إسرائيل... استيطان يتنام لا يكترث بتنديد

 

شبكة النبأ: لاتزال إسرائيل تواصل انتهاكاتها المستمرة والمعلنة لكل قرارات المجتمع الدولي وخصوصا تلك المتعلقة باتفاقية جنيف الرافضة الى توسيع احتلالها للأراضي المغتصبة، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية من الاستفادة القصوى لعامل الزمن خصوصا في مثل هكذا أوقات، فالجميع وبحسب بعض المراقبين منشغل اليوم ببعض القضايا العربية والعالمية المهمة وهو ما سيتيح لها الاستمرار بتلك الانتهاكات من خلال دعم سياسة الاستيطان العنصري واستقطاع أجزاء إضافية من الأرض الفلسطينية وإلحاقها بما يسمى دولة إسرائيل، يضاف الى ذلك مساعي إسرائيل المتواصلة بخلق الأزمات والمشاكل السياسية والحربية الأمر الذي سيبعد مثل هكذا مشاريع عن الأضواء، وفي هذا الشأن فقد تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بمواصلة البناء في المستوطنات على الرغم من الإدانات الدولية الشديدة وذلك لمحاولة احتواء الشعبية المتصاعدة لليمين المتطرف. ووافقت الحكومة الاسرائيلية على خطط جديدة لبناء 523 وحدة سكنية استيطانية جديدة في جنوب الضفة الغربية في خطوة اولى لانشاء مستوطنة ضخمة جديدة بعد وقت قصير من ادانة وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون "للتوسع غير المسبوق" للمستوطنات على الاراضي الفلسطينية المحتلة. وكان المجلس الاقليمي لكتلة غوش عتصيون الاستيطانية قدم خطة لبناء 6000 وحدة سكنية استيطانية عام 2000 لكن لم يتم الموافقة عليها حتى الان.

وبحسب هاغيت اوفران من حركة السلام الان المناهضة للاستيطان فانه لا يوجد سوى عشرة كرافانات في الموقع لكنها اشارت الى ان المستوطنة الجديدة ستحوي 25 الف شخص. ويرى ارييه كينغ وهو ممول كبير للاستيطان ومعروف بمواقفه البالغة التطرف ان "بيبي (نتانياهو) ليس حقا مهتم بالبناء من اجل اليهود: انه يحيط نفسه بهالة يمينية لينتزع اصواتا" انتخابية. واتهم عدد من قادة اليمين المتطرف نتانياهو ب"الخداع" على الرغم من الاعلان عن بناء الاف الوحدات السكنية الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.

وقال هؤلاء ان رئيس الوزراء يسعى الى الاستفادة من الاعلانات الكثيرة لمراحل ادارية لمشاريع مقعدة تم الاعلان عنها بالفعل قبل وقت طويل. وردا على الانتقادات الدولية اكد نتانياهو ان "جميع هذه الوحدات السكنية موجودة داخل القدس والكتل الاستيطانية التي ستبقى جزءا من اسرائيل في اي اتفاق سلام سيتم التوصل اليه مستقبلا مع الطرف الفلسطيني". ومن خلال ذلك فان نتانياهو يحرج منافسيه الوسطيين واليساريين الذين يتهمونه بالتسبب بعزل اسرائيل واحداث توتر مع الحليف الاميركي من خلال تعزيز الاستيطان.

واحتلت اسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وتعتبر القدس بشطريها "عاصمتها الابدية والموحدة" ولا تعتبر البناء في الجزء الشرقي منها استيطانا، في حين يعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية. وتشير احدث استطلاعات الراي ان كتلة اليمين بزعامة نتانياهو ستفوز بالتاكيد في الانتخابات التشريعية المقبلة. الا ان شعبية القائمة الانتخابية المشتركة لحزب نتانياهو الليكود مع حزب اسرائيل بيتنا اليميني القومي المتطرف في تراجع حيث ستحصل على 35 مقعدا في الكنيست من اصل 120 مقابل 37 مقعدا في السابق. بحسب فرنس برس.

وهذا التراجع يصب في مصلحة اليمين المتطرف خاصة في حزب البيت اليهودي (ديني قومي متطرف) بزعامة نفتالي بينيت الذي سيحصل بحسب الاستطلاعات على 11 مقعدا مقابل 3 حاليا. وقال بينيت "من الجيد ان يبقى نتانياهو في الزعامة لكننا نريد ايضا ان نمسك بعجلة القيادة". ويطمح بينيت الى الحصول على ثلاثة حقائب وزارية بينها وزارة الاسكان المثيرة للجدل في حال دخوله الائتلاف الحكومي المقبل. وبحسب المحلل السياسي حنان كريستال فان "بينيت يدفع نحو التطرف بينما يفضل نتانياهو ان يعطي نفسه طابعا اكثر ليبرالية" تمهيدا لتحالف محتمل مع احزاب وسطية او حتى مع حزب العمل.

إخلاء بالقوة

في السياق ذاته أخلت قوات الأمن الإسرائيلية مخيم لناشطين فلسطينيين مبني في موقع مشروع استيطاني يهودي مثير للجدل في الضفة الغربية بالقوة. وشارك حوالى 500 عنصر من الشرطة وحرس الحدود مصحوبين بجرافات، في العملية. واكد المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية ميكي روزنفيلد ان المحتجين الفلسطينيين جرى "مواكبتهم" الى خارج الموقع من دون اعتقالهم. ولم تسفر عملية الاخلاء عن اي اصابات وفق روزنفيلد.

وقال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني مصطفى البرغوثي، المتواجد في الموقع، "ان مئات الافراد من الشرطة الاسرائيلية اجتاحت الموقع من مختلف الجهات، وقاموا بالاطباق على المتواجدين ومن ثم قاموا باعتقالهم واحدا تلو الاخر". ونقل تلفزيون فلسطين على الهواء مباشرة عملية الاقتحام، حيث ظهر مئات افراد الشرطة وهم يقتحمون الموقع، ويسحبون شبانا حاولوا افتراش الارض في الموقع. ورفض اكثر من 200 فلسطيني محاصرين الانصياع لامر اسرائيلي باخلاء المخيم على رغم تهديدات بطردهم عنوة.

وامر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يقود حملة انتخابية حامية، قوات الامن بالطرد الفوري للفلسطينيين الذين تجمعوا بين مستوطنة معاليه ادوميم والقدس الشرقية المحتلة. وقال بيان صادر عن مكتبه "في هذا الصدد، سيطلب من المحكمة العليا بالغاء الامر الذي اصدرته والذي يؤخر عملية الاخلاء". واقام الجيش الاسرائيلي عوائق مرورية في محيط المخيم المؤلف من حوالى 20 خيمة والمقام في منطقة "اي-1" الحساسة حيث اعادت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا اطلاق مشروع استيطاني كبير. وطلب نتانياهو اقفال كل الطرقات المؤدية الى موقع المخيم الذي تم اعلانه "منطقة عسكرية مغلقة".

واطلق الناشطون على الموقع اسم "باب الشمس" نسبة لرواية تحمل الاسم نفسه للكاتب اللبناني الياس خوري وتتحدث عن النكبة واللجوء والمقاومة الفلسطينية. وادرج الناشطون تحركهم في اطار استراتيجية "خلاقة" للمقاومة السلمية في مواجهة الاستيطان والاحتلال الاسرائيليين. وارادوا بذلك الرد على توسع المستوطنات الاسرائيلية العشوائية.

ووزعت الشرطة الاسرائيلية اوامر بالاخلاء للناشطين معلنين الموقع "منطقة عسكرية مغلقة". الا ان الفلسطينيين حصلوا بواسطة محام لهم على قرار من المحكمة العليا الاسرائيلية يجمد الامر. وقال عبد الله ابو رحمة المسؤول في اللجنة التنسيقية للمقاومة الشعبية المنظمة للمخيم ان "اسرائيل تتحدى القانون الدولي منذ عقود عبر اقامة مستوطنات غير شرعية على اراض مسروقة وعبر تدمير منازل فلسطينية. لدينا الحق في البناء والعيش على ارضنا". وصرح عمر غسان (27 عاما) القادم من رام الله "نحن الفلسطينيين دائما متشائمون، لكن هذه المبادرة تعطينا سببا للتفاؤل. انه نوع جديد من المقاومة مختلف عن المقاومة المسلحة او رشق الحجارة". بحسب فرنس برس.

وكانت اسرائيل اعلنت اعتزامها بناء الاف من الوحدات السكنية الاستيطانية في هذه المنطقة ردا على رفع تمثيل دولة فلسطين في الامم المتحدة الى دولة مراقب. ولقي المشروع ادانات فلسطينية ودولية. ويهدف المشروع الاستيطاني في المنطقة "اي 1" الى وصل مستوطنة معاليه ادوميم في الضفة الغربية التي يقيم فيها 35 الف مستوطن بالاحياء الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة منذ 1967. وهو بذلك سيكمل تقسيم الضفة الغربية الى شطرين وعزل القدس، ما يجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وعلى اراض متصلة في المستقبل. ويعتبر المجتمع الدولي كل الانشطة الاستيطانية الاسرائيلية غير شرعية ولا يعترف بضم الدولة العبرية عام 1967 للقدس الشرقية.

الاتحاد الأوروبي وروسيا

على صعيد متصل أدانت دول الاتحاد الأوروبي وروسيا خطط إسرائيل لتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وحثت الاسرائيليين والفلسطينيين على اتخاذ "خطوات جريئة وملموسة نحو السلام". وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في بيان "يعبر الاتحاد الاوروبي وروسيا الاتحادية عن الفزع الشديد ويعارضان الخطط الاسرائيلية لتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية وخاصة خطط تطوير المنطقة إي 1".

وقال البيان المشترك بعد قمة عقدت بين الاتحاد الاوروبي وروسيا في بروكسل "يشدد الاتحاد الاوروبي وروسيا الاتحادية على الحاجة الملحة لبذل جهود سلام جديدة وحقيقية وجادة في 2013." وتعتبر معظم الدول ان المستوطنات غير قانونية واعربت عن قلقها بشكل خاص بسبب عزم اسرائيل البناء في المنطقة إي 1. وقال الاتحاد الاوروبي وروسيا اللذان يشكلان مع الولايات المتحدة والامم المتحدة اللجنة الرباعية للوساطة في الشرق الاوسط ان المستوطنات غير قانونية طبقا للقانون الدولي وتمثل عقبة في طريق السلام. وقال البيان "الاتحاد الاوروبي وروسيا الاتحادية لن يعترفا باي تغيرات على حدود ما قبل 1967 بما في ذلك ما يتعلق بالقدس فيما عدا ما اتفق عليه الطرفان". واضاف البيان "حان الوقت لاتخاذ خطوات قوية وبناءة نحو السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين". ودعا "لمفاوضات مباشرة وقوية بدون شروط مسبقة." بحسب رويترز.

وطالب الاتحاد الاوروبي وروسيا بالفتح غير المشروط للمعابر لتدفق البضائع والاشخاص من قطاع غزة وإليه وحثا اسرائيل على تجنب اي خطوة يمكن ان تقوض الموقف المالي للسلطة الفلسطينية. وحث الطرفان القيادة الفلسطينية على استخدام وضع فلسطين الجديد في الامم المتحدة بصورة بناءة مع تجنب اي خطوات من شأنها تعميق نقص الثقة والبعد عن التوصل الى حل عن طريق التفاوض.

شعارات عنصرية

الى جانب ذلك احرق مجهولون يعتقد انهم من المستوطنين المتطرفين سيارة فلسطينية في قرية بيت امر جنوب الضفة الغربية، وكتبوا على جدران القرية كتابات عنصرية انتقامية، بحسب الشرطة وشهود عيان كما جرت مواجهات بالحجارة بين سكان قرية قصرة شمال الضفة الغربية ومستوطنين من نقطة "ايش كودش" الاستيطانية. وقالت الناطقة باسم الشرطة الاسرائيلية لوبا السمري "اقدم مجهولون على تنفيذ جريمة على ما يبدو على خلفية ايدولوجية، اذ وجدت سيارة فلسطينية محروقة ومحاولة لاحراق مركبة زراعية في قرية بيت امر" القريبة من الخليل. واضافت السمري "كتبوا على جدران القرية كتابات عنصرية باللغة العبرية تحمل مضامين تدفيع الثمن" وعبارات "انتقام من يتسهار"، و"العربي الصالح هو العربي الميت" و"اليوم بالممتلكات وغدا بالارواح" اضافة لرسم نجمة داوود.

وتقع مستوطنة يتسهار بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية وسكانها معروفون بتطرفهم، وهم يقومون بصورة متكررة بمهاجمة وتخريب ممتلكات الفلسطينيين والاشتباك معهم. وتتضمن سياسة "تدفيع الثمن" عمليات انتقام ينفذها مستوطنون متطرفون ضد العرب. وكانت نشاطاتهم في البداية رد فعل على الحكومة لاعلانها تفكيك عدد من النقاط الاستيطانية العشوائية، لكنهم باتوا يلجأون الى اعمال انتقامية بصورة متكررة.

وتتخذ هجمات المتطرفين طابعا تخريبيا من حرق اشجار الزيتون الى الاعتداء على المساجد والكنائس ومحاولة حرقها وحرق سيارات فلسطينية، والاعتداء على الناشطين الاسرائيليين من دعاة السلام والمناهضين للاستيطان، ويشتبكون احيانا مع الجيش. ونادرا ما يتم القبض على الفاعلين. وقدمت الشرطة لوائح اتهام بحق ثلاثة مستوطنين لتنفيذهم جرائم في منطقة الخليل. بحسب فرنس برس.

وقال مصدر امني فلسطيني ان "نحو 20 مستوطنا وصلوا الى قرية قصرة وقاموا بالقاء الحجارة على سكان قصرة وكسروا اشجارا في القرية، ولم يتركوا القرية الا بعد ان قام سكانها بمواجهتهم". وقال الناطق العسكري "ان حرس الحدود والجيش تدخلوا لفض النزاع بين مستوطني ايش كودش والسكان"، مشيرا الى ان المواجهات تكررت بين المستوطنين وسكان قرية قصرة عدة مرات. واضاف الناطق "لقد ابلغنا المستوطنين ان الفلسطينيين لديهم اذن بحراثة حقولهم". وقال المستوطنون في بيان "هذه ليست هي المرة الاولى التي يحاول فيها الفلسطينيون الاستيلاء على اراضي لا يملكونها، فهم يحضرون لانتفاضة ثالثة وقوات امننا مجهزة لذلك بشكل جيد".

مملكة قرب القدس

من جانب أخر اكتشف علماء اثار اسرائيليون هيكلا وتماثيل صغيرة كانت تستخدم على الارجح في اطار طقوس دينية قبل اكثر من ثلاثة الاف سنة على ما أعلنت هيئة الاثار الإسرائيلية. واكتشفت هذه الاثار على بعد كيلومترات قليلة غرب القدس خلال حفريات اثرية اجريت في اطار اشغال على الطريق السريع الرابط بين القدس وتل ابيب. وقال مدراء الحفريات في بيان "مكان العبادة في تل موتسا هو اكتشاف ملفت وغير متوقع لان لا اثار تقريبا لاماكن عبادة من مرحلة مملكة يهودا". وهذا الاكتشاف هو دليل نادر على الممارسات الدينية خارج القدس في مرحلة هذه المملكة اليهودية (931 الى 587 قبل الميلاد) على ما اوضحت آنا ريريخ التي شاركت في ادارة الحفريات. بحسب فرنس برس.

واقيمت هذه المملكة بعد وفاة الملك سليمان ما ادى الى انقسام بين قبائل اسرائيل ال12 اذ شكلت عشر منها مملكة اسرائيل الجديدة (في الشمال) فيما اجتمعت قبيلتا يهودا وبنيامين حول القدس وشكلتا مملكة يهودا. وتعود الاثار المكتشفة الى القرنين التاسع والعاشر قبل الميلاد اي مرحلة الهيكل الاول. ويبدو انها تشير الى ان يهود تلك الفترة حافظوا على ممارسة دينية تتعلق بعبادة الاصنام بموازاة الممارسة المنتشرة لليهودية في هيكل القدس على ما اوضحت ايريخ. واضافت "من المهم جدا اكتشاف هذه الاثار الدينية وهذا المعبد القريب جدا من القدس". وقد عثر على اثار متفرقة في محيطه ولا سيما فخاريات مزينة واجزاء من كؤوس وتماثيل صغيرة لرجال وحيوانات من يبيها حصان.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/كانون الثاني/2013 - 7/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م