شبكة النبأ: الوضع الداخلي لإيران
اليوم مختلف كثيرا عما كانت عليه في الفترة السابقة بحسب بعض المراقبين
الذين اكدوا على ان العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب برنامجها
النووي قد أثرت وبشكل فاعل في القيادة الإيرانية التي أصبحت اليوم في
موقف صعب بسبب اتساع رقعة الخلاف بين الساسة في ايران حيث ازدادت حده
الانتقادات والاتهامات ضد سياسات نجاد الاقتصادية والإدارية للبلاد،
وهو ما انعكست سلبا على حياة المواطن الإيراني الذي يعاني أوضاعا
اقتصادية ومعيشية صعبة، وفي هذا الشأن فقد اعتبر الرئيس الإيراني محمود
أحمدي نجادأن 300 إيراني يهيمنون على 60 في المئة من ثروات البلاد.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن نجاد قوله: «وضع 300 شخص أيديهم على أكثر
من 60 في المئة من أموال البلاد، ويرفضون إعادتها. تكمن المشكلة
الأساسية في مدفوعات مؤجلة لمصارف: يعني ذلك أن أشخاصاً اقترضوا
أموالاً، بذرائع عدة، لاستيراد سلع، ويرفضون إعادتها، على رغم بيعهم
السلع وجنيهم مالاً». وأضاف احمدي نجاد، خلال إطلاقه مشروعاً تنموياً
في محافظة خراسان: «لسوء الحظ، لا يهتم بعضهم سوى بأنفسهم، ويدافعون عن
أولئك الأشخاص، كما أن بعضهم يمرّرون قوانين تقيّد أي محاولة لاستعادة
تلك الأموال».
يأتي ذلك بعد إعلان نجاد العام الماضي أنه سلّم القضاء أسماء حوالى
250 شخصاً، اتهمهم بالفساد، مشيراً إلى أن القضاء الذي يرأسه خصمه صادق
لاريجاني، لم يتخذ تدابير في هذا الشأن. وفي إطار الصراع بين نجاد
ورئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، شقيق رئيس القضاء، حظّر
البرلمان دمج وزارات.
وكانت حكومة نجاد قررت تأسيس وزارة لشؤون البنية التحتية، من خلال
دمج وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة المواصلات والتنمية
ووزارة أخرى. واعتبر لاريجاني أن ذلك لا يفيد البلاد. على صعيد آخر، حضّ
علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية في
إيران علي خامنئي الجامعات والحوزات العلمية على أن «ترسم خريطة طريق
للصحوة الإسلامية» في المنطقة، لتجنّب أن «يحرّفها الغربيون». وأكد «ضرورة
نقل تجارب الثورة الإسلامية (في إيران) إلى الدول التي شهدت صحوة
إسلامية»، معتبراً أن ذلك «يساهم في بناء تلك الدول، ومواجهتها مؤامرات
الأعداء».
وانتقد ولايتي «مواقف الاتحاد الأوروبي وتأثّره بسياسات واشنطن»،
ووصفه بأنه «أداة لتنفيذ أجندة الولايات المتحدة»، وزاد: «انضمّت
أوروبا الشرقية والوسطى إلى الحلف الأطلسي، بعد انفصالها عن الاتحاد
السوفياتي، والحلف يطيع الولايات المتحدة». أما الجنرال حسين سلامي،
نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني، فرأى أن «الثورة الإسلامية تتحوّل
نموذجاً، إقليمياً ودولياً»، مضيفاً: «أضلاع القوة في منطقتنا، هي في
طور التكوّن لمصلحة إيران. والتطورات العالمية التالية ستحدث على أساس
الثورة الإسلامية».
وتحدث عن «مؤشرات أفول القوة الاقتصادية» للولايات المتحدة، معتبراً
أن «الحروب التي أجّجها الأميركيون، لم تسفر سوى عن ديون تُقدّر بـ 16
تريليون دولار». وأردف: «ينفق الأميركيون أموالهم، فيما الثورة
الإسلامية تستفيد منها». وأشار إلى «بدء العدّ العكسي لنهاية» أميركا.
إلى ذلك، اعتبر الجنرال يحيى رحيم صفوي، مستشار خامنئي للشؤون
العسكرية، أن «دولاً صغيرة في المنطقة تسعى إلى تأمين ظروف لأداء دور
أكثر تأثيراً في الشرق الأوسط»، مضيفاً: «ننصح تلك الدول بأن تدرك
حجمها، وألا تطالب بأكثر من حصتها في المنطقة». واتهم دولاً في المنطقة
بشراء أسلحة من الغرب بملايين الدولارات، مشيراً إلى أن تلك الأسلحة
«لن تُستخدم للدفاع عن الشعوب ولا عن الشعب الفلسطيني وتحرير القدس
الشريف، بل لخدمة مصالح أميركا وإسرائيل في المنطقة». وحذر قادة تلك
الدول من «مصير مشابه لشاه إيران الذي وقعت أسلحته في يد الشعب الذي
استخدمها لإسقاط نظامه ومحاربة أميركا».
في السياق ذاته وجّه معسكر مرشد الجمهورية الإسلامية في ايران علي
خامنئي صفعة جديدة إلى الرئيس محمود أحمدي نجاد، إذ أعلن علي سعيدي،
ممثل المرشد لدى «الحرس الثوري»، أن تلك القوات نادمة على مساندتها
نجاد. وقال سعيدي لصحيفة «اعتماد» الإصلاحية: «أقرّ بأنني ساندت نجاد
سابقاً، لكننا لم ندرك في شكل دقيق ما يدور في ذهنه، أو ما يريد فعله
مستقبلاً». وأضاف: «أبلغتُ نجاد بمشكلته، وقلت له: كان في إمكانك أن
تصبح بطلاً تاريخياً للأمة الإيرانية، ولكن للأسف لم يحدث ذلك، إذ لا
شيء أكثر سوءاً من أن تحوّل كلّ من ساندوك، إلى أعداء لك».
وأشار سعيدي إلى أن نجاد «يستخدم الآن شعارات مختلفة عن تلك التي
كان يستخدمها سابقاً»، وزاد أن «الحرس» سانده خلال انتخابات الرئاسة
العام 2009 «حين تصرّف وفقاً للمعايير المقبولة وشروط النظام، لكننا لم
نعلم أنه سيتصرّف على هذا النحو». وذكّر بأن الدعم الذي ناله الرئيس
الإيراني لم يكن لشخصه، مضيفاً أن الأخير «يعتقد بأن شرعيته أتت من
أصوات الشعب، في حين أن المرشد هو الذي يصادق على أصوات الشعب ويعيّن
الرئيس». بحسب رويترز.
وانتقد سعيدي دعوة نجاد إلى حوار مع الولايات المتحدة، معتبراً أن
الرئيس يسعى إلى «وضع ميدالية حول عنقه». أتى ذلك فيما رفض القضاء،
للمرة الثانية، طلب نجاد زيارة سجن إيفين شمال طهران، حيث يقضي مستشاره
الإعلامي علي أكبر جوانفكر عقوبة السجن مدة 6 أشهر، لنشره مقالاً
اعتُبر مسيئاً إلى الإسلام، ولاتهامه بإهانة خامنئي.
البرلمان ونجاد
في السياق ذاته أبلغ البرلمان الإيراني الرئيس محمود أحمدي نجاد
بضرورة مثوله أمام المجلس لتوضيح سياساته الاقتصادية في وقت تمر فيه
البلاد بأزمة وهو ثاني استدعاء له في أقل من عام. وانتقد الخصوم
المحافظون لأحمدي نجاد في البرلمان المكون من 290 مقعدا طريقة تعامله
مع أزمة اقتصادية يرجعونها إلى سوء إدارته والعقوبات الغربية التي تهدف
إلى عرقلة البرنامج النووي الإيراني المثير للخلاف.
وأدت المشكلات الاقتصادية إلى تهاوي الريال الإيراني وتراجع
الصادرات النفطية مما زاد الانقسامات داخل النظام السياسي المؤلف من
تيارات متباينة رغم دعوات من الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي
خامنئي للمسؤولين للتوقف عن التناحر. وكان خامنئي جدد مطالبته بتوحيد
الصفوف قائلا إن الصراع العلني على السلطة يرقى إلى مستوى خيانة البلاد.
غير أن التحذير الشديد الذي أطلقه الزعيم الأعلى الإيراني لم يمنع
أعضاء البرلمان المعادين لأحمدي نجاد من المضي قدما في تنفيذ خطة
لاستجوابه علنا للمرة الثانية. ونقل بيان جرت تلاوته في البرلمان
ونشرته وكالة أنباء البرلمان الإيراني (ايكانا) عن أعضاء بالمجلس قولهم
إنهم يعتزمون استجواب أحمدي نجاد بشأن السياسات الاقتصادية التي
تتبناها حكومته.
ويركز الاستجواب على طريقة تعامله مع تقلبات الريال وما وصفوه
بالتخصيص الخاطئ لدولارات محدودة مدعومة من الحكومة لأغراض منها
استيراد الآلاف من السيارات الأجنبية. وذكرت وكالات أنباء إيرانية أن
الطلب موقع من 77 عضوا بالبرلمان.
وأمهل أحمدي نجاد شهرا للإجابة على أسئلة البرلمان. وفي حال تجاهل
الرئيس الإيراني الاستدعاء أو حضر الجلسة ولم يتمكن من إقناع مستجوبيه
فإن البرلمان قد يسعى إلى سحب الثقة منه. ولا يسمح القانون لأحمدي نجاد
بالترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة ولكن هناك تكهنات بأنه سيسعى
إلى الحافظ على نفوذه بدعم مرشح مفضل. وقد يكون الاستجواب العلني
محاولة من خصومه لإضعاف موقفه قبل الانتخابات.
وقال عضو البرلمان الإيراني حسين علي حاجي دليكاني لوكالة أنباء مهر
الإيرانية في وقت سابق إن أحمدي نجاد أشار إلى عزمه استغلال أي استجواب
علني للكشف عن حقائق "غير معلنة" أبقاها طي الكتمان حتى الآن. ونقلت
وكالة مهر عن دليكاني قوله إنه خلال اجتماع مع عدد من البرلمانيين "لم
يكن أحمدي نجاد قلقا أو متخوفا على الإطلاق من أي استجواب علني له وقال
أرى أن استجواب الرئيس فرصة للكشف عن غير المعلن في البرلمان." بحسب
رويترز.
وصار أحمدي نجاد في مارس آذار الماضي أول رئيس في تاريخ الجمهورية
الإسلامية يستدعى للمثول أمام البرلمان. وفي جلسة استمرت ساعة أجاب
الرئيس الإيراني -بنبرة تنم عن ثقة وجراءة في بعض الأحيان- على أسئلة
بشأن سجله الاقتصادي وولائه لخامنئي. وشن أحمدي نجاد هجوما مضادا على
السلطتين القضائية والتشريعية معلنا على الملأ مخاصمته للأخوين
لاريجاني اللذين يتمتعون بنفوذ في البلاد بمن فيهم علي لاريجاني رئيس
البرلمان وصادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية. وقال أحمدي نجاد في
خطاب بعثه إلى صادق لاريجاني نشر في أكتوبر تشرين الأول إن السلطة
القضائية أودعت مستشاره الصحفي السجن بشكل جائر ولا تلتزم بالدستور
الإيراني.
الخليفة المحتمل
من جانب اخر قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على موقعه الرسمي
على الإنترنت إنه نقل مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي -الذي يعتبر
خليفته المحتمل ويتعرض لانتقادات من المحافظين المتشددين- إلى منصب
جديد. وكان مشائي أثار غضب المنافسين المحافظين لأحمدي نجاد الذين
يتهمونه بمحاولة تقويض نظام الحكم الديني في إيران. ودافع أحمدي نجاد
عن مشائي أقرب مساعديه في مواجهة هذا الهجوم. وفي بيان شكر الرئيس
الإيراني مشائي على عمله وعينه في منصب بحركة عدم الانحياز التي تضم
120 عضوا وتتولى إيران رئاستها الدورية. وكتب أحمدي نجاد في البيان
الموجه إلى مشائي "إنني أعتبر معرفتك والعمل معك منحة إلهية وشرفا
عظيما."
ويقضي أحمدي نجاد الذي واجه انتقادات من منافسيه المحافظين في
البرلمان بسبب أدائه الاقتصادي عامه الأخير في منصبه وبموجب القانون لا
يمكنه الترشح مجددا لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو حزيران
2013. ويرى بعض المحللين وكذا منافسو أحمدي نجاد أن الرئيس الإيراني
يجهز مشائي ليخلفه في منصبه. وواجه مشائي اتهامات من السياسيين
المحافظين وحلفاء الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي بأنه يقود "تيارا
منحرفا" يهدف إلى تقويض الدور السياسي لرجال الدين وهم أصحاب السلطات
العليا في إيران. بحسب رويترز.
وانتقد مشائي أيضا لتأكيده على أن النزعة القومية للتاريخ والثقافة
الإيرانيين تغلب على الطابع الديني. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن
مشائي ألقى كلمة مؤخرا أشاد فيها بأحمدي نجاد وأعرب فيها عن أمله في
إجراء انتخابات "مفعمة بالحماس" مما دفع للتكهن بأنه يفكر في الترشح
للرئاسة.
على صعيد متصل اقال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وزيرة الصحة
مارزيه وحيد دستجيردي التي كانت المرأة الوحيدة في الحكومة الايرانية
كما اعلن تلفزيون الدولة. وكانت وزيرة الصحة اقترحت زيادة اسعار بعض
الادوية بسبب ارتفاع سعر الدولار امام الريال الايراني والعقوبات
الاقتصادية الغربية. وهذه العقوبات وان كانت لا تستهدف القطاع الصحي
مباشرة الا انها تؤثر بشدة على استيراد المواد الطبية بسبب العقوبات
المصرفية التي تجمد التعاملات المالية. وقد اعترض الرئيس الايراني على
هذه الزيادة واقال وزيرة الصحة.
واستنادا الى الارقام الرسمية، حققت ايران اكتفاء ذاتيا من الانتاج
الدوائي بنسبة 97 بالمئة الا انها مضطرة الى استيراد المواد الاساسية
لصنع عدد كبير من هذه الادوية. وفي تشرين الاول/اكتوبر اقر مسؤول
ايراني بان اسعار الادوية المصنعة محليا ارتفع بما بين 15 الى 20
بالمئة في ثلاثة اشهر وبما يتراوح بين 20 بالمئة الى 80 بالمئة بالنسبة
للمنتجات المستوردة. وكانت فاطمة هاشمي المسؤولة عن "جمعية الامراض
الخاصة" طلبت في آب/اغسطس الماضي من الامين العام للامم المتحدة بان كي
مون التدخل لدى الدول الغربية ل"رفع العقوبات السياسية التي تؤثر بشكل
غير مقبول على المرضى" في ايران. بحسب فرنس برس.
واستنادا الى مسؤولين ايرانيين فان العقوبات الاقتصادية الغربية
التي فرضت على ايران بسبب برنامجها النووي تؤثر على نحو ستة ملايين
ايراني مصابين بامراض خطيرة. وكانت مارزيه وحيد دستجيردي اول امرأة
وزيرة منذ انتصار الثورة الاسلامية في 1979. وكان الرئيس الاصلاحي محمد
خاتمي (1997- 2005) عين نائبة رئيس للشؤون البيئية. وبعيد اقالة وزيرة
الصحة، استقال عميد كلية الطب في طهران باقر لاريجاني شقيق رئيس مجلس
الشورى علي لاريجاني والسلطة القضائية صادق لاريجاني. وكانت مارزيه
وحيد دستجيردي رفضت استقالة هذا الاخير وانتقدت في رسالة "الضغوط التي
تمارسها السلطة التنفيذية لاقالته".
ابن رفسنجاني
الى جانب ذلك اعلن النائب العام في طهران في بيان انه تم اطلاق سراح
ابن الرئيس الايراني السابق اكبر هاشمي رفسنجاني بكفالة. وقال البيان
الذي وضع على موقع النائب العام ان "التحقيقات انتهت واطلق سراح مهدي
هاشمي بعد ان دفع كفالة". وكان مهدي هاشمي اعتقل لدى عودته الى ايران
قادما من بريطانيا حيث كان يعيش خلال السنوات الثلاث الماضية. واصدر
القضاء الايراني مذكرة توقيف بحقه العام 2010. ونقلت وكالة فارس
للانباء عن مصدر مطلع ان مهدي هاشمي متهم ب"التجسس وتسليم معلومات
حساسة الى اجانب" وبالعمل على "زرع الاضطراب في النظام الاقتصادي"
وب"الفساد المالي خلال التوقيع على عقود نفطية" خلال ولايتي والده
الرئاسيتين بين عامي 1989 و1997.
كما ياخذ عليه القضاء ايضا بالعمل على "زعزعة استقرار البلاد" خلال
التظاهرات التي اعقبت الاعلان عن فوز الرئيس محمود احمدي نجاد العام
2008. ولا يزال اكبر هاشمي رفسنجاني على راس مجلس تشخيص مصلحة النظام.
ويأخذ عليه المحافظون عدم ادانته كبار زعماء المعارضة لاحمدي نجاد مثل
مير حسين موسوي ومهدي كروبي. وكانت فايزة هاشمي شقيقة مهدي هاشمي اوقفت
ايضا وحكم عليها بالسجن ستة اشهر بعد ادانتها ب"الدعاية ضد النظام". |