الانتحار... ظاهرة عالمية تنثر رماد الإنسانية

 

شبكة النبأ: شاعت ثقافة الانتحار هذه الأيام بين مختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين لأسباب عديدة ودوافع كثيرة مثل  تدني المستويات الاقتصادية او التميز العنصري او الفشل في الحياة العامة. وقد يحدث الانتحار بطرق وأسباب غربية أحيانا كالانتحار بسبب الانتخابات أو الحرق أو القفز من فوق المباني او المرض، وعلى الرغم من وجود العدالة والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية في بعض البلدان، فضلا عن كل الجهود التي تقوم بها الجهات المسئولة، الا أنها تتصدى بنسب ضئيلة جدا مقارنة بانتشار هذه الظاهرة العالمية، ولا تحول تلك الامور دون ارتكاب هذه الجريمة، ففي ظل تتزايد الظواهر المجتمعية العنيفة على نطاق واسع في اغلب المجتمعات العالمية، ستصبح  موجات العنف على المستوى العالمي ثقافة جرائم عصرية خارج نطاق السيطرة، وتقدر منظمة الصحة العالمية ان ما يقرب من مليون شخص ينتحرون كل عام وهو معدل يصل الى 16 لكل مئة الف شخص أي واحد في كل 40 ثانية. وتقول انه أمام كل حالة انتحار هناك 20 محاولة للانتحار، والرجال هم اكثر نزوعا الى الانتحار من النساء في كل دول العالم.

الازمة الاقتصادية

فقد قال باحثون ان معدلات الانتحار في الولايات المتحدة زادت بحدة منذ بدء الازمة الاقتصادية في 2007 وانه يجب على الزعماء السياسيين بذل المزيد لحماية الصحة النفسية للامريكيين خلال الاوقات العصيبة.

وفي رسالة لدورية لانسيت الطبية قال علماء من بريطانيا وهونج كونج والولايات المتحدة ان تحليلا لبيانات من المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها اظهر انه على الرغم من ارتفاع معدلات الانتحار ببطء فيما بين عامي 1999 و2007 فان هذا المعدل زاد اربعة امثاله خلال الفترة من 2008 الى 2010، وقال ارون ريفيز من جامعة كامبردج البريطانية والذي رأس البحث وقدمه في رسالة الى لانسيت "هناك حاجة واضحة لتنفيذ سياسات تشجع مرونة الصحة النفسية خلال الركود المستمر، "خلال فترة الاستعداد لانتخابات الرئاسة الامريكية يناقش الرئيس اوباما وميت رومني افضل الطرق لتحفيز النمو الاقتصادي (ولكنهما) اغفلا في هذه المناقشة التفكير في كيفية حماية صحة الامريكيين خلال هذه الاوقات العصيبة."

ووفقا لتحليل ريفيز فان نحو 1500 شخص اخرين انتحروا في الولايات المتحدة سنويا منذ 2007 بالمقارنة مع الاعداد التي كانت متوقعة اذا استمرت الاتجاهات التي كانت موجودة من 1997 الى 2007، وقال ريفيز ان هذا النموذج الذي استخدم لتحليل البيانات اظهر ان البطالة ربما اسهمت بنحو ربع حالات الانتحار الزائدة في الولايات المتحدة منذ 2007، ووجدت زيادة مماثلة في معدلات الانتحار ايضا في اليونان واسبانيا وبريطانيا ودول اخرى تأثرت بالركود الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة في السنوات الاخيرة. بحسب رويترز.

وقال ريفيز ان"الانتحار نتيجة نادرة للمرض النفسي ولكن هذا يعني ان تلك البيانات هي على الارجح المؤشر الاوضح لامراض الاكتئاب والقلق الرئيسية بين الناس الذين يعيشون خلال هذه الازمة المالية."

فيما قالت دراسة وطنية أمريكية اعتمدت على مقابلات مع آلاف المراهقين الأمريكيين إن واحدا تقريبا من بين كل 25 مراهقا حاول الانتحار وأن واحدا من بين كل ثمانية فكروا في التخلص من حياتهم، وقال باحثون- نشرت نتائجهم في دورية الطب النفسي للجمعية الطبية الأمريكية- إن هذه الأرقام مماثلة لانتشار التفكير الانتحاري ومحاولاته المسجلة من جانب البالغين وهو ما يشير إلى ان سنوات المراهقة هي بالأخص فترة التعرض لخطر الانتحار.

وقال ماثيو نوك استاذ الطب النفسي الذي شارك في الدارسة بجامعة هارفارد "ما يقوله البالغون هو ان اخطر وقت يبدأ فيه التفكير في الانتحار هو في مرحلة المراهقة"، واعتمدت النتائج على مقابلات شخصية مع قرابة 6500 مراهق في الولايات المتحدة واستبيانات اجاب عليها اباؤهم، واظهرت الدارسة ان اكثر من 12 بالمئة من المراهقين فكروا في الانتحار وان اربعة بالمئة خططوا للانتحار في حين حاول اربعة بالمئة التخلص من حياتهم، ووجد نوك وزملاؤه أن جميع المراهقين تقريبا الذين فكروا في الانتحار او حاولوا يعانون من اضطراب نفسي، وخضع اكثر من نصف هؤلاء المراهقين بالفعل للعلاج عندما سجلوا سلوكهم الانتحاري وهو ما وصفه نوك بالأمر المشجع والمقلق معا. بحسب رويترز.

وتقول المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن الانتحار هو ثالث مسبب للوفاة للأشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين 10 أعوام إلى 24 عاما حيث يتسبب في قرابة 46 ألف وفاة سنويا.

تزايد حالات الاقدام على الانتحار

كما أشارت احصاءات رسمية الى تزايد أعداد من يحاولون الانتحار في اليونان مع تفاقم الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وقال نيكوس دندياس وزير الامن العام في رد مكتوب على اسئلة لنواب برلمانيين انه تم تسجيل 677 حالة محاولة انتحار عام 2009 و830 حالة عام 2010 و927 عام 2011، وهذا الرقم آخذ في الزيادة هذا العام اذ اوضحت سجلات الشرطة رصد 690 حالة إقدام على الانتحار منذ 23 اغسطس آب الماضي. ولم توضح هذه الاحصاءات عدد حالات الوفاة جراء محاولات الانتحار هذه، وأصبحت واقعة انتحار صيدلي متقاعد عمره 77 عاما رمزا لحالة التذمر العام باليونان عندما قتل نفسه بالرصاص امام مبنى البرلمان في أثينا في ابريل نيسان الماضي. وترك الصيدلي المنتحر رسالة تقول إنه رفض نبش صناديق القمامة بحثا عما يسد رمقه. بحسب رويترز.

واليونان على وشك الدخول في سادس عام من الكساد عام 2013، أدت هذه الازمة الطاحنة الى فصل واحد من بين كل خمسة يونانيين عن العمل وتراجع الناتج المحلي الاجمالي بواقع الخمس. ويعزو كثير من اليونانيين محنتهم الى الاجراءات الخاصة بخفض الانفاق وزيادة الضرائب التي طالبت بها الجهات المقرضة وهي الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

رجال منتصف العمر

من جهة أخرى قال باحثون ان رجال منتصف العمر الذين ينتمون الى قطاعات محرومة هم أكثر عرضة للانتحار عشر مرات عن غيرهم لانهم فقدوا الاحساس بهويتهم وكبريائهم الرجولي، وبحث خبراء الصحة في تقرير لصالح جمعية ساماريتانز الخيرية البريطانية الأسباب التي تجعل الرجال في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من العمر معرضين بدرجة كبيرة الى الإقدام على الانتحار، وقال الباحثون ان النتائج خلصت الى ان الانتحار ليس مجرد مشكلة صحة عقلية بل أيضا مشكلة مكانة الرجال في المجتمع وعدم قدرة المجتمع على التكيف مع احتياجاتهم حين يتعلق الأمر بالاحباط والقلق ومشاكل أخرى.

وقال ستيفن بلات أستاذ أبحاث السياسة الصحية في ادنبره وأمين جمعية ساماريتانز الذي عرض التقرير في إفادة في لندن "رغم ان الانتحار هو قضية صحة عقلية... فإنه أيضا قضية عدم مساواة اجتماعية وصحية. هذا غير عادل وغير منطقي"، وتابع "الفوارق التي يبرزها هذا التقرير...ليست من النوع الذي يشعر معه أي مجتمع متحضر بالارتياح"، وجاء في التقرير ان رجال منتصف العمر ينتمون الى جيل "في المنتصف" لا يعرفون تحديدا ما اذا كانوا يريدون التشبه بالآباء الأكثر محافظة والأكثر صمتا وصرامة أم بالأبناء الأكثر ميلا للتقدم والفردية والاستقلالية. بحسب رويترز.

وتقول منظمة الصحة ان عوامل الخطر الرئيسية هي المرض العقلي خاصة الاكتئاب والافراط في شرب الخمر إضافة إلى العنف وفقدان الغالي والانتهاك والضغوط الناجمة عن الخلفيات الثقافية والاجتماعية، وخلصت الدراسة الى انه في بريطانيا ينتحر في المتوسط نحو 3000 رجل في منتصف العمر من خلفيات محرومة كل عام.

فوكس نيوز

من جانب آخر بثت شبكة "فوكس نيوز" الاميركية مشاهد مباشرة لرجل تلاحقه الشرطة ثم ينتحر مطلقا النار على نفسه، قبل ان تقطع البث وتعتذر من المشاهدين، وقطعت الشبكة بث هذا المشهد المروع لتعود الى الاستوديو حيث كان المذيع شيفارد سميث يصيح "اوقفوا البث! اوقفوا البث!"، وبعد فاصل قصير، قدم شيفارد سميث اعتذاره للمشاهدين، وكانت الشبكة تبث على مدى دقائق مشاهد تلتقطها كاميرا مثبته على مروحية، لسيارة تسير بسرعة كبيرة على الطريق السريع في اريزونا، موضحة انها مشاهد تظهر مطاردة الشرطة لسائق هذه السيارة، ثم دخل سائق السيارة في طريق فرعي، وترجل من السيارة، واختبأ وراء شجرة، ثم امسك مسدسه واطلق النار على رأسه. بحسب فرانس برس.

انتحر بسبب الانتخابات

في حين أقدم كوري جنوبي، في الـ50 من عمره، على الانتحار بمنطقة وانغو جنوب غرب البلاد، تاركاً رسالة دعا فيها اثنين من المتنافسين الليبراليين على الرئاسة لاختيار مرشّح واحد للمشاركة في انتخابات، ونقلت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية عن الشرطة، أن الرجل، واسمه يو، قفز من شقته الواقعة في الطبقة الـ13، بعد أن علّق راية على شرفته يدعو فيها المتنافسين الليبراليين، مون جاي إين، وأهن شيول سو، لاختيار مرشح واحد للانتخابات المقبلة، كما عثر على رسالة في المنزل، تقول «أظن أن كليهما (مون وأهن) رجل عظيم، وآمل أن يدفع واحد العربة والآخر يساعده على بناء دولة سليمة»، وقالت الشرطة «يبدو أن الرجل قد شرب الكثير من الكحول قبل وفاته»، مضيفة أنه قد يكون شاهد أيضاً الجدل التلفزيوني بين المتنافسين. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

انتحار سفير

على صعيد آخر اقدم سفير صربيا لدى حلف شمال الاطلسي برانيسلاف ميلينكوفيتش على الانتحار بالقاء نفسه من مكان مرتفع فيما كان يرافق دبلوماسيين الى مطار بروكسل على ما افادت مصادر قضائية ودبلوماسية، وصرحت ايني فان فايميرش المتحدثة باسم نيابة بروكسل التي اختتمت التحقيق الذي فتح الثلاثاء "جميع العناصر تؤكد ان الامر انتحار"، واضافت ان "اي طرف ثالث" لم يكن ضالعا في وفاة ميلينكوفيتش، واثار انتحار الدبلوماسي البالغ 52 عاما مفاجأة كبيرة في اوساط الحلف حيث انعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الاعضاء ال28، وقال صحافي صربي في بروكسل ان الدبلوماسي "كان في وضع طبيعي خلال النهار وتحادث" مع صحافيين في اروقة مقر الحلف الاطلسي على هامش اجتماع وزراء الخارجية، وعبر الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن عن "حزنه الشديد لوفاة السفير الصربي المأساوية" كما قال الناطق باسم الحلف في بروكسل . بحسب فرانس برس.

ووقع الحادث في موقف كبار الزوار في المطار. وكان برانيسلاف ميلينكوفيتش توجه الى هناك لاصطحاب دبلوماسيين صربيين كبارا، من بينهم نائب وزير الخارجية زوران فوييتش بحسب الصحافية الصربية. وفجأة وفيما كان الوفد يتوجه الى الموقف، ابتعد بعض الشيء وسقط من ارتفاع حوالى عشرة امتار كما قال مصدر دبلوماسي في بروكسل.

انتحار بسبب خدعة

الى ذلك أثار نبأ وفاة الممرضة ياسينثا سالدانا، والتي يُعتقد أنها أقدمت على الانتحار، بعد أن تعرضت لـ"خدعة" من جانب إعلاميين أستراليين، بهدف الحصول على معلومات بشأن الحالة الصحية لدوقة كامبريدج، كيت ميدلتون، موجة غضب واسعة في كل من بريطانيا وأستراليا، تضمنت مطالب بطرد ومعاقبة الإعلاميين المخادعين.

وعثرت الشرطة البريطانية على جثة الممرضة سالدانا، التي تبلغ من العمر 46 عاماً، وهي أم لاثنين من الأبناء، في مكان قريب من مستشفى "الملك إدوارد السابع"، الذي كانت تعمل به، والذي أدخلت إليه الدوقة كيت ميدلتون، نتيجة شعورها بغثيان، قال الأطباء إنه ناتج عن أعراض الحمل، وقبل يومين من العثور على جثتها، تلقت سالدانا اتصالاً هاتفياً من مذيعين يعملان في محطة "تو داي إف إم" 2DayFM، الإذاعية الأسترالية، وهما ميل غرايغ ومايكل كريستيان، زعما فيه أنهما الملكة إليزابيث الثانية والأمير تشارلز، وطلبا منها الحصول على معلومات حول الحالة الصحية للدوقة كيت، وبينما فتحت شرطة اسكوتلانديارد تحقيقاً في ظروف وفاة الممرضة، وسط مؤشرات ترجح أنها أقدمت على الانتحار، بعد اكتشاف أنها تعرضت للخداع، قالت المحطة الأسترالية، في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، إن " المذيعين قررا عدم عودتهما إلى برنامجهما حتى إشعار آخر، إعراباً منهما عن تعاطفهما مع هذه المأساة، وهو أقل ما يمكن أن يصفا به الحادث". بحسب السي ان ان.

وقال المدير التنفيذي للشركة المالكة للمحطة الإذاعية، ريس هوليران، في تصريحات له، إن المذيعين "يشعران بصدمة بالغة" مما حدث، واصفاً وفاة سالدانا بأنه "حادث مأساوي لم يكن ليحدث بهذه الطريقة، ونحن نشعر بحزن بالغ لذلك"، وبثت العديد من وسائل الإعلام، ومن بينها CNN، مقاطع من التسجيل الصوتي للمكالمة الهاتفية "المزيفة" بين مذيعي المحطة الأسترالية والممرضة، التي استجابت لطلبهما وأدلت لهما بمعلومات حول الحالة الصحية للدوقة كيت، أثناء خضوعها للعلاج بالمستشفى.

رجل يحاول الانتحار فيسقط على امرأة

على الصعيد نفسه نجا رجل فرنسي في التاسعة والاربعين من عمره من الانتحار اذ سقط على امرأة صودف مرورها في المكان عندما القى نفسه من نافذة بيته، بحسب ما افادت مصادر قضائية فرنسية، وقالت النيابة العامة في فردان شرق فرنسا ان هذا الرجل "المضطرب والذي حاول قبل ذلك الانتحار مرتين، القى نفسه من نافذة في الطابق الثاني، لكنه سقط على عابرة سبيل، وهو ما انقذ حياته"، ونقل الرجل والسيدة الى المستشفى غير ان وضعهما مستقر، وصودف وجود ممرضتين في المكان تحتسيان القهوة في مقهى مجاور، تدخلتا على الفور وقدمتا الاسعافات الاولية، وجرى الحادث على مرأى من ابن الرجل، وهو فتى في السابعة عشرة من عمره سيتلقى علاجا نفسيا لازالة اثار الصدمة. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/كانون الثاني/2013 - 2/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م