تونس... مشهد ملتبس وديمقراطية غامضة

 

شبكة النبأ: لاتزال الساحة التونسية تعج بالعديد من مشاكل والأزمات التي اثر على الحياة اليومية للمواطن التونسي بحسب بعض المراقبين الذين أكدوا على ان هنالك بعض الجهات المدعومة من جهات خارجية تسعى الى مصادرة انجازات الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وذلك من خلال إثارة الشارع التونسي بهدف تحقيق بعض المكاسب والامتيازات الخاصة وإقصاء الآخرين وهو ما قد يدخل البلاد في دوامة العنف و الاقتتال. وفي هذا الشأن اتهم حزب "نداء تونس" العلماني المعارض الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، حركة النهضة الاسلامية الحاكمة وحزب المؤتمر (يسار وسط) شريكها في الائتلاف الحاكم، ب "دعم ميليشيات" هاجمت اجتماعا شعبيا للحزب بجزيرة جربة السياحية (جنوب). وقال الحزب في بيان ان "ميليشيات مدعومة من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية نظمت اعتداء ارهابيا على الاجتماع"، محملا "مسؤولية حصول هذه الجريمة لوزارة الداخلية ووزيرها" علي العريض القيادي في النهضة.

واضاف "رغم الاتصالات المتكررة المباشرة بوزارة الداخلية قبل اجتماع جربة وخلال الهجوم عليه، لم تتوفر الحماية الأمنية للمجتمعين وفيهم عدد كبير من العائلات والأطفال". وتابع "رغم فداحة الأعمال الاجرامية التي وقعت، كانت التعليمات التي اتبعتها قوات الأمن الحاضرة تقوم على مواكبة المهاجمين بلامبالاة في مستوى التواطؤ دون أي عمل ملموس لتفريقهم وفق الاجراءات الأمنية المتبعة".

وطالب الحزب ب"تحييد" وزارة الداخلية واستبدال العريض ب"شخصية كفؤة ومحايدة لا تخلط بين حماية أمن وحقوق المواطنين والأجندات الحزبية المتواطئة مع العنف ومرتكبيه". وحذر من ان "نهج الاعتماد على العنف والترويع اصبح سياسة منهجية تمارس من طرف مجموعات منظمة مدعومة سياسيا ومحمية من المحاسبة والمساءلة"، في اشارة الى "الرابطة الوطنية لحماية الثورة" وهي منظمة غير حكومية محسوبة على حركة النهضة.

وفي الاشهر الاخيرة هاجم محسوبون على رابطة حماية الثورة اجتماعات عدة لحزب "نداء تونس". وفي 18 تشرين الاول/اكتوبر الفائت قتل محسوبون على الرابطة لطفي نقض منسق حزب نداء تونس خلال تظاهرة في ولاية تطاوين (جنوب). ودعا نداء تونس في بيانه الى "تأسيس جبهة ديموقراطية عريضة تجمع كل القوى السياسية والمدنية الوطنية تقف بوجه العنف الارهابي، ترصده وتوثقه وتلاحق منظميه ومموليه وممارسيه".

واعلن "تأسيس لجنة قانونية متكاملة تشرع في توثيق الجرائم التي تعرض لها الحزب ومنتسبوه وقياداته واعداد ملفات قانونية متكاملة عن الاعتداءات التي يعجز القضاء الوطني حاليا عن متابعتها بشكل فعال بعد وضع اليد عليه من طرف السلطة التنفيذية". واظهرت استطلاعات راي اجريت اخيرا ان "نداء تونس" اصبح اول منافس سياسي للنهضة وان رئيسه الباجي قايد السبسي (86 عاما) هو اول شخصية تحظى بثقة التونسيين. والباجي قايد السبسي هو ثاني رئيس وزراء في تونس بعد الثورة التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. بحسب فرانس برس.

وقاد السبسي المرحلة الانتقالية الاولى التي انتهت بتنظيم انتخابات فازت بها حركة النهضة. وتعتبر حركة النهضة ان "نداء تونس" الذي تأسس في حزيران/يونيو الفائت هو امتداد لحزب "التجمع" الحاكم في عهد بن علي. وفي هذا السياق، يرى راشد الغنوشي رئيس الحركة ان نداء تونس "أخطر على الثورة من السلفيين".

الرئاسة التونسية ترفض

في السياق ذاته رفضت رئاسة الجمهورية التونسية خفض حجم ميزانيتها لسنة 2013 التي رفض المجلس الوطني التاسيسي (البرلمان) المصادقة عليها بحجة "ارتفاعها". وقال عدنان منصر الناطق الرسمي باسم الرئيس التونسي منصف المرزوقي "هذه الميزانية لا مجال للتحفيض فيها ولو بمليم واحد لانها واقعية جدا". ورفعت رئاسة الجمهورية حجم ميزانيتها لسنة 2013 الى 79,3 مليون دينار (حوالي 39 مليون يورو) مقابل 71,8 مليون دينار (حوالي 36 مليون يورو) سنة 2012.

واوضح الناطق الرسمي ان الزيادة في ميزانية الرئاسة موجهة اساسا للرفع من رواتب الموظفين وليس الرئيس او اعضاء الديوان الرئاسي ال 18 وذلك "ايفاء بالتزامات الدولة في المفاوضات الاجتماعية" مع نقابات العمال. وكانت الرئاسة اتفقت في وقت سابق مع نقابات العمال على رفع رواتب الموظفين (اعوان الامن الرئاسي والعمال والاداريين) خلال سنة 2013. واضاف الناطق الرسمي ان الرئيس منصف المرزوقي يتقاضى شهريا راتبا ب 20 الف دينار (10 آلاف يورو) قال انه "لا يلمس منه سوى 3 آلاف دينار" (1500 يورو) ويتبرع بالبقية. وتابع ان ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2013 تمثل فقط 0,3% من ميزانية الدولة المقدرة بحوالي 26 مليار دينار (13 مليار يورو).

ونبه عدنان منصر الى انه في صورة عدم مصادقة المجلس على ميزانية الرئاسة فان "اتنظيم (القانون) المؤقت للسلط العمومية (في تونس) يعطي الرئيس صلاحية اصدار قرار جمهوري بالمصادقة على الميزانية". و رفض المجلس التاسيسي المصادقة على ميزانية رئاسة الجمهورية.

وجاء الرفض بعد تصويت 69 نائبا لمشروع الميزانية مقابل 44 عارضوه في حين احتفظ 22 بأصواتهم من مجموع 135 نائبا حضروا عملية التصويت.

ويبلغ العدد الاجمالي لنواب المجلس 217 بينهم 89 من نواب حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، الحزب الاكثر تمثيلية في المجلس. وبرر نواب بالمجلس التأسيسي رفضهم المصادقة على ميزانية الرئاسة بالظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد وب"ارتفاعها" مقارنة بالصلاحيات المحدودة المخولة لرئيس الجمهورية مقابل الصلاحيات الواسعة لرئيس الحكومة حمادي الجبالي امين عام حركة النهضة.

ومن المقرر اعادة مشروع ميزانية الرئاسة الى لجنة المالية بالمجلس التأسيسي لتنظر فيه مجددا.

وتشغل رئاسة الجمهورية في تونس حوالي 3000 شخص بينهم 2416 عنصرا في جهاز "امن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية" العالي التدريب. بحسب فرنس برس.

وبحسب القانون تتمثل مهام هذا الجهاز في توفير الحماية الامنية لرؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان و"الشخصيات الرسمية" وضيوف تونس الرسميين. وسنة 2012 شهدت العلاقة بين الرئيس التونسي منصف المرزوقي ورئاسة الحكومة وحركة النهضة توترا بسبب تصريحات انتقد فيها المرزوقي اداء الحكومة وسياسات النهضة.

بن علي ينفي

على صعيد متصل أعلن أكرم عازوري المحامي اللبناني للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ان 90% من الموجودات بمعرض يقام في تونس لبيع اغراض شخصية للرئيس السابق وعائته "لا تعود للرئيس بن علي ولا لزوجته" ليلى الطرابلسي. وقال المحامي في بيان ان "افتتاح رئيس الحكومة التونسية (حمادي الجبالي، أمين عام حركة النهضة الاسلامية الحاكمة) معرضا خاصا لبيع مقتنيات مزعوم ملكيتها للرئيس بن علي وزوجته بقيمة مزعومة توازي 20 مليون دينار تونسي (10 ملايين يورو) وسط تغطية اعلامية، يشكل تحريفا متعمدا للحقائق وتزويرا للوقائع".

واضاف ان "90 بالمئة من الاغراض المعروضة والمصورة في الاعلام لا تعود للرئيس بن علي ولا لزوجته وقد تم وضعها عمدا من قبل السلطات التونسية على غرار المبالغ النقدية التي استعيرت عام 2011 من المصرف المركزي التونسي لوضعها في منزل الرئيس بن علي من اجل تصويرها ومن ثم اعادتها إلى المصرف واستصدار حكم له شكل قضائي على أساسها".

وتابع ان "ال10 بالمئة من الممتلكات المعروضة للبيع تعود للرئيس بن علي ولزوجته، وقد استحصل عليها الرئيس بن علي بشكل قانوني وشرعي خلال فترة توليه الحكم لربع قرن، وتم الاستيلاء عليها من قبل السلطات التونسية بموجب قرار سياسي غير قانوني". وراى ان المعرض يمثل "استمرارا للحملة السياسية المساقة ضد الرئيس بن علي".

وقال ان وضع مقتنيات "تعود فعلا للرئيس بن علي وزوجته" في المعرض يمثل "خرقا فادحا جديدا لحقوق الملكية الخاصة وانتهاكا لحرمة الحياة الخاصة من قبل السلطات التونسية". واعتبر ان "تباهي السطات (التونسية) أمام الرأي العام والجمهور" بعرض اغراض شخصية لبن علي وزوجته "لا يليق بدولة تصور نفسها على أنها ملتزمة بالمواثيق الدولية".

وقال "ان هذه الاعمال الجرمية وغير الشرعية من السلطات التونسية ستبلغ حتما الى مجلس حقوق الانسان في جنيف كمخالفة فادحة جديدة للسلطات التونسية لالتزاماتها الدولية" وافتتح رسميا في مدينة قمرت (شمال العاصمة) معرض يستمر شهرا لبيع اغراض شخصية قالت الحكومة انها تعود لبن علي و113 من اقاربه. وقدرت وزارة المالية القيمة "الدنيا" لهذه المعروضات ب 20 مليون دينار (10 ملايين يورو).

وقال مهدي (25 عاما) الذي يزور المعرض مع عمه المولع بالسيارات "جاء بنا الفضول، لرؤية بعض مما نهبه كبار اللصوص في تونس" مضيفا "اشعر بألم وانا ارى ما كانوا يتمتعون به من ثراء فاحش في حين كان الشعب يعيش في بؤس شديد". واعلنت وزارة المالية انها ستطرح للبيع في المعرض 300 قطعة مجوهرات، وحقائب يد، وملابس وأحذية، وساعات يد، واغطية ومنسوجات، واطقم (طعام) بلورية وخزفية، ولوحات فنية وتحف، وتجهيزات كهرومنزلية، وسجاد، واثاث، ودراجات رياضية ومائية اضافة الى 39 سيارة فارهة من نوع رولز رويس، ومرسيدس مايباخ، وبي ام دبليو وبورش ولمبورغيني وكاديلاك وجاغوار.

واعرب زائر قال انه يعمل لحساب امير سعودي، عن استعداده لشراء "كل السيارات" المعروضة للبيع ومنها سيارة لبن علي من نوع "مايباخ 62" هدية من العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وقال الزائر "تقدمنا منذ شباط/فبراير 2012 بثلاثة طلبات لشراء كل السيارات، ولم نتلق اجابة، واضطررنا الى انتظار هذا المعرض ونحن جاهزون" للشراء. واعلنت وزارة المالية استعدادها لبيع المعروضات لزوار من اي دولة باستثناء اسرائيل التي لا تقيم معها تونس علاقات دبولماسية. ومن بين التحف التي اثارت الاهتمام في المعرض تماثيل لنمور وفيلة مصنوعة من الذهب الخالص وأخرى لخيول من الكريستال وشجرة زيتون من الفضة ارتفاعها حوالي المتر.

ووقف الزوار يتأملون طواقم احذية وملابس الرئيس المخلوع وبعضهم يردد انه "لم يكن يتخيل ولو في المنام ان ياتي يوم وتعرض فيه ادباش (أغراض) بن علي للبيع بعد ان حكم تونس 23 عاما بقبضة من حديد". وعرضت احذية وحقائب يد ليلى الطرابلسي للبيع باسعار تراوحت بين 300 و1500 يورو، علما ان متوسط الدخل الشهري في تونس يبلغ 160 يورو. بحسب فرنس برس.

 كما تم عرض قلادة مرصعة ب1000 الماسة اكد خبراء مجوهرات انها فريدة من نوعها في العالم وصممت خصيصا لليلى بن علي. وقالت سيدة تونسية يعمل زوجها طبيا في فرنسا "زوجي اراد شراء هذه القلادة الرائعة لكني شعرت بالاشمئزاز منها لانها تروي تاريخا مؤلما". ويتعين على زوار المعرض حجز تذكرة دخول، عبر موقع الكتروني رسمي اطلقته وزارة المالية. ويبلغ سعر تذكرة الدخول 30 دينارا (15 يورو) وهي صالحة لزيارة واحدة في التاريخ الذي يختاره الزائر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/كانون الثاني/2013 - 19/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م