الذهب... سيد المعادن

شبكة النبأ: يعد الذهب من المعادن المهمة والأساسية وله العديد من الفوائد والميزات التي لا تتوفر في غيره من المعادن الأخر منها ما هو اقتصاد او طبي، فهو وبحسب بعض المتخصصين رمز الثراء والتميز كما ان له فوائد طبية فهو وبحسب اعتقاد البعض  يحمي من أمراض الشيخوخة يفيد الدورة الدموية وينقي الدم ويقوي المخ، كما انه يستخدم في عمليات تجميل الوجه وقد دخل كمكون في بعض منتجات مستحضرات التجميل الصناعية. ولكن بعض الأخصائيين يشككون في فوائد الذهب الصحية ويقولون الذهب ليس له دور في إعادة الحيوية الى الجلد، اما فوائدة الاقتصادية فهي كثيره ومتنوعة لكونه المعدن الأساسي في الأسواق العالمية، وفي ما يخص هذا المعدن المميز فقد أشارت دراسة أجرتها جامعة بريستول ونشرتها مجلة "نيتشر" إلى أن انفجار نيازك قبل حوالى أربعة مليارات سنة قد يكون السبب وراء نفاذ البشر حتى يومنا هذا إلى الذهب والبلاتين وغيرهما من المعادن النفيسة المرغوبة. ومع أن هذه المعادن نادرة جدا على سطح الأرض إلا أنه من المتوقع أن تصبح أكثر ندرة نظرا إلى الظروف التي تكون فيها كوكبنا قبل حوالى 4,5 مليارات سنة. بينما كانت الأرض تتكون بعد الانفجار الكبير (بيغ بانغ)، أدت حوادث اصطدام كبيرة بأجسام فلكية ضخمة تراوح حجمها بين حجم القمر والمريخ إلى انبعاث حراري نجم عنه ذوبان العناصر الكيميائية.

فانفصل الحديد المنصهر عن السيليكات (معادن تشكل اليوم 97% من قشرة الأرض) وسال إلى وسط الأرض. وبما أن الحديد السائل يجذب المعادن النفيسة بقوة، لحقت هذه العناصر "المحبة للمعادن" بالحديد السائل إلى قلب كوكبنا، مغادرة بالتالي قشرة الأرض. ومذاك الوقت، يقبع تحت أقدامنا كنز يصعب النفاذ إليه على عمق أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر. وعلى الرغم من ذلك، تبقى نسبة المعادن النفيسة في قشرة الأرض أكبر بعشر مرات إلى ألف مرة مما ينبغي.

وعزا بعض العلماء السبب إلى أن جاذبية الحديد للعناصر المحبة للمعادن قد انخفضت عندما تعرضت للضغط والحرارة المرتفعين في الصهارة. لكن هذه النظرية تنطبق على بعض العناصر دون سواها. فقدم الباحثون تفسيرا آخر مفاده أن "انفجارا متأخرا" (وقع قبل 3,8 مليارات أو 4 مليارات سنة) لنيازك أخرى أصغر حجما أضاف ربما 0,5% إلى واحد في المئة من المواد إلى كوكبنا. وبما أن الحديد السائل هاجر إلى قلب الأرض، لم يجتذب الذهب والعناصر الأخرى المحبة للمعادن فبقيت هذه الأخيرة بالقرب من السطح، ما يفسر وجود المناجم.

تعتبر هذه النظرية منطقية ومثيرة للاهتمام ولكن يصعب تأكيدها. فمع أن علماء الجيولوجيا يملكون أدلة نظرية وملموسة عن "الانفجار المتأخر" لنيازك صغيرة إلا أنهم يجهلون ما إذا كان ذلك كافيا لتفسير وفرة المعادن النفيسة في قشرة الأرض. وبالتالي، أجرى ماتياس ويلبولد وفريقه من جامعة بريستول البريطانية تحاليل دقيقة للغاية على نسب معدن التنغستين على سطح الأرض. وأكدت نتائج التحاليل التي نشرتها مجلة "نيتشر" العلمية نظرية "الانفجار المتأخر". بحسب فرنس برس.

فإذا كانت قشرة الأرض تحتوي بكاملها على النسبة نفسها من تنغستين 182 (نظير التنغستين)، لا ينطبق الأمر نفسه على مناطق أخرى قديمة جدا لم يشملها انفجار النيازك، مثل صخور إيسوا في غرينلاند التي تكونت قبل حوالى 3,8 مليارات سنة. وبالنسبة إلى عالم الكواكب ثورستن كلاين، تطرح هذه الدراسة تساؤلات مهمة أخرى. فبما أن صخور إيسوا لم تتعرض لانفجار النيازك، "يفترض أن تحتوي على نسب منخفضة جدا من العناصر المحبة للمعادن لكن الغريب أن هذه ليست الحالة والأسباب لم تعرف بعد".

الحارس الأول عالمياً

في السياق ذاته تشتري حكومات عديدة قلقة ازاء الوضع الاقتصادي الحالي كميات من الذهب، فيما يكدس هذا المعدن الثمين تحت الارض في مكان محصن بتدابير امنية شديدة في مانهاتن بنيويورك. وقد بلغت اسعار الذهب مستويات قياسية ما يشكل دليلا على التهافت الكبير للمستثمرين في القطاعين العام والخاص على هذ القيمة المرجع. الى درجة لا يكف معها اضخم مخزون للذهب على وجه الكوكب الموجود في خزنات الطوابق السفلى تحت الارض للفرع النيويوركي للاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) على مسافة قريبة جدا من وول ستريت، عن الارتفاع.

واثناء زيارة الى هذه الطوابق يوضح مرشد ان نحو سبعة آلاف طن من هذا المعدن الثمين مخبأة في غرفة محصنة محفورة في الصخر في مانهاتن على عمق خمسة طوابق تحت الشوارع التي تعج بالناس. وتقدر قيمة المخزون بـ350 مليار دولار. وبذلك تستطيع الولايات المتحدة ان تفخر بانها اول حارس للذهب في العالم مع 8133 طنا من الاحتياطي، اي اكثر من ضعف الكمية التي تملكها المانيا التي تحتل المرتبة الثانية في التصنيف.

ويبقى قسم من هذا الكنز مخزنا في القواعد العسكرية في فورت نوكس (ولاية كنتاكي. وسط – شرق) وويست بوينت (ولاية نيويورك. شمال – شرق). والذهب المخزن تحت الارض في نيويورك يعود بمعظمه الى 36 حكومة اجنبية تبحث عن الامن المالي والمادي. والاجراءات الامنية المفروضة على الذهب المخزن في غاية التعقيد مما يثني اكثر عمليات السطو مهارة.

وقد اضطر احد المراسلين من إظهار أوراقه الثبوتية من خلال ستار واق من الرصاص ولا يخترقه الصوت للدخول الى بهو البنك ذي التصاميم الفاخرة. وانطلاقا منه يعبر الزوار مع مرافقهم الى المصعد الذي يقود الى الطوابق تحت الارض. وعند الوصول يدخل الزوار الى قاعة الخزنات من خلال نفق ينتهي بجهاز دائري مهيب من الفولاذ يقوم بدورة قبل ان يؤدي الى «كهف الكنوز». وفي الداخل يشرف ثلاثة موظفين يأتون من اجهزة مختلفة من البنك لفتح الاقفال الثلاثة لكل خزنة مليئة بالمعدن الثمين. والعبارة المكتوبة عند مدخل غرفة الكنوز -باللون الذهبي- مقتبسة عن قول للكاتب الالماني الشهير غوته «الذهب لا يقاوم».

وقد طلب من الولايات المتحدة منذ زمن طويل لتحفظ الذهب خصوصا في فترات الاضطرابات. مثلا في يناير 1980 الحرب بين الاتحاد السوفييتي وافغانستان، والثورة الايرانية والارتفاع الهائل لاسعار النفط الذي ادى الى ارتفاع اسعار الذهب الى 850 دولارا للاونصة. ثم عادت الاسعار الى التراجع الى 543 دولارا في يونيو 2006. واليوم ما يدفع المستثمرين في القطاعين العام والخاص الى اللجوء الى المعدن الثمين هو عدم استقرار اليورو وتراجع الدولار وشبح تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها. بحسب فرنس برس.

وهكذا اشترت المكسيك 93 طنا من الذهب مطلع العام الجاري. كما انتقلت عدوى شراء الذهب الى روسيا وتايلاند والصين. لكن بيتر موريسي البرفسور في جامعة مريلاند حذر من ان الذهب قد يكون احيانا خادعا، مضيفا «ان الناس يعتقدون ان الذهب هو القيمة المرجعية الوحيدة، لكن الحقيقة هي بالاحرى السيولة». الا ان المعدن الثمين يبقى على درجة كافية من الاهمية في نظر العديد من الحكومات الاجنبية التي طلبت من الولايات المتحدة الاحتفاظ بمخزوناتها في الخزنات النيويوركية تحت الارض. وليوناردو بليك وهو زائر في الثالثة والخمسين من عمره يبدو مطمئنا بتأكيده ان الذهب ابدي. وقال «ان الناس يعتقدون ان هذا المعدن السحري يمكن ان يفتح جميع الابواب، وهي حقيقة مطلقة الى حد ما».

من جانب اخر تصدرت السعودية الدول العربية المالكة لمخزون الذهب باحتياطي قدّره مجلس الذهب العالمي بـ 322.90 طن، أي ما يعادل 3.30 من احتياطي المصرف المركزي، جعل المملكة تأتي في المرتبة 16 عالمياً حسب فوربس العربية. ووفقا لصحيفة سبق الإلكترونية، تشير الإحصاءات التي أصدرها مجلس الذهب العالمي وتصنّف دول العالم حسب امتلاكها لمخزونات الذهب، إلى أن ما تمتلكه الدول العربية ككلّ يبلغ 1174 طناً من الذهب، أو ما يعادل 3.8 % من احتياطيات العالم من المعدن. وتلا السعودية عربياً لبنان باحتياطي قدره 286 طناً ثم الجزائر 173 طناً، تلتها ليبيا 143 طناً ثم الكويت التي حلت في المرتبة 36 عالمياً بـ 79 طناً، وبعد الكويت جاءت مصر ثم سوريا ثم المغرب والأردن وقطر بالترتيب.

100 طن

على صعيد متصل اكد وزير الطاقة والمناجم الجزائري يوسف يوسفي ان احتياطي الذهب المكتشف في الجزائر يبلغ 100 طن "مؤكدة" اما الكميات غير المعروفة فيمكن ان تكون اكبر، كما اوضح في مقابلة مع صحيفة لوكوتوديان دورون. وقال يوسفي" هناك 100 طن مؤكدة من الذهب ما يعني استخراج خمسة اطنان كل سنة على مدى عشرين سنة". وتابع "هذ ليس بالقليل وما هو مكتشف ومؤكد فقط، لكن ما هو غير معروف قد يكون اكبر بكثير".

ويبحث مجمع سوناطراك العمومي عن شريك جديد لاستغلال منجم ذهب تيراك امسماسة بتمنراست (2000 كلم جنوب الجزائر)الذي يستغله بمفرده حاليا بعد انسحاب شريكه السابق الاسترالي ج"ي أم أي ريزورسز" في تشرين الاول/ اكتوبر 2011. وكان الرئيس المدير العام للشركة الاسترالية دوغلاس باركينس اعترف سنة 2010 بان تيراك امسميسا يعد احد اهم مناجم الذهب في إفريقيا و انه آثر التخلي عن منجم ذهب في انغولا و فضل الاستثمار في الجزائر.

وخرجت أول سبيكة ذهب من المنجم في كانون الثاني/ يناير 2008 بإنتاج بلغ خلال ثلاث سنوات حوالي بضع مئات من الكيلوغرامات لينخفض بعدها إلى بعض الكيلوغرامات فقط. واعترف يوسفي بعدم قدرة الشركات الجزائرية على استخراج الذهب، قائلا "يجب تكثيف الاستكشافات بوسائلنا الخاصة ولكن ايضا مع شركائنا الاجانب لاننا لا نملك ما يكفي من الخبرة والكفاءات" بحسب فرنس برس.

من جهة اخرى كشف وزير الطاقة والمنجم في مقابلة اخرى مع صحيفة الخبر ان قانون المحروقات الجديد سيعيد النظر في كيفية حساب الضرائب على الشركات البترولية الاجنبية. واوضح ان القانون الجديد يقترح "حساب الضرائب بالاستناد الى مردودية المشروع دون ان ترتفع تدريجيا كلما ارتفعت اسعار النفط كما هو معمول به حاليا". وحسب الوزير، فإن طريقة حساب الضريبة كانت من بين النقاط التي طالبت الشركات الأجنبية تعديلها خاصة بالنسبة لتلك الناشطة في الحقول الصغيرة.

الزئبق الضار

من جانب اخر اظهرت دراسة للأمم المتحدة أن اسعار الذهب المرتفعة تزيد من استخدام الزئبق السام في عمليات التعدين المحدودة في البلدان النامية مما يتسبب في انتشار سم قد يتلف المخ عند أطفال على بعد آلاف الاميال. وينبعث الزئبق في الأساس من عمليات استخراج الذهب اذ يساعد على فصل الذهب عن الخام كما ينبعث من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. وقال برنامج الامم المتحدة للبيئة إن قفزة في اسعار الذهب قبل اقل من عشر سنوات احدثت زيادة في عمليات استخراج الذهب في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا حيث يعمل فيها 15 مليون شخص تقريبا. ويواجهون العمال خطر التسمم الحاد في حين تنتشر انبعاثات الزئبق في الهواء أو تختلط بمياه الأنهار والمحيطات في العالم. وقد يتسبب الزئبق في تلف المخ للأجنة والرضع. بحسب رويترز.

وقال اخيم شتاينر رئيس برنامج الامم المتحدة للبيئة "تعريض الرضع والأمهات للزئبق يمثل خطرا شديدا يتعين تجنبه." وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن انبعاثات الزئبق من مناجم الذهب الصغيرة والبدائية زادت أكثر من ضعفين لتصل إلى 727 طن في عام 2010 مقارنة بمستويات 2005. ولم تقدم الدراسة تقديرا للأضرار الصحية والبيئة الشاملة التي يسببها الزئبق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الثاني/2013 - 10/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م