الأمن الغذائي... أزمة متجددة تهدد الأرض وسكانها

 

شبكة النبأ: على الرغم من التقدم الذي أحرزته البشرية في شتى المجالات، تتفاقم حاليا أزمة الغذاء التي تزداد يوما بعد يوم، فمن المتوقع في الوقت الحاضر أن يسهم التغير المناخي في زيادة انعدام الأمن الغذائي، فضلا عن النمو السكاني المتزايد الذي يؤدي إلى إحداث تغييرات في مدى توافر الغذاء، وكذلك الحال بالنسبة للعادات الاستهلاكية الغذائية الحالية على المستوى العالمي، ففي الوقت الذي تتناقص فيه الموارد الطبيعية، تتزايد اسعار الغذاء العالمي بشكل مضطرد، مما يضع النظم الزراعية في العالم امام مهمة شاقة في اطعام تسعة مليارات نسمة إلى عشرة مليارات متوقعة بحلول عام 2050، ولعل ازمة الغذاء لم تكن وليدة مرحلة بعينها، فهي مرافقة لمسيرة البشرية منذ نشأتها، وطالما كان الغبن الحكومي موجودا، فإن فرص القضاء الكلي عليها، أصبح صعبا جدا إن لم تكن مستحيلة، حيث تتربع مشكلة الغذاء على قمة هرم المشاكل التي واجهتها الإنسانية، عبر رحلتها الطويلة والشاقة، ففي ظل أزمة الغذاء اليوم يبقى العالم بحاجة إلى تعاملات جديدة مع كيفية استهلاكه، إذ يتحمل المستهلكون جزءا من المسؤولية في هذه الأزمة العالمية وذلك بسبب عادات الاستهلاك السلبية المتبعة، لذلك ينصح الخبراء بهذا الشأن بسن الكثير من القوانين والتشريعات الحازمة للمحاولة في الحد من تبذير الغذاء، الى جانب التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وشبكة المعلومات الدولية ودور العبادة من أجل الحفاظ على الامن الغذائي كي يلبي الحاجة الإنسانية في المستقبل.

أسعار الغذاء ستظل مرتفعة

فقد قال اقتصادي كبير في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن من المتوقع أن تظل أسعار الغذاء عند مستوياتها المرتفعة في 2013 لكن من المرجح أن تكون أوضاع السوق أهدأ من 2012 عندما أثار ارتفاع كبير في الأسعار خلال فصل الصيف المخاوف من حدوث أزمة غذاء جديدة، وذكر عبد الرضا عباسيان في مقابلة عبر الهاتف "الأسعار مرتفعة وستظل مرتفعة في 2013-2014"، وأضاف أنه مع ذلك ستلبي الامدادات الكلية من المحاصيل الرئيسية الطلب بشكل أكثر سلاسة في 2013-2014 مقارنة مع 2012-2013 وأن تحسن التنسيق بين الدول المصدرة قلل مخاطر حدوث أزمات في الامدادات، وقال عباسيان "أمامنا عام سيكون فيه الوضع أهدأ قليلا شريطة أن تكون الأحوال المناخية طبيعية". بحسب رويترز.

العالم يحتاج 3 كواكب أرضية

كما حذّر مركز إيطالي من أن العالم سيحتاج إلى ثلاثة كواكب أرضية لتلبية حاجاته الغذائية بحلول عام 2050، حال أبقى على عاداته الحالية، ونقل عن معطيات من المنتدى الدولي الرابع لمركز باريلا الايطالي للأغذية، أن العالم سيحتاج إلى ثلاثة كواكب أرضية بحلول عام 2050، حال استمرار العادات الغذائية الحالية، وقال الباحثون في المنتدى، إن عادات الانسان الغذائية، التي تتضمن هدر مليار و300 مليون طن من الأطعمة سنوياً، من المتوقع أن تتسبب في استنفاد الغذاء من الكرة الأرضية في العقود المقبلة، وتوقعوا وصول عدد سكان الكرة الأرضية إلى تسعة مليارات بحلول عام 2050، ما يعني أن مدخول الغذاء العالمي سيرتفع بنسبة 70٪، في وقت تتناقص الموارد الطبيعية. بحسب يونايتد برس.

نصف الغذاء مخلفات

في سياق متصل قال تقرير إن نصف الغذاء المنتج في العالم تقريبا يكون مصيره في القمامة لسوء أعمال الحصاد والتخزين ووسائل النقل وكذلك السلوك غير الرشيد للبائعين والمستهلكين، وقال التقرير -الذي اعدته مؤسسة المهندسين الميكانيكيين ومقرها لندن- إن العالم ينتج حوالي اربعة مليارات طن متري من الغذاء سنويا لكن 1.2 مليار طن إلى مليارين منها لا يؤكل، وقال التقرير "يمثل هذا المستوى من الخسارة مأساة يجب ألا تستمر اذا كان لنا ان ننجح في التصدي لتحدي سد احتياجاتنا من الغذاء في المستقبل."

وفي بلدان متقدمة مثل بريطانيا تعني طرق الزراعة والنقل والتخزين التي تتسم بالكفاءة أن غالبية تحول الغذاء إلى مخلفات يتسبب فيه سلوك تجار التجزئة والمستهلكين، وقال التقرير إن بائعي التجزئة يتسببون في فقدان 1.6 مليون طن من الغذاء سنويا لأنهم يرفضون محاصيل فاكهة وخضراوات صالحة للأكل لكونها لا تتوافق مع معايير الحجم والشكل، وقال التقرير "ثلاثون بالمئة مما يتم حصده من الحقول لا يصل فعليا إلى الاسواق (وفي المقام الاول المتاجر) بسبب التقليم وانتقاء الجودة وعدم التوافق مع المعايير الجمالية الخالصة"، واضاف التقرير ان 30 إلى 50 بالمئة من الغذاء الذي يباع في البلدان المتقدمة يتخلص منه المستهلكون ويكون ذلك عادة لسوء فهم مدلول تواريخ الجودة والصلاحية.

ووجد التقرير انه في بريطانيا تتخلص المنازل من أغذية بقيمة 10.2 مليار استرليني (16.3 مليار دولار) سنويا ومنها اغذية بقيمة مليار استرليني تكون صالحة للأكل تماما، وعلى النقيض في البلدان الأقل تقدما تحدث غالبية عملية فقدان الغذاء بسبب اساليب الحصاد والتخزين التي تفتقر إلى الكفاءة، واشار التقرير إلى انه في بلدان جنوب شرق اسيا على سبيل المثال تتراوح الخسارة بين 37 و 80 بالمئة من الإنتاج الكلي لتصل اجمالا إلى حوالي 180 مليون طن سنويا.

الغذاء يسبب الاحتباس الحراري

من جهة أخرى قالت دراسة نشرت إن انتاج الغذاء قد يسبب حوالي 29 بالمئة من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من صنع الإنسان أي ضعفي ما قدرت الأمم المتحدة انه يأتي من الزراعة، وبالنظر إلى الانبعاثات في منظومة الغذاء - بما في ذلك إزالة الغابات وإنتاج الأسمدة والنقل وليس من الزراعة نفسها فقط - قالت منظمة المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية إن هناك حاجة للقيام بالمزيد والمزيد من العمل لخفض انبعاثات تغير المناخ من الغذاء، وقدر تقرير المنظمة بعنوان "تغير المناخ ونظم الغذاء" أن إنتاج الأغذية مسؤول عما بين 19 و 29 في المئة من انبعاثات غازات البشرية كلها وهذا أعلى كثيرا من تقديرات الأمم المتحدة التي تصل إلى 14 في المئة بناء على أساس أضيق لتعريف الزراعة، وقال بروس كامبل الذي يرأس برنامج البحث حول المناخ والزراعة وأمن الغذاء في المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية "من وجهة نظر الغذاء (نهج الأمم المتحدة) غير معقول"، وقال إن كثيرا من الدول قد توفر الكثير من النفقات من خلال خفض الانبعاثات وأضاف "هناك أسباب اقتصادية جيدة لتحسين الكفاءة في مجال الزراعة وليس فقط لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري"، قد تخفض الصين على سبيل المثال الانبعاثات بشكل حاد من خلال رفع كفاءة صناعة الأسمدة. بحسب رويترز.

وقد تخفض بريطانيا الانبعاثات من خلال استهلاك لحوم الضأن من مزارع أكثر كفاءة في نيوزيلندا بدلا من أن تقوم بتربية الأغنام بنفسها، وتساعد أيضا التغييرات العالمية في النظام الغذائي بمعنى التحول إلى الأغذية النباتية بدلا من اللحوم. فزراعة المحاصيل لإطعام الخنازير والأبقار أو الأغنام تحتاج إلى أرض أكثر كثيرا وتؤدي إلى انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري أكثر من إنتاج المحاصيل للاستهلاك البشري، وأشار تقرير منفصل لبرنامج المناخ بالمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية إلى أن تغير المناخ من المرجح أن يقلل من غلة المحاصيل الثلاثة الكبرى وهي الذرة والقمح والأرز في الدول النامية خلال العقود القادمة، وقال تقرير "إعادة ضبط إنتاج الأغذية في العالم النامي" إن هذا قد يجبر بعض المزارعين على القيام بتحولات جذرية لزراعة المزيد من المحاصيل التي تتحمل الحرارة أو الفيضانات أو الجفاف.

وأضاف أن المحاصيل الأكثر مرونة التي تشمل البطاطا والشعير واللوبيا والدخن والعدس والمنيهوت والموز قد تسد الثغرات الناجمة عن انخفاض انتاج المحاصيل الأكثر حساسية.

تغيرات المناخ

من المحتمل أن تتضاعف أسعار المواد الغذائية الاساسية (بالمقارنة مع العام 2010) خلال السنوات العشرين المقبلة، نظرا للتغير المناخي وما ينجم عنه من ظواهر مناخية قصوى (مثل موجات الجفاف والفيضانات والاعاصير)، على ما حذرت منظمة "أوكسفام"، ففي تقرير نشر الأربعاء، اعتبرت المنظمة أنه "يساء تقدير" آثار الاحترار، إذ أنه من المتوقع أن تترافق "التغيرات البطيئة الوتيرة ومتوسط درجات الحرارة وخارطة التساقطات" التي تؤثر سلبا على الزراعة، مع "خسارة المحاصيل الناجمة عن الظواهر المناخية القصوى التي ستزداد وتشتد"، وأوضحت "أوكسفام" أنه من شأن الخطر المتزايد لموجات الجفاف الشبيهة بتلك التي تجتاح الولايات المتحدة منذ حزيران/يونيو والتي تعتبر أخطر موجة منذ نصف قرن أن يزيد، بحلول العام 2030، أسعار القمح "بنسبة 140% بالمقارنة مع السعر المتوسط للمواد الغذائية" في هذه الفترة، وقالت كلارا جامارت المسؤولة عن شؤون الزراعة والأغذية في منظمة "أوكسفام" في حديث مع وكالة فرانس برس "سيضاف هذا الارتفاع إلى الارتفاع الذي لا مفر منه والذي ستشهده أسعار المواد الغذائية بسبب التغير المناخي". بحسب فرانس برس.

وفي إفريقيا الجنوبية، قد "تزيد موجات الجفاف والفيضانات أسعار القمح وغيره من الحبوب المستهلكة بنسبة 120%"، وقد يرتفع السعر الحالي لكيس الطحين الذي يزن 25 كيلوغراما (والذي يعتبر الحد الادنى من الطحين الذي يلبي حاجات عائلة طوال أسبوعين) من 18 إلى 40 دولارا، وتستند هذه الدراسة المعنونة "إكستريم ويذر، إكستريم برايسس" إلى الأبحاث التي قام بها معهد الدراسات الإنمائية التابع لجامعة ساسكس (في بريطانيا)، بناء على طلب المنظمة، وقد اعد الباحثون نماذج عن الظواهر القصوى التي قد تضرب إفريقيا جنوب الصحراء وأكبر المناطق المصدرة للأرز والذرة والقمح، بغية تقييم آثارها المحتملة في العام 2030 على أسعار التصدير والأسواق الداخلية. وبحسب هذه النماذج، سترتفع أسعار تصدير الذرة بنسبة 177%، مقابل 120% للقمح و107% للأرز، وتدعو هذه النماذج إلى الظن ايضا بأنه "من شأن الظواهر المناخية القصوى التي تطرأ خلال سنة واحدة أن تؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يوازي ارتفاعا يسجل خلال 20 عاما على المدى الطويل"، ولفتت كلارا جامارت إلى أن "الشعوب الأكثر فقرا هي التي ستدفع ثمن هذا الارتفاع غاليا، إذ ان الأسرة الفرنسية تخصص 15% من ميزانيتها للغذاء، في حين تتراوح هذه النسبة في منطقة الساحل ما بين 50 و 75%"، وتوقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ والتابعة للامم المتحدة ان يتراوح ارتفاع الحرارة ما بين 2,5 و 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، على أن يترافق هذا الارتفاع مع "ظواهر مناخية قصوى لا مثيل لها"، وعلى الرغم من الالتزمات التي يتم اتخاذها، يتعذر على المجتمع الدولي حتى الآن احتواء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تتسبب باحترار الغلاف الجوي، وقد أفاد البنك الدولي بأن أسعار الذرة والصويا ارتفعت بنسبة 25% و17% على التوالي ما بين حزيران/يونيو وتموز/يوليو، ومن المتوقع تواصل هذا الارتفاع الناجم خصوصا عن موجات الجفاف التي تشهدها الولاايات المتحدة.

اليوم العالمي للتغذية

من جهتها دعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إلى دعم صغار المنتجين بغية مكافحة الجوع الذي يصيبهم قبل غيرهم، في ظل ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية الذي لا يستفيد منه هؤلاء المنتجون، وقال جوزيه غراتسيانو ياي فا المدير العام لمنظمة الفاو خلال إطلاق فعاليات اليوم العالمي للاغذية المخصص هذه السنة للنموذج التعاوني "شهدنا في العقود الثلاثة المنصرمة تراجع الاستثمارات الوطنية في الزراعة، بالإضافة إلى انخفاض المساعدة الإنمائية الرسمية. فاضطر الملايين من صغار المنتجين إلى التكيف مع تغيرات المناخ والسوق والأسعار"، وتحتفي الجمعية العامة للأمم المتحدة بالسنة العالمية للتعاونيات في العام 2012، ومن شأن "هذا النموذج أن يساعد صغار المنتجين على مواجهة صعوباتهم"، في ظل الارتفاع المتواصل منذ العام 2007 لأسعار المواد الغذائية الذي لم يعد بالنفع على صغار المنتجين، بحسب ما شرح مدير الفاو البرازيلي.

وأفادت الإحصائيات الأخيرة التي نشرتها الفاو أن 870 مليون شخص في العالم يعانون الجوع، وقد توقف هذاالعدد عن الانخفاض منذ العام 2007 بالتزامن مع ارتفاع الاسعار في الأسواق العالمية، حتى أنه قد ارتفع في افريقيا والشرق الأدنى حيث ازداد عدد الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية بواقع 83 مليون فرد منذ العام 1990. وشدد جوزيه غراتسيانو ياي فا "لا يمكننا تقبل هذه المعادلة في عالم يزخر بالثروات ويكفي انتاجه الجميع"، وأضاف "علقت الآمال على الارتفاع الشديد للأسعار الذي سجل خلال الفترة 2007 – 2008 والذي كان يظن انه سيمسح لصغار المنتجين بالخروج من دوامة الفقر، لكن تلك الآمال لم تتحقق"، لا سيما أن أسعار الحبوب الأولية سجلت ارتفاعا جديدا خلال الاشهر الماضية نتيجة أسوأ موجة جفاف ضربت الولايات المتحدة منذ 60 عاما وأضرت بالمحاصيل، وبحسب منظمة مكافحة الجوع، "وقع نحو 100 مليون شخص إضافي ضحية سوء التغذية إثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية المسجل منذ العام 2008". وأوضحت هذه المنظمة غير الحكومية أنه منذ العام 2008 بالتحديد، توقفت نسبة الجياع في العالم عن الانخفاض، علما أنها كانت قد تراجعت بشدة منذ التسعينيات. بحسب فرانس برس.

واعتبرت ارتارين كوزن مديرة برنامج الأغذية العالمي أن "الرقم الوحيد المقبول عند التكلم على الجوع هو الصفر"، ردا على التحدي الذي أطلقه الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون في مؤتمر "ريو +20" في تموز/يوليو الماضي والرامي إلى القضاء على الجوع بشكل تام، وقال جوزيه غراتسيانو يايفا إن "عدة بلدان جددت التزامها بالقضاء على الفقر في العالم منذ الأزمة الغذائية التي ضربت العالم بين العامين 2007 و 2008، لكن في بعض الأحيان بقيت هذه الوعود حبرا على ورق"، وأضاف المدير التنفيذي للفاو أن "التعاونيات تقدم من دون شك الحلول للقضاء على الجوع في العالم، لكن هذه الحلول هي ايضا بين أيدي الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص"، وذكر لوك غويو الرئيس المستقل لمجلس الفاو بأن نسبة الاستثمارات الزراعية قد انخفضت على الصعيد العالمي في غضون 20 عاما، "من 20% من إجمالي المساعدات في الثمانينيات إلى 4% اليوم"، وتخشى المنظمات غير الحكومية تدني المساعدة الغذائية في اوقات الكساد هذه، وقد أدرجت الاسواق الزراعية وهشاشتها في قلب محادثات طاولة مستديرة رفيعة المستوى عقدت في مقر الفاو في روما بحضور حوالى 40 بلدا وتحت رئاسة وزير الزراعة الفرنسي ستيفات لو فول.

إزالة الحواجز من شأنها حل مشكلة نقص الغذاء

من جانبه قال البنك الدولي في تقرير إن بامكان افريقيا تفادي مشكلة نقص الغذاء إذا تصدت لشبكة معقدة من القواعد والرسوم والتكلفة العالية تخنق تجارة الغذاء الاقليمية ولجأت إلى زراعة مساحات شاسعة من الأراضي غير المستغلة، ووفقا للتقرير الذي صدر عشية قمة يعقدها الاتحاد الافريقي في اثيوبيا لبحث قضايا الزراعة والتجارة فإن خمسة بالمئة فحسب من واردات افريقيا من الحبوب تأتي الآن من مزارع افريقية، وقال مختار ديوب نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة افريقيا "كثيرا ما تقف الحدود عقبة في طريق وصول الغذاء إلى البيوت والتجمعات التي لا تجد ما يسد رمقها."

ووفقا لتقديرات البنك فان 19 مليون شخص معرضين للجوع وسوء التغذية في منطقة الساحل الغربي لافريقيا. إلا أن إزالة القيود بين الحدود من شأنه تفادي أزمات غذائية مع اتاحة الفرصة أمام المزارعين للتجارة بحرية أكبر مع بعضهم البعض وتوصيل الغذاء إلى المناطق التي تعاني نقصا فيه، وبالاضافة إلى ذلك يرى البنك الدولي أن تخفيف القيود على تجارة المواد الغذائية من شأنه أن يدر ما يقدر بنحو 20 مليار دولار في صورة ايرادات سنوية للحكومات الأفريقية، وقال البنك إن الحواجز أمام تجارة الغذاء ترفع أيضا التكلفة على المستهلك والمزارع معا. وعلى سبيل المثال فإن المزارعين في افريقيا الذين يبيعون فائض محاصيلهم يحصلون عادة على أقل من 20 بالمئة من السعر الذي يدفعه المستهلك لشراء المنتجات الزراعية بينما تلتهم تكلفة المعاملات المختلفة وخسائر ما بعد الحصاد باقي الثمن، وكان ارتفاع أسعار الغذاء على مستوى العالم في عام 2008 الذي أثار اضطرابات اجتماعية في عدة دول افريقية قد سلط الضوء على مشكلة عقود من ضعف الاستثمار في قطاع الزراعة في افريقيا. كما أثارت تلك الأزمة اهتمام المستثمرين في أوروبا والشرق الأوسط واسيا باستغلال الاراضي الزراعية البكر في القارة السمراء. بحسب رويترز.

وقال البنك الدولي إن ارتفاع تكلفة النقل يمثل عائقا أمام تعزيز تارة الغذاء في شتى أنحاء افريقيا وخاصة بالنسبة لصغار المزارعين. وفي حين تمثل الطرق المتهالكة وضعف البنية التحتية مشكلة في افريقيا فإن شركات النقل تفتقر للحافز للاستثمار في شراء شاحنات حديثة، ويرى البنك أن بامكان دول غرب افريقيا خفض تكلفة النقل إلى النصف خلال عشر سنوات إذا طبقت الحكومات اصلاحات من شأنها تعزيز المنافسة. كما أن حواجز الطرق والرشى التي يتعين دفعها عند المراكز الحدودية ترفع أيضا تكلفة نقل المواد الغذائية إلى الأسواق، وذكر تقرير البنك أن عائد كثير من المحاصيل في افريقيا يقل كثيرا عما يجنيه المزارعون في مناطق أخرى من العالم. وأضاف أن تعزيز تجارة الغذاء في افريقيا من شأنه المساعدة في زيادة العائد ونشر التكنولوجيا الجديدة وخلق وظائف، وقال البنك إن القواعد واللوائح التنظيمية تمنع المزارعين الأفارقة من استخدام بذور ذات انتاجية أعلى وأسمدة أفضل. وفي بعض الدول يستغرق الأمر عامين أو ثلاثة لبدء زراعة سلالات جديدة من الحبوب حتى إذا كانت مستخدمة في أماكن أخرى في افريقيا.

الموز قد يحل محل البطاطس كمصدر غذائي لملايين البشر

من جانب آخر أفاد تقرير حديث ان تغير المناخ قد يدفع محاصيل من عائلة الموز الى ان تصبح مصدرا غذائيا بالغ الاهمية للملايين، وقال باحثون لدى مؤسسة "سي ياي ايه ار " للشراكة الزراعية ان الثمار قد تحل محل البطاطا في بعض الدول النامية، وقد يصبح نبات المنيهوت واللوبياء الظفرية غير المعروفة كثيرا من المحاصيل الغذائية المهمة التي تؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة، وسوف يتعين على الناس التكيف مع القوائم الجديدة والمتنوعة للاطعمة بعد ان تعاني المحاصيل التقليدية، واستجابة لمطلب من لجنة الامم المتحدة المعنية بالامن الغذائي العالمي، نهضت مجموعة من الخبراء ببحث الاثار المتوقعة من تغير المناخ على 22 من المنتجات الزراعية بالغة الاهمية في العالم، وتوقع الخبراء تراجع مرتبة أهم ثلاثة محاصيل في العالم من حيث امداد الجسم بالسعرات الحرارية وهي الذرة والارز والقمح في العديد من الدول النامية، ويعتقد العلماء ان البطاطا التي تنمو على نحو أفضل في الاجواء الباردة، قد تعاني اكثر مع ارتفاع درجات الحرارة واضطراب الاحوال المناخية، ويقول المشرفون على البحث ان هذه التغيرات "قد تتيح بداية زراعة انواع من الموز" في المناطق المرتفعة، حتى في المناطق التي تزرع فيها البطاطا حاليا. بحسب البي بي سي.

ويصف التقرير القمح كأهم المحاصيل في العالم التي تحتوي على البروتين وأحد المصادر للسعرات الحرارية، ووفقا لهذا البحث سيواجه القمح مستقبلا صعبا في العالم النامي، حيث دفع ارتفاع اسعار القطن والذرة وفول الصويا الى الاراضي الهامشية على نحو جعله اكثر عرضة للتاثر بتغير المناخ، ويمثل احد البدائل، لاسيما في جنوب اسيا، نبات المانيهوت المعروف بقدرته على تحمل الضغوط المناخية، وقال بروس كامبل، مدير برنامج مجموعة بحوث تغير المناخ والزراعة والامن الغذائي، لبي بي سي ان انماط التغيير التي ستحدث في المستقبل قد حدثت بالفعل في الماضي، اضاف كامبل "انه قبل عقدين لم يكن هناك اي استهلاك للارز في مناطق معينة في افريقيا. وقد غير الناس رغبتهم نتيجة الاسعار ، حيث اصبح من الايسر الحصول عليه واسهل من حيث الطهي. واعتقد ان هذه الانواع من التغيرات تحدث واعتقد انها ستحدث في المستقبل."

يذكر ان أحد ابرز الاهتمامات التي تساور الباحثين هو كيفية التصدي للحاجة للبروتين في النظام الغذائي. ويعد نبات فول الصويا احد المصادر الاكثر شيوعا غير انها عرضة للغاية لتغيرات درجات الحرارة، وقال العلماء ان نبات اللوبياء الظفرية المعروفة في منطقة افريقيا جنوب الصحراء باسم "لحوم الفقير" من النباتات الاكثر تحملا للجفاف و التي يمكن زراعتها في احوال مناخية دافئة، وتعد بديلا معقولا للصويا، وفي بعض الدول من بينها نيجيريا والنيجر عزف المزارعون بالفعل عن انتاج القطن الى زراعة اللوبياء الظفرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الثاني/2013 - 10/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م