شبكة النبأ: على الرغم من التحولات
الجديدة التي شهدتها تونس والتي أتت على خلفية ثورة الشعب الكبيرة التي
أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، فلا يزال الكثير
أبناء تونس ومثقفيها يخشون من هيمنة بعض الأطراف الإسلامية على مفاصل
الدولة المهمة ومنها قطاع الأعلام الذي عانى من القيود والرقابة التي
كبلته لسنوات طويلة، وبحسب بعض المراقبين للمشهد الإعلامي في تونس فأن
هذا القطاع المهم يواجه اليوم تحدي خطير خصوصا بعد الإجراءات الأخيرة
التي اتبعتها الحكومة لأجل الهيمنة على هذا القطاع والتي اعتبروها
تهديدا لحرية الصحافة وحرية التعبير من خلال تكميم الأفواه خصوصا وان
الإعلام التونسي لايزال في طور التعافي، وفي ما يخص أخر التطورات فقد
قرر الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس تطبيق قانونين ينظمان قطاع
الاعلام ويضمنان حرية الصحافة واستقلاليتها، بعد أن نفذ صحافيو البلاد
إضرابا عاما في قطاع الاعلام هو الاول في تاريخ تونس، للمطالبة ب"رفع
يد" الحكومة عن الصحافة. وقالت الحكومة التي تقودها حركة النهضة
الاسلامية في بيان "إن الرغبة السياسية للائتلاف في تكريس مبادئ الحرية
والاستقلالية لقطاع الإعلام، تتجسم مرة أخرى بوضوح في قراره الصادر
بتفعيل (تطبيق) المرسومين (القانونين) 115 و116 المنظمين لقطاع الإعلام".
ويتكون الائتلاف الثلاثي الحاكم من أحزاب "المؤتمر" و"التكتل" (يساريان
وسطيان) والنهضة. ورجح مراقبون أن تكون الحكومة التي يرأسها حمادي
الجبالي أمين عام حركة النهضة، اتخذت القرار "تحت ضغط" الاضراب العام،.
ورفضت حكومة الجبالي تطبيق المرسومين 115 و116 رغم انهما نشرا في
الجريدة الرسمية بعدما صادقت عليهما الحكومة السابقة برئاسة الباجي
قايد السبسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
وينظم المرسوم 115 "حرية الصحافة والطباعة والنشر" فيما ينص المرسوم
116 على "إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري"، وهي
هيئة "تعديلية" تتولى تعيين مسؤولي المؤسسات السمعية والبصرية العمومية
وتحمي استقلاليتها إزاء السلطات. وكانت "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام
والاتصال" (مستقلة) وضعت المرسومين اللذين قالت إن "منظمات مهنية
وحقوقية تونسية ودولية شهدت بتطابقهما (المرسومين) مع المعايير الدولية
لحرية التعبير".
وتأسست الهيئة في 2 آذار/مارس 2011ّ بقرار من الرئيس السابق فؤاد
المبزع بهدف "تقديم مقترحات حول إصلاح الاعلام والاتصال مع مراعاة
المعايير الدولية في حرية التعبير". وفي 4 تموز/يوليو 2012، أعلنت
الهيئة حل نفسها بسبب رفض حكومة حمادي الجبالي تطبيق المرسومين 115
و116. واتهم رئيس الهيئة الصحافي كمال العبيدي، الحكومة ب"تجاوز
السلطة" لرفضها تطبيق مرسومين صادقت عليهما حكومة سابقة ونشرا في
الجريدة الرسمية.
ودعت منظمات دولية تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة مثل "مراسلون بلا
حدود" والاتحاد الدولي للصحافيين، حكومة حمادي الجبالي بتطبيق
المرسومين 115 و116.
ويقول مراقبون ان الحكومة تعمدت عدم تطبيق المرسومين حتى يتسنى لها
تعيين مقربين منها على رأس وسائل الاعلام العمومية "خدمة لأجنداتها
السياسية والانتخابية". وبالفعل فقد عينت الحكومة محسوبين على حركة
النهضة، على رأس وسائل إعلام عمومية، وأخرى خاصة كانت مملوكة لأقارب
الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وصادرتها الدولة بعد الاطاحة ببن
علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011. وطالبت "النقابة اوطنية للصحفيين
التونسيين" (مستقلة) في بيان الحكومة ب"التراجع" عن هذه "التعيينات
المسقطة".
ولفتت إلى أن حكومة الجبالي عينت على رأس بعض وسائل الاعلام
العمومية "أشخاصا (كانوا) ضالعين في المنظومة الدعائية السابقة لبن علي"
معتبرة ذلك "طعنا للمسار الثوري في بلادنا". وقال راشد الغنوشي رئيس
حركة النهضة في شريط فيديو نادر نشر على شبكات التواصل الاجتماعي ان "الاعلام"
في تونس لا يزال بيد "العلمانيين" رغم وصول الاسلاميين الى الحكم، ما
اعتبره محللوه مؤشرا على سعي حركة النهضة إلى السيطرة على وسائل
الإعلام.
ونفذ صحافيو تونس إضرابا عاما في قطاع الاعلام هو الأول في تاريخ
البلاد. وشارك في الاضراب الذي دعت إليه النقابة الوطنية للصحفيين
التونسيين" (مستقلة) صحافيو وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة
والالكترونية بالقطاعين العام والخاص. وفاقت نسبة المشاركة في الاضراب
الذي حظي بدعم ومساندة نقابات إعلام ومنظمات غير حكومية تونسية وعربية
ودولية، 90 % بحسب مصادر في نقابة الصحفيين التونسيين.
وأمام مقر النقابة تجمع نحو 300 من الصحافيين المضربين رافعين
لافتات كتبت عليها شعارات مثل "من أجل صحافة حرة" و"سلطة رابعة لا سلطة
راكعة" و"إعلام حر، صحافة مستقلة". وردد هؤلاء شعارات معادية للشيخ
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ولطفي زيتون عضو الحركة والمحسوب على
الجناح المتشدد فيها، والمستشار السياسي المكلف بالاعلام لدى رئيس
الحكومة من قبيل "يا غنوشي يا جيان الصحافي لا يهان" و"يا زيتون يا
جبان الصحافي لا يهان".
وفي آب/أغسطس 2012 اتهمت نقابة الصحافيين في بيان لطفي زيتون بقيادة
"حملة تحريض وتهييج شعبي" ضد الصحافيين في تونس. ويقول صحافيون إن لطفي
زيتون أصبح بسبب "تهجمه المستمر" على الصحافيين أكثر شخصية حكومية "مكروهة"
في الوسط الاعلامي التونسي. وهدد لطفي زيتون في وقت سابق بنشر "قائمة
سوداء" بأسماء الصحافيين الذين تعاملوا مع نظام الرئيس المخلوع زين
العابدين بن علي. ويحمل صحافيون لطفي زيتون مسؤولية فشل المفاوضات بين
الحكومة ونقابة الصحافيين حول عدة مسائل خلافية.
وقالت نقابة الصحفيين التونسيين إن الهدف من إضراب هو المطالبة
ب"التنصيص على حرية التعبير والصحافة والإبداع دون تقييد في الدستور"
التونسي الجديد الذي يعكف المجلس الوطني التأسيسي على صياغته، و"تجريم
الاعتداءات المادية والمعنوية على الصحفيين والعاملين بالقطاع وفتح
تحقيق جدي في كل الانتهاكات والاعتداءات" التي استهدفتهم و"تطبيق
المرسومين (القانونين) 115 و 116". بحسب فرنس برس.
وطالبت في بيان ب"التعجيل بإحداث الهيئة الوطنية المستقلة للإعلام
السمعي والبصري" و"رفض كل المشاريع التي تزج بالصحفيين في السجن وتحد
من حرية الصحافة والتعبير" و"ضمان حق الصحفي في النفاذ إلى المعلومة".
ويبلغ عدد الصحافيين في تونس حوالي 1200 بحسب النقابة الوطنية
للصحافيين.
وقال زياد الهاني عضو نقابة الصحفيين "من المخجل بعد الثورة ان
الصحافيين مازالوا يعانون من التدخل في عملهم وعدم انتخاب مسؤوليهم..هل
تتصورون بعد الثورة هناك صحفيون يضحون باجسادهم الضعيفة للدفاع عن حرية
الصحافة." وخلال حكم الرئيس السابق بن علي عاني الصحفيون من التضييق
والرقابة وحتى السجن.. لكن اغلب وسائل الاعلام كانت مجرد بوق دعائي
للرئيس. إلا أنه بعد الثورة اصبحت حرية التعبير والصحافة ابرز مكسب
يحققه التونسيون. ويخشى العلمانيون من سيطرة الاسلاميين على الاعلام
وضرب حرية التعبير واعادة بناء ديكتاتورية جديدة. وقد يشوه الاضراب
صورة تونس مهد الربيع العربي في الخارج ويزيد من المخاوف التي تكتنف
نجاح التجربة الديمقراطية.
وقال الهاني "حرية التعبير والصحافة اصبحت مهددة بشكل حقيقي..
الحكومة تحاول زرع مناخ من الخوف في نفوس الصحافيين وهي تجاهلت كل
الاعتداءات المتكررة على الصحفيين من قوات الشرطة او متشددين مقربين
منها..لكن ارادتنا قوية ولن نسمح بالعودة" الى ما قبل الثورة. واشتكى
رئيس حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي من وسائل الاعلام المحلية
وقال انها تقود حملة ضد حزبه. وقال ان العلمانيين مازلوا يسيطرون على
وسائل الاعلام بعد وصول الاسلاميين للسلطة. وتطالب النقابة بتجريم
الاعتداءات المادية والمعنوية على الصحفيين والعاملين بالقطاع وفتح
تحقيق جدي في كل الانتهاكات والاعتداءات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان ان الحكومة الاسلامية تظهر
تساهلا كبيرا مع المتشددين الذين يعتدون على الصحفيين والفنانين. وحثت
الحكومة على التحقيق في اعتداءات المتشددين دينيا. وعبّرت الحكومة في
وقت سابق عن أسفها من إضراب الصّحفيّين واعتبرته تعطيلا للحوار
والتّشاور. وأوضحت ضمن نص بيانها حول الإضراب أنّه "تصعيد لا يتوافق مع
الرّغبة الحقيقيّة للصحفيّين ودور الإعلام في تجسيم الانتقال
الديمقراطي. ويلقى الاضراب مساندة من الاتحاد الدولي للصحافيين الذي
تزور أمينته العامة تونس لمساندة الاضراب واتحاد الصحفيين العرب وعدة
نقابات افريقية وغربية.
العنف ضد الصحافيين
في السياق ذاته نددت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين (مستقلة)
بما أسمته "تحريضا" من حبيب اللوز، القيادي في حركة النهضة الإسلامية
الحاكمة، على "العنف" ضد الصحافيين في تونس وقالت انها "ستقوم بكل
الإجراءات القانونية الواجبة لتتبعه قضائيا". وكان اللوز المحسوب على
الجناح المتشدد في حركة النهضة، دعا خلال مشاركته في "جمعة المحاسبة
وتطهير البلاد من الفساد"، الحكومة إلى "ضرب الإعلام" ووصف الصحافيين
ب"المعادين للثورة" التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وخطب اللوز في التظاهرة التي دعت اليها جمعيات غير حكومية محسوبة على
حركة النهضة، قائلا "ليس من المنطق أن تقوم ثورة ويكون الإعلام في يد
أعداء الثورة ، هذا ظلم ، هذا شر لا انتصار للثورة إلا بإعلام ثوري".
وأضاف أن الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة "أنجزت
الكثير من المنجزات ولكن لا أحد يسمع بها" بسبب "الإعلام المتآمر"
منتقدا "تساهل الحكومة مع الإعلام وترددها في ضرب الإعلام". واتهمت
نقابة الصحافيين حبيب اللوز ب"التحريض على العنف" ضد الصحافيين وحملته
"المسؤولية كاملة عن أي مكروه قد يصيب أي صحفي أو أي عامل في القطاع"
الإعلامي. وأعلنت النقابة "إدانتها الكاملة للصمت تجاه عمليات التحريض
الإجرامية ضد الاعلام والإعلاميين" ول"تواصل أسلوب الترويع والتخويف
والترهيب ضد الإعلام والإعلاميين" في البلاد.
وطالبت رؤساء الحكومة والجمهورية والمجلس التأسيسي وأعضاء المجلس
إلى "الوقوف بجدية في وجه محاولات ترويع الإعلاميين وترهيبهم، والتعبير
عن مواقفهم علنا برفض ما صدر عن الحبيب اللوز وكل المحرضين على
العاملين في قطاع الإعلام والانتصار فعليا لحرية التعبير والصحافة
والإبداع". وقالت إن "آلة القمع الرسمية بدأت تشتغل على تركيع الإعلام
وخاصة مؤسسات الإعلام العمومي" مشيرة إلى أن الحكومة الحالية تقوم
بتعيين "من تورطوا في منظومة الفساد وبرروا الديكتاتورية (في عهد بن
علي) على رأس هذه المؤسسات باعتماد معيار الولاء (للحكومة) عوض الكفاءة".
ودعت النقابة "كل أحرار تونس وكل الهيئات والمنظمات والجمعيات
والاتحادات والمجتمعين المدني والسياسي إلى الوقوف إلى جانب الصحفيين
في الدفاع عن حقهم وحق شعبهم في صحافة حرة وإعلام مستقل ونزيه" كما دعت
الصحافيين إلى ''الدفاع عن مهنتهم والتصدي لكل محاولات القمع والتركيع
وعدم التفريط في استقلالية مؤسساتهم". بحسب فرنس برس.
واتهمت منظمة مراسون بلا حدود حكومة حمادي الجبالي ب"الاستمرار في
انتهاك استقلالية وسائل الإعلام العمومية كما لطالما فعلت منذ توليها
مهامها، متبنية بشكل نهائي الأساليب التي دائما ما كانت مشجوبة في عهد
زين العابدين بن علي".
قرارات حكومية
على صعيد متصل قالت وزارة المرأة والأسرة في تونس انها قررت إقامة
دعوى قضائية ضد مجلة تونسية موجهة للأطفال بسبب نشرها مقالا حول كيفية
صنع القنابل الحارقة محذرة من ان السلوك قد يشجع الفكر المتطرف
والارهابي. وأقامت الوزارة الدعوى ضد "الشركة التونسية للنشر وفنون
الطباعة" التي تصدر المجلة. وقالت الوزارة في بيان "هذه المجلة وهي
موجهة للأطفال تضمن عددها رقم 302 مقالا حول كيفية صنع كوكتيل
المولوتوف (القنابل الحارقة) بكل تفصيل للمواد المكونة له ومجالات
استعماله وهو ما يمثل خطرا بالغ الشدة بالنسبة للأطفال باعتبار فضولهم
وحبهم للتجربة.". وتخشى الحكومة ان ينتقل العنف الى الاطفال في البلاد
التي تعاني اوضاع امنية هشة. بحسب رويترز.
وقالت الوزارة "هذا المحتوى الاعلامي يعتبر ضارا بالنسبة للأطفال
ومن شانه ان يعرضهم الى مخاطر صحية كأن ينفجر عليهم الخليط عند اعداده
كما انه يمكن ان يقوموا باستعماله على سبيل التجربة واللعب وبالتالي
يعرضون غيرهم للخطر كما قد يؤدي الى استغلالهم في اعمال تخريبية
وارهابية مما يعرض امن البلاد الى الخطر." وعادة ما تلجأ المجموعات
الدينية المتشددة في تونس الى استعمال القنابل الحارقة خلال الاحتجاجات
المناهضة للحكومة. ونشرت المجلة الشهيرة مقالا بعنوان "كوكتيل
المولوتوف" تحدثت فيه عن تاريخ استعمال قنابل المولوتوف وعن مكوناتها
وطريقة صنعها.
من جانب اخر قال وزير تونسي إن الحكومة التي تقودها حركة النهضة
الإسلامية ستطلق قناة تلفزيونية على الانترنت مُخصصة للتعريف بانجازات
الحكومة ردا على ما تقول إنه تعتيم الإعلام المحلي على أنشطتها ولفك
عزلتها الإعلامية. جاء ذلك بعد إضراب كل وسائل الاعلام المحلية بما
فيها التلفزيون الحكومي ووكالة الانباء الرسمية للدفاع عن حرية التعبير
التي قالوا إنها أصبحت مُهددة في ظل حكم الإسلاميين للبلاد.
وقال رضا السعيدي وزير الاقتصاد "القناة لن تكون عمومية بل ستكون
تابعة للحكومة التونسية وستحمل شعار .. الخبر مقدس والتعليق حر.. ."
وأضاف "قناة القصبة تي.في تهدف لفك العزلة الإعلامية ودعم التواصل مع
المواطن وإعلامه بما تقوم به الحكومة الشرعية المنتخبة." وقال إن إطلاق
القناة سيكون على الانترنت. واحتج مسؤولون من الحكومة عدة مرات على
أداء وسائل الإعلام العمومية خصوصا وقالوا إن النشرات الإخبارية
الرئيسية تجاهلت أنشطة رئيس الحكومة والرئيس عدة مرات. ولوح رئيس
الحكومة حمادي الجبالي بمقاطعة التلفزيون الحكومي بشكل نهائي بعد عدم
بثه لحفل كرم.
تجريم الاعتداء على المقدسات
الى جانب ذلك رحبت منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية المدافعة
عن حرية الصحافة، الجمعة باعلان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني
التأسيسي المكلف بصياغة دستور تونس الجديد، بأنه لن يتم التنصيص على
"تجريم الاعتداء على المقدسات" في الدستور. وقالت المنظمة في بيان
"نعرب عن بالغ ارتياحنا لاستبعاد هذا التهديد الخطير من الدستور في
الوقت الحاضر" مذكرة بأن "المس بالمقدس لا يعتبر تقييدا مقبولا لحرية
التعبير بموجب المعايير الدولية". وكان مصطفى بن جعفر أكد انه لن يتم
التنصيص على "تجريم الاعتداء على المقدسات" في الدستور. وقالت مراسلون
بلا حدود "يشكل هذا التصريح تقدما مهما لحرية الاعلام في تونس. الا انه
يجدر بنا ان نبقى حذرين بغية الحؤول دون عودة تجريم المس بالمقدس في
نصوص أخرى في الممارسة القضائية". وفي تموز/يوليو 2012 اعلن حزب "حركة
النهضة" الاسلامي الحاكم، الذي يملك اكبر كتلة في المجلس التأسيسي،
تقديم مشروع قانون لتجريم الاعتداء على المقدسات. وأثار مشروع القانون
قلق منظمات المجتمع المدني التي عبرت عن مخاوفها من أن يصبح سيفا مسلطا
على حرية الرأي والتعبير. بحسب فرنس برس.
وفي شرحه لاسباب التخلي عن هذا القانون، قال بن جعفر "يصعب تحديد
المقدس فحدوده غامضة ويمكن تفسيره بمعنى أو بآخر. واعتقد انه يحق لحرية
الاعلام والقطاع الإعلامي أن يتمتعا بحرية مطلقة". وذكرت المنظمة بأن
"التخلي عن مشروع تجريم المس بالمقدس (كان) من المطالب الاساسية التي
تقدمت بها مراسلون بلا حدود في خلال لقاءاتها مع رئيس حزب النهضة راشد
الغنوشي واعضاء من المجلس الوطني التأسيسي متخصصين في قضايا الاعلام"
خلال زيارة أداها مديرها العام كريستوف ديلوار الى تونس. وفي سياق آخر
اعربت المنظمة عن "قلقها الشديد ازاء الغموض القانوني الملازم لنشاط
وسائل الاعلام" في تونس. وقالت "ما زلنا قلقين بسبب غياب الاطر
القانونية الواضحة التي تحترم المعايير الدولية لوسائل الاعلام
التونسية". |