الولايات المتحدة الأمريكية... بلد يعاني السمنة

 

شبكة النبأ: تعتبر مشكلة البدانة في الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من اخطر واعقد المشاكل التي يعاني منها المواطن الأمريكي بحسب بعض المتخصصين الذين أكدوا على وجود تزايد ملحوظ في أعداد الأشخاص الذين يعانون من السمنة التي تختلف أسبابها من شخص الى أخر، فمنها ما هو وراثي، او مرضي يتعلق بالغدد الصماء ، او غذائي هذا بالإضافة الى أسباب أخرى. وفي هذا الشأن يعاني بالغ واحد من بين ثلاثة بالغين ونحو طفل واحد من بين خمسة أطفال من السمنة اليوم، كانت "بطيئة جدا"، بحسب ما يلاحظ تقرير نشر يقدم 800 توصية لمضاعفة الجهود في وجه هذا التهديد. وبعد ثلاث سنوات على انعقاد المؤتمر الأول الذي حمل عنوان "وزن أمة"، عقدت النسخة الثانية منه خلال ثلاثة أيام في واشنطن وقد خرج المشاركون فيه بملاحظات متشائمة حول المشكلة الصحية العامة الأولى في الولايات المتحدة التي يعاني ثلثا بالغيها وثلث أطفالها من الوزن الزائد والسمنة.

وبحسب دراسة نشرت، فإن أكثر من 42% من الأميركيين قد يعانون من البدانة في العام 2030. ويؤكد تقرير يأتي في 500 صفحة أعده معهد الطب الأميركي أن "التقدم المنجز بهدف الحد من وباء البدانة كان بطيئا جدا" في حين أن الكلفة الصحية ذات الصلة كانت قد بلغت 190 مليار دولار سنويا ما بين العامين 200 و2005، أي 20,6% من الكلفة الصحية بشكل عام. يضيف التقرير أن "حل هذه المسألة المعقدة والمستمرة تتطلب مجموعة كاملة من حلول برسم التنفيذ بشكل متوازي وذلك بهدف التوصل إلى تغير مجتمعي".

ويقدم التقرير مجموعة من الملاحظات. خلال ثلاثين عاما، تضاعفت ثلاث مرات نسبة الأطفال البدينين التي تقدر اليوم ب 17%. وفي يوم واحد، يتناول ما بين 30 و40% من الأطفال والمراهقين (4 - 19 عاما) وجبات سريعة. ويستهلك الأميركيون الذين تخطوا عامهم الثاني، ثلث الوحدات الحرارية خارج المنزل. إلى ذلك يطور ثلث الأطفال الذين يولدون اليوم ونصف اللاتينيين والسود، مرض السكري من النوع الثاني. وبحسب التوقعات، فإن الجيل القادم قد يسجل معدل طول عمر منخفض مقارنة مع الجيل الذي سبقه.

ويطال ارتفاع ضغط الدم ثلث الأميركيين الذين تخطوا العشرين من عمرهم وأكثر من نصف الأميركيين الذين يبلغون الخامسة والخمسين وأكثر. وتشرح شيريكي كومانييكا الأستاذة المحاضرة في كلية الطب في فيلادلفيا التي شاركت في إعداد التقرير خاص، "يشكل ذلك مشكلة أساسية على صعيد الصحة العامة.. على صعيد الكلفة الصحية والاقتصادية بالإضافة إلى التغيب عن العمل أو على صعيد الكلفة النفسية مع بالغين غير واثقين بأنفسهم وأطفال موصومين".

ويقدم الخبراء توصيات برسم التنفيذ بهدف مكافحة البدانة، تتمحور حول خمسة محاور: النشاط البدني، والحصول على غذاء أكثر سلامة، والترويج، والتوعية والتثقيف، ودور المتخصصين في المجال الصحي. وقد اقترح هؤلاء ساعة واحدة يوميا من النشاطات البدنية في المدرسة بالإضافة إلى "استراتيجيات" للتخفيف من استهلاك المشروبات المحلاة وحظرها في المدارس، وكذلك تأمين الحصول على مياه صالحة للشرب في الأماكن العامة.

وأثاروا كذلك مواضيع الضرائب على المشروبات الغازية وحصص الأطفال التي تحتوي على وحدات حرارية أقل في الوجبات السريعة بالإضافة إلى الإعفاء الضريبي للمؤسسات التي تشجع على فتح متاجر للمنتجات الصحية والتشجيع على بيع فاكهة وخضار أكثر في المقاصف. وتشير كومانييكا إلى أن "ما نبينه في هذا التقرير هو إلى أية درجة تأتي الأمور مكملة لبعضها البعض وتدعم بعضها البعض". تضيف "الرسالة لا تجدي نفعا إذا ما لم يكن هناك ما يدعمها.بحسب فرنس برس.

نعلم أنه علينا تناول كميات أقل من الأطعمة والقيام بحركة بدنية أكبر، لكن بماذا يفيد القول بضرورة تناول طعام أقل إذا لم يكن المرء قادرا على الحصول على وجبة متوازنة صحية في مقصف" المؤسسة التي يعمل بها؟ ويضيف التقرير أن هناك ضرورة للترويج للنشاط البدني أو الطلب من شركات التأمين الصحية أن تبتكر خدمة للوقاية من البدانة وتشخيصها. ولا يحدد التقرير أهدافا مع أرقام، لكنه يدعو فقط إلى "خفض نسبة البدانة" لدى جميع شرائح المجتمع.

من جهة اخرى يقول التقرير منشور في "الدورية الأمريكية للطب الوقائي" إن 30 مليون أمريكي إضافي سينضمون إلى "قائمة البدناء"، خلال 18 عاماً من الآن، ما يشكل عبئاً إضافيا على الخزينة يصل إلى 549.5 مليار دولار، كنفقات طبية. وقال أريك فينكلشتاين، معد البحث: "إذ حافظنا على السمنة عند معدلاتها الراهنة فسنعمل على توفير 550 مليار دولار." وأوضحت "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية" أن قرابة 35 في المائة من البالغين الأمريكيين يعانون من السمنة. ويقدر التقرير أنه بحلول عام 2030، سيعاني نحو 11 في المائة من البالغين الأمريكيين من السمنة المفرطة، وتحدد بتجاوز مؤشر كتلة الجسم 40 أو بتعدي المائة رطل كوزن. وتهدد الأمراض الذين يعانون من زيادة الوزن، ما سيزيد بالتالي من فاتورة الرعاية الصحية. بحسب CNN.

وعقب فينكلشتاين: هؤلاء تتعاظم بينهم مخاطر الوفاة المبكرة، والإصابة بأمراض القلب والسكري.. تكلفتهم عالية للغاية وأعدادهم في تزايد." واستخصلت التصورات استناداً إلى بيانات دراسة أجريت عن البالغين في 2008، ولم تشمل أطفالاً، علماً أن واحداً بين كل ثلاثة يعاني إما من السمنة أو زيادة الوزن. وصرح معد الدراسة: "الدراسة اهتمت بالبالغين فقط والحقيقة هي أن الطفل البدين سينمو، وبلا شك، كبالغ بدين.. وهذا يعني أن تقديراتنا قد تكون متحفظة.. أو ربما كانت خاطئة، فالتكهنات تظل مجرد تخمين، والعالم يتغير فهناك أدوية جديدة وتقنيات تتطور."

قبل 50 عاما

في السياق ذاته وعلى هامش مؤتمر حول البدانة، أوضحت اختصاصية التغذية باربرا مور مديرة "شييب أب أميريكا" (إعادة اللياقة البدنية إلى أميركا) أنه "قبل 50 عاما، كنا نشرب قارورة كولا واحدة مرة كل ثلاثة أشهر.. أما في أيامنا هذه فبوتيرة يومية وبكميات كبيرة". وتشرح مور الزيادة الملحوظة في نسبة البدانة في الولايات المتحدة خلال 30 عاما قائلة أن "الأسباب عديدة. على سبيل المثال، في كل مكان وخصوصا في الولايات المتحدة، يبتكر قطاع صناعة الأغذية منتجات تجمع ما بين الدهون والسكر والملح حتى تأتي نكهتها أفضل". تضيف "قبل 30 عاما أطلق مصنع رقائق البطاطا المقرمشة فريتوس شعاره القائل نراهن على أنكم لن تكتفوا بواحد".

وتشير إلى أنه "على رفوف حبوب الفطور في المتجر، نجد ما هو بنكهة الشوكولا والبسكويت وبنكهات أخرى. هذه حلويات وسكاكر تحتوي على نسب عالية من السكر والدهون، وقد صنعت لاجتذاب الأطفال الذين يطالبون بالمزيد". وتوضح مور أن "صناعة المشروبات الغازية تطورت منذ ما بين 20 و30 عاما.. وكذلك تفاقمت البدانة" في الفترة الزمنية نفسها. وتشرح " بيبسي كولا و كوكا كولا تشهدان نجاحا ضخما. شخصيا تخطيت الستين من عمري وعندما كنت لا أزال طفلة كنت أتناول قارورة كوكا واحدة مرة كل ثلاثة أشهر. وكانت تحتوي حينها 10 ملليمترات. أما اليوم، فالبالغون والأطفال يتناولونها يوميا، أما سعتها فلم تعد 10 ملليلترات بل 40 و60 ملليلترا وأحيانا ليترا واحدا في المطاعم. وتحتوي هذه الكميات الضخمة على سعرات حرارية زائدة من دون أي منافع غذائية".

وعند سؤال بربارا مور عما إذا كان سلوك الأميركيين مسؤولا عن ارتفاع معدلات البدانة، تجيب أن "الأغذية في أميركا متوفرة وهي في متناول الجميع، بفضل الدعم المالي الذي يمنح للزراعة خصوصا قطاعا الذرة والسكر". وتشرح أنه "حتى العائلات الفقيرة تصطحب أولادها لتناول الوجبات السريعة مرات عدة في الأسبوع الواحد". وتلفت إلى أن نصف الأموال المخصصة للمأكولات في الولايات المتحدة، "تصرف لشراء وجبة محضرة خارج المنزل".

وتوضح "قبل عقود عدة، كنا نقصد المطاعم مرة واحدة ربما، كل ثلاثة أو أربعة أشهر. اليوم، هناك أطفال يتناولون يوميا طعامهم خارج المنزل. وعندما لا يقصد الأميركيون المطاعم لتناول الطعام، يطلبون وجبات ديليفري . وتخلص إلى أنهم "لا يتعلمون كيفية تحضير الطعام ولا يملكون الوقت لذلك ولا يرغبون بذلك، إذ انه من السهل عدم التعلم. وبالتالي لن يضطروا إلى غسل الصحون والأواني". بحسب فرنس برس.

وتشير الاختصاصية في التغذية إلى أن "المشكلة تكمن في أن الذين يعانون من البدانة يتجهون إلى إنجاب أطفال سمينين، الأمر الذي يجعل الوضع يستمر. ويتوجب على الأمة كلها أن تعمد إلى تغيير سلوكها في ما يتعلق بالغذاء وتفضيل النوعية على الكمية".

ماكينات بيع الأطعمة

على صعيد متصل وضع قادة سابقون في الجيش الأميركي، أيديهم على السبب المستتر الذي يهدد سعيهم للحصول على قوة قتالية يتمتع أفرادها بالرشاقة والخفة.. إنها ماكينات بيع الحلوى والمشروبات الغازية في المدارس الأميركية. وفي تقرير نشر، اليوم، قال 300 ضابط أميركي متقاعد، إن الأطفال في سن التعليم يلتهمون 400 مليار سعرة حرارية زائدة في السنة، وهو ما يعادل ملياري قالب حلوى من ماكينات بيع الأطعمة والكافيتيريات التي يجب أن تكون بعيدة عن متناول أيديهم.

وتترجم هذه السعرات الحرارية الإضافية الناجمة عن تناول الحلوى والمشروبات الغازية والسكرية إلى نحو 130 سعرة حرارية في اليوم الواحد، وهو ما يؤدي إلى اكتساب مزيد من الوزن على مدار العام الدراسي. وقال الجنرالات الأميركيون في تقريرهم "السعرات الحرارية الزائدة تتراكم"، داعين إلى فرض قواعد صارمة على معايير بيع الأطعمة في المدارس. بحسب رويترز.

وكتب الضباط المتقاعدون الذين ينتمون إلى جماعة غير ربحية تركز على قضايا الشباب في تقريرهم، "رغم أن تقييد بيع الأطعمة غير الصحية ليس حلا في حد ذاته لوباء السمنة لدى الأطفال إلا أنه جزء من الحل". وعبر خبراء عسكريون أميركيون عن قلقهم من أن ارتفاع عدد من يعانون من السمنة بين الشبان يصعب من مهمتهم لتجنيد أفراد أصحاء. وتظهر إحصاءات الحكومة الأميركية، أن عدد من يعانون من زيادة في الوزن أو من السمنة آخذ في الزيادة، وأن ثلث الأطفال والمراهقين الأميركيين يعانون من زيادة في الوزن.

البدانة لدى الأطفال

في السياق ذاته انخفضت نسبة البدانة لدى الأطفال في الولايات المتحدة للمرة الاولى منذ ثلاثين سنة بعد أن ارتفعت أكثر من ثلاثة أضعاف، بحسب ما اظهرت دراسة اعدتها المراكز الاميركية للسيطرة على الامراض والوقاية منها. ففي العام 2004، بلغت نسبة البدانة لدى الاطفال الذين تراوحت اعمارهم بين سنتين و4 سنوات والمنتمين الى أسر منخفضة الدخل تستفيد من المساعدات الغذائية الحكومية أوجها، ثم انخفضت قليلا في العام 2010.

وكتب ليبينغ بان وهو المعد الرئيسي للدراسة "على حد علمنا، إنها الدراسة الوطنية الاولى التي تبين أن نسبة البدانة والبدانة القصوى لدى الاطفال الاميركيين بدأت بالتراجع". وتابع "تعكس نتائج هذه الدراسة التطورات المتواضعة التي أحرزت مؤخرا في مجال الوقاية من بدانة الاطفال. وقد يكون لها تأثيرات مهمة نظرا الى المخاطر طويلة الامد التي تحملها البدانة والبدانة القصوى في مرحلة الطفولة".

وبينت الدراسة أن البدانة تطال بشكل أكبر العائلات منخفضة الدخل أو المنتمية إلى الأقليات. وفي الدراسة، قام الباحثون بتحليل بيانات نظام خاص بمراقبة تغذية الاطفال يغطي نحو نصف الاطفال المستفيدين من مساعدات غذائية حكومية. فتمكنوا من النفاذ الى البيانات المتعلقة بطول نحو 27,5 ملايين طفل ووزنهم تراوحت أعمارهم بين سنتين و4 سنوات في 30 ولاية أميركية.

وبينت الارقام أن نسبة بدانة الاطفال ارتفعت من 13,05% سنة 1998 الى 15,36% سنة 2004، ثم انخفضت الى 14,94% سنة 2010. أما نسبة البدانة القصوى فقد ارتفعت من 1,75% سنة 1998 الى 2,22% سنة 2004، ثم تراجعت الى 2,07% سنة 2010. بحسب فرنس برس.

وكان أكثر من ثلث الاطفال الاميركيين يعانون وزنا زائدا سنة 2008. وارتفعت نسبة البدانة لدى الاطفال الذين تراوحت اعمارهم بين 6 سنوات و11 سنة من 7% سنة 1980الى 20% سنة 2008، فيما ارتفعت في اوساط المراهقين الذين تراوحت اعمارهم بين 12 و19 سنة من 5% الى 18% في الفترة نفسها.

أول علاج للبدانة

الى جانب ذلك وافقت الوكالة الأميركية للأغذية والعقاقير على تسويق عقار "لوركاسيرين" من مختبرات "أرينا فارماسوتيكالز" وهو العلاج الأول للبدانة الذي يطرح في الأسواق منذ أكثر من 13 سنة. وجاء قرار الوكالة كمصادقة على توصية قدمتها لجنة خبراء مستقلة في 10 أيار/مايو لتأييد تسويق هذا العقار المخصص للبالغين الذين يعانون البدانة والمصابين بمرض واحد على الأقل من الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.

وكانت اللجنة نفسها قد عارضت سنة 2010 تسويق "لوركاسيرين" واسمه التجاري "بلفيك" أو "لوركس" بسبب المخاوف التي أثارتها إصابة فئران الاختبار بسرطانات في الثدي. وهذا العقار مخصص للبالغين الذين يبلغ مؤشر الكتلة الجسدية لديهم 30 أو أكثر أو أولئك الذين يبلغ المؤشر لديهم 27 لكنهم مصابون بمرض واحد على الأقل من الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد، بحسب ما أوضحت الوكالة في بيان. بحسب فرنس برس.

وبحسب المراكز الفدرالية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، يعاني ثلث البالغين في الولايات المتحدة من البدانة. وقد أظهر اختبار سريري شمل 8 آلاف مريض أن استهلاك "بلفيك" لمدة تصل إلى سنة أدى إلى انخفاض في الوزن تراوح معدله بين 3 و3,7%. وتبين أن حوالى 47% من المشاركين غير المصابين بالسكري من النوع الثاني فقدوا 5% من وزنهم على الاقل، مقارنة ب 23% من المشاركين الذين تلقوا علاجا وهميا. أما الآثار الجانبية الأكثر شيوعا فهي آلام الرأس والغثيان والدوار والإرهاق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/كانون الثاني/2013 - 24/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م