الخمر... قاتل يغوي الضحية!

 

شبكة النبأ: الإدمان على المشروبات الكحولية يعتبر اليوم من المشاكل الخطيرة في العديد من دول العالم، والتعريف الطبي لإدمان الكحول يعرفه على أنه مرض ناتج عن الاستخدام المستمر للكحول على الرغم من العواقب السلبية التي يحدثها وهو أحد أنواع الإدمان وقد ظهر مصطلح الكحولية منذ 200 عام والشيء المميز لها عدم قدرة المدمن في مراحلها النهائية من التوقف عن الشرب من أول كأس يشربها وقد حذر بعض الباحثين الأوربيين من أن الكحولية مرض دائم لا يشفى ويجب المحافظة على الامتناع الكلي حتى لا يقع الشخص في منزلق الشرب غير المسيطر عليه مرة أخرى ومما حذروا منه وإدمان الكحول أشد تأثيراً من المخدرات حسب عدد الإصابات وحسب الكلفة الاقتصادية الكلية، وأضراره صحية اجتماعية اقتصادية. تقدر كلفة سوء استعمال الكحول والكحولية من حيث نقص الإنتاجية ونفقات العلاج في الولايات المتحدة بحوالي 100 مليار دولار سنوياً كما تشير بعض المصادر، والكحولية في الولايات المتحدة تعد القاتل رقم ثلاثة بعد أمراض القلب والسرطان، ولو أضيف إليها رقم وفيات حوادث الطرق التي تنجم عن الكحول وما يدون في شهادات الوفاة سنجد أن الكحول هو القاتل رقم واحد في الولايات المتحدة.

الإدمان يقصّر العمر

في السياق ذاته ذكرت دراسة ألمانية أن الإدمان على الكحول يقصّر عمر الإنسان أكثر من الإدمان على التدخين، لاسيما لدى النساء. وقال مدير معهد علم الأوبئة والطب الاجتماعي في جامعة الطب في غريفسوالد الألمانية، جون ألريخ، الباحث الأساسي في الدراسة التي نشرت في دورية «ألكوهوليزم: كلينيكال إند إكسبيريمنتال ريسيرتش» الطبية «وجدنا أولاً أن معدلات الوفيات السنوية كانت أكثر بـ4.6 مرات لدى مدمنات الكحول من المدخنات، وأكثربـ1.9 مرة لدى مدمني الكحول بالمقارنة مع المدخنين».

وأضاف ألريخ «استنتجنا ثانيًا أن سن الوفاة لدى المدمنات على الكحول كانت 60 عاماً، و58 عاماً لدى المدمنين على الكحول»، مشيراً إلى أن هاتين السنّين أقل بـ20 عاماً تقريباً من سن الوفاة الطبيعية. ولفت إلى أن الأشخاص المدنين على الكحول لم يعش أي منهم ليبلغ سن وفاته المتوقعة عند الولادة. وقام الباحثون من جامعة الطب في غريفسوالد بدراسة معطيات أكثر من 4000 رجل وامرأة، قاموا بمتابعتهم على مدى 14 عاماً. ولفتوا إلى أن الدراسة وجدت رابطاً بين الإدمان على الكحول والوفاة المبكرة، غير أنها لم تؤكد وجود علاقة سببية بينهما. بحسب يونايتد برس.

الى جانب ذلك يعتبر الإفراط في تناول الكحول مسؤول عن ربع الوفيات الثلاثين ألفاً التي تسجل سنوياً في حوادث سير في الاتحاد الأوروبي، كما أعلن المرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان. وشدّد المرصد من مقرّه في لشبونة على أن «نحو 30 ألف شخص يموتون في حوادث سير في الاتحاد الأوروبي سنوياً، وتبقى الكحول المسؤولة عن ربع هذه الوفيات تقريباً المادة الرئيسة التي تعرض حياة المواطنين للخطر على طرق أوروبا».

وخلال هذه الدراسة خضع نحو 50 ألف سائق بشكل عشوائي لفحوص شملت 25 مادة مثيرة للأعصاب، من بينها مخدرات وكحول وأدوية. ورُصد وجود كحول لدى 3,5 في المئة من السائقين، ومخدرات محظورة لدى 1,9 في المئة، وأدوية لدى 1,4 في المئة. وكشفت الدراسة أن القنّب هو المخدر الأكثر انتشاراً يليه الكوكايين والامفيتامين. وصرح مدير المشروع فولفغانغ غوتس أن «المشروع يوفّر للمسؤولين السياسيين أفضل مؤشر حول مستويات استخدام السائقين للمخدرات والكحول والحلول المتوافرة لتحسين سلامة الطرق». بحسب فرنس برس.

ودرس معدّو التقرير في تسع دول أسباب الحوادث التي يصاب بها السائقون بجروح خطرة أو يموتون، بين عامي 2006 و2010. وبيّنت الفحوص التي أجريت على 24,4 في المئة من السائقين الذي أصيبوا و31,7 في المئة من الذين توفوا، أنهم تناولوا الكحول. والنسبة العليا للسائقين الذين توفوا سُجّلت في البرتغال، فيما سجّل في بلجيكا أكبر عدد من المصابين. وخالفت الدراسة العُرف الشائع بأن استخدام المنبّهات المحظورة يحسّن القيادة ويخفف آثار الكحول أو النعاس، فأكدت أن هذه المواد إذا أخذت بجرعات كبيرة تؤثر في قدرة التحكم بالقيادة وتقدير الأخطار. وتزداد هذه الآثار كثيراً عندما تترافق مع استهلاك الكحول.

اضطراب النوم

في السياق ذاته قال باحثون أنهم وجدوا أدلة على أن تناول كأس من مشروب كحولي قبل النوم يمكن أن يساعد على النوم بسرعة ولكنه يجعله مضطربا. وأكد فريق مركز أبحاث النوم في لندن أن الكحول يسبب حالة من الاضطراب في دورة النوم الطبيعية، ففي الوقت الذي يساعد فيه الكحول على الإخلاد لنوم عميق، فإنه يسلبنا أفضل وضعية للنوم وهي التي تحدث فيها الأحلام، والاعتياد على تناوله يمكن أن يؤدي إلى الأرق.

ورغم أن كثيرين يدافعون عن تناول الكحول، إلا أن الدكتور إرشاد إبراهيم وفريقه ينصحون بمقاومتها والامتناع عنها. وقال الدكتور إبراهيم المدير الطبي لمركز أبحاث النوم في لندن، والذي ترأس المجموعة البحثية التي أعدت الدراسة التي نشرتها دورية "الكحوليزم" أو "إدمان الكحول" :"يجب أن نكون شديدي الحذر من التناول المنتظم للكحول." ويضيف :"كأس أو اثنان، ربما يعطيان تأثيرا لطيفا على المدى القصير، ولكن إلحاقهما بثالثة قبل وقت النوم قد يؤدي لمشكلات خطيرة، فإذا كنت قد تناولت شرابا فإنه من الأفضل ألا تخلد للنوم قبل مرور ما بين ساعة ونصف إلى ساعتين، بعد أن يهدأ تأثير الكحول."

ويؤكد أن الناس يمكن أن تصبح أكثر اعتمادا على الكحول من أجل النوم، وربما يجعل هذا النوم أقل راحة، ويسبب الشخير أيضا، ويقول :"مع الجرعات المرتفعة، فإن الكحول يسبب ضيق التنفس، وبالتالي فهو يجعل من لا يعاني من الشخير أن يصاب به، بل ويمكن أن يؤدي إلى توقف التنفس أثناء النوم." ومن خلال مئة دراسة أو أكثر بحثها الدكتور إبراهيم وفريقه، استطاعوا تحديد ثلاث مراحل يغير من خلالها الكحول حالة طبيعة النوم، الأولى هي التسريع في النوم، والثانية هي أن يجعل النوم شديد العمق، والثالثة هي تقطيع فترات النوم خلال النصف الثاني من الليل وهي مسألة غير جيدة، ونتيجة لهذه الأسباب يؤكد الدكتور إبراهيم أن عملية النوم ستكون أقل راحة. بحسب بي بي سي.

وقال كريس أيدزيكويسكي مدير مركز أبحاث النوم في أدنبرة :"إن الكحول بشكل عام ليس مناسبا لتحسين مستوى النوم، فالنوم بسببه ربما يكون شديد العمق في بدايته، ولكنه بعد ذلك يتحول إلى حالة اضطراب، والخلاصة أن النوم العميق سيتضمن شخيرا وضيقا في التنفس، وبالتالي فلا يتوقع الشخص نوما جيدا مع الكحول." وقال مجلس أبحاث النوم :"لا تفرط في التناول، فتناول الكثير من الطعام أو الكحول خاصة في وقت متأخر أو قبل النوم مباشرة، يمكن أن يحدث أضرارا بالغة بفترات النوم، فالكحول ربما يساعدك على النوم سريعا، ولكنه سيربك نومك خلال الليل، إضافة إلى أنه يمكن أن يجعلك تستيقظ عطشا بشدة، وبحاجة الى استخدام المرحاض."

الكحول في روسيا

الى جانب ذلك أعلن خبير علم السموم في الحكومة الروسية أن شخصا واحدا تقريبا من أصل كل ثلاثة يسرف في تناول الكحول في روسيا حيث تؤدي هذه الآفة إلى وفاة نصف مليون شخص كل سنة. وأضاف الاخصائي التابع لوزارة الصحة الروسية في مقابلة مع صحيفة "إيزفستيا" اليومية أن الاسراف في شرب الكحول يطال "30 % من السكان". ويبلغ عدد سكان روسيا 143,1 مليون نسمة، لكن "عدد مدمني الكحول المسجل رسميا هو 2,7 مليون شخص فقط". وكانت الإحصاءات الأخيرة التي نشرت في مطلع العام 2009 قد أظهر أن 2,1 مليون شخص يدمن الكحول في روسيا. إلى ذلك، يعاني روسي واحد من أصل عشرة اضطرابات نفسية ناجمة عن ادمان الكحول، بحسب الخبير الذي أضاف أن "ربعهم تقريبا غير قابلين للشفاء".

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تبلغ نسبة استهلاك الفرد للكحول سنويا في روسيا 15,7 ليترات. ويلقى شخص واحد من أصل خمسة في روسيا حتفه بسبب استهلاك الكحول، في مقابل شخص واحد من أصل عشرين في فرنسا، بحسب تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية في شباط/فبراير 2011. ويلقي الخبير الحكومي باللوم على "عادات استهلاك الكحول السيئ" الذي غالبا ما يكون فاسدا. وتبين الأرقام الرسمية أن ادمان المشروبات الكحولية يقتل نصف مليون شخص سنويا في روسيا ويؤثر في معدل العمر المتوقع لدى الرجال (أقل من 63 سنة) الذي هو أدنى من المعدل المتوقع في البلدان الفقيرة مثل بنغلادش وهندوراس. بحسب فرنس برس.

على صعيد متصل ذكرت وكالة انترفاكس الروسية للانباء ان روسيا قيدت مبيعات الجعة (البيرة) في محاولة للحد من إدمان الكحوليات. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان إدمان الكحوليات مشكلة خطيرة في روسيا. وفي روسيا واحد من أعلى معدلات استهلاك الكحوليات في العالم وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وذكرت دراسة اجرتها المنظمة في 2011 أن ادمان الكحوليات كان السبب في واحدة من بين كل خمس وفيات بين الذكور الروس وستة بالمئة من وفيات الاناث.

ووقع الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي ديميتري ميدفيديف تعديلات على قوانين الكحوليات تعيد تصنيف الجعة على انها من الخمور. وذكرت انترفاكس ان القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ يقيد الكميات التي يمكن لمتاجر واكشاك الجعة بيعها كما يمنع المبيعات بين الحادية عشرة مساء والثامنة صباحا. بحسب رويترز.

وفي 2012 ارتفعت الضرائب الروسية على الجعة بنسبة 20 بالمئة ووفقا لخطة لوزارة المالية ووفق عليها في 2011 سترتفع الضرائب بنسبة 25 بالمئة اخرى في 2013 و20 بالمئة في 2014. ورفعت روسيا ايضا الحد الادنى لسعر الفودكا -أشهر المشروبات الكحولية في البلاد- وحظرت الاعلانات عن الخمور في وسائل الاعلام بما في ذلك الاعلانات على الانترنت.

الصين تحظر الخمور

من جهة أخرى ذكرت وسائل الاعلام الرسمية في الصين ان الصين حظرت على كبار مسؤولي القوات المسلحة اقامة مآدب تقدم فيها الخمور او النزول في فنادق فاخرة خلال زيارات العمل في احدث خطوة من جانب شي جين بينغ زعيم الحزب الشيوعي لمكافحة الفساد. وذكرت الصحف الرئيسية ان اللجنة العسكرية المركزية القوية التي يشرف عليها شي اصدرت مرسوما اوضح ان حفلات الاستقبال لن تتضمن ايضا بعد ذلك لافتات ترحيب او سجاد احمر او زهورا او حرس شرف او حفلات غنائية او تذكارات .

وبمقتضى القواعد الجديدة سيتعين على الضباط اختصار كل من عدد ومدة الجولات التفقدية والزيارات الخارجية والاجتماعات والتقارير. ويتعين على المتحدثين خلال الاجتماعات تفادي "الكلام الاجوف" في حين انه سيتم فرض "رقابة صرامة(على استخدام المركبات المزودة بابواق انذار) خلال الزيارات الرسمية من اجل الحيلولة دون ازعاج الناس. "وبالإضافة الى ذلك سيكون مطلوبا من مسؤولي اللجنة فرض انضباط على زوجاتهم واطفالهم ومرؤوسيهم والتأكد من عدم أخذهم رشى." بحسب رويترز.

ويناضل الحزب الشيوعي الصيني الذي لم يظهر اي علامة على تخليه عن قبضته الصارمة على السلطة لاحتواء الغضب العام ازاء سلسلة لا تنتهي على ما يبدو من فضائح الفساد ولاسيما عندما يشاهد مسؤولون يسيئون استغلال مناصبهم لجمع ثروة . وكثفت الصين حملة على تفشي الفساد في الجيش اواخر التسعينات وحظرت على الجيش الصيني المشاركة في انشطة تجارية. ولكنه عاد في السنوات الاخيرة بسبب انعدام الشفافية والمراجعات وتآكل القيم الأخلاقية. ويتولى شي السلطة كرئيس من هو جين تاو خلال الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس اذار وقد حذر بعد فترة وجيزة من توليه زعامة الحزب من ان البلاد تغامر بوقوع اضطرابات اذا لم تتم معالجة الفساد.

القرب من الحانات

من جانب اخر ذكرت دراسة فنلندية ان السكن قرب حانة يشجع على ما يبدو بعض الاشخاص على الاكثار من شرب الكحوليات لان الاقامة قرب مكان لشرب الخمور يدفع البعض لزيادة تعاطيهم الخمور. وتابع باحثون نشرت نتائج بحثهم في دورية الادمان نحو 55 الف راشد فنلندي لمدة سبع سنوات ووجدوا ان من انتقل للسكن في مكان قريب من حانة زاد الى حد ما احتمال زيادة شربهم للكحوليات.

وقالت جانا هالونين التي رأست هذا البحث وهي من المعهد الفنلندي للصحة المهنية في كوبيو وزملاؤها ان"نقل مكان السكن الى مكان قريب او بعيد عن حانة مرتبط على ما يبدو بزيادة او نقص صغيرين مطابقين للسلوك الخطير المتعلق بالكحوليات." وقالت عندما اقترب شخص كيلومترا من حانة زاد احتمال ان يصبح من الذين يشربون الكحوليات بكثافة بنسبة 17 في المئة و"الشرب بكثافة" يعني تناول اكثر من عشر اوقيات من الكحول المقطر اسبوعيا بالنسبة للرجال ونحو سبع اوقيات بالنسبة للنساء. وقال الباحثون ان هذه الصلة لا تثبت ان البعد وحده عن الحانة هو الذي يدفع الناس لزيادة تعاطي الكحوليات.

وقالت هالونين ان احد الاحتمالات هو ان شاربي الخمور يختارون الاقامة قرب الحانات . ولكنها بحثت وزملاؤها ايضا في مجموعة اخرى من الناس الذين لم ينتقلوا من مكانهم وبدلا من ذلك اقتربت الحانات منهم وجاءت النتائج مماثلة بين هؤلاء الاشخاص. واخذ الباحثون في حسبانهم ايضا عوامل اخرى مثل مستوى الفقر في الاحياء. وقال هالونين انه في فنلندا يزيد احتمال ان يتعاطي الاشخاص ذوي الدخل الاكثر انخفاضا الكحوليات بكثافة. بحسب رويترز.

ولكن حتى هنا ظلت المسافة التي تبعد عن الحانة مرتبطة باحتمالات ان يصبح الشخص من متعاطي الكحوليات بكثافة. ونظرا لاجراء هذه الدراسة في فنلندا فان احد الاسئلة هي الى اي مدى تنطبق هذه النتائج على دول اخرى. وقالت هالونين ان هذا غير واضح لان عادات تعاطي الكحوليات والمعايير الثقافية تختلف حسب البلد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/كانون الثاني/2013 - 15/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م