات مع الترويكا (الاتحاد الاوروبي والبنك
المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي). بحسب فرانس برس.
واضاف خريستوفياس "نحن ضحايا الازمة المالية الدولية (...) ولكن
يبدو ان ادارة خريستوفياس هي المسؤولة عن الازمة. هذا ما يقولونه لنا
يوميا"، وتابع "لقد ارغمنا على الدفاع عن آلية الاستقرار الاوروبي
ولكننا اضطررنا للدفاع عن الحقوق الاساسية ومكتسبات العمال"، واعلنت
نيقوسيا انها تحتاج الى نحو 17 مليار يورو من بينها 10 مليارات لتعويم
المصارف التي تأثرت كثيرا بسبب الديون اليونانية. وتجري محادثات بين
قبرص والترويكا منذ حزيران/يونيو الماضي، ورغم ان قبرص اتخذت اجراءات
تقشف قاسية تهدف الى توفير اكثر من مليار يورو بناء على طلب الترويكا،
فان شركاءها الاوروبيين طالبوها بمزيد من الاصلاحات.
قرض روسيا
من جهتها اعربت روسيا عن ترددها في منح قبرص قرضا جديدا، وفضلت بدلا
من ذلك تخفيف شروط المساعدة التي سبق وقدمتها للجزيرة، مشيرة الى ان
الاتحاد الاوروبي سينقذها من مشاكلها المالية وليس موسكو، ونقلت وكالات
الانباء الروسية عن وزير المال الروسي انتون سيلوانوف قوله "رفع الينا
طلب للحصول على قرض جديد وتخفيف شروط القرض الذي سبق ان منح. ونفضل درس
الطلب الثاني"، واضاف ان "التدابير التي ستتخذها روسيا لن تنقذ قبرص
التي لن تنهض بوضعها المالي الا بدعم الاتحاد الاوروبي".
والوزير الذي سبق ان تحدث مطلع كانون الثاني/يناير عن احتمال تخفيف
شروط القرض الذي منح لقبرص في 2011 بقيمة 2,5 مليار يورو، اوضح ان
موسكو قد توافق على "اعادة جدولة الدين وتخفيض معدلات الفائدة"،
ونيقوسيا التي تأثرت كثيرا بالازمة اليونانية، تتفاوض منذ حزيران/يونيو
مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي بشأن
خطة انقاذ. وتقول انها بحاجة الى 17 مليار يورو منها 10 مليارات لاعادة
رسملة قطاعها المصرفي، والمفاوضات بين الترويكا والسلطات القبرصية
تراوح مكانها خصوصا لان قبرص ترفض اجراء عمليات الخصخصة المطلوبة. بحسب
فرانس برس.
كما ان عملية تقييم حاجات المصارف تأخرت، واعلن وزير المال القبرصي
فاسوس شيارلي ان مجموعة يوروغروب تدرس امكانية اشراك روسيا في الخطة
لانقاذ قبرص، واكد الرئيس القبرصي ديمتري خريستوفياس انه تحادث هاتفيا
مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي "اكد ان روسيا مستعدة للمساهمة
مع الاتحاد الاوروبي في اتفاق لمنح قبرص قرضا"، وفي حديث نشرته صحيفة "هاندلسبلات"
الالمانية الاسبوع الماضي، رأى رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف
ان على نيقوسيا والاتحاد الاوروبي اولا ايجاد حل. واضاف "لكننا لا نرفض
المساعدة مع بعض الشروط".
المانيا وحسد بلدان يمنعان التوصل الى خطة
انقاذ
من جهة أخرى اعلن مسؤولون في جمهورية قبرص ان المانيا التي هي في
خضم حملة انتخابية، ودولا تحسد الجزيرة على كونها مركزا ماليا تعرقل
الجهود للاتفاق على خطة انقاذ اوروبية لتفادي افلاسها، وقبرص التي تأثر
اقتصادها كثيرا بسبب الازمة اليونانية، تتفاوض منذ حزيران/يونيو مع
صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي بشأن
خطة انقاذ. وتعتبر الجزيرة انها بحاجة الى 17 مليار يورو منها 10
مليارات لاعادة رسملة قطاعها المصرفي، وانتقد مسؤولون المان خطة
المساعدة هذه واوردت وسائل اعلام المانية معلومات مفادها ان الجزيرة
المتوسطية تستخدم خصوصا من قبل المافيا الروسية كمركز لتبييض الاموال،
وقال مصدر حكومي قبرصي طلب عدم كشف اسمه "انها مسألة سياسية بسبب
الانتخابات الالمانية"، وصرح المصدر تعقيبا على الاتهامات بتبييض
الاموال "اننا نلتزم بكافة توصيات صندوق النقد الدولي ومجموعة يوروغروب
لكي تتوقف هذه الادعاءات"، واعتبر المصدر ايضا ان هذه الاتهامات تبرر
ب"حسد بعض الدول لكون الجزيرة مركزا ماليا"، وبحسب وزير المال السابق
ميخاليس ساريس يتم التداول دائما بموضوع تبييض الاموال لانها "مسألة
جذابة" تستفيد منها كثيرا وسائل الاعلام والحملة الانتخابية في المانيا.
وصرح "على قبرص ان تكون فوق الشبهات وان تقوم باكثر من اللازم
لاثبات انها مركز مالي نظيف"، وقد اعلن المتحدث باسم الحكومة ستيفانوس
ستيفانو "من الواضح ان مصالح شخصية تقف وراء الهجمات التي تتعرض لها
قبرص. الذين يهاجمون قبرص يريدون ان يصبحوا مركزا ماليا دوليا مكانها".
وقال ان قبرص رابع مستثمر في روسيا والثاني في اوكرانيا، وفي حين
تؤكد الحكومة انها منفتحة لخضوع قطاعها المالي لمراقبة معمقة، اطلق
البرلمان القبرصي حملة للدفاع في اوروبا عن صيت الجزيرة "النظيف"، واكد
مسؤول في البنك المركزي القبرصي ميخاليس ستيليانو "نقوم بكل ما في
وسعنا لتطبيق كافة التوصيات الدولية"، واضاف ان قبرص حصلت على "تقييم
جيد للغاية" في مجال مكافحة تبييض الاموال من لجنة مانيفال في مجلس
اوروبا، واعتبر دويتشه بنك في تقرير ان هناك "تركيزا مفرطا" على قضية
تبييض الاموال، وجاء في التقرير "الامر يتعلق اكثر بوضع قبرص كجنة
ضريبية مزودة بنظام مصرفي غير شفاف يستخدمه الاجانب كثيرا"، مشيرا الى
ودائع لغير مقيمين تصل قيمتها الى 24 مليار يورو القسم الاكبر منها من
روسيا. بحسب فرانس برس.
وفي حين طبقت نيقوسيا اجراءات تقشف صارمة ترمي الى ادخار مليار يورو
كما اوصت الترويكا (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق
النقد الدولي) دعاها شركاؤها الاوروبيون ومنهم المانيا الى تطبيق مزيد
من الاصلاحات، والمفاوضات بين الترويكا والسلطات القبرصية تراوح مكانها
خصوصا لان قبرص ترفض اجراء عمليات الخصخصة المطلوبة، كما ان عملية
تقييم حاجات المصارف تأخرت.
واختارت منطقة اليورو انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية في قبرص
التي تجري الدورة الاولى منها في 17 شباط/فبراير، لاتخاذ قرار، في
موازاة ذلك، خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجمعة تصنيف قبرص
درجتين من "بي بي-" الى "بي"، لتقترب بذلك اكثر من فئة الدول العاجزة
عن سداد مستحقاتها.
وكالة فيتش
الى ذلك خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف قبرص درجتين من "بي
بي-" الى "بي"، لتقترب بذلك الجزيرة المتوسطية اكثر الى فئة الدول
العاجزة عن سداد مستحقاتها، وبحسب فيتش التي سبق ان خفضت تصنيف قبرص
درجتين ايضا اواخر تشرين الثاني/نوفمبر فان الدعم الذي يفترض ان تقدمه
الحكومة للمصارف القبرصية يجب ان يكون "اكبر" مما كان يعتقد حتى الان.
بحسب فرانس برس.
واوضحت الوكالة في بيان انه اذا كانت "الاكلاف الاجمالية لاعادة
رسملة القطاع المصرفي قد ترتفع الى 10 مليارات يورو"، فانها تعتقد ان
المبلغ الحقيقي اللازم قد يتجاوز هذا الرقم ما يعني وجوب زيادة قيمة
برنامج المساعدة الجاري التفاوض عليه بين نيقوسيا وترويكا الجهات
الدائنة والبالغة قيمته حاليا 17 مليار يورو، واوضحت فيتش انه في هذه
الحال فان الدين العام القبرصي قد يبلغ 140% من اجمالي الناتج المحلي
في 2013 عوضا عن 120% بحسب التوقعات السابقة، وحذرت فيتش من انه "من
المرجح جدا" ان تقع قبرص في حالة تخلف عن السداد في حزيران/يونيو عندما
تستحق سندات بقيمة 1,4 مليارات يورو، وابقت الوكالة الجزيرة المتوسطة
تحت مراقبة سلبية، مشيرة الى انها لا تستبعد خفض تصنيفها مجددا اذا ما
تبين ان حاجة المصارف للدعم ستكون اكبر مما يعتقد حاليا.
الحياة المدنية تقضم شيئا فشيئا المنطقة
العازلة
على الصعيد نفسه المنطقة العازلة التي تقسم قبرص الى شطرين ليست
مقفرة كما عتقد فثمة بلدات فيها ويعمل الكثير من المزارعين في حقولها
وتتطور فيها النشاطات بفضل عملية نزع الالغام وانضام الجزيرة الى
الاتحاد الاوروبي.
المنطقة العازلة التي تديرها الامم المتحدة تقسم الجزيرة الى شطرين
منذ الاجتياح التركي العام 1974. ونظريا لا يمكن عبورها الا من سبعة
معابر فتحت في اطار المفاوضات من اجل اعادة توحيد الجزيرة، وتغطي
المنطقة العازلة 3 % من مساحة قبرص وهي تمر في قلب العاصمة نيقوسيا حيث
توقف الزمن في شوارع كاملة تحولت فيها المتاجر الى اشباح مع اعلانات
قديمة، ولا يمكن زياراتها الا برفقة دورية عسكرية للامم المتحدة.
لكن على بعد كيلومترات قليلة قرب بلدة ماماري يربي ثلاثة اشقاء
عشرات الاف الخنازير في المنطقة العازلة موفرين جزءا كبيرا من لحم هذا
الحيوان المستهلك في الجزيرة، ويعبر عشرات العمال والمزودين والزبائن
يوميا حاجز الامم المتحدة الذي غالبا ما يكون مهجورا للوصول الى
اعمالهم.
ويقول نيوفيتوس نيوفيتو الذي فتح عيادة للطب البيطري في مزرعة والده
"كل ستة اشهر عندما يأتي فريق جديد من الامم المتحدة تدب فيهم الحماسة.
وينبغي علينا عندها ان نبرز بطاقات هوية لكل الاشخاص الذين يأتون الى
هنا. الامر مستحيل لذا تحصل ترتيبات"، ونتيجة عملية نزع الغام واسعة
باشرتها الامم المتحدة في 2004 وكادت تنتهي الان، اعيد اكثر من ثلث
المنطقة العازلة الى المدنيين واستعادت الكثير من حقول الزيتون
والبساتين نشاطها، ويوضح ميشال بوناردو الناطق باسم قوة الامم المتحدة
لحفظ السلام في قبرص "في السابق كان الناس يخشون الاقتراب لكن مع
استقرار الوضع يزداد عدد الاشخاص الذين يريدون استغلال اراضيهم في
المنطقة العازلة".
ويضيف "انضام قبرص الى الاتحاد الاوروبي زاد من هذا الميل ايضا ومنذ
العام 2008 تطبق السياسة الزراعية المشتركة على كل الاراضي، واستغلال
هذه الاراضي يمنح امكانية الحصول على مخصصات ودعم"، وهكذا استعاد سكان
بلدة ماماري القبرصية اليونانية الواقعة في المنطقة العازلة اراضيهم
التي كانت الامم المتحدة تمنع الدخول اليها لتجنب اي احتكاك مع القوات
التركية المجاورة، ويوضح ستيليوس خريستوفي وهو سبعيني من سكان البلدة
"لم يعد هناك حاجز ثابت يمكننا ان نتوجه بحرية الى الحقول". وعلى
المزارعين ان يحصلوا فقط على تصريح باستغلال الارض مرتين في السنة من
قوة الامم المتحدة.
ويقول ميخالاكيس ميخائيل وهو يقطف الزيتون "في نهاية الدرب تتمركز
القوات التركية لكن لا مشاكل معها. هطلت امطار غزيرة وقد جرفت المياه
بعض الالغام التركية الى هنا. وقد فجرتها الامم المتحدة كلها وحلت
القضية"، في بعض المناطق يزرع القبارصة الاتراك والقبارصة اليونانيون
الارض جنبا الى جنب في مثال نادر على التعايش اليومي. بحسب فرانس برس.
تسهيل عودة الوضع الى طبيعته في المنطقة العازلة جزء من مهمة الامم
المتحدة الا ان القوة الدولية تخشى وقوع حوادث مع ازدياد عدد الزوار
الى المنطقة خصوصا ان عدد عناصر الشرطة التابعة لها تقتصر على العشرات
مع صلاحايت محدودة جدا للحفاظ على النظام.
ولا تنظر الامم المتحدة بعين الرضا ايضا الى بناء جامعة في بلدة
بيلا البلدة الوحيدة التي يقيم فيها قبارصة يونانيون واتراك جنبا الى
جنب، والتي قد تستقطب الفي طالب، والى جانب الزراعة فان توسع المدينة "يقضم"
ايضا من المنطقة العازلة. فثمة احياء في غرب نيقوسيا قد تجاوزت الخط
الاخضر غير المرسم بوضوح في تلك المنطقة. |