
شبكة النبأ: شهدت العلاقات الأمريكي
الإيرانية العديد من التوترات السياسية التي أشعلت صراعا على المستويات
كافة الا المستوى العسكرية، حيث تعددت وتفاوتت السيناريوهات واحتمالات
المحللين حول إمكانية شن الولايات المتحدة حرباً على إيران، أو -على
الأقل – توجيه ضربة عسكرية لبرنامجها النووي، حيث يرى البعض منهم ان
ضرب إيران الآن يعتبر سلوكاً غير عقلاني، نظرا لإضرار التي ستلحقها
الحرب بجميع الاطراف المتخاصمة وخاصة امريكا التي لاترغب بتجربة
المستنقع الحربي الذي حصل في حربي العراق وأفغانستان ولحق بها خسائر
مادية كبيرة، في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الأمريكي من ازمة تهدد
صموده امام الديون مستقبلا، غير ان امريكا تعتمد استراتجية التدرجية
المرنة في التعامل مع خصمها الايراني من خلال تزايد سلسلة من العقوبات
الدولية بسبب برنامجها النووي الذي تؤكد طهران انه مدني سلمي بينما
تشتبه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بانه يخفي شقا عسكريا، في
حين رجح محللون آخرون أن يشهد عام 2013 انفراجة دبلوماسية بين أمريكا
وإيران، في حال أراد الطرفان تفادى اندلاع صراع جديد في منطقة الشرق
الأوسط، بينما يرى معظم الخبراء في هذا الشأن انه من المستبعد، في
الوقت الراهن على الأقل، أن يقوم الجيش الأمريكي بعملية عسكرية واسعة
النطاق، بهدف تفكيك البرنامج النووي الإيراني، إلا أنه أحد الخيارات
المطروحة، وعليه فان كل هذه المعطيات آنفة الذكر تطرح عدة تكهنات حول
التداعيات المحتملة من اي إجراء أمريكي تجاه إيران، لذا فان الصراع
الجانين يبقى سباق الانفاس الطويلة في المستقبل القريب.
كلفة حرب محتملة
في سياق متصل وضع أحد المراكز البحثية في واشنطن تكلفة تقديرية لأي
حرب محتملة قد تشنها الولايات المتحدة على إيران، يرافقها غزو القوات
الأمريكية لأراضي الجمهورية الإسلامية، بأنها قد تكبد العالم ما يقرب
من تريليوني دولار، خلال أول ثلاثة شهور، وقد ترتفع إلى ثلاثة
تريليونات دولار، وقال تشارلز بلير، الذي شارك في إعداد التقرير: "كانت
هناك محادثات حول ارتفاع أسعار النفط، وحول ما يمكن أن يحدث إزاء
البرنامج النووي الإيراني، والخسائر التي قد تتعرض لها إيران نفسها،
ولكن لم تكن هناك، على الأقل في المصادر المتاحة، ما يمكن الاستناد
إليه على نطاق واسع، بشأن ما يمكن أن يحدث على الصعيد العالمي". بحسب
السي ان ان.
وفيما يلي بعض التصورات التي وضعتها المجموعة فيما يتعلق
بالسيناريوهات المختلفة المطروحة، مع ملاحظة أن التقديرات المقترحة
للثلاثة شهور الأولى، لكل سيناريو على حدة، كما أن هناك كثير من
المتغيرات التي قد تحكم التكلفة المتوقعة:
تقوم الولايات المتحدة بزيادة الضغوط الاقتصادية على إيران، من خلال
فرض حزمة جديدة من العقوبات، تتضمن معاقبة أي بنك أجنبي يتعامل مع أي
بنوك إيرانية.. العقوبات الحالية لا تنطبق إلا على المعاملات الكبيرة
المتعلقة بقطاع الطاقة الإيراني، وبحسب التقرير، فإن العقوبات سوف "تعمل
على عزل قطاع الطاقة الإيراني بشكل كامل عن الاقتصاد العالمي"، ومن شأن
جولة جديدة من العقوبات أن تحد فرصة إيران في الحصول على قروض دولية
بالعملات الأجنبية، وتصل التكلفة التقديرية العالمية لهذا السيناريو
إلى حوالي 64 مليار دولار.
وفي حالة إذا لم تحقق العقوبات الضغط الكافي على الاقتصاد الإيراني،
فإن الاتفاقات الدبلوماسية ما زالت لا تلوح في الأفق بعد، فالولايات
المتحدة تهدف إلى "وقف" جميع صادرات النفط والغاز الطبيعي وكل إمدادات
وخدمات الطاقة الإيرانية، وتنتشر العديد من وحدات البحرية الأمريكية في
منطقة الخليج، يمكنها أن تفرض حصاراً على أعمال الشحن، كما يمكن فرض
حظر عالمي على الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني، كما يحظر منح إيران
أية قروض أو سندات مالية، وتبلغ التكلفة التقديرية العالمية نحو 325
مليار دولار.
تقود الولايات المتحدة حملة جوية محدودة، بالإضافة إلى استخدام
وحدات من قواتها الخاصة، تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، ومنشآت
عسكرية تثير بعض القلق، ومن أجل تجنب مزيد من تصعيد النزاع إلى أزمة
أوسع، تعتمد الولايات المتحدة على طائرات الشبح، التي لديها القدرة على
التخفي، والتي تتميز بالسرعة، في تنفيذ المهمة، لا تستهدف مواقع عسكرية
إيرانية يمكنها التصدي للضربات، مع الوضع في الاعتبار أن القوات
الأمريكية ستكون مستهدفة هي الأخرى، وتصل التكلفة التقديرية العالمية
حوالي 713 مليار دولار.
وبموجب هذا السيناريو، تقود الولايات المتحدة حملة جوية أوسع،
تستهدف منشآت إيران النووية ومواقعها العسكرية، بهدف تقليص قدرة القوات
الإيرانية على الرد.. وتكون مواقع الدفاع الجوي وأنظمة الرادار ومنظومة
القيادة والسيطرة، ضمن الأهداف التي تستهدفها الحملة، وتبلغ التكلفة
التقديرية العالمية لهذا الخيار نحو تريليون دولار.
تقوم القوات الأمريكية بغزو إيران، مع فرض حصار بحري شامل، وكذلك
فرض منطقة "حظر جوي"، مع قيام الجيش الأمريكي، في عملية ممنهجة، بتدمير
القواعد العسكرية الإيرانية واحدة تلو الأخرى.. وهذا يتطلب أعداد كبيرة
من القوات البرية لتنفيذ المهمة، التكلفة التقديرية العالمية لمثل هذا
الغزو تصل إلى 1.7 تريليون دولار.
طائرة أمريكية في ايران
على الصعيد نفسه قال مدير مطارات ايران إن طائرة تجارية أمريكية
صغيرة موجودة في البلاد منذ نحو ثلاثة أسابيع بعد أن هبطت اضطراريا قرب
مدينة الأهواز، ونقلت وكالة مهر للأنباء عن محمود رسولي نجاد قوله إن
الطائرة هبطت اضطراريا بسبب مشاكل فنية، وأضاف "بعد الهبوط سافر الطاقم
الى دول في (منطقة) الخليج الفارسي ويجري إصلاح الطائرة حاليا"، ولم
يحدد رسولي نجاد الجهة المالكة للطائرة او وجهتها او جنسيات افراد
الطاقم. وقال إنها ستعاود التحليق قريبا، وتقع الاهواز قرب حدود ايران
مع العراق بجنوب غرب ايران وهي منطقة مهمة لصناعة النفط بالبلاد. بحسب
رويترز.
وفي وقت سابق أعلنت ايران السيطرة على طائرة تجسس امريكية بلا طيار
في مجالها الجوي وهو ما نفاه مسؤولون أمريكيون، وفي ديسمبر كانون الأول
2011 أعلنت القوات الإيرانية التحفظ على طائرة استطلاع أمريكية في شرق
ايران بعد أن أبلغت القوات الأمريكية عن فقدها في افغانستان المجاورة.
اميركا اللاتينية
الى ذلك وقع الرئيس الاميركي باراك اوباما قانونا يهدف الى تطويق
النفوذ الايراني المفترض في اميركا اللاتينية عبر استراتيجية دبلوماسية
وسياسية يفترض ان تحددها وزارة الخارجية الاميركية، ويدعو قانون تطويق
ايران في النصف الغربي للعالم الذي اقره الكونغرس، وزارة الخارجية الى
ان تعد خلال 180 يوما استراتيجية "للتصدي لنمو الوجود والنشاط المعادي
لايران" في المنطقة، ويفترض ان تكون هذه الاستراتيجية سرية ولا يطلع
عليها سوى البرلمانيين، لكنها ستتضمن ملخصا عاما للنشر، كما يدعو النص
وزارة الامن الداخلي الى تعزيز المراقبة على حدود الولايات المتحدة مع
كندا ومكسيكو "لمنع اي عناصر ناشطة من ايران والحرس الثوري وقوته فيلق
القدس وحزب الله او اي منظمة ارهابية اخرى، من دخول الولايات المتحدة"،
وداخل دول اميركا اللاتينية، ينض القانون على خطة لعمل لمختلف وكالات
الاستخبارات من اجل ضمان الامن في هذه البلدان الى جانب "خطة لمكافحة
الارهاب والتطرف" من اجل عزل ايران وحلفائها. بحسب فرانس برس.
وكانت الولايات المتحدة اكدت مرات عدة انها تراقب نشاطات ايران في
اميركا اللاتينية مع ان مسؤولون في الخارجية والاستخبارات اكدوا انه
ليس هناك ما يدل على نشاط غير قانوني لايران هناك، ومنذ 2005 فتحت
ايران ست سفارات جديدة في المنطقة، ما يرفع عدد سفاراتها الى 11 في
اميركا اللاتينية. كما فتحت 17 مركزا ثقافيا، وقام الرئيس الايراني
محمود احمدي نجاد بعدة زيارات الى اميركا اللاتينية حيث تقيم طهران
علاقات وثيقة خصوصا مع بوليفيا والاكوادور وفنزويلا.
محادثات ثنائية
من جهة أخرى قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية ان
الولايات المتحدة مستعدة لاجراء محادثات ثنائية بشأن البرنامج النووي
الايراني اذا كانت طهران "مستعدة دائما"، وفي رد على سؤال وصفت كلينتون
ايران بانها اصعب قضية تعاملت معها كوزيرة للخارجية "بسبب الاخطار التي
يمثلها سلوكها بالفعل والخطر الاكبر الذي ستشكله ايران المسلحة نوويا"،
وبموجب سياسة "المسارين" تسعى الولايات المتحدة والدول الكبرى الاخرى
للتفاوض للتوصل لحل دبلوماسي في الوقت الذي تزيد فيه تدريجيا العقوبات
الاقتصادية ضد ايران في محاولة لاجبارها على التوصل لتفاهم، وفي حديث
امام مجموعة من المسؤولين والخبراء والدبلوماسيين من الولايات المتحدة
والشرق الاوسط شددت كلينتون على ان ادارة الرئيس باراك اوباما مستعدة
لاجراء محادثات ثنائية مع ايران. بحسب رويترز.
وقالت كلينتون انه بالنسبة للوقت الحالي فان واشنطن تعمل مع اعضاء
ما يسمى بمجموعة خمسة زائد واحد للقوى الكبرى وهي بريطانيا والصين
وفرنسا والمانيا وروسيا والولايات المتحدة لاستئناف المحادثات مع ايران
بشأن برنامجها النووي، وقالت كلينتون "اننا نعمل مع مجموعة خمسة زائد
واحد ونظهر رغبتنا باننا مستعدون لاجراء مناقشة ثنائية اذا كان مستعدون
دائما للمشاركة"، وعلى الرغم من عدم اعطاء تفاصيل قالت كلينتون ان
مجموعة خمسة زائد واحد تحاول طرح اقتراح على ايران "يوضح ان الوقت ينفد
امامنا.علينا ان نكون جادين فهذه هي الامور التي نحن على استعداد
لمناقشتها معكم ولكننا نتوقع المعاملة بالمثل"، وفي اكتوبر تشرين الاول
قال دبلوماسيون انهم يفكرون في ان يطلبوا من ايران فرض قيود اكثر صرامة
على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات في منهج طويل الاجل يهدف الى
التوصل لحل يسعون اليه منذ عشر سنوات، وقد يكون من بين الخيارات ان يضع
كل طرف على الطاولة الطلبات والمكافات الممكنة بشكل اكثر من الاجتماعات
السابقة في محاولة للخروج من المأزق على الرغم من استمرار التشكك بشان
فرص احراز انفراجة في اي وقت قريب.
حوار مباشر
في المقابل اكدت السلطات الايرانية ان اي قرار بشان بدء مباحثات
ثنائية مع الولايات المتحدة بخصوص الملف النووي يجب ان يتخذ من قبل
المرشد الاعلى للجمهورية علي خامنئي، وصرح وزير الخارجية الايراني علي
اكبر صالحي للصحافيين في طهران ان الولايات المتحدة وايران اجرتا
محادثات في اطار منتديات اقليمية حول العراق وافغانستان لكن اجراء
مباحثات ثنائية مباشرة "امر مختلف"، وقال ردا على سؤال حول الدعم
الروسي لمثل هذه المباحثات ان "المرشد الاعلى هو صاحب القرار بشأن
مباحثات سياسية شاملة وثنائية بين البلدين"، وفي تصريحات نشرت اكد نائب
وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ان بلاده تؤيد مباحثات
ايرانية-اميركية مباشرة حول برنامج طهران النووي المثير للجدل، وقال "اننا
براغماتيون. نريد شيئا يخرجنا من المأزق الحالي" مؤكدا وجود اتصالات
ايرانية-اميركية غير رسمية، وتؤكد ايران ان برنامجها النووي مخصص
للاستخدام السلمي في حين يرى الغربيون واسرائيل ان طهران تطور سرا
قواعد لانتاج قنبلة ذرية.
ونفت ايران والولايات المتحدة في تشرين الاول/اكتوبر اي اتفاق سري
لبدء مفاوضات ثنائية بعد الانتخابات الرئاسية في السادس من تشرين
الثاني/نوفمبر كما اكدت صحيفة "نيويورك تايمز"، واعرب صالحي عن الامل
في ان تستأنف المفاوضات حول الملف النووي مع مجموعة 5+1 (الولايات
المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا) "قريبا"، وقال "نجري
نوعا ما اتصالات مع الولايات المتحدة عبر المباحثات مع مجموعة 5+1".
وكانت المفاوضات الاخيرة التي جرت في حزيران/يونيو في موسكو باءت
بالفشل، وقال صالحي ان كبير المفاوضين في الملف النووي الايراني سعيد
جليلي ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون التي تمثل مجموعة
5+1 في المفاوضات، سيبحثون قبل 21 تشرين الثاني/نوفمبر خلال "محادثة
هاتفية مكان وزمان الجولة المقبلة" من المحادثات.
حرب الطائرات بدون طيار
من جانب آخر دعا مسؤول عسكري ايراني الولايات المتحدة الى "اعادة
تعداد طائراتها بدون طيار" بعد ان نفت واشنطن فقدانها طائرة على اثر
اعلان طهران الاستيلاء عليها اثناء مهمة مراقبة قرب السواحل الايرانية
في الخليج، وقال الجنرال رمضان شريف المتحدث باسم الحرس الثوري ساخرا
كما نقلت عنه وسائل اعلامية محلية "اقترح على القائد الاميركي ان يعيد
تعداد طائراته بدون طيار بدقة"، وكانت قوات النخبة في الجيش الايراني
المسؤولة خصوصا عن امن الحدود البحرية في الخليج اكدت انها نجحت مؤخرا
في انزال طائرة مراقبة تكتيكية صغيرة بدون طيار من طراز سكان ايغل
تستخدمها البحرية الاميركية في مهمات مراقبة على طول السواحل
الايرانية، وبث التلفزيون الايراني صورا قال انها لهذه الطائرة وهي
رمادية اللون بدون اي اشارة مميزة وتبدو في حالة سليمة، لكن البحرية
الاميركية نفت ان تكون فقدت طائرة بدون طيار خلال الاشهر الاخيرة فيما
اكد البيت الابيض انه لا يوجد "اي دليل" على حدوث هذا الامر، وقال
الجنرال شريف "ان الاميركيين لا يريدون الاقرار بنكساتهم، لكنهم
سيضطرون للاعتراف عاجلا ام اجلا بخسارة طائرة بدون طيار". بحسب فرانس
برس.
واضاف "ان دعت الضرورة سننشر معلومات اخرى حول اسر الطائرة بدون
طيار"، وصرح المتحدث باسم الحرس الثوري ايضا في مقابلة مع صحيفة اعتماد
ان الطائرة الاميركية بدون طيار "كانت تجمع معلومات استخباراتية حول
مواقع عسكرية وحول نشاط مصافي نفطية" ايرانية عندما وقعت "في الاسر مع
حد ادنى من الاضرار"، واضاف "استحوذنا على المعطيات التي سجلتها
الطائرة وهي تظهر نوع المعلومات التي يبحث عنها الاميركيون". واكد ايضا
"انهم لن يستطيعوا بسهولة دحض اسر هذه الطائرة". |