فرنسا في مالي... من الهيمنة السياسية الى التدخلات العسكرية

 

شبكة النبأ: تحاول فرنسا اليوم رسم إستراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب في قارة أفريقا ودولة مالي تحديدا تتواءم مع الاحداث والمعطيات الجديدة في العالم كافة، وهو ما اتضح جليا من خلال الاستعمار الناعم ان صح التعبير، وذلك من خلال عمليات العسكرية الأخيرة التي قام بها الجيش الفرنسي ضد الجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة من شمال مالي، ويعتقد محللون سياسيون ان اعلان الحرب في المالي الان له أجندة ودوافع عديدة تتمثل مصالح سياسية والمتمثلة إعادة بناء النهج الاستعماري بصورة ناعمة، تحرير رهائن المنشأة النفطية، وكذلك من اجل المصالح الإستراتيجية والتي تتمثل بالوصول إلى الموارد الطبيعية الإستراتيجية التي تملكها مالي الغنية بالموارد الطبيعية، مما دفع القوى العالمية الأخرى ولاسيما فرنسا انتهاج سياسية جديدة تتوافق مع التطورات الجديدة على الأصعدة كافة، وذلك باعتماد إستراتيجية جديدة لضمان تحقيق مصالحها الإستراتيجية والسياسية في البلدان الأخرى وأهمها الإفريقية، وعليه مهما تتعدد واختلفت الأجندة الاستعمارية لفرنسا، لا يبدو انها ستحصل على مرادها بسهلة، نظرا لتمرس المجموعات المسلحة في شمال مالي على القتال بشكل جيد فضلا عن امتلاكها الوسائل اللوجستية التي تزيد من قدراتهل العسكرية، إذ تبرز العملية العسكرية التي قامت بها فرنسا ضد تنظيمات المسلحة في شمال مالي اتخاذ القوى الدولية منحى أكثر جدية في التعامل مع ما تعتبره تصاعد كبير في حجم التهديدات التي باتت تؤرقها.

ضربة فرنسية المبكرة

فقد هرعت فرنسا لمساعدة مالي على منع زحف مقاتلين إسلاميين جنوبا بعد ان سيطروا على المنطقة الصحراوية في شمال البلاد لكن خطة تدخل مدعومة من الأمم المتحدة للقضاء على تنظيم القاعدة وحلفائه تواجه عدوا صعبا وتضاريس قاسية ومن الممكن أن تستغرق شهورا إذا كتب لها النجاح أصلا.

ولم يتضمن الجدول الزمني الأصلي لمهمة الدعم الدولي بقيادة افريقيا (أفيسما) التي تشمل قوات من غرب افريقيا قوامها 3300 جندي ودعما لوجستيا وماديا ومخابراتيا من الغرب نشر القوة قبل سبتمبر أيلول لإتاحة الوقت اللازم للاستعداد الكامل، لكن الاستجابة الفرنسية السريعة لطلب المساعدة من حكومة مالي سارعت الخطى بعد أن هدد مقاتلون إسلاميون بلدتي موبتي وسيفاري بمطارها الرئيسي في وسط البلاد، وبعد أن ضربت طائرات ومروحيات فرنسية مواقع للإسلاميين في جاو وبلدات أخرى يسيطر عليها المسلحون تسعى مجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إيكواس) الى الاسراع بإرسال قواتها إلى مالي مما يثير تساؤلات حول المهمة الاصلية الطويلة المدى، وقال مارتن فان فليت وهو باحث في مركز الدراسات الافريقية في لايدن بهولندا "التسرع في التدخل الآن يمثل أساسا متداعيا للمهمة، "لكن عدم اتخاذ أي خطوة سيصبح خيارا سيئا أيضا"، وكان فان فليت قد وضع مؤلفات عن مالي لصالح مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت، ويتفق أغلب الخبراء على أن مهاجمة عدة آلاف من المقاتلين -وهم خليط من المتمردين الطوارق والإسلاميين والجهاديين الأجانب من تنظيم القاعدة- في منطقة صحراوية وجبلية وعرة وكبيرة يمثل تحديا عسكريا هائلا.

وكان تقييم روبن بريجيتي كبير مسؤولي وزارة الخارجية الامريكية لشؤون افريقيا للمهمة التي تواجه مالي وإيكواس وحلفاء غربيين آخرين عندما تحدث إلى تشاتام هاوس في لندن في اواخر أكتوبر تشرين الأول هو أنها "عملية هائلة جدا"، وقال بريجيتي وهو ضابط سابق "إنها تضاريس صعبة جدا.. وهي مساحة شاسعة. سوف تستغرق السيطرة عليها وقتا طويلا" مضيفا أن التدخل الكامل في مالي سيكون "مكلفا للغاية" وسيستمر شهورا وليس أسابيع.

وأكدت الولايات المتحدة والأمم المتحدة على أن المهمة في مالي المدعومة دوليا يجب أن تكون "بقيادة افريقية" ويكون الافارقة هم أصحاب القرار فيها وتصاحبها عملية سياسية لإرساء السلام في مالي التي كانت يوما منارا للديمقراطية والاستقرار، لكن في ظل وجود القوات الخاصة والطائرات الفرنسية ومهاجمتها للإسلاميين وإعلان وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أن فرنسا "في حرب مع الإرهاب أينما وجد" أصبحت المهمة في مالي بقيادة الفرنسيين في الوقت الراهن، وسارع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند لإضفاء الشرعية على العمل العسكري السريع الذي قامت به فرنسا من خلال قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي صدر في 20 ديسمبر كانون الاول والذي يسمح بنشر قوة مهمة الدعم الدولي بقيادة افريقيا (أفيسما) الأكبر حجما، وهذا القرار ذاته هو الذي وضع أسسا هامة بالنسبة لمالي منها الاتفاق السياسي والتأكد من القيام بتدريبات معينة مثل دورات في مجال حقوق الإنسان واستعداد جيش مالي وقوة التدخل الافريقية للعمليات. لكن أيا من تلك الأسس لم يستكمل.

وقال فان فليت "جيش مالي ما زال في حالة فوضى تامة" مشيرا إلى فقده مواقع رئيسية في بما في ذلك كونا منذ أن تمت استعادتها في الهجوم المضاد الذي دعمته فرنسا، وقصفت المقاتلات الفرنسية من طراز (رافال) مواقع للمسلحين حول جاو أكبر مدينة في شمال مالي الذي يسيطر عليه الإسلاميون في الوقت الذي نشرت فيه باريس عدة مئات من الجنود في باماكو العاصمة جنوبا وفي وسط مالي.

وقال جريجوري مان وهو استاذ مساعد للتاريخ في جامعة كولومبيا وهو متخصص في الدول الافريقية المتحدثة بالفرنسية ومالي على وجه الخصوص "انطباعي الأول هو أنها دفعة طارئة في وضع خطير للغاية"، وأضاف مانو أن "العملية البرية" ستكون هي المفتاح الرئيسي لمدى سرعة وفاعلية جيش مالي المدعوم من فرنسا وحلفاء إيكواس في استعادة المعاقل الرئيسية للمسلحين في الشمال مثل جاو وتمبكتو وكيدال، ومضى يقول "في الوقت الحالي لدينا ما يدعونا للشعور بالراحة ولكن ليس التفاؤل"، وسقطت بلدات الشمال تحت سيطرة الإسلاميين بعد أن دفع انقلاب عسكري في باماكو الطوارق إلى شن هجوم أسفر عن السيطرة على الشمال ومن ثم تقسيم البلاد إلى نصفين. بحسب رويترز.

ويقول خبراء أمنيون إن القوات التي يقودها الإسلاميون والتي تضم مقاتلين محنكين من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي من المرجح أن تتفادى الدخول في معركة مباشرة مع قوات جيش مالي/إيكواس المشتركة والتي من المتوقع أن يزيد حجمها عن ستة آلاف جندي عند النشر الكامل لها، وبدلا من محاولة الدفاع عن جاو وتمبكتو وكيدال من المتوقع أن يختبيء الإسلاميون في الصحراء الشاسعة والجبال الوعرة في شمال مالي، وتتحالف جماعة التوحيد والجهاد التي يمثل العرب أغلب أفرادها مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بقيادة عناصر جزائرية ومتمردي الطوارق من جماعة أنصار الدين بقيادة اياد اق غالي السياسي المحنك، وقال ريتشارد جاكسون نائب مدير (فويلنت ريسك فوركاستينج) ومقرها في بريطانيا في تقرير (التحليل الحصري) ليناير كانون الثاني عن الجهاد في غرب افريقيا "من غير المرجح أن يسفر تدخل بري عن هزيمة كبيرة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أو جماعة التوحيد والجهاد."، ويقدر التحليل الحصري لهذه المؤسسة أن القوة المجتمعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأنصار الدين وجماعة التوحيد والجهاد تصل إلى ثلاثة آلاف مقاتل، وكتب جاكسون في التقرير "نتيجة قوة المتمردين ومساحة الأراضي التي يحتلونها من المرجح أن يكون العمل العسكري مطولا"، ووصف الجنرال كارتر هام رئيس القيادة الأمريكية في افريقيا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بأنها جماعة "ممولة ومسلحة جيدا" وتميل للعمل في أرتال متحركة من سيارات الدفع الرباعي والشاحنات وعلى بعضها أسلحة ثقيلة وهي عنصر أساسي في الحرب الصحراوية في منطقة الساحل الافريقي من موريتانيا إلى تشاد والصومال.

لكن هذه الأرتال تصبح عرضة للهجوم في الصحراء المفتوحة من مروحيات جازيل ومقاتلات رافال الفرنسية، وقال مان "لم يتضح بعد ما إذا كان الإسلاميون يملكون أسلحة دفاع مضادة للطائرات" مضيفا أنه اطلع على تقارير عن امتلاكهم مدفعا مضادا للطائرات بل وصواريخ أرض جو، وذكر فان فليت إنه حتى في حالة نجاح القوة الافريقية المدعومة دوليا في استعادة جاو وتمبكتو وكيدال الأبعد فإن المرحلة الثانية من التمرد في مالي يرجح أن تشهد "عملية مكافحة تمرد تتسم بالفوضى" مع مواجهة القوات هجمات كر وفر من عدو مراوغ، وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه "بمجرد حدوث التدخل لابد أن تكون هناك خطة بعد ذلك. لا يمكن التدخل ببساطة للتخلص من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ثم الانسحاب مرة أخرى وإلا فسوف تغرق في الفوضى مرة أخرى"، وأشار هام رئيس القيادة الأمريكية في افريقيا العام الماضي إلى ما أسماه "اتصالات وشبكات وتنسيقا" بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في منطقة الساحل وحركة الشباب في الصومال وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، ويتطلب أي أمل في القضاء تماما على تنظيم القاعدة في مالي إحكام حدود الشمال الطويلة التي يسهل اختراقها والتي تمتد إلى منطقة الصحراء الكبرى وهي مهمة شبه مستحيلة. وسيتطلب أيضا تعاون الجزائر وموريتانيا والنيجر، ويقول بعض المحللين إنه ربما يكون أفضل إجراء لضمان نجاح خطة التدخل هو استعادة المدن في شمال البلاد واحتواء المسلحين، وقال مان من جامعة كولومبيا "إذا تمكن خلال عامين من الآن سكان جاو وتمبكتو وكيدال من المضي في حياتهم بسلام يمكن أن أقول إن ذلك نجاحا هائلا حتى إذا ظل الشمال الصحراوي خارجا عن نطاق سيطرة الحكومة... كانت هذه هي الحال دائما."       

تهديدات حربية

في سياق متصل استأنف المقاتلون الاسلاميون الهجوم في مالي حيث سيطروا على بلدة ديابالي تبعد 400 كلم شمال باماكو، كما هددوا بضرب فرنسا "في الصميم" في اليوم الرابع للغارات الجوية الفرنسية على مواقعهم والتي تلحق بهم خسائر فادحة.

ومن المرتقب ان يجتمع مجلس الامن الدولي بمبادرة من فرنسا التي ترغب في اطلاع شركائها على الوضع في مالي وتدخلها العسكري في هذا البلد. وسينعقد ايضا اجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يقول ان "فرنسا لا تريد البقاء وحدها الى جانب مالي"، واعاد الجيش الموريتاني انتشاره الاثنين "لاغلاق الحدود" مع مالي، وقال الوزير الفرنسي "كنا نعرف ان هناك هجوما مضادا في الغرب، نظرا لوجود عناصر في هذه المنطقة، يبدون تصميما وهم اكثر تنظيما واكثر تطرفا (...) سيطروا على ديابالي، وهي بلدة صغيرة بعد معارك عنيفة وبعد ان ابدى الجيش المالي مقاومة لم تكن كافية في تلك اللحظة المحددة"، من جهته قال مصدر امني مالي ان "ابو زيد احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تولى شخصيا ادارة العمليات"، وقال وزير الدفاع الفرنسي لدى خروجه من اجتماع مجلس الدفاع في الاليزيه، في اليوم الرابع من التدخل الفرنسي لضرب الجماعات الاسلامية المتطرفة في مالي، ان "تطور الوضع يتفق مع توجيهات" الرئيس الفرنسي، "انه يتطور بصورة مؤاتية"، واضاف "في شرق مالي، تم قطع الطريق على المجموعات الارهابية، اخليت مدينة كونا والمجموعات الارهابية تراجعت نحو دوينتزا".

وتابع "في غاو، نفذ عدد من الضربات الهادفة على قاعدة خلفية لحركة التوحيد والجهاد اعطت نتائج جيدة للغاية وادت الى تشتيت عناصر هذه المجموعة الارهابية باتجاه الشرق والجنوب"، وقال الوزير "لا تزال هناك نقطة صعبة في الغرب" حيث تواجه القوات الفرنسية "مجموعات جيدة التسليح وحيث تتواصل العمليات حتى في هذه اللحظة مع القوات المالية التي ابدت بسالة عالية في الشرق"، وفرنسا التي اعلنت انها تخوض "حربا ضد الارهاب" في مالي، اوقفت الجمعة تقدم مجموعات اسلامية مسلحة تسيطر على شمال مالي منذ تسعة اشهر، نحو وسط البلاد، وقصف الطيران الفرنسي للمرة الاولى مواقعهم في الشمال في غاو وكيدال، معقل الجهاديين.

وقال وزير الخارجية المالي تيمان هوبير كوليبالي الذي يزور فرنسا، ان الامر لا يقتصر فقط على "الحاق هزيمة" بالجهاديين، بل ايضا "طردهم" من مالي لمنعهم من "اعادة تنظيم" صفوفهم، وفي العاصمة المالية باماكو، اغلقت المدرسة الفرنسية "على سبيل الوقاية والاحتياط" كما قال السفير الفرنسي كريستيان روييه الذي اوصى ستة الاف من الرعايا الفرنسيين في مالي "بتوخي الحذر"، وتخيم تهديدات ايضا على الرهائن السبعة الذين تعتقلهم جماعات اسلامية في الساحل، وقال ابو دردار احد مسؤولي حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، بشمال مالي في اتصال هاتفي من باماكو "ان فرنسا هاجمت الاسلام، وسنضرب فرنسا في الصميم".

وردا على سؤال حول المكان الذي يقصده، قال ابو دردار الذي ترجم اقواله شخص قريب منه، "في كل مكان، في باماكو، وفي افريقيا واوروبا". ورفض ابو دردار اعطاء حصيلة للغارات الفرنسية على مواقع الاسلاميين المسلحين. واوضح "ليس لدي ما اقوله حول هذه الأمور، لكن كل المجاهدين الذين قتلوا مآلهم الجنة"، وقال احد سكان غاو من باماكو "قتل اكثر من 60 اسلاميا في غاو وقواعدهم القريبة منها. وليلا خرج الاسلاميون الذين كانوا مختبئين في المنازل، لسحب جثث رفاقهم". واكد هذه الحصيلة سكان اخرون ومصدر امني، واضاف "سقط قتلى خصوصا في معسكر في غاو. لقد تمت مباغتة الاسلاميين في وسط اجتماعهم، وسقط العديد من القتلى".

من جهة اخرى، اعلن مسؤول في الحركة الوطنية لتحرير ازواد، ان متمردي حركة الطوارق "مستعدون لمساعدة" الجيش الفرنسي على التصدي للمجموعات الاسلامية المسلحة في شمال، من خلال "التحرك على الارض"، واكد موسى اغ اساريد "ندعم بقوة التدخل الجوي الفرنسي. وبالتأكيد، نحن مستعدون لمساعدة الجيش الفرنسي" و"التحرك على الارض". وافاد مصدر امني بوركينابي حسن الاطلاع على الحركات الاسلامية المسلحة في مالي ان قصف الطيران الفرنسي الحق بعناصر تلك الحركات خسائر لكنهم لم يهزموا بعد، واعلن المصدر ان "الغارات الفرنسية اوقعت خسائر فادحة بالاسلاميين (...) انهم يجدون صعوبات في تجميع قواتهم وشن هجمات"، لكنه تابع "رغم ذلك لم ينهزم المقاتلون الاسلاميون، انهم يقاومون وسيقاومون حتى النهاية وسيحاولون فتح جبهات بمجموعات صغيرة"، يشار الى ان غاو وكيدال ومدينة تمبكتو التاريخية تعتبر ابرز مدن شمال مالي الخاضع لسيطرة اسلاميين منذ قرابة تسعة اشهر، وفي تمبكتو حيث قام الجهاديون في باعمال رجم وبتر اطراف، اشار مدرس الى "بداية موجة ذعر" تنتاب عائلات الاسلاميين الذين توجهوا للقتال مؤكدا ان "الكثيرين يحاولون المغادرة الى الصحراء".

وفي برلين، اعلن متحدث باسم الخارجية الالمانية عن امكان تقديم دعم لوجستي طبي او انساني للعملية الفرنسية في مالي والتي وصفها بانها مبررة، وقال اندريسا بيشكي ان المانيا "لن تترك فرنسا وحدها في هذا الوضع الصعب"، موضحا ان المساعدة ستكون لوجستية، طبية او انسانية. واضاف ان المانيا تدرس كيف يمكن مساندة القوات الفرنسية، موضحا انه من "غير المطروح" ارسال قوات المانية.

ويلقى التدخل الفرنسي في مالي دعما دوليا كبيرا. لكن الصين تحفظت في دعمها مشددة على نشر القوة الدولية لدعم مالي التي وافق عليها مجلس الامن "في اسرع وقت ممكن"، كما اكد الاتحاد الاوروبي مجددا ان بعثته العسكرية لتدريب جنود ماليين لن يكون لها اي دور قتالي، واعلنت كندا انها ستقدم طائرة نقل لتامين دعم لوجستي للمهمة الفرنسية في مالي، من جهته اعتبر رئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي ا انه "من الضروري وقف الارهابيين والمجموعات المتمردة" التي استانفت هجومها في مالي، واشاد الحلف الاطلسي بالعملية التي اطلقتها فرنسا في مالي موضحا في الوقت نفسه انه لم يتلق اي طلب للمساعدة من باريس، واجرى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند محادثات مع نظيره النيجيري غودلاك جوناثان الذي يفترض ان تتولى بلاده قيادة القوة العسكرية الافريقية في مالي. كما سيلتقي الثلاثاء في ابوظبي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

ومن المرتقب ان تبدأ اولى رحلات طائرات النقل العسكرية البريطانية لدعم العملية الفرنسية الاثنين انطلاقا من قاعدة في شمال غرب فرنسا كما علم لدى سلاح الجو الفرنسي، وتتسارع التحضيرات ايضا لنشر قوة من دول غرب افريقيا مكلفة، بموافقة الامم المتحدة، طرد المجموعات المرتبطة بالقاعدة، وبدأت طلائع قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا تنتشر تحت قيادة الجنرال النيجيري شيهو عبد القادر، ومن المرتقب ان تساهم نيجيريا في هذه القوة ب600 عنصر، كما اعلنت كل من النيجر وبوركينا فاسو وتوغو والسنغال عن ارسال 500 عنصر وبنين 300 عنصر.

من جانب اخر، عبرت عائلات الرهائن الفرنسيين السبعة المحتجزين لدى مجموعات اسلامية في منطقة الساحل عن مخاوفها من ان يعرض التدخل الفرنسي حياة الرهائن للخطر، وتطرق مسؤول حركة التوحيد ايضا الى مصير الرهائن الفرنسيين المحتجزين في منطقة الساحل. وقال "سنصدر بيانا اليوم حول الرهائن، واعتبارا من اليوم، كل المجاهدين يعملون معا"، وتحتجز القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي منذ 16 ايلول/سبتمبر 2010 اربعة موظفين في مجموعة اريفا النووية الفرنسية خطفوا في النيجر، ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2011 فرنسيين اعتقلتهما في شمال مالي. وخطف فرنسي سابع في 20 تشرين الثاني/نوفمبر في غرب مالي من قبل حركة التوحيد.

مسرحية شديدة البشاعة

الى ذلك وصف رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرولت قيام حركة الشباب الصومالية بنشر صورة قالت انها لقائد فرقة الكوماندوس الفرنسية التي حاولت تحرير رهينة فرنسي في الصومال ب"المسرحية الشديدة البشاعة"، وقال رئيس الحكومة للصحافيين خلال زيارة لمدينة كاين (غرب فرنسا) "انها مسرحية شديدة البشاعة" مضيفا ان الحكومة "تعلن مسؤوليتها الكاملة" عن هذه العملية التي كانت "شديدة الخطورة" والتي "باءت بالفشل"، واضاف "هذه العملية، الشديدة الخطورة فشلت لكن الحكومة تؤكد مسؤوليتها الكاملة عنها لانه لا يمكن التساهل حيال الارهاب"، وتابع "اشكر الصحافة الفرنسية لعدم نشر هذه الصور التي تهدف الى الاهانة".

وقد عرض متمردو حركة الشباب الاسلامية على موقع تويتر صورة جثة قالوا انها لقائد فرقة الكوماندوس الفرنسية التي فشلت السبت في تحرير الرهينة الفرنسي دوني اليكس المحتجز منذ 2009، وجاء في تعليق مرافق للصورة "القائد الفرنسي الذي قتل خلال عملية الانقاذ الفاشلة في بولومارير". وتظهر في الصورة جثة شاب على وجهه اثار دماء ويرتدي بنطالا فاتح اللون وقميصا داكن اللون عليه سلسلة تحمل صليبا فضيان وجاء في تعليق على صورة ثانية ظهرت فيها الجثة بشكل اوضح الى جانب معدات عسكرية منها اسلحة وسترة واقية من الرصاص وحقيبة ظهر "فرنسوا هولاند هل كانت (العملية) تستحق ذلك؟". بحسب فرانس برس.

ولم تظهر الصور اين اصيب الجندي، وتظهر الصورة الثالثة وجهه بشكل واضح ومن قميصه سلسلة تحمل صليبا فضيا وتعليق "عودة الحملات الصليبية. لكن الصليب لم ينقذه من السيف"، ويظهر في صورة رابعة كتب تحتها "قسم من الغنيمة التي تم الاستيلاء عليها من القوات الفرنسية الهاربة"، مسدس وبندقيتان هجوميتان مع كواتم صوت، وقد قررت وكالة فرانس برس توزيع واحدة من الصور الثلاث للجندي الفرنسي القتيل لزبائنها من وسائل الاعلام المهنية فقط وبعد التحقق بدقة من صحتها. واتخذت الوكالة كل الاحتياطات لعدم كشف هوية الجندي القتيل بتمويه الوجه ولم تنشر الصورة على نشراتها المخصصة لمواقع الانترنت.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/كانون الثاني/2013 - 7/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م