تجارة البشر... آفة عابرة للقارات أكثر ضحاياها الأطفال

 

شبكة النبأ: باتت ظاهرة الاتجار بالبشر متفشية للغاية وخطرا مستداما على العالم في الوقت الراهن. إذ يتضح انتشار هذه الظاهرة من خلال صدور كثير من الدراسات والتقارير والقرارات التي صدرت في الفترة الأخيرة حول سبل احتواء ظاهرة الاسترقاق، فغالبا ما تطال اضرارها الدول والشعوب الفقيرة اكثر من سواها، والمشكلة الاخرى ان سبل المكافحة عالميا، اقل من نمو وتكاثر هذه الظاهرة، فهي ليست محصورة في دولة او امة بعينها، بل معظم دول العالم تنطوي على شبكات ومافيات منتظمة تدير عمليات واسعة للاتجار بالبشر وخاصة تهريب الأطفال، وهناك استخدامات متنوعة لهؤلاء البشر الذين تتم المتاجرة بهم، فمنهم من تتم المتاجرة به في مجال الجنس والدعارة كالفتيات القاصرات والاطفال والنساء عموما، ومنهم من يتم تسخيره للعمل، وعلى الرغم من بذل جهود كبير لمكافحة الاتجار بالبشر من قبل منظمات حقوق الإنسان وبعض الجهات المسؤولة، الا انها مازالت تنتشر كالهشيم بالنار ولا يقف أمامه لا شرع ولا قانون.

العبودية في العالم

فقد قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان نحو 27 مليون شخص في العالم يعيشون في ظروف عبودية في الوقت الراهن في حين نشرت الولايات المتحدة تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر، لكن التقرير اشار الى احراز تقدم في مكافحة هذه "الافة" وذلك يعود بشكل خاص الى الملاحقات القضائية التي يقوم بها عدد متزايد من الحكومات في حق المتاجرين بالبشر على ما كشف التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية، ومن اصل 185 دولة شملها التقرير السنوي، وحدها 33 دولة تحترم بالكامل الاتفاقات المتوافرة على الصعيد الدولي لوضع حد للاتجار بالبشر مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ومن بين الدول السبع عشرة التي سجلت اسوأ اداء نجد الجزائر وجمهورية الكونغو الموقراطية وليبيا وكوريا الشمالية والمملكة العربية السعودية.

واوضح التقرير الاميركي ان سوريا ايضا دخلت القائمة السوداء للدول المتهمة بالاتجار بالبشر "لان الحكومة السورية لا تطبق الاجراءات الهادفة الى القضاء على الاتجار (بالبشر) ولا تقوم باي جهد في هذا الاطار"، واعتبرت هيلاري كلينتون ان الغاء العبودية في الولايات المتحدة العام 1865 "وفي دول اخرى لم يعن للاسف نهاية العبودية" بالكامل. واوضحت وزيرة الخارجية الاميركية "يقدر اليوم عدد الاشخاص ضحية العبودية عبر العالم التي تسمى ايضا احيانا الاتجار بالبشر ب27 مليون شخص"، واضافت كلينتون "رغم اقرار المعادهات والقوانين التي تمنع العبودية، تظهر الوقائع ان الكثير من الرجال والنساء والاطفال يستعبدون بسبب الافة التي يشكلها الاتجار بالبشر" مشيرة الى ان "ضحايا العبودية الحديثة هم رجال ونساء وفيتات وصبيان تذكر قصصهم بالمعاملة غير الانسانية التي قد تبدر عنا كبشر". بحسب السي ان ان.

وكتبت في مقدمة التقرير "بعد قرن ونصف القرن على انتصار الحرية في الولايات المتحدة، لا تزال هذه الحرية مجرد سراب لملايين الاشخاص"، وقد كانت منظمة العمل الدولية اعلنت ان نحو 20,9 مليون شخص، ربعهم تقريبا دون الثامنة عشرة من العمل يرغمون على العمل في العالم ويقومون باعمال قسرية فرضت عليهم عن طريق الاكراه او الغش، الا ان لويس سديباما المكلف ملف مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الخارجية الاميركية ان يقول ان "ثمة تقديرات اخرى تقترب من 27 مليون شخص" في هذا الوضع عبر العالم، لكنه اقر "بوجود تقدم، فبعض الدول تعتمد القوانين وبدأت محاربة هذه المشكلة"، وشددت هيلاري كلينتون ايضا على ان 29 دولة شملها التقرير الاميركي، تحسن وضعها في التصنيف الذي تضعه وزارة الخارجية "مما يعني ان الحكومات باتت تتخذ الاجراءات المناسبة".

مكافحة الاتجار بالبشر

على صعيد ذو صلة شكلت أوغندا فرقة عمل وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ولكن خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، التي كان من المقرر الانتهاء، قد تتأجل لعدة أشهر، بينما يقوم مسؤولون بتقييم جهود إنفاذ القانون الحالية والمفتتة. فقد أبرز وزير الدولة للشؤون الداخلية، جيمس بابا، الذي قام بتشكيل فرقة العمل، أهمية تحسين التنسيق، وقال في كلمة ألقاها لإعلان بدء مهمة فرقة العمل رسمياً: "لقد استغل المهربون في كثير من الأحيان هذا التفتت في الجهود والاستجابات غير المنسقة، كما استغلوا نقاط ضعف نفس الأشخاص الذين نسعى لحمايتهم"، وأظهر جرد لموارد الحكومة أن كل من يعمل في هذه القضية - من الأنتربول إلى إدارة الهجرة - يعاني من نقص في الموظفين والتمويل، ويعمل بشكل مؤقت، ويفتقر أساساً إلى نوع التنسيق الذي تم تشكيل فرقة العمل لتحقيقه. ويعمل مكتب مكافحة الاتجار بالبشر نفسه حالياً داخل أحد مكاتب الهجرة الحالية، ويتألف من أربعة موظفين دائمين فقط، ولم يقر ميزانيته الخاصة حتى الآن. هذا وقال تقرير صادر عن قنصل أوغندا الفخري في كوالالمبور في فبراير الماضي أن أكثر من 600 امرأة أوغندية وقعت في شراك صناعة الجنس الماليزية، وقد بدأت وزارة الشؤون الداخلية الأوغندية تنفيذ المتطلبات الواردة في تشريع الاتجار بالأشخاص الصادر في عام 2009، وفي غضون ذلك، أكد عمر موتويا، نائب رئيس وحدة التحقيق الخاصة والموظف المسؤول عن مكتب مكافحة الاتجار بالبشر، أن ضباطه لن يتمكنوا من قطع الطريق على المتاجرين بالبشر تحت الظروف الحالية. فإننا لن نتابع الأمر لأننا غارقون في العمل أصلاً". ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، التي تنشر تقريراً سنوياً عن الاتجار العالمي بالبشر، ما زالت أوغندا في مرتبة متوسطة بين الدول.

في الوقت ذاته أشار التقرير إلى عدم مقاضاة المتاجرين باعتبار ذلك عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التقدم في أوغندا. ورغم أن المسؤولين قد حددوا خمس حالات اتجار في العام الماضي، وأجروا ثلاث محاكمات، لم تتم إدانة أي شخص بموجب قانون الاتجار حتى الآن. وفي وقد  قالت الشرطة أنها أفرجت عن متاجر بالبشر مشتبه به من محكمة في كمبالا بعد دفع كفالة تبلغ 600,000 شلن أوغندى (حوالى 240 دولاراً أمريكياً) على الرغم من أن التحريات أشارت إلى أنه استغل أكثر من 50 شخصاً من خلال شركة وهمية عملت أيضاً كوكالة توظيف غير شرعية، وشكا موتويا من أن "بعض هذه المحاكم لا تمنحنا الوقت الكافي، فنحن نعلم أنه متورط، لأنه لدينا أشخاص كان يتم الاتجار بهم ويعترفون بذلك الآن". هذا وحدد التقرير الأمريكي أيضاً وحدة التوظيف الخارجي المؤلفة من موظف واحد - وهي ذراع وزارة العمل المكلف برصد 22 وكالة توظيف في البلاد - كما تفتقر إلى الموارد المالية والبشرية الكافية لمراقبة أنشطة تلك الوكالات. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وبعد صدور اتهامات بأن النساء ينتهي بهن المطاف إلى نوع من العبودية المنزلية في العراق بفضل عقود تبرمها وكالات توظيف العمالة الأوغندية، نفذت وحدة التوظيف الخارجي سياسة تحظر إرسال أي مواطنة أوغندية إلى الخارج للعمل في المنازل. كما سافرت وحدة التوظيف الخارجي إلى العراق في عام 2010 للتحقيق في مزاعم الرق، ولكنها تعترف بعدم تمكنها من الحصول على الصورة كاملة. وفي العام الماضي، وردت تقارير عن ظهور ضحايا الاتجار بالبشر الأوغنديين في المملكة المتحدة والدنمارك والعراق وجنوب السودان وكينيا والصين وتايلاند وماليزيا، كما أشار تقرير الاتجار بالبشر الأمريكي. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر الأنتربول حالات اتجار بنساء أوغنديات في الهند ومصر وأفغانستان وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة.

في هذه الأثناء، تقول فرقة العمل أن هناك إجراءات يتم حالياً اتخاذها: منذ تدشين فرقة العمل، تم ترحيل أكثر من 50 ضحية أو منع الاتجار بهم، وفقاً ليونيس كيسمبو، رئيسة فريق العمل التي تشرف على مجموعة من الوزارات المعنية. وأشارت إلى أنه تحت قيادة فرقة العمل، تم تدعيم وحدة التحقيق الخاصة بثلاثة ضباط إضافيين للتعامل مع الشكاوى، وحفظ الشرطة للسجلات على نحو أفضل، وجعل أمن المطارات أكثر صرامةً. ووفقاً لكيسمبو، تم منع الاتجار بثماني نساء شابات وتعرضهن للعبودية المنزلية في مصر بفضل يقظة موظفي الحدود، وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة البرلمانية التي زارت ماليزيا في شهر مارس الماضي أصدرت تقريراً مفصلاً في الآونة الأخيرة عن ما لا يقل عن 13 إمرأة أوغندية تقبعن في السجون هناك. ودعا النواب إلى بدء حملة للتوعية بمخاطر الاتجار بالبشر.

من جهتها، أكدت دورا مافابي، مديرة برنامج أوغندا في مبادرة سيادة القانون التابعة لنقابة المحامين الأمريكية أن "الاتجار سيستمر فقط إذا لم يكن الناس على علم به". وتقوم مافابي بتنسيق جهود الشركاء من المجتمع المدني الذين يتصدون لهذه القضية. كذلك، دعت الحكومة إلى تمويل حملة على غرار تلك التي كانت تهدف إلى التوعية حول فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز في تسعينيات القرن الماضي.

عصابة تتاجر بالأطفال

قالت الشرطة المصرية إنها ألقت القبض على عصابة في القاهرة مكونة من طبيب ومضمدتين تتاجر بالاطفال منذ ثلاث سنوات، وتقول الشرطة إنها لا تزال تبحث عن مدير المستشفى الذي تجري فيه العمليات القصيرية لنساء حوامل "غير راغبات" في الاحتفاظ بالأطفال. ويؤخذ الطفل الوليد من أمه بعد الولادة ليباع لعائلات غير قادرة على الإنجاب بسعر بلغ 3500 جنيه مصري أو ما يعادل 570 دولارا، واستنادا إلى وسائل الإعلام المصرية فإن النساء اللائي يأتين متأخرات لإجراء عملية إجهاض، يعرض عليهن إجراء عملية قيصرية، يؤخذ بعدها الطفل ليُباع بنفع للعصابة على ما يبدو. بحسب البي بي سي.

ويعتبر الإجهاض مسموحا به قانونيا في مصر إن كانت حياة الأم في خطر، أما التبني فهو غير مسموح به إلا في حالات محددة إذ لا يسمح للأطفال المتبنين أن يأخذوا أسماء العائلات التي تتبناهم، ويقول كفين كونولي، إن المتاجرة بالأطفال في السوق السوداء تمكِّن الأزواج غير القادرين على الإنجاب أن يتجنبوا القيود القانونية التي يفرضها النظام القضائي المصري حاليا، ورغم أن المعلومات التي قدمتها الشرطة المصرية حول الموضوع غير وافية، إلا أنها تمكنت على ما يبدو من تفكيك عصابة واسعة تتاجر بالأطفال في مصر.

تهريب الأطفال

من جانب آخر بدأت في باريس جلسات قضية جمعية ارش دي زوي التي حاولت في 2007 نقل 103 اطفال قالت انهم ايتام من دارفور، في غياب اهم طرفين في الملف لم يرغبا في الحضور الى المحكمة، واعلن رئيس الجمعية الانسانية ايريك بريتو وصديقته ايميلي لولوش انهم يرفضان المثول امام المحكمة بتهمة "ممارسة نشاط وساطة للتبني بطريقة غير قانونية" و"المساعدة في الحصول على اقامة غير نظامية" و"الاحتيال" بحق 358 عائلة استقبلت الاطفال. بحسب فرانس برس.

في المقابل حضر الاربعة الآخرون الذين استدعتهم المحكمة، الطبيب فيليب فان وينكلبرغ وخبير اللوجستية آلان بيليغا والصحافية انييس بيليران والعضو في الجمعية كريستوف ليتيان الذي بقي في فرنسا، وادعت حوالى عشرين عائلة فرنسية على الجمعية معتبرة انها تاستغلت رغبات اطفالهم، وفي 25 تشرين الاول/اكتوبر 2007 اوقف 17 اوروبيا بينهم تسعى فرنسيين في ابيشي شرق تشاد بينما كانوا يستعدون لترحيل 103 اطفال بطريقة غير مشروعة الى فرنسا، مؤكدين انهم ايتام من دارفور على الحدود مع تشاد، غرب السودان، وكانت الجمعية وعدت عائلات تسعى الى تبني اطفال في فرنسا بهؤلاء الاطفال الذين كان معظمهم تشاديين ولم يكونوا ايتاما.

الى ذلك ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الشرطة الصينية انقذت 89 طفلا واعتقلت 355 مشتبها به في حملة استهدفت تسع شبكات لتهريب الأطفال في أنحاء البلاد، وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) نقلا عن وزارة الأمن العام إن الشرطة بدأت العملية يوم 18 ديسمبر كانون الأول في اقاليم بينها قوانغدونج وسيشوان وهما من أكثر اقاليم الصين سكانا، وتهريب الأطفال متفش في الصين حيث عززت سياسات تحديد النسل انحيازا تقليديا لصالح الذكور الذين ينظر إليهم باعتبارهم العائل الرئيسي للأبوين ومن سيرثون اسم الأسرة الأمر الذي يتسبب في حالات إجهاض أو قتل أو هجر البنات، وتقوم الحكومة على رعاية الأطفال الذين تم انقاذهم وتبحث الشرطة عن آبائهم. بحسب رويترز.

ونقلت شينخوا عن تشين شيقو مدير إدارة مكافحة التهريب بالوزارة قوله "سنجمع الحمض النووي للأطفال ونستخدمه للعثور على آبائهم من خلال قاعدة بيانات وطنية خاصة بالحمض النووي أنشئت لأغراض مكافحة التهريب."

إعدام إمرأة باعت 223 رضيعاً

في سياق متصل أعلنت وسائل إعلام صينية، عن صدور حكم قضائي على امرأة بالإعدام لتزعمها عصابة تخصصت في تجارة الأطفال الصغار، وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، إن المتهمة جيانج كايتشي "51 عاماً"، وعصابتها المكونة من 35 شخصاً أدينوا من قبل محكمة في مدينة كوتشنج باختطاف 223 طفلاً رضيعاً في الفترة بين نهاية 2009 حتى أغسطس 2010، في إقليم يونان جنوب غرب البلاد ثم قامت العصابة ببيع هؤلاء الصغار في إقليم هنان وسط البلاد، وكانت العصابة تتحصل على نحو 30 ألف يوان "3750 يورو"، مقابل الرضيع الذكر، فيما كانت تتحصل على نحو 20 ألف يوان "2500 يورو"، مقابل الرضيعة الأنثى، وذلك لأن أهالي المناطق الريفية في الصين يفضلون الذكور لأنهم يقومون بإعالة الأسرة في الشيخوخة. بحسب يونايتد برس.

وأصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن تتراوح مددها بين ثلاثة أعوام إلى السجن مدى الحياة بحق أفراد العصابة الذين تتراوح أعمارهم بين "20 حتى 65 عاماً"، بتهمة المشاركة في اختطاف الأطفال الصغار ونقلهم وبيعهم من خلال تجارة غير مشروعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/كانون الثاني/2013 - 23/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م