عالم الحيوان... من حوار الفيلة الى السمكة المسدس!

اكتشافات نادرة عن أسرار خافية

 

شبكة النبأ: لايزال علماء الأحياء يواصلون أبحاثهم ودراساتهم المستمرة لأجل الوصول الى نتائج جديدة تفيد بمعرفة بعض الخواص والعجائب التي تتمتع بها بعض المخلوقات والاحياء الأخرى، التي تشاركنا العيش على سطح الكرة الأرضية، وفيما يخص اخر الاكتشافات المميزة والمعلنة فقد قال باحثون أميركيون إن الفيلة تجري مع بعضها البعض أحاديث تفتتحها الفيلة الأم. وأفاد باحثون من جامعة "ستانفورد" الأميركية في مجلة "بيوكوستيكس"، أن الفيلة الأم تبدأ "حديثاً" منسقاً بين قادة القطيع. وأوضحوا أنها تبدأ الحديث بتحريك أذنيها قبل إطلاق أخذٍ وردٍ صوتي وحركي ضمن المجموعة التي تقرر بعدها مغادرة مكان ما. وذكر الباحثون أن تصرفات الفيلة الموثقة، تظهر أنها أجناس متطورة من الناحية الإدراكية، وهي قادرة على إجراء "محادثات" منسقة جداً لبدء عملية تعاون ضمن المجموعة. وقالت المعدة الرئيسية للدراسة كايتلين أوكونيل رودويل، إن هذه المحادثات "تسهل الإرتباط بين الفيلة حتى تتمكن من العمل مع بعضها البعض".

الى جانب ذلك كشف علماء الأحياء حقيقة مفاجئة بشأن قطط وكلاب ما قبل التاريخ، تختلف مع افتراضاتنا حول عدائها لبعضها، وهي أنها قبل تسعة ملايين عام قد تعايشت متفقة وتتقاسم الموارد. وذكرت شبكة «هيستوري» الأميركية أن الباحثين بجامعة «ميشيغان»، و«المتحف الوطني لعلوم الطبيعة» في مدريد، وجدوا أن القطط المسيّفة الأسنان والكلاب الدب، وهي مخلوقات منقرضة تشبه الكلاب بأسنانها والدببة بجسمها، تعايشت مع بعضها تتقاسم الأرض والفريسة. وكشف العلماء كيف أن أنواعاً من هذه الحيوانات آكلة اللحوم تعايشت بسعادة مع بعضها متقاسمة المناطق والموارد. وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد التنقيب في مكان علقت في الحفر ثدييات قديمة قبل ملايين السنين، واكتشفوا بقايا نوعين من القطط المسيّفة الأسنان. ولم تعش هذه الحيوانات جنباً إلى جنب، بل يبدو أنها تشاركت المكان نفسه مع منافسين آخرين مثل الكلب الدب.

عمر الخفافيش

في السياق ذاته قال علماء إن الخفاش الذي تتوطن بجسمه مجموعة كبيرة من الفيروسات مثل الايبولا والسارز وغيرها ظل يحير العلماء لعقود في محاولة للتعرف على كيفية عمل جهاز المناعة لديه ضد العديد من الفيروسات الفتاكة الا ان دراسة اجريت في الآونة الأخيرة على طاقمه الجيني ربما تسلط الضوء على هذا اللغز. وبعد دراسة الطاقم الجيني لنوعين من الخفافيش تتفاوت صفاتهما بدرجة كبيرة اكتشف العلماء ان تغيرات متسارعة للغاية طرأت على الجينات المختصة بجهاز المناعة لدى الخفاش.

وقال لين-فا وانج الخبير في الامراض المعدية في كلية ديوك للطب في سنغافورة الذي قاد هذه الدراسة التي اجريت في عدة مراكز إن هذا الكشف ربما يفسر خلو الخفافيش نسبيا من الاصابة بالامراض مما يطيل عمرها بصفة استثنائية بالمقارنة بثدييات اخرى مماثلة في الحجم مثل الجرذان. وقال وانج في مقابلة "لا نقول إن الخفافيش لا تمرض ابدا او لا تصاب بالعدوى. ما نقوله هو انها تتعامل مع العدوى بطريقة افضل."

وفي كل من نوعي الخفافيش اختفت مجموعة من الجينات تتصف بانها تحدث ردود فعل متطرفة للعدوى وربما تكون قاتلة وتتمثل في صورة محركات خلوية تعرف باسم عاصفة السيتوكاين. وينتهي الامر بهذه المحركات الخلوية ان تقتل ليس مجرد الفيروسات الغازية وحدها في الجسم بل خلايا العائل ذاته وانسجته. وقال وانج "قلما تقتل الفيروسات العائل ذاته. يحدث القتل من رد الفعل المناعي للعائل. لذا فان الامر يبدو كما لو ان ما تفعله الخفافيش هو القضاء على الالتهابات (عاصفة السيتوكاين). واذا افلحنا في وضع ايدينا على تلك الآلية فسيكون بمقدورنا تصنيع عقاقير تحد من الاضرار الناجمة عن الالتهابات وتكافح العدوى الفيروسية." بحسب رويترز.

ونشرت نتائج هذه الدراسة - التي شارك فيها باحثون من الصين والدنمرك واستراليا وامريكا في دورية العلوم. وبالمقارنة بثدييات اخرى لها نفس الحجم تعيش الخفافيش عمرا اطول يتراوح بين 20 و40 عاما فيما يتراوح متوسط عمر الجرذان بين عامين وثلاثة. ومن المثير للدهشة فقد وجد وانج ورفاقه ان هذه الجينات السريعة التغير التي تمنح جهاز المناعة هذه القدرة الخارقة تمكن الخفافيش من الطيران. ومن بين أكثر من خمسة آلاف نوع من الثدييات على ظهر هذا الكوكب تتميز الخفافيش بقدرتها على الطيران لاطول مدة ممكنة اذ تستطيع بعض هذه الانواع الطيران لمسافة تتجاوز ألف متر في الليلة الواحدة.

الدلافين والاسفنج

على صعيد متصل توصلت دراسة إلى أن انواعا من الدلافين تلجأ لاستخدام الاسفنج لحماية أنفها أثناء عملية البحث عن الطعام لتعد تلك آلية جديدة توصلت إليها الحيوانات منذ القرن التاسع عشر. وقام العلماء بتحليل البيانات التي جرى جمعها عن الدلافين مستطيلة الانف الموجودة في خليج القرش بأستراليا وذلك لوضع تصور حول تطور تلك المهارة عبر قرون من الزمن. وتوصلت الدراسة إلى أن استخدام الاسفنج من الممكن أن يكون قد بدأ من خلال "حادثة كشف" فريدة وقعت ما بين المئة والعشرين إلى المئة والثمانين سنة الماضية. ورأت الدراسة أيضا أن أمهات الدلافين كانت تعلم تلك المهارة لأبنائها.

وقد نشر ذلك التحليل في مجلة آنيمال بيهافيور أو "سلوك الحيوانات" وعمل على الاستفادة من دراسات ميدانية سابقة للتحقق من كيفية ظهور تلك المهارة بين عالم الدلافين وطرق محافظتها عليها. وقالت آنا كوبس أستاذة علم الأحياء بجامعة نيو ساوث ويلز "كنا نظن أن السلوكيات التي تعرفنا عليها من واحدة من أمهات الدلافين ليست ثابتة إلا أنه ومن خلال النموذج الذي بين أيدينا يمكن أن نقول أن مهارة استخدام الدلافين للاسفنج يمكن أن يكون سلوكا ثابتا". وخرجت الدراسة بطريقة جيدة لحساب إمكانية تعلم أبناء الدلافين لهذه المهارة ومن ثم تعليمها للأجيال القادمة.

ومن خلال وضع نموذج محاكاة على الكمبيوتر لظهور مهارة استخدام الاسفنج بين الدلافين تمكن فريق الدراسة من التعرف على السيناريوهات المختلفة التي قد تكون المهارة قد انتشرت من خلالها بين الدلافين خلال الأعوام الماضية. ثم قارن الباحثون بعد ذلك نتائج المحاكاة تلك مع البيانات الميدانية فيما يتعلق بالعلاقة الوراثية بين الدلافين التي تستخدم تلك المهارة وذلك من أجل تحديد دور الأم في تعليم صغارها كيفية تداول تلك المهارة.

وتوصلوا أيضا إلى أنه إذا كانت إمكانية تعلم الصغار لهذه المهارة قد تتفاوت فإن الدلافين التي تعلمتها كانت تحتاج إليها كمهارة تساعدها على العيش وبلوغ الأجيال القادمة. ويتيح النموذج أيضا للباحثين أن يقوموا بتجربة حسابية للزمن الذي ظهرت فيه تلك المهارة. وقالت كوبس: "تظهر النتائج أن ابتكار الدلافين لهذه المهارة يرجع إلى فترة زمنية تتراوح بين ما لا يقل عن 120 إلى 180 عاما وذلك في أفضل تقدير إلا أنه ولسوء الحظ لم يتمكن النموذج من إعطائنا تقديرا لأقصى فترة زمنية لظهورها".

وتضع الدلافين الاسفنج على انفها أثناء بحثها عن الطعام في قاع البحر فيما يبدو أنها تستخدمه كحماية من الصخور والأصداف الحادة". وقد كان مجتمع الدلافين في خليج القرش بأستراليا يمثل نقطة الاتصال بين العلماء الذين كانوا يعكفون على دراسة ذلك المجتمع لعقود. وتقول كوبس: "يظهر مجتمع الدلافين قارورية الأنف في خليج القرش غرب أستراليا مجموعة واسعة من السلوكيات فعلى سبيل المثال جرى التوصل إلى 13 طريقة يستخدمها ذلك النوع من الدلافين لجمع الطعام". وأضافت: "إن أكثر طريقة جرت دراستها هي طريقة استخدام الاسفنج حيث إنها غير مألوفة لكونها تستخدم الاسفنج البحري كأداة كما أن تلك المهارة تنتقل من الأم إلى أولادها".

كما أن تجارب حساب الفترة التي تبدأ فيها المهارات بالظهور قد أجريت أيضا على الشمبانزي. حيث إن عمل الأدوات الصخرية لتكسير البندق سمح للعلماء بأن يؤرخوا لاستخدام قرود الشمبانزي لهذه الآلة لتعود إلى ما قبل 3400 عام معتقدين أن يعود استخدام تلك الآلة بين قرود الشمبانزي إلى ما يزيد على 200 جيل إلا أن كوبس قالت إنه ثبت أن تحديد وقت ظهور تلك العادات يعد أمرا صعبا. وتأمل كوبس أن تطبق الطريقة التي في دراستها على أنواع كثيرة أخرى. بحسب بي بي سي.

وقالت: "سيكون أمرا شيقا أن نستخدم النموذج الذي طورناه ليعتمد على بيانات حياتية سابقة مأخوذة من الأنواع الأخرى غير الدلافين كالقردة العليا على سبيل المثال". وأضافت: "قد نتعلم من خصائص تاريخ الحياة للدلافين عادات تكون أكثر ثباتا من الأنواع الأخرى".

البيلوغا صوت الإنسان

الى جانب ذلك توصل علماء في الولايات المتحدة الى اكتشاف مذهل يشير الى أن حوت (بيلوغا Beluga) يصدر أصواتا وثيقة الشبه بصوت الانسان. ففي الوقت الذي يجرى فيه تدريب الدلافين على محاكة طرق ومدة حديث الانسان، لا نجد في اي حيوان اخر القدرة على اتقان مثل هذا المحاكاة. لكن العلماء استمعوا الى حوت يبلغ من العمر تسع سنوات يدعى "نوك NOC" يصدر اصواتا ذات طبقة صوتية اقل من الطبقة العادية على نحو متقطع، وكان لابد من تحديد من اين تصدر مثل هذه الاصوات.

عندما صعد غواص لدى المؤسسة الوطنية للثديات البحرية في ولاية كاليفورنيا الى السطح قال "من قال لي أن اخرج؟"، حينئذ ادرك العلماء انهم عثروا على دليل اخر. وتعرف الحيتان ب"كناريا المياه" نسبة الى ما تصدره من اصوات حادة اشبه بزقزقة الطيور، في حين رصدت بعض التقارير اصدار الحيتان اصوات اشبه بحديث الانسان، على نحو لم يرصد من قبل على الاطلاق. وبمجرد ان حدد العلماء ان الحوت "نوك" هو الفاعل، سجلوا الصوت على شريط.

وجد العلماء ان الحوت يصدر ثلاث تقطيعات صوتية في المتوسط كل ثلاث ثوان مع فاصل اشبه بحديث الانسان، وأظهر تحليل التسجيلات الصوتية وجود ذبذبات تنتشر بحسب "علم الاصوات الموسيقية" بطريقة لا تشبه اطلاقا الاصوات العادية الصادرة من الحيتان لكنها وثيقة الشبه بالانسان. بعدها كافأ العلماء الحوت "نوك" على ما اصدره من اصوات اشبه بحديث الانسان لتعليمه اصدار مثل هذه الاصوات عندما يطلب منه ذلك، كما وضع العلماء جهازا لقياس تحويل الضغط في جيوبه الانفية حيث تصدر الاصوات، بهدف مراقبة ما يحدث. بحسب بي بي سي.

ووجد العلماء ان الحوت قادر على تغير الضعط داخل جيوبه الانفية لاصدار الاصوات. ومن اجل تضخيم الاجزاء الصوتية ذات الذبذبات المنخفضة نسبيا، يقوم الحوت بملء ما يعرف بالكيس الدهليزي Vestibular Sac في فتحة التنفس (اعلى جسم الحوت) على نحو يعمل على منع دخول الماء الى الرئة. وقال سام ريجدواي، رئيس المؤسسة الوطنية للثديات البحرية والمشرف على البحث "تشير ملاحظاتنا الى ان الحوت يضطر الى تعديل آلياته الصوتية بغية اصدار اصوات شبيهة بحديث الانسان". واضاف ان الاصوات التي نسمعها "مثال واضح على تعليم صوتي للحوت الابيض".

سمكة آرتشر والفيزياء

في السياق ذاته يقول العلماء إن هذه الأسماك تعتمد في دفعتها القوية على الخواص الديناميكية للماء قال علماء إيطاليون إنهم استطاعوا كشف الغموض المحيط بقدرة سمكة آرتشر على قذف الماء من فمها بقوة، إذ تستطيع أسماك آتشر دفع الماء بفمها بقوة كافية لتضرب بها أي فريسة تقف على أي نبات قريب من سطح المياه وتسقطها في الماء ثم تأكلها. وقالت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من جامعة ميلانو الإيطالية إن هذه الأسماك تعتمد في دفعتها القوية على الخواص الديناميكية للماء أكثر من اعتمادها على عضلاتها الداخلية، وتمكنها هذه القدرة في الحصول على قذفة قوية تصل لأكثر من مترين.

وعمل الباحثون لسنوات في دراسة أسماك آرتشر ( واسمها العلمي Toxotes jaculatrix) من أجل الوصول إلى دليل يؤكد أن السمكة تعتمد على أجهزتها الداخلية في استخدام هذه التقنية التي تشبة الصيد بالمسدس، ولكن الدراسات السابقة استبعدت هذه الفكرة.

غير أن الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة "بلوست وان" تظهر أن سمكة آتشر تقوم بزيادة سرعة الماء الذي تدفعه بفمها مع توجيهه في اتجاه معين بما يجعله قادرا على الانطلاق في الهواء، واستخدم الفريق في هذا الاكتشاف كاميرا فيديو تقوم بالتصوير بسرعة عالية. ويشبه ألبيرتو فايلاتي عضو فريق البحث بجامعة ميلانو الإيطالية الطريقة التي تدفع بها السمكة الماء بأنه يشبه الطريقة التي تستخدم في مسدس الماء أو دفع الماء عن طريق لعبة مطاطية.

وتعد الدقة التي تستخدمها سمكة آتشر في رميتها المميتة للماء على الضحية هي السبب في تسمية نوعها بهذا الاسم، حيث تخرج المياه بقوة من فم هذه الأسماك عندما تقوم بضغط ألسنتها في تجويف الفم حتى يصبح شبيها بالمسدس ثم تغلق خياشيمها لتدفع الماء بقوة. ويشرح فايلاتي الفكرة مؤكدا أن الماء يخرج إلى الهواء بسرعة متزايدة ثم يتجمع كنقطة ماء منفردة كبيرة في الهواء، وتتجمع القوة في نقطة المياه التي تم دفعها لتحدث أقصى تأثير ممكن عندما تضرب الضحية. بحسب بي بي سي.

وتعد النفثة التي تطلقها السمكة أقوى ستة أضعاف من قوة عضلاتها، وهي قوية بما يكفي لإسقاط فريسة ثابتة في مكانها إلى الماء حتى تستطيع سمكة آرتشر افتراسها. هذه النتائج التي توصل إليها فايلاتي وفريقة البحثي هي الأولى في تفسير القوة الزائدة لهذه الرمية المائية فيزيائيا، وأثبتت أن الأسباب الحيوية لاعلاقة لها بهذه الرمية القاتلة للسمكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/كانون الثاني/2013 - 11/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م