العراق... بين فكي العصابات الطائفية والأجندة الإقليمية

 

شبكة النبأ: الوطن في ادنى الاوليات هكذا هو حال العراق اليوم، الذي يرسم معادلة متجددة للصراع بين جميع مكوناته، بفعل تمسك الكتل السياسية وقادتها كلٌ برأيه وموقفه الذي يستند الى مصالح الكتلة او الحزب، فقد كشفت التطورات المتتالية الخطيرة على الساحة السياسية الكثير من الإشكاليات السياسية عميقة الجذور، التي تغرس ببراثنها التعصب الطائفي مع صراع المصالح، فضلا عن الأطماع الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير، ونظراً للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها هذه التطورات، لاسيما الاضطرابات الطائفية التي تغذيها الاحتجاجات الاخيرة بين الاطراف المتخالفة، يجب التعامل مع الوضع الحالي بعناية شديدة، من خلال الحكمة السياسية، لكنها ستكون صعبة التنفيذ  في البيئة السياسية الحالية، خصوصا بعدما فقد العراق وسيطا رئيسيا بين الفرقاء السياسيين هو الرئيس جلال طالباني الذي يخضع للعلاج في المانيا، وهذا الامر يهدد تجدد الازمة باغراق الحكومة المعقدة التي شكلت بعد تقسيم عشرات المناصب الحكومية بين التكتلات الشيعية والسنية والكردية بتقريب العراق خطوة من التوترات الطائفية التي فجرت أعمال العنف على نطاق واسع في السنوات القليلة الماضية، فقد تكون نتائجها كارثية على امن واستقرار هذه البلاد، في حين يرى محللون أن الوضع السياسي في العراق صعب جدا لكن الخروج من هذا المأزق يحتاج أولاً إلى رؤية، ثم سياسات وآليات تنفيذية. و أن هذه المرحلة من تاريخ العراق تحتاج إلى شخوص غير تقليديين لأننا في مرحلة غير تقليدية. ويبقى صراع الإرادات بين السياسيين والقادة له مكامن ومقاصد متعددة ومختلفة ولكنها تكشف عن الخوف مما يجيء في المستقبل لاسيما مع تأجج الحروب الكلامية بين المختلفين، او ربما الضياع في اروقة المفاوضات، بحثا عن أرضية تساعد على تحقيق التوافق بين جميع الإطراف، لكن الواقع يدل على ان صراع المصالح هو هروب من المسؤولية قد لا تتم المحاسبة عليها الآن لكن التأريخ – كما اثبتت التجارب- لا يتساهل مع المخطئين بحق شعوبهم، وفي حال غياب أي حوار أو حلول وسط أو توافق بين المسئولين يمكن للأزمة أن تطول مع ما يبدو من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاقتصاد وبالأخص على مسار التحول الديمقراطي الوليد، وبالتالي فان بلد الازمات – العراق- يمضي بثبات نحو المجهول في المستقبل.

تظاهرات معارضة لمطالب المتظاهرين

فقد تظاهر الاف العراقيين في مدن جنوب البلاد تعبيرا عن دعمهم لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي واعتراضهم على مطالب متظاهرين اخرين في مدن شمال وغرب البلاد باطلاق سراح معتقلين والغاء قانون مكافحة الارهاب، وانطلق الاف المتظاهرين في مدينة كربلاء (100 كلم جنوب) رافعين اعلاما عراقية وصور لرئيس الوزراء نوري المالكي ولافتات كتب عليها "نستنكر الغاء المادة 4 ارهاب وعودة البعث" واخرى "كلا كلا للطائفية ..نعم نعم للعراق".

كما اتهمت لافتات اخرى دولا خارجية بالوقوف وراء التوتر في البلاد. وكتب على واحدة منها "لن نسمح لتركيا وقطر بزرع الفتنة والدمار في العراق"، وقال ستارالعرداوي احد زعماء عشائر كربلاء يشارك مع المتظاهرين "خرجنا لرفض دعوات عودة البعث المقبور والغاء المادة الرابعة" من قانون مكافحة الارهاب، وفي مدينة الكوت (160 كلم جنوب) رفع مئات المتظاهرين رفع بعضهم اعلاما عراقية ولافتات كتب عليها "نعم نعم للوحدة (...) كلا كلا للطائفية" و "لا لتقسيم العراق ونعم للسلم الوطني"، كما حملوا صورا لضحايا اعمال عنف وهجمات ارهابية، وقالت سامية جابر وهي في الاربعينات من العمر وتحمل صورة احد ابنائها الذي قتل في احد الهجمات الارهابية "اطالب باعدام القتلة من الارهابيين الذين سفكوا دماء الابرياء"، وفي الديوانية (180 كلم جنوب) تجمع مئات بينهم رجال دين وزعماء عشائر وطلاب حاملين اعلاما عراقية ولافتات كتب عليها "نرفض الغاء مادة 4 ارهاب و قانون المساءلة والعدالة"، كما رفعوا شعارات مؤيدة لرئيس الوزراء نوري المالكي بينها "نعم نعم للمالكي". بحسب فرانس برس.

وقال احد رجال الدين المعروف بابو عقيل الموسوي "نرفض الغاء قانون المساءلة والعدالة والمادة 4 ارهاب"، وفي البصرة (550 كلم جنوب بغداد) تجمهر الاف المتظاهرين في منطقة الطويسة وسط المدينة بينهم نساء ورجال دين وزعماء عشائر وطلبة مدارس، ورفعت لافتات كتب على واحدة منها "هل من العدل اطلاق سراح المتورطين بقتل الشعب" و"البصرة المظلومة لن تسامح القتلة والمجرمين" و"نعم للقانون لا للارهابيين"، كما رددوا "بالروح بالدم نفديك ياعراق" و"اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعة"، ورفعت صورا لرئيس الوزراء وسط التظاهرة التي فرض حولها اجراءات امنية مشددة.

جميع المشاكل يمكن حلها بالحوار الاخوي والانفتاح

من جهته قال المالكي إن نجاة العراق تكمن في الانعزال عن التيارات التي تعصف بالمنطقة

قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمناسبة عيد الجيش ان التوترات الطائفية في المنطقة القت بظلالها على بلاده، ودعا المالكي القوى السياسية الى رفض التدخل الخارجي وحل المشاكل الداخلية من خلال "حوار اخوي".

وأضاف المالكي في كلمته امام كبار قيادات الجيش ان "التنافس الاقليمي والاستقطاب الموجود في المنطقة وما يحيط بنا من توتر طائفي اخذ يلقي بظلاله الثقيلة على العراق"، ومضى للقول "اصبحت قواتنا لا تقاتل جماعات ارهابية او اجرامية معزولة، انما تقاتل جماعات مدعومة بتيارات فكرية تكفيرية خطيرة تعج بها المنطقة"، وتابع المالكي ان "نجاة العراق تكمن بعزل انفسننا عن هذه التيارات التي تعصف بالمنطقة، وليس في محاولة الاستعانة بها من طرف ضد اخر"، وأكد المالكي أن "الاستقواء بهذا الطرف الاقليمي او ذاك لاضعاف طرف عراقي داخلي يعد عملا خطيرا ويفتح ابواب الشر علينا"، وقال رئيس الوزراء ان "الدول لا تبحث عن مصالحنا ولا تبحث عن مصالح تلك القومية او المذهب بقدر ما تبحث عن مصالحها وهي مستعدة لدعم اي جماعة تضع نفسها في هذا السياق"، ودعا دول الجوار والاصدقاء للتعامل مع العراق وفق سياقين "الاول احترام الشان الداخلي وعدم دس الانف فيه، والثاني الابتعاد عن اشاعة جو الارهاب لانه عمل ارتدادي سيصيب بلدانهم"، واعتبر المالكي ان بلاده في منعطف خطير في حال العمل لصالح هذا الطرف الاقليمي او ذاك، مؤكدا على ان "جميع المشاكل "يمكن حلها بالحوار الاخوي والانفتاح"، وقال "لا مطلب يصعب تحقيقه ولا خلاف يتعذر حله لكن اذا بقينا نتطلع الى خارج الحدود ونراهن على هذا الطرف الاقليمي او ذاك، سوف لن نجلب لبلدنا سوى الدمار والماسي، وليكن عبرة ما يحدث حولنا".

الوزراء السنة والاكراد

من جانب آخر قال نواب في البرلمان العراقي ومصدر حكومي ان الوزراء السنة والاكراد قاطعوا جلسة للحكومة لاظهار تأييدهم للاحتجاجات التي تهدد الحكومة الائتلافية الهشة التي يرأسها نوري المالكي، وقال نواب كتلة العراقية المدعومة من السنة ان وزراءهم تغيبوا عن جلسة الحكومة تأييدا للاحتجاجات التي اندلعت في اواخر ديسمبر كانون الاول عندما اعتقلت قوات الامن أفراد الحرس الشخصي لوزير المالية السني رافع العيساوي. بحسب رويترز.

وقال جابر الجابري النائب عن العراقية لرويترز "اتخذوا قرارا بمقاطعة الجلسة اليوم.. لا يرون استجابة من الحكومة لمطالب المحتجين... أو قبول اقتسام السلطة"، وقالت الاء طالباني وهي نائبة كردية ان زعماء الحزب طلبوا ايضا من الوزراء الاكراد عدم حضور الاجتماع. وقال مصدر كبير بالحكومة ان الاجتماع أكد ان الوزراء السنة والاكراد غابوا عن جلسة مجلس الوزراء، وتراجعت اعمال العنف والتفجيرات بشدة عما كانت عليه في ذروة الصراع في العراق لكن الحكومة المقسمة بين الغالبية الشيعية والاقلية السنية والكردية وصلت الى طريق مسدود بشأن اقتسام السلطة منذ تشكيلها في ديسمبر كانون الاول عام 2010 .

كتلة رئيس الوزراء

في المقابل اعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي مقاطعته للجلسة الطارئة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي لبحث التظاهرات الجارية في المدن السنية احتجاجا على اداء الحكومة، وقال ياسين مجيد النائب عن دولة القانون "قررنا مقاطعة الجلسة الطارئة اليوم لاننا نرفض ان تتحول الى جلسة صاخبة"، واعلنت كتل الاصلاح برئاسة ابراهيم الجعفري وبدر التي يقودها هادي العامري والفضيلة مقاطعتهم الجلسة كذلك، وجميع هذه الكتل جزء من الائتلاف الشيعي الحاكم الذي يضم ايضا التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي. وقال مصدر برلمان ان النجيفي يعقد اجتماعا مع هاتين الكتلتين الاخيرتين، وكان النجيفي دعا الى عقد جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة السياسية الراهنة في البلاد"، مطالبا "جميع اعضاء مجلس النواب بحضورها"، واضاف ياسين مجيد ان "كتلة العراقية (بزعامة اياد علاوي) كذلك قاطعت جلسة الجمعة التي دعا اليها ابراهيم الجعفري للتداول لايجاد حلول (...) وكان المفروض ان تتم في اجواء هادئة فرفضت العراقية"، وتابع "نعتبر ذلك رسالة في غاية الخطورة لعدم احترام اكبر مكون والاصرار على ان تكون المناقشات في اجواء صاخبة". بحسب فرانس برس.

واتهم مجيد رئيس مجلس النواب بالسكوت وعدم اتخاذ موقف تجاه الاهانات البالغة التي وجهها النائب احمد العلواني لمكون يزيد على عشرين مليون، في اشارة الشيعة، ويشير النائب بذلك الى تصريحات نسبت الى النائب احمد العلواني اتهم فيها الشيعة "بالعمالة" ووجه اليهم شتائم، كما اتهم مجيد النجيفي بالسكوت على اهانات مماثلة ودعوات للعصيان المدني دعا اليها شقيقه محافظ نينوى اثيل النجيفي، وقال مجيد نشعر ان "النجيفي تحول الى جزء من الازمة ولم يعد طرفا محايدا"، من جهة اخرى، قال مجيد ان "المطالب (المتظاهرين) يجب ان تحال الى الحكومة ومجلس القضاء والبرلمان والا تتشكل الجلسة من اجل اغراض دعاية انتخابية".

أقلمة العراق

على الصعيد نفسه تشكل الاحتجاجات في معقل السنة في العراق تحديا جديدا لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي في الوقت الذي تضغط فيه آثار الانتفاضة المسلحة التي يقودها السنة في سوريا على التوازن السياسي الهش في العراق، والغضب حقيقي لكن مصادر كردية وسنية تقول ان الاحتجاجات تحركها احزاب اسلامية سنية ترغب في اقامة إقليم يتمتع بحكم ذاتي على غرار ما يتمتع به الاكراد في الشمال، وتشجع سنة العراق باحتمال تحول ميزان القوة بين السنة والشيعة في الشرق الاوسط وأخذوا ينفثون بعض ما يشعرون به من خيبة أمل منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003 والذي أطاح بصدام حسين ومكن الأغلبية الشيعية من السلطة، ولوح بعض المتظاهرين بعلم العراق خلال حكم صدام ورددوا هتافات انتشرت خلال احتجاجات الربيع العربي التي اطاحت بحكام كل من مصر وتونس وليبيا واليمن خلال العامين الماضيين.

وقال جمال أدهم احد زعماء العشائر في مدينة تكريت مسقط رأس صدام إنهم لن يتراجعوا أبدا وإن السنة ضاقوا ذرعا بالعيش في العراق كغرباء. وقال إنها باتت مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم، وتتراوح مطالبهم المشحونة بين إصلاح الخدمات العامة المتهالكة والغاء قوانين مكافحة الارهاب التي يقولون انها تستخدم لاضطهاد السنة، وقال محمد توفيق المتحدث باسم حركة كوران الكردية المعارضة إن ما يحدث ليس تلقائيا وإن أحزابا سياسية سنية تقف وراء الاحتجاجات الحالية.

وتقول مصادر سنية رفيعة إن الحزب الاسلامي العراقي وهو جزء من جماعة الاخوان المسلمين هو المحرك الرئيسي للحملة من أجل انشاء إقليم للسنة يتمتع بحكم ذاتي ولو بالقوة إذا لزم الامر.

وقال الشيخ طه حامد الدليمي للمتظاهرين في الأنبار في تصوير بالفيديو نشر على موقعه الالكتروني إن المنهج السني شعارهم والاقليم هدفهم وطالبهم بعدم تشتيت مطالبهم، ويمارس الحزب الاسلامي العراقي نفوذه من خلال المساجد وعلماء الدين في معاقل السنة مثل محافظة الانبار التي كان تنظيم القاعدة يسيطر عليها بالكامل تقريبا في ذروة العنف في العراق بين عامي 2005 و2007 ولها حدود طويلة مع سوريا.

ويعيد متشددون على صلة بتنظيم القاعدة تجميع أنفسهم فيما يبدو في كهوف ووديان الانبار ويعبر بعضهم الحدود للانضمام إلى المعارضة السورية المسلحة، وقامت عشائر الانبار بدور رئيسي في التصدي للقاعدة عام 2007 بعدما اشتركت مع القوات الامريكية لمحاربة التنظيم فيما عرف باسم "صحوة الانبار"، وتعود صحوة الأنبار من جديد لكن الهدف هذه المرة هو المالكي بعد أن رحلت القوات الامريكية، وقال جاريث ستانسفيلد خبير الشؤون العراقية في جامعة اكستر "امتلكت الانبار دائما القوة للتأثير بقوة في السياسة العراقية. ينبغي أن يثير هذا قلق المالكي كثيرا"، وقال رئيس الوزراء العراقي ان صبره ينفد وحذر من انه لن يتسامح مع الاحتجاجات السنية إلى ما لا نهاية لكنه قدم تنازلا صغيرا بالافراج عن 11 امرأة معتقلة والسماح لأخريات بقضاء العقوبة في سجون بمحافظاتهن الاصلية، لكن ذلك لن يرضي كل المحتجين، وقدم مجلس محافظة صلاح الدين ذات الاغلبية السنية طلبا مرة أخرى إلى مفوضية الانتخابات لتشكيل إقليم خاص. وكانت محافظات اخرى ذات اغلبية سنية قد قدمت طلبات مشابهة، ووفقا للدستور الذي وضع بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لكل محافظة أو مجموعة من المحافظات الحق في تشكيل إقليم اتحادي إذا حصلت على ما يكفي من الأصوات في استفتاء، وقال ستانسفيلد "حانت اللحظة لنرى ما إذا كان المالكي سيخرج بصورة رجل العراق القوي. إما أن يفرض حكومة مركزية على العراق أو يسمح بالنظام الاتحادي ليكون المبدأ المنظم للحكم في أنحاء البلاد"، "السؤال هو هل سيحدث ذلك بعد قتال أم بدلا من القتال"، وتدور بالفعل خلافات بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. بحسب رويترز.

ويقول محللون وسياسيون إن من المرجح أن يستغل الاكراد وغيرهم من خصوم المالكي الاحتجاجات السنية للضغط على رئيس الوزراء الشيعي دون الظهور على الساحة بالضرورة، وعبر رئيس كردستان مسعود البرزاني والزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر عن دعمهما للمحتجين في الانبار وغيرها من المناطق ما تخلوا عن الشعارات الطائفية وتوقفوا عن الإشادة بحزب البعث الذي كان يتزعمه صدام حسين، والسنة متحدون ضد المالكي لكن كثيرين منهم قلقون من المتشددين ويخشون أن يشعلوا من جديد الصراعات الطائفية التي دفعت العراق في السابق إلى شفا الحرب الاهلية، وقال الشيخ حميد تركي الشوكة أحد زعماء العشائر البارزين في الانبار إن المطالب بإنشاء أقاليم ليست مطالبهم وإن من يسعون لنشر تلك الأفكار لا يمثلونهم.

الطائفية ستطيل أمد الاضطراب

من جهة أخرى حذرت السعودية العراق من التطرف الطائفي بعد الاحتجاجات التي نظمها السنة ضد الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة، وسببت احتجاجات الشوارع في معاقل السنة في العراق اضطرابا في التوازن السياسي الهش في العراق وجددت المخاوف من عودة العنف الطائفي، وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل "قناعتنا هي أن العراق لن يستتب أمره حتى يتعامل العراق خارج المذهبية والتطرف المذهبي الذي للأسف دب بين العراقيين. وحتى أن تعالج هذه القضية لا نعتقد أنه سيكون هناك استقرار في العراق وهذا يؤلمنا"، ويمثل الشيعة أغلبية السكان العرب في العراق الذي ظل تحت هيمنة السنة في ظل حكم صدام حسين وكان معظم القتال الذي جرى بعد الاطاحة به يدور حول خطوط الصراع الطائفي. بحسب رويترز.

والعلاقات بين السعودية السنية وبغداد متوترة وجاء في برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس على الإنترنت ان امراء كبارا في الأسرة الحاكمة وصفوا رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي بأنه اداة في يدي ايران، وتتهم الرياض طهران بإشعال الاضطرابات في البحرين واليمن واثارة الاحتجاجات بين الأقلية الشيعية في السعودية وهي اتهامات تنفيها ايران، وكان موقع ويكيليكس قد نشر نقلا عن الامير مقرن رئيس المخابرات السعودية السابق وصفه للمالكي بأنه ايراني بنسبة مئة في المئة.

نائب صدام الهارب يؤيد المحتجين

الى ذلك أعلن عزة ابراهيم الدوري نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والذي ما زال هاربا تأييده للمحتجين السنة المناهضين للحكومة العراقية وطالبهم بالتمسك بموقفهم حتى تتم الاطاحة برئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي، وكان الدوري يرأس حزب البعث الذي أصبح محظورا بعد غزو قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 أطاح بصدام ومكن الغالبية الشيعية من تولي السلطة، وعلى مدى الأسبوعين الماضيين نظم عشرات الآلاف من السنة الذين لوح بعضهم بالعلم العراقي القديم أيام صدام مظاهرات احتجاج في تعبير عن الغضب ضد المالكي الذي يتهمونه بتهميش السنة واحتكار السلطة، وقال الدوري وهو يخاطب المحتجين في تسجيل مصور بثته قناة تلفزيون العربية الفضائية "ايتها الجماهير العزيزة الثائرة المؤمنة المرابطة فى عراق العروبة ورسالتها الخالدة المعتصمة فى ميادين الجهاد فى الفلوجة ونينوى وصلاح الدين وفى كل مدن العراق ان شعب العراق وكل قواه الوطنية والقومية والاسلامية معكم تشد على ايديكم وتؤازركم حتى تحقيق مطالبكم العادلة فى اسقاط الحلف الصفوى الفارسى"، ويشير تعبير الصفوي الى العائلة الحاكمة في ايران في الفترة من القرن السادس عشر الى القرن الثامن عشر التي سيطرت في بعض الاوقات على اجزاء من العراق الحديث.

وتقارب المالكي منذ وصوله إلى السلطة في عام 2006 مع إيران المجاورة التي تتمتع بنفوذ قوي على عدة أحزاب شيعية عراقية، وقال الدوري الذي كان يحيط به ضباط يرتدون الزي العسكري ان قيادة حزب البعث تدرس "موضوع البدء فى الاقتصاص العادل والحازم من كل من يقف مع المشروع الصفوى فى العراق ويسانده عراقيون مدنيون وعسكريون"، وأضاف "ان ما يجرى اليوم فى العراق وخاصة فى عمليته المخابراتية وفى حكومة العملاء وتشكيلاتها ومؤسساتها فهو المشروع الصفوى التفريسى بكل عمقه وشموله ينفذه الائتلاف الصفوى وبقيادة حزب الدعوة وزعيمه المالكى منذ اكثر من سبع سنوات .. انه مخطط واضح لتدمير العراق والحاقه بايران"
، وأضاف "نحذر أولا الخونة والعملاء والجواسيس سواء داخل العملية السياسية ومن رموزها العفنة أو من خارج العملية السياسية الذين يساندون المشروع الخطير في القول أو الفعل .. في جريمة تدمير العراق وتفريسه وخمأنته". بحسب رويترز.

 وتابع "المقاومة الوطنية ستتصدى لهؤلاء قبل المالكي وحلفه الشرير ان لم يتراجعوا ويلتحقوا بشعب العراق"، ولم يتسن التحقق من صحة شريط الفيديو. وقال الدوري انه يتحدث من محافظة بابل العراقية، وقال رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر إن الدوري وأتباعه عملاء للولايات المتحدة وإسرائيل ودعا المحتجين إلى التنصل منه. والصدر منافس للمالكي وأعلن تأييده للمحتجين، وكتب في بيان على موقعه الإلكتروني ردا على سؤال عن الموقف من الدوري "إن لم تسع الحكومة العراقية إلى السعي الحثيث والجدي للقبض عليه أو (قتله) سيكون هذا عملنا نحن جنود الله في أرض الله وبدون التدخل في العمل الأمني"، وكان الدوري الذي لم يظهر إلا نادرا منذ عام 2003 نائبا لرئيس مجلس الثورة العراقي في عهد صدام حسين وتولى قيادة حزب البعث بعد إعدام صدام حسين في عام 2006، وبعد الغزو في عام 2003 كان ترتيب الدوري السادس في قائمة المطلوبين لدى الجيش الامريكي التي ضمت 55 شخصية لأهم المطلوبين العراقيين وجرى رصد مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لالقاء القبض عليه. ويتهمه مسؤولون امريكيون بتنظيم تمرد بلغ ذروته في الفترة بين عامي 2005 و2007 .

ودعا زعيم القائمة العراقية المدعومة من السنة أياد علاوي رئيس الوزراء إلى الاستقالة وتشكيل حكومة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات مبكرة، وقال علاوي في بيان إنه إذا رفضت الحكومة فإنه يتعين على التحالف الذي يتزعمه المالكي اختيار رئيس وزراء آخر بدلا منه وتشكيل حكومة تحترم الدستور، وأضاف أن استمرار الحكومة لن يفضي إلى شيء سوى المزيد من الأزمات وتبديد المال العام، وتسارعت وتيرة الأزمة الحالية بعد ساعات فقط من إصابة الرئيس جلال الطالباني بسكتة دماغية ونقله إلى الخارج للعلاج، وقال الفريق الطبي المعالج للطالباني (79 عاما) إن الرئيس يستجيب بشكل جيد جدا للعلاج "واجتاز المراحل الصعبة بسرعة أكبر من المتوقع" لكنهم لم يقدموا تفاصيل عما إذا كان في مقدوره التواصل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/كانون الثاني/2013 - 27/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م