الإضراب عن الطعام... وسيلة حضارية لانتزاع الحقوق

 

شبكة النبأ: الإضراب عن الطعام سلاح جديد ومؤثر يتبعه اغلب سجناء العالم اليوم في سبيل إظهار مظلوميتهم واثبات حقوقهم أمام الرأي العام، وبحسب بعض المراقبين فأن استخدام هذا النوع من الإضرابات قد يعود بنتائج ايجابية ومهمة على السجناء في بعض الأحيان، وقد يدفع الحكومات الى الاستجابة لمطالبهم او تخفيف معاناتهم بهدف تفادي الإحراج أمام المجتمع الدولي و المنظمات الحقوقية او الإنسانية، وفي هذا الخصوص فقد قالت مؤسسة حقوقية فلسطينية ان الاسير اكرم الريخاوي انهى اضرابا عن الطعام تجاوز المئة يوم بعد التوصل لاتفاق مع مصلحة السجون الاسرائيلية.

وقالت مؤسسة (الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان) في بيان ان الاسير اكرم الريخاوي (39 عاما) من قطاع غزة "اعلن بعد 102 يوم من الاضراب المفتوح عن الطعام بانه فك اضرابه بناء على اتفاق مع ادارة مصلحة السجون الاسرائيلية يقضي بالافراج عنه بتاريخ 25/1/2013 بدلا من تاريخ 25/7/2013."

واضاف البيان انه بذلك التاريخ يكون الاسير الريخاوي "قد انهى ثماني سنوات ونصف من محكوميته البالغة تسع سنوات." واكدت ياسمين احدى بنات الريخاوي نبأ انهاء والدها لاضرابه وقالت "قبل أربع أيام اتصل أبي ليشاورنا في العرض اللي قدمته له مصلحة السجون الاسرائيلية." واضافت "البعض اعترض لكن امي طلبت منه أن يقبل لأن حالته الصحية تدهورت بشكل كبير... أبي بطل وهو لم يوافق بدون مقابل." ونقل نادي الاسير الفلسطيني عن الريخاوي قوله "لولا هذه الوقفة ما صمدت طوال هذه الفترة ولما اجبرت السجان على تراجعه عن موقفه المعلن."

واضاف "فانا كما صرحت منذ البداية لم اضرب لاموت.. لاخرج بعاهة.. وحتى عندما خذلني الجسد واستقوى على مرضي صمدت متسلحا بوقفة ابناء شعبي وقيادة شعبي وجميع احرار العالم." واوضح بيان صادر عن نادي الاسير ان مصلحة السجون الاسرائيلية "وافقت بان تجمع شمله (اكرم) مع اخيه الاسير شادي في سجن ايشل المحكوم عليه بالسجن 12 عاما بداية من الاسبوع القادم.

وجاء انهاء اضرب الريخاوي عن الطعام بعد أن أفرجت إسرائيل عن عدة سجناء فلسطينيين في الشهور الثلاثة الاخيرة في اعقاب اضرابهم عن الطعام لفترات متقطعة احتجاجا على اعتقالهم دون محاكمة وللمطالبة بتحسين ظروف احتجازهم. وكان اخر المفرج عنهم من السجون الاسرائيلية بعد خوضهم الاضراب عن الطعام في العاشر من الشهر الجاري الاسير محمود السرسك لاعب المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم احتجاجا على اعتقاله لثلاث سنوات دون محاكمة. بحسب رويترز.

وأبرمت اسرائيل الشهر الماضي اتفاقا مع ممثلي 1600 سجين فلسطيني اوقفوا بموجبه اضرابهم عن الطعام الذي بلغت مدته في عدة حالات 27 يوما مقابل انهاء الحبس الانفرادي والسماح بزيارات الاسر وتحسين بعض ظروف السجن الأخرى. وتظهر احصاءات فلسطينية وجود ما يزيد عن 4500 معتقل في السجون الاسرائيلية قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اكثر من مناسبة انه لن يوقع اتفاق سلام نهائي مع اسرائيل دون الافراج عنهم جميعا. وذكر بيان مؤسسة (الضمير) ان الاسير حسن الصفدي يخوض اضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 33 يوما.

في السياق ذاته ذكر نادي الاسير الفلسطيني ان الجيش الاسرائيلي اطلق، بعد اربعة ايام على اعتقاله، سراح ثائر حلاحلة (34 عاما) الذي اشتهر لاضرابه الطويل عن الطعام لانهاء اعتقاله الإداري مطلع السنة. واعاد الجيش الاسرائيلي اعتقل حلاحلة رغم انه اطلق سراحه في حزيران/يونيو الماضي اثر اتفاق لانهاء اضرابه عن الطعام، بتدخل مصري.

واطلق سراح حلاحلة بعد 78 يوما من الاضراب عن الطعام احتجاجا على وضعه في الاعتقال الاداري لمدة عامين، واوقف اضرابه عن الطعام بعد تلقيه ضمانات مصرية بعدم تجديد اعتقاله الاداري. وقال نادي الاسير في بيان "افرجت سلطات الاحتلال عن الاسير ثائر حلاحله الذي اعتقل بعد احتجازه في معتقل عصيون". ونفذ ثائر حلاحلة ومعتقل اخر هو بلال ذياب (27 عاما) اضرابا طويلا عن الطعام ابتداء من 29 شباط/فبراير الماضي. وهما من الضفة الغربية واعتقلتهما اسرائيل لاتهمامهما بالانتماء الى حركة الجهاد الاسلامي. بحسب فرنس برس.

وتضامنا معهما نفذ نحو ثلث الاسرى الفلسطينيين ال4700 تقريبا في اسرائيل (بينهم نحو 309 قيد الاعتقال الاداري) اضرابا عن الطعام في حركة احتجاج جماعية بدأت في 17 نيسان/ابريل وانتهت في منتصف ايار/مايو. وطالب الاسرى المشاركون في الاضراب بتحسين ظروف اعتقالهم والسماح بمزيد من الزيارات العائلية وزيارات المحامين وانهاء الاعتقال الاداري والعزل الانفرادي. وبحسب القانون الاسرائيلي الموروث عن الانتداب البريطاني، بالامكان وضع المشتبه فيه قيد الاعتقال الاداري من دون توجيه الاتهام له لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لفترة غير محددة.

الحكومة التركية

الى جانب ذلك وجه وزير العدل التركي نداء الى مئات الموقوفين الاكراد المضربين عن الطعام دعاهم فيه الى وقف هذا الاضراب، لكنه لم يقطع لهم وعدا مع ذلك بتلبية مطالبهم. وقال سعد الله ارغين في تصريح صحافي خلال زيارة الى سجن سينجان في ضاحية انقرة حيث التقى مضربين للمرة الاولى "من اجل سلامة اجسادكم وصحتكم وعائلاتكم، اوقفوا هذا الاضراب".

واوضح الوزير ان حوالى 600 شخص موقوفون في الوقت الراهن بسبب انتمائهم او تواطؤهم مع المتمردين المسلحين في حزب العمال الكردستاني الذين ينفذون اضرابا عن الطعام في عدد من السجون التركية. واشار وزير العدل التركي الى ان الحكومة التركية الاسلامية المحافظة "تعمل بما يؤدي الى ان يصبح هذا النوع من التحركات غير ضروري في تركيا"، من دون ان يوضح ما اذا كانت انقرة تنوي تلبية مطالب المضربين ام لا.

وتقول المنظمات المؤيدة للاكراد ان الحالة الصحية للسجناء تتدهور. وهم يطالبون بالافراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان المسجون في شمال غرب تركيا منذ 1999 والذي يخضع لقيود. ويطالبون ايضا بالالغاء الكامل للقيود المفروضة على استخدام اللغة الكردية ويحتجون اخيرا على سجنهم. وبين المضربين عدد من مسؤولي حزب السلام والديموقراطية، ابرز الاحزاب الكردية. ويقبع في السجن في الوقت الراهن اكثر من 30 رئيس بلدية وستة نواب و56 عضوا من مجلس حزب السلام والديموقراطية. بحسب فرنس برس.

وقد شن القضاء التركي العام الماضي حملة قضائية على الفروع السياسية لحزب العمال الكردستاني، اسفرت عن حبس مئات الاشخاص بينهم صحافيون وشخصيات سياسية. ومنذ 1980، توفي 144 سجينا على الاقل جراء الاضرابات عن الطعام، كما ذكرت الجمعية التركية لحقوق الانسان في بيان. وحذرت الجمعية من ان التشدد في معاملة السجناء ووضعهم في زنزانات من شأنه ان يزيد الوضع تفاقما، داعية الحكومة الى التحاور مع المضربين.

واتهم رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان الزعماء الاكراد بالنفاق اذ قال إنهم يصدرون أوامرهم لاتباعهم المعتقلين بالاضراب عن الطعام فيما يتناولون هم الكباب. وفي أول تصريحات علنية عن الاضراب عن الطعام قال اردوغان امام اعضاء حزب العدالة والتنمية في البرلمان إن "تجار الموت" يتلاعبون بالمحتجين في اشارة الى قيادات حزب العمال الكردستاني وحلفائه السياسيين. واضاف انه سيقاوم ضغوطا كي يرضخ امام مطالب بمنحهم مزيدا من الحقوق.

وقال اردوغان "كما لو كانت القسوة التي يقترفونها في الخارج ليست كافية فان المنظمة الارهابية والجماعات التي تخضع لسيطرتها يتحولون الآن للسجون. إنها تصدر تعليماتها للمتعاطفين معها في السجون (للانضمام) الى اضراب عن الطعام من اجل تحقيق مطالبها السياسية." وقال اردوغان إن اعضاء البرلمان الذين ينتمون لحزب السلام والديمقراطية المؤيد للاكراد ينفذون رغبات حزب العمال الكردستاني من خلال تحريض الأكراد في السجون على الاحتجاج. بحسب رويترز.

واضاف "من جهة فانكم تتناولون كباب الضأن ومن جهة اخرى فانكم تقولون لأولئك المودعين بالسجون 'موتوا خلال الاضراب عن الطعام'." وكان اردوغان قد قال مرارا إن حزب السلام والديمقراطية مرتبط بحزب العمال الكردستاني الا ان الحزب ينفي وجود علاقة مباشرة قائلا ان الجماعتين لديهما قاعدة تأييد مشتركة. ويطالب السجناء بتحسين ظروف اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان وبمنحهم الحق في الادلاء بشهاداتهم باللغة الكردية الام امام المحاكم وان تكف الحكومة عن اعتقال ومقاضاة النشطاء الاكراد.

تزوير في الانتخابات

بدات المعارضة الاوكرانية المسجونة يوليا تيموشنكو اضرابا عن الطعام احتجاجا على ما تعتبره "تزويرا للانتخابات" التشريعية التي جرت في اوكرانيا، كما اعلن محاميها. وقالت تيموشكنو رئيسة وزراء اوكرانيا السابقة في اعلان تلاه محاميها النائب سيرغي فلاسنكو "بدات اضرابا عن الطعام تعبيرا عن احتجاجي على تزوير الانتخابات".

وقد احتل التحالف الذي يضم حزبها المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية وراء الحزب الحاكم.

وقد ابلغت رئيسة الوزراء السابقة رسميا سلطات السجن انها اوقفت تناول الطعام ولا تشرب سوى الماء، كما اوضح محاميها لدى الخروج من مستشفى خركيف (شرق) حيث تتواجد تيموشنكو المحكوم عليها بالسجن سبعة اعوام بعد ادانتها بسوء استخدام السلطة. بحسب فرنس برس.

وكانت منظمة الامن والتعاون في اوروبا نددت بتراجع الديموقراطية في اوكرانيا غداة الانتخابات التي شهدتها البلاد وشابتها على حد قولها عمليات "استغلال سلطة واستخدام مفرط للمال". وقالت مندوبة المنظمة فالبورغا هابسبورغ دوغلاس في بيان انه "اذا اخذنا في الحسبان عمليات استغلال السلطة والاستخدام المفرط للمال في هذه الانتخابات، نجد ان التقدم الديموقراطي الذي تحقق في اوكرانيا يتراجع".

تضرب لتحصيل الحقوق

تنفذ زعيمة بين السكان الاصليين في كندا، اعتصاما واضرابا عن الطعام امام برلمان اوتاوا مثيرة حالة احتجاجية في صفوف السكان الاصليين على ظروف حياتهم. وترفض هذه الزعيمة القبلية فك اضرابها عن الطعام الا في حال موافقة رئيس الحكومة ستيفن هابر او الحاكم العام دايفيد جونستون، الذي يمثل الملكة اليزابيث الثانية في هذه المستعمرة البريطانية السابقة، على مقابلتها.

وتتزعم هذه السيدة قبيلة اتاوابيسكات في شمال مقاطعة اونتاريو، وقد قررت الاعتصام في جزيرة صغيرة في وسط نهر يجتاز اوتاوا، تنديدا بالظروف السيئة التي يعيش فيها 1,2 مليونا من السكان الاصليين. وسرعان ما تحول نضالها الى ملهم لحركة الدفاع عن حقوق السكان الاصليين "ادلي نو مور" التي اطلقها قبل شهر اربعة ناشطين من السكان الاصليين.

والهمت تيريزا سبانسي من خلال حركتها الاحتجاجية واضرابها عن الطعام، عشرات المواطنين من السكان الاصليين للمطالبة باحترام الاتفاقيات التي وقعها اسلافهم مع المحتلين البريطانيين. ويقول اسكيم هارفي زعيم قبيلة يشناوبي "الزعيمة تيريزا سبانسي ليست وحيدة، كل السكان الاصليين في كل البلاد يساندون جهودها". واضافة الى السكان الاصليين، اعلنت الاحزاب المعارضة الثلاثة الممثلة في مجلس العموم اضافة الى نقابة عمال البريد دعمها لتيريزا سبانسي.

وانطلقت هذه الحركة الاحتجاجية عقب اقرار قانون يتيح للسكان الاصليين بيع اراضيهم الى مواطنين من غير السكان الاصليين، بحسب ما تشرح تانيا كابو احدى مؤسسات حركة "ايدلي نو مور" معتبرة ان قرار كهذا من شأنه ان يقضي على الحياة التقليدية للشعوب الاولى التي استوطنت اميركا الشمالية.

وتقول هذه الحقوقية "على سبيل المثال، اللغات الاصلية لم تعد موجودة سوى في المجتمعات الاصلية، وفي حال زوال هذه المجتمعات فان اللغات ستختفي ايضا". وبحسب كابو، فانه لا شك "في ان الحكومة تحاول استيعاب السكان الاصليين في المجتمع الكندي، انهم يحاولون نزع جلدنا الذي تبقى لنا". وتنتشر في كندا اكثر من 600 محمية، انشأت بقرار ملكي في العام 1763. وتسود في هذه المحميات قواعد حياة ومفاهيم الحق في الارض تعود الى قانون صدر في العام 1876 حول الهنود الحمر. لكن الكثيرين يرون ان هذا القانون هو السبب في الكثير من المشاكل التي تعاني منها المحميات.

ازاء ذلك، خففت اوتاوا من التشريعات لتسمح للقبائل بتأجير اجزاء من اراضيها. ويتيح هذا القانون للسكان الاصليين ايضا "تحقيق الربح من فرض التنمية الاقتصادية". وتقول تانيا كابو بقلق "كيف يمكننا ان نقاوم التنمية في مجتمعاتنا في الوقت الذي نعاني فيه نحن من الفقر". وتضيف "هذا سيعني نهاية المحميات الهندية". بحسب فرنس برس.

من الجانب الرسمي، يبدى وزير شؤون السكان الاصليين جون دونكان قلقه حول صحة سبانسي. لكن الحكومة الكندية تؤكد ان التعديل القانوني الاخير كان مطلبا لدى السكان الاصليين انفسهم. اما الحاكم العام الجنرال دايفيد جونستون فرفض التعليق على هذه القضية معتبرا انها قضية "سياسية جدا". وفي انتظار جواب رسمي اكثر ايجابية، لا تبدو سبانسي متهاونة في الدفاع عن قضيتها، وهذا ما يقلق كابو التي تقول "انا قلقة جدا من ردة فعل السكان الاصليين في حال توفيت الزعيمة سبانسي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/كانون الأول/2012 - 17/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م