تونس تحت هيمنة الاسلاميين والانزلاق نحو الفوضى

 

شبكة النبأ: تعاني بلاد الياسمين من انقسامات وصراعات سياسية غير مسبوقة في الوقت الحالي، بسبب أسوأ أزمة سياسية لها، منذ تولي حزب النهضة الإسلامي السلطة قبل أكثر من عام، وذلك بسبب إصرار أمينه العام حمادي الجبالي الذي يرأس الحكومة على تشكيل حكومة تكنوقراط، بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، الذي أدى الى انزلاق الحكومة والبلاد الى حالة من الفوضى واتساع هوة الخلافات بين حزب حركة النهضة الإسلامية والقوى السياسية العلمانية.

وقد كشفت الاضطرابات السياسية الحالية عن تناقض حاد بين الإسلاميين والليبراليين حول طبيعة نظام الحكم والدستور فضلا عن معايير الاجتماعية والحريات كحرية التعبير والحريات الاجتماعية ايضا، حيث تتهم المعارضة العلمانية السلطة الاسلامية بمحاولة الهيمنة والاستحواذ واسلمة الدولة.

وعلى الرغم من سريان عملية الانتقال السياسي في تونس بشكل أكثر سلمية منها في دول عربية أخرى مثل مصر وليبيا وسوريا، لكن تصاعد التوترات بين الإسلاميين الذين اوصلتهم الانتخابات الى السلطة، والليبراليين الذين يخشون فقدان حريات اكتسبت بشق الأنفس، يضع البلاد في حالة من عدم الاستقرار التي تلقي بظلالها على المجالات كافة.

في حين يشكل المد السلفي المتنامي بقوة، من ابرز المشاكل السياسية والمجتمعية، وذلك نتيجة اعمال العنف التي يمارسها السلفيين ضد النخبة العلمانية من المجتمع، حيث اثارت تلك الممارسات العنيفة مخاوف كبيرة لدى الشعب التونسي، من تشكل الجماعات السلفية خطرا جديدا قد يبدد منجزات الثورة.

بينما يرى بعض المحللين بأن حالة عدم اليقين السياسي واضطرابات الشوارع قد تلحق ضررا بالاقتصاد التونسي المرهق اصلا، في الوقت الذي يشتد غضب الشارع منذ اشهر لغياب اصلاحات اقتصادية واجتماعية لتلبية مطالب الثورة التي اطاحت بزين العابدين بن علي.

لذا يرى معظم المراقبين للوضع السياسي في تونس انه بات ما بين انقسام الاسلاميين ومقاطعة اربعة احزاب معارضة للمجلس التأسيسي الوطني منذ اغتيال شكري بلعيد والاختلافات حول طبيعة النظام المقبل، ستظل صياغة الدستور متعثرة، فربما تعلن معركة السياسية في تونس عن تحدي وصراع جديد يضع جميع اللاعبين الرئيسيين تحت وطأة المؤامرات في الآونة المقبلة، مما اثار مخاوف كبيرة داخل الشعب التونسي من انزلاق تونس في وحل الفوضى مجددا، وخلاصة القول يعكس هذا الخلاف بين الإسلاميين والليبراليين، صراعا أوسع بشأن الهوية في البلاد التي ظلت لعقود من بين أكثر الدول علمانية في العالم العربي.

وبالتالي وضعت تلك العوامل آنفة الذكر بلاد الياسمين على حافة مواجهة سياسية شرسة، حتى وصلت العلاقة بين الحكومة الاسلامية والمعارضة العلمانية في تونس درجة عالية من الحساسية السياسية مع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، مما يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد ومكلفة الخسائر قد تنتج فوضى لا تحمد عقباها.

أزمة متفاقمة

في سياق متصل تتفاقم الأزمة السياسية في تونس التي تواجه انعكاسات لاغتيال المعارض شكري بلعيد، وازداد الغموض بسبب النزاع المفتوح بين رئيس الوزراء حمادي الجبالي وحركة النهضة الاسلامية الحاكمة التي ينتمي اليها.

وما زال الجيش منتشرا في البلاد وقوات الامن في حالة تاهب رغم ان المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين التي اندلعت اثر اغتيال المعارض قد توقفت تقريبا، وقتل شرطي وجرح 59 شخصا في تلك الصدامات على ما افادت حصيلة رسمية.

وباتت الطبقة السياسية والشارع ينتظران الان نتيجة مجازفة الجبالي، الرجل الثاني في حركة النهضة الذي فاجأ حزبه وكذلك حلفاءه من اليسار الوسط بمن فيهم الرئيس المنصف المرزوقي، باعلانه قرار تشكيل حكومة تكنوقراط، وبينما انتقده انصاره بشدة وايدته المعارضة العلمانية، اصر الجبالي على ذلك ملوحا بالاستقالة اذا لم يتوصل الى تشكيل حكومة تكنوقراط تضم "كفاءات وطنية" غير حزبية.

وقال في مقابلة صحافية "سيكون كل الوزراء من المستقلين" وعند الالحاح عليه والسؤال بالاشارة الى وزارات العدل والداخلية والخارجية، قال مؤكدا "بطبيعة الحال" في حين يرفض الاسلاميون التنازل عن تلك المناصب السيادية منذ اشهر. واقترح الجبالي على اعضاء الحكومة المقبلة ان يلتزموا بعدم الترشح الى الانتخابات المقبلة، ويحاول عدة قياديين في النهضة عرقلة هذه المبادرة معتبرين ان على الجبالي ان يحصل على ثقة نواب المجلس الوطني التاسيسي الذي يشغل فيه الاسلاميون 89 مقعدا من اصل 217، ورفض رئيس الوزراء الذي يعتبر من المعتدلين في حزبه، تلك المبررات معتبرا ان المجلس منحه الحق في تعديل حكومته عندما عينه رئيسا للوزراء في كانون الاول/ديسمبر 2011.

وافاد بيان من قصر قرطاج ان الرئاسة عقدت اجتماعا مع مجموعة خبراء لهذا الغرض، وبالفعل ينص القانون الذي يدير موقتا السلطات العمومية ان بامكان رئيس الحكومة "تشكيل وتعديل والغاء الوزارات وكتابات الدولة وتحديد صلاحياتها بعد اقرار مجلس الوزراء وابلاغ رئيس الجمهورية"، وابدت صحيفة "لابرس" تفاؤلا عندما كتبت انه "يبدو ان حكومة الكفاءات التي اعلنها حمادي الجبالي ماضية قدما وتفتح ابواب الامل امام فئات واسعة جدا من الراي العام احبطها اغتيال بلعيد تماما".

غير ان الجناح المتشدد في حركة النهضة حذر من انه مستعد للخروج الى الشارع دفاعا عن "الشرعية الانتخابية" ملمحا الى استمرار الصعوبات في تونس وعدم استقرارها بعد سنتين من اندلاع ثورة 2011، وكذلك الانشقاق بين الاسلاميين. بحسب فرانس برس.

وشارك ثلاثة الاف شخص في تظاهرة للاسلاميين في تونس العاصمة والف في قفصة (وسط).

وقال لطفي زيتون المقرب من زعيم النهضة راشد الغنوشي بعد استقالته مؤخرا من منصب مستشار رئيس الوزراء ان "هذا التجمع المتواضع (...) يدل على اننا لن نخسر معركة الشارع".

استعراض للقوة

في المقابل نظم آلاف الإسلاميين مسيرة في العاصمة التونسية في استعراض للقوة بعد يوم من جنازة سياسي معارض اغتيل في الاونة الاخيرة شاركت فيها أكبر حشود شهدتها شوارع تونس منذ الانتفاضة التي اندلعت قبل عامين، واحتشد نحو ستة آلاف من أنصار حركة النهضة الإسلامية الحاكمة دعما لزعيمهم راشد الغنوشي الذي استهدفته شعارات غاضبة رفعها بعض المشاركين في جنازة شكري بلعيد وهو زعيم معارض وأحد المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان.

وهتف الإسلاميون "الشعب يريد النهضة من جديد" ولوحوا بأعلام تونس وحركة النهضة اثناء مسيرتهم إلى وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة في وسط المدينة، وبدت مظاهرة الإسلاميين صغيرة بالمقارنة مع عشرات الآلاف الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة وبعض المدن الأخرى لتشييع بلعيد والاحتجاج على الحكومة التي يقودها الإسلاميون مرددين شعارات من بينها "الشعب يريد ثورة من جديد". بحسب رويترز.

وحملت أسرة بلعيد حركة النهضة المسؤولية عن اغتياله. وينفي الحزب أي تورط، وبعد اغتيال بلعيد تعهد رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية لإدارة البلاد لحين إجراء انتخابات رغم اعتراضات من داخل حركة النهضة التي ينتمي إليها وشريكيها الصغيرين غير الإسلاميين في الائتلاف الحاكم لعدم استشارتهم في هذه الخطوة.

اضطرابات غير مسبوقة

فقد يواجه حزب النهضة الاسلامي الحاكم ازمة سياسية غير مسبوقة منذ توليه السلطة قبل اكثر من عام، بسبب اصرار امينه العام حمادي الجبالي الذي يراس الحكومة على تشكيل حكومة تكنوقراط، بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، وذلك بالرغم من رفض حزبه الذي تظاهر انصاره "للدفاع عن الشرعية".

وهدد الجبالي بالاستقالة من رئاسة الحكومة ان فشلت جهوده في تشكيل حكومة تكنوفراط تضم "كفاءات وطنية" غير حزبية، وجاء التلويح بالاستقالة في وقت كان فيه اكثر من ثلاثة آلاف من الاسلاميين يتظاهرون بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس بدعوة من حركة النهضة للدفاع عن "شرعية الحكم" وادانة "التدخل الفرنسي" في الشؤون التونسية بعد تصريحات وزير فرنسي اغضبت الاسلاميين.

ونقلت وكالة الانباء التونسية الحكومية عن الجبالي قوله "في حال عدم القبول او حيازة الثقة، فاني ساتوجه الى رئيس الجمهورية (المنصف المرزوقي) لاطلب البحث عن مرشح آخر لتشكيل حكومة جديدة تفوز بثقة المجلس الوطني التأسيسي"، واعلن الجبالي انه سيكشف "أواسط الاسبوع القادم على اقصى تقدير" تشكيلة حكومة التكنوقراط ولفت الى انه "وجه رسائل الى كل الاطراف ليطلب منهم النصح من خلال تقديم مقترحات" بخصوص تركيبة حكومة التكنوقراط واشترط ألا يتجاوز اجل تقديم هذه المقترحات".

وشدد الجبالي على انه "لن يقبل بشروط من أي حزب كان" حول تشكيل الحكومة.

ولاحظ ان المقترحات المتعلقة بتشكيلة الحكومة "تخضع لاربعة مقاييس وهي الا يكون المرشح "شارك في الجريمة ضد الشعب التونسي، أو أن يكون منتميا سياسيا انتماء واضحا، والا يترشح للانتخابات القادمة، وبطبيعة الحال أن يكون كفاءة في مجاله".

واوضح  انه سيتم استبدال الوزراء الاسلاميين الذين يتولون الوزارات السيادية في الحكومة التونسية بوزراء مستقلين، وقال "سيكون كل الوزراء من المستقلين" وعند الالحاح عليه في السؤال بالاشارة الى وزارات العدل والداخلية والخارجية، قال مؤكدا "بطبيعة الحال"، ويتولى هذه الوزارات حاليا قياديون في حزب النهضة هم نور الدين البحيري (العدل) وعلي العريض (الداخلية) ورفيق عبد السلام (الخارجية) والاخير صهر رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي.

وفي الاسابيع الاخيرة اكد حزب النهضة مرارا ، ردا على مطالبة المعارضة، انه لن يتخلى عن الوزارات السيادية، واضاف الجبالي في المقابلة "اذا لم اجد قبولا سياسيا من الاحزاب في المجلس التاسيسي ساعتبر اني لم انجح (..) وعندها سنطبق الدستور ورئيس الجمهورية يرشح شخصا اخر لرئاسة الحكومة"، وشدد على ان مبادرته بالدعوة لتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية جاءت ردا على جريمة اغتيال بلعيد وبعد تاخر تفاعل الاحزاب السياسية مع مسعى لتحوير وزاري بدا الحديث عنه منذ تموز/يوليو 2012.

واوضح "اعطيت الفرصة لايجاد ائتلاف حكومي واسع يوسع القاعدة السياسية والوفاق الوطني ويمهد لانتخابات سريعة (لكن) بعد الجريمة وتاخر رد الاحزاب، وجدت نفسي في موقف صعب وازاء بلاد يراد لها ان تسقط في الفوضي جراء الجريمة وما قد يتبعها من ردود فعل غير عاقلة، فاردت ان اضع حدا للفوضى".

وخاطب الجبالي معارضيه قائلا "اذا افشلتم هذه المبادرة ماذا ستفعلون بتونس؟ ما هو البديل؟ قانون الغاب؟ شرعية الشارع؟ ام ماذا؟"، واوضح ردا على مواقف معارضة داخل الائتلاف الثلاثي الحاكم وبينه حزبه النهضة قالت ان الجبالي لا يمكنه تشكيل حكومة دون المرور بالمجلس التاسيسي صاحب السلطة الاصلية، "هذا تحوير وزاري وليس هناك استقالة حكومة او رئيس حكومة ولست بحاجة للذهاب الى المجلس التاسيسي" الذي يهيمن عليه نواب حزب النهضة وحلفائهما في حزبي المؤتمر والتكتل، للحصول على موافقته، ولاقى مقترح الجبالي عموما ترحيبا من المعارضة والمجتمع المدني.

ويقول مراقبون ان الخلاف بين الجبالي وحزبه يترجم بوضوح خلافات، تحرص حركة النهضة دائما على عدم اظهارها، بين الجناح "المتشدد" داخل الحركة بزعامة راشد الغنوشي و"المعتدل" بقيادة الجبالي، وقبل تهديدات الجبالي بالاستقالة، دعت حركة النهضة انصارها الى التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة ضد قرارات الجبالي ولادانة "التدخل الفرنسي" في شؤون تونس بعد تصريحات وزير فرنسي اغضبت الاسلاميين.

وقد انتقد وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس "فاشية اسلامية تبرز في كل مكان تقريبا" بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد الذي قتل بالرصاص امام منزله في العاصمة تونس، وقال فالس انه "ما زال يعلق امالا على الاستحقاق الانتخابي حتى تفوز به القوى الديموقراطية والعلمانية وتلك التي تحمل قيم ثورة الياسمين"، وقد استدعى حمادي الجبالي السفير الفرنسي بتونس فرنسوا غويات ليعرب له عن استيائه من تصريحات فالس.

وقال بهذا الصدد "لا نهول القضية ونضعها في اطارها، انا اغلقت القوس (..) نحن اصدقاء فرنسا وكل العالم ونطلب من اصدقائنا دعمنا وان يكونوا معنا في هذه اللحظات الصعبة"، وخطب لطفي زيتون القيادي في حركة النهضة في المتظاهرين الاسلاميين وضمنهم انصار النهضة وحزب التحرير وسلفيين، عبر مضخم صوت قائلا "هذه التظاهرة تم تنظيمها في اقل من 24 ساعة، وهي تجمع صغير لبعض ابناء العاصمة (..) هذه رسالة صغيرة للدفاع عن الشرعية (..) هذه الحركة حركة قوية بشعبها". بحسب فرانس برس.

واضاف زيتون الذي تصفه المعارضة بصاحب التصريحات "المتشنجة" قائلا "نحن مع شرعية صناديق الاقتراع، ولكن اذا اصرت بعض الاطراف ان يكون الحسم في الشارع نحن لا نخشى الشارع" ما اعتبره مراقبون تهديدا بادخال البلاد في "حرب شوارع"، وتابع "هذا التجمع المتواضع (..) يبرهن على اننا في معركة الشارع لسنا منهزمين".

وانتقد زيتون من "يتطاول على بلادنا ويتدخل في شؤوننا ويريد افشال التجربة" الديمقراطية في تونس فيما هتف المتظاهرون "فرنسا ارحلي"، وفي مؤشر على تخوف السلطات من انفلاتات جديدة في الشارع استمر انتشار عناصر من الجيش في الشارع في ظل حالة الطوارىء التي تعيش فيها تونس منذ ثورة 2011، واشاد راشد الغنوشي بخصال الراحل شكري بلعيد ووصف اغتياله بانه جريمة من تدبير "الثورة المضادة".

الغنوشي والجبالي

على الصعيد نفسه استبعد رئيس حزب النهضة الاسلامي راشد الغنوشي حدوث انقسام في الحركة بعد قرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي استبعاد الاسلاميين من الوزارات السيادية وتشكيل حكومة تكنوقراط، كما جاء في صحيفة جزائرية، وقال راشد الغنوشي في مقابلة مع صحيفة الخبر "لن يحصل انقسام في النهضة باذن الله. النهضة متمسكة بمؤسساتها (...) النهضة صارمة في موضوع وحدتها لكن في داخلها هناك تدافع في الراي، كل الآراء تسبح بكل حرية، ولذلك لا أرى أن وحدة النهضة مهددة".

ورفض الغنوشي "مبررات" الامين العام للحركة الذي يرأس الحكومة بشان قرار تشكيل حكومة تكنوقراط تضم "كفاءات وطنية" غير حزبية، وقال ان الجبالي "شرح القرار وقدم مبررات اتخاذه وظروفه. لكن بالنسبة لنا في الحركة، هناك مبررات لكنها لا تؤدي بالضرورة الى النتيجة نفسها التي وصل اليها". بحسب فرانس برس.

واضاف بخصوص تهديد رئيس الحكومة بالاستقالة "انا لا اتمنى ان نصل إلى هذه الحالة ولا اعتقد ان الظروف تسمح بذلك. ندرس الأمور بهدوء وبروية ونضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار ولدينا شركاء في الترويكا نتحاور معهم في هذا الامر بالصورة التي تخدم مصلحة تونس"، وتابع "اما بالنسبة للتمسك بالموقف من قبلنا ومن قبل رئيس الحكومة فهذه حالة سابقة لاوانها لا يمكن افتراضها ولا مناقشتها الآن، وهذا ما سندرسه في اجتماع مجلس الشورى.

انسحاب حزب الرئيس التونسي

من جهة أخرى سحب الحزب العلماني الذي ينتمي إليه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وزراءه الثلاثة من الحكومة التي يقودها إسلاميون قائلا إن مطالبه بإجراء تغييرات في الحكومة لم تنفذ، ويمثل قرار حزب المؤتمر من اجل الجمهورية انتكاسة أخرى لحكومة رئيس الوزراء حمادي الجبالي التي مازالت تواجه تداعيات اغتيال الزعيم العلماني المعارض شكري بلعيد، وقال سمير بن عمر المسؤول بالحزب إن الحزب يقول منذ اسبوع انه اذا لم يتم تغيير وزيري الخارجية والعدل فإنه سينسحب من الحكومة، وأضاف أن هذا القرار لا علاقة له بقرار رئيس الوزراء تشكيل حكومة من التكنوقراط في إشارة الى نية الجبالي المعلنة تشكيل حكومة غير حزبية لتسيير الأعمال لحين إجراء انتخابات. بحسب رويترز.

حشود ضخمة وصدامات مع الشرطة

الى ذلك شارك عشرات آلاف الاشخاص في تشييع جنازة المعارض التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل مرددين شعارات ضد سلطة الاسلاميين في تونس التي شهدت مواجهات بالرغم من انتشار الامن والجيش بكثافة.

وقالت وزارة الداخلية التونسية ان نحو 40 الف شخص شاركوا في تشييع جنازة بلعيد (48 عاما) التي تحولت الى تظاهرة ضد حزب النهضة الاسلامي الذي وجهت اليه اصابع الاتهام في هذه الجريمة التي لا سابق لها في تاريخ تونس المستقلة ويتحمل مسؤولية الازمة الامنية والسياسية التي تغرق فيها البلاد منذ اشهر.

ودفن الجثمان في مربع الشهداء في مقبرة الزلاج بالمدخل الجنوبي للعاصمة التونسية، والقى حمة الهمامي زعيم حزب العمال التونسي والجبهة الشعبية (تحالف احزاب يسارية وبعثية بينها حزب الوطنيون الديمقراطيون الموحد الذي كان بلعيد امينه العام)، في الجموع الخاشعة كلمة قصيرة لتابين المعارض الراحل، قال فيها بالخصوص "دمك لن يذهب هدرا، انت لم تمت، ستبقى حيا فينا، ونحن لن نخون ولن نتراجع ولن نتخاذل".

وسجلت اضطرابات على هامش الموكب الجنائزي حيث احرق "منحرفون" قدموا من احياء قريبة من المقبرة بعض السيارات واعتدوا على مدنيين والقوا حجارة على شرطيين التي ردت باطلاق الغاز المسيل للدموع مقابل المقبرة، وفي شارع الحبيب بورقيبة بقلب العاصمة طارد عناصر الشرطة بالهراوات والغاز المسيل للدموع عشرات المتظاهرين الشبان المناهضين للسلطة كانوا يهتفون "ديغاج" (اغرب) الشعار الشهير لثورة "الحرية والكرامة" بتونس في كانون الثاني/يناير 2011.

وقال خالد طروش المتحدث باسم وزارة الداخلية انه تم "توقيف 132 من مثيري الشغب" مشيرا الى ان التظاهرات في كامل البلاد جرت "عموما" بدون مشاكل كبيرة، ولمناسبة تشييع جنازة شكري بلعيد الذي اغتيل امام منزله بالعاصمة، شل اضراب عام دعت اليه احزاب معارضة والاتحاد العام التونسي للشغل (مركزية نقابية)، الحركة في البلاد.

وكان بلعيد معارضا شرسا للاسلاميين وكان يتولى منصب امين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين. ولم تعلن حتى الان اي معلومات بشان منفذي ومدبري اغتياله، ومن الشعارات التي ترددت الجمعة عند مدخل مقبرة الزلاج "الشعب يريد اسقاط النظام" و"الشعب يريد ثورة من جديد" قبل ترديد شعارات مناهضة لرئيس حزب النهضة راشد الغنوشي مثل "غنوشي يا سفاح يا قاتل الارواح" و"غنوشي احمل كلابك وارحل".

وحلقت مروحيات للجيش في سماء العاصمة حيث انتشرت عربات عسكرية في شارع الحبيب بورقيبة حيث سجلت صدامات في الايام الاخيرة قتل فيها شرطي. ودخل شرطي آخر في حالة غيبوبة الجمعة بعد تعرضه للضرب بايدي متظاهرين في قفصة (جنوب غربي)، كما تم نشر قوات من الجيش امام اهم المقار الادارية في مدينة جرجيس (جنوب شرقي) وفي سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية. بحسب فرانس برس.

وتظاهر في هذه المدن وغيرها مئات الاشخاص وهم يهتفون "قتلة" و"شكري ارتاح ارتاح، سنواصل الكفاح". وسجلت لفترة قصيرة صدامات في قفصة بين شرطيين ومتظاهرين، حدث ذلك رغم دعوة اتحاد الشغل والقوى السياسية الى "اضراب سلمي ضد العنف" وايضا دعوة السلطات الى "تفادي كل ما من شانه الاساءة للنظام العام"، ولقيت الدعوة للاضراب العام استجابة واسعة. والغيت كافة الرحلات الجوية من مطار تونس قرطاج واليه وبدت شوارع العاصمة مقفرة وعربات المترو فارغة، كما اغلق معظم المتاجر ابوابه والمؤسسات باستثناء الاسعاف الطبي الطارىء في المستشفيات والصيدليات والبقالات التي تبيع المواد الغذائية الاساسية، بحسب المركزية النقابية.

ولا تزال حالة الطوارىء سارية في تونس منذ بداية 2011 وتلاقي السلطات صعوبات في استعادة الامن مع تصاعد اعمال العنف التي ينسب اخطرها الى مجموعات اسلامية متطرفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/شباط/2013 - 2/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م