أفغانستان والعنف... خسارة الصناعات الناجحة

 

شبكة النبأ: عندما قتل انتحاري من حركة طالبان شخصين على أطراف العاصمة الأفغانية كابول هذا الشهر سقطت ضحية أخرى للهجوم هي شركة (سبرينج ويش) لعصائر الفاكهة التي يملكها أفغاني وتوفر عملا لآلاف المزارعين في البلاد.

كانت إمبراطورية العصائر التي يملكها مصطفى صادق تتوسع بشكل جيد وتجلب عملة صعبة تحتاجها البلاد بشدة قبل الهجوم الذي أحدث خسارة مالية لم يكن بوسع أفغانستان تحملها.

وانهارت تجارة عصير الرمان تقريبا في اللحظة التي فجر فيها المتشدد المواد الناسفة في شاحنة متوقفة بالقرب من المصنع يوم 17 ديسمبر كانون الأول.

وتناثرت القطع المعدنية في كل مكان وتناثرت المقاعد في المكتب الذي قضى فيه صادق وقتا طويلا يفكر في كيفية الصمود في مواجهة عقود من الحرب وانعدام الاستقرار وقلة الحيلة.

كان صادق في دبي للاتفاق على صفقات تصدير جديدة عندما اتصل به أحد مساعديه وأبلغه بالنبأ السيء. وقد ضايقه أيضا عدم اتصال المسؤولين به.

وقال صادق (40 عاما) لرويترز وهو يقف بجانب مخزون فواكه يكفي عاما وأتلفه الهجوم "حتى الان لم يتصل بي أي مسؤول ولو من باب التعاطف." ووصلت الخسائر الإجمالية إلى قرابة عشرة ملايين دولار.

وأضاف صادق "في مثل هذا الموقف كان من المفترض أن يتصلوا بي ويسألونني عن شكل المساعدة التي يمكنهم تقديمها. وزراء الزراعة والمالية والتجارة.. حتى الآن لم يأت أحد او يتصل."

وغالبا ما تقيم الحرب وتوقعات المستقبل بأعين الجنود الغربيين أو الأفغان أو المسؤولين الذين يشيرون إلى حجم التقدم الذي أحرز. ولصادق وجهة نظر أخرى. وقال له بعض العاملين إن الانفجار صاحبه أعلى دوي سمعوه منذ 30 عاما.

وكان الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979 قد أعقبه عقد من مقاومة المجاهدين الذين طردوا السوفيت. وأقام زعماء الحرب إقطاعيات ودمر نصف العاصمة كابول في الحرب الأهلية التي اندلعت بعد ذلك.

وتولت حركة طالبان السلطة ثم أطيح بحكومتها في عام 2001 وهناك الآن مخاوف من عودتها عندما تسلم قوات حلف شمال الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة مسؤولية الأمن للأفغان في عام 2014 . بحسب رويترز.

لكن صادق لا يرى في طالبان الخطر الأكبر على مستقبل أفغانستان وإنما الخطر هو المسؤولون الفاسدون الذين حولوا السياسة إلى مشروع تجاري.

وبينما كان عمال يضعون صناديق الفاكهة على متن شاحنة ويعمل آخرون على اعادة بناء حائط قال صادق "يعتقد موظفو الحكومة أن الوقت قد حان لملء جيوبهم والاستحواذ على أي شيء ممكن. سيمهد هذا الطريق للحرب الأهلية.

"عليك أن تقاوم ولا تهرب. الأمر يشبه الهروب الان. تحيط بهم جدران ويجلسون هناك ولا يتصلون بالأفغان العاديين."

وتشاطر غرفة التجارة والصناعة في أفغانستان صادق في مخاوفه. وقال جان الوكزاي النائب الأول لرئيس الغرفة لرويترز "لا توجد ضمانات للاستثمار في أفغانستان. الناس يخافون من الحكومة ولا توجد سيادة قانون. مسؤولو الحكومة يمكنهم فعل أي شيء.

"ما يقوله الرئيس (حامد) كرزاي حبر على الورق وليس له أي قيمة." وتقول الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة إنها ملتزمة ببناء الاقتصاد وجذب الاستثمارات الاجنبية ومساعدة الأفغان على ضمان مستقبل أفضل. ويقول كرزاي إن العقود مع الأجانب هي التي تؤدي إلى تفشي الكسب غير المشروع.

وصورت الحكومة عام 2014 على انه عام الاستثمار والاستفادة من العمالة الرخيصة واستئجار الأراضي في أفغانستان التي تعتمد إلى حد كبير على المساعدات الأجنبية. واعتبارا من عام 2014 تأمل الحكومة في ان تبلغ عائدات النفط والغاز الطبيعي والحديد والنحاس وغيره من مواد التعدين سنويا أربعة مليارات دولار.

عاش صادق بعض الوقت في أوروبا منتظرا فرصة للعودة والاستثمار في بلده. وفتح في نهاية المطاف مصنعا في مجمع صناعي على الطريق بين كابول وجلال اباد في عام 2008 وانطلق منه إلى أسواق خارج البلاد.

وكانت سبرينج ويش التي يعمل فيها نحو ألف شخص تبيع منتجاتها لمحبي العصائر الطبيعية في أوروبا واسيا والشرق الأوسط وتجلب الأموال إلى أفغانستان في الوقت الذي أخرج فيه أفغان آخرون قلقون 4.5 مليار دولار إلى خارج البلاد العام الماضي.

ولدى سؤاله عن خرائط على الحائط لمناطق في أفغانستان توفر فرصا للمزارعين والشركات مثل شركته انخرط صادق في البكاء.

ولقي رمان صادق ذو البذور الحمراء ثناء في أوروبا لخصائصه المضادة للأكسدة ويعتقد كثيرون في اليابان أن بإمكانه محاربة السرطان. ويبدو صادق معتزا لأنه ساعد 40 ألف مزارع على كسب عيشهم في أفغانستان.

وبينما يحاول صادق إقناع موظفيه بعدم التخلي عن الطموح وإعادة البناء عذبه سؤال لبعض الوقت. فقد أوقف الانتحاري شاحنته في حارة تفصل بين شركة صادق وشركة أجنبية.

وقالت طالبان إنها هاجمت شركة أمريكية مجاورة له لكنه ما زال يتساءل عما إذا كان مصنعه الذي يعتمد على الالات الايطالية ويستفيد من برامج مساعدات أمريكية هو المقصود بالهجوم. ويقر صادق بأنه بحاجة إلى أموال من مانحين غربيين.

وقال محمد جاو (28 عاما) وهو مشرف عام بالمصنع "كان نحو 120 شخصا يعملون هنا ودمر الهجوم الانتحاري المصنع بالكامل.. سيفقد عدد من موظفينا عملهم والجميع قلق الان بشأن ما سيحدث فيما بعد."

ورغم الخسائر تبدو روح صادق التسويقية والتجارية صامدة فقال "هل جربت العصير؟ إنه جيد فعلا." وهنا أعاد موظف بالمصنع التذكير بالحقيقة وعرض صورة على هاتفه المحمول لرأس الانتحاري الذي نفذ الهجوم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/كانون الثاني/2013 - 19/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م