لا شك أن تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي لعام 2012 لمكافحة
الفساد الذي شمل 178 دولة في العالم وكالعادة كان العراق في قعر قائمة
الشفافية الدولية امر يثير في النفس الحزن والغصة بسبب ما أدت أليه هذه
الكارثة التي كلفت العراق وقتاً وجهداً كبيرين.
مؤشر الشفافية الدولية يمثل دراسة عن الكيفية التي يرى فيها الناس
الفساد في بلدانهم وتستخدم المنظمة مجموعة من المسوحات والدراسات
كقاعدة تعتمد عليها في وضع مراتب الدول ضمن فهرسها ويتم على أساسها وضع
درجات تتراوح بين صفر للدول الفاسدة جدا و100 للدول النظيفة جدا.
لقد صدق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حينما قال إن مواجهة
المشكلة الفساد أصبح اليوم أكثر إلحاحا، محذرا من أنه يقوض حقوق
الإنسان والحكم الرشيد، ويكبح عجلة النمو والتطور الاقتصادي، ويتسبب في
اختلال الأسواق.
إن مواجهة والحد من الفساد شرط حاسم لكفالة سيادة القانون في العالم
بوجه عام والعراق بوجه خاص، وأن أحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية
(صدر قبل أيام) أظهر أن ثلثي الدول الـ176 التي شملها المسح المنظمة
جاءت دون50 درجة، فيما يتعلق بمستويات إساءة استغلال السلطة، والرشى
والتعاملات السرية، مما يعني أنها فاسدة بشدة وهذه حقيقة لايمكن
اغفالها.
إن الفساد شر وهو اخطر المصائب وبجميع اشكاله سياسيا، ماليا، اداري،
اقتصاديا او اجتماعي إلا أن أسوأ أشكله هو فساد الضمير والأخلاق، لأن
من شأنه تخريب النفوس، وسقوط الأمم، وانحلال المجتمعات، فيقدم الفرد
على ارتكاب ما يخالف تقاليده وبيئته وقيدته وثقافته وهذا ما اخشاه على
بلادنا.
إن عالمنا اليوم , وهي تستشرف مستقبلها , تتطلع إلى الانتصار على
هذا العدو اللدود والقوي والعنيد وهو الفساد وأن تستيقظ ذات يوم فلا
ترى رموزه ممسكة بمقاليد السلطة (حتى لو توفرت اقوى الجيوش)، أو مسيطرة
على مقدرات شعوب، كما هو حاصل الآن، في الكثير من بقاع الأرض.
اذا علينا في العراق التيقن من أن الفساد ليس قدرنا المحتوم وهو
طارئ لان تاريخنا لم يعرفه، وإنما يمكن القضاء عليه اذا توفرت الارادة،
وهذا يتم برفع الأصوات عالياً في مواجهته، وإماطة اللثام عن مظاهره
القبيحة، وتحويل أحلام اجتثاثه إلى حقائق، بحيث يترجم ذلك في النهاية
في صورة برامج حكومية وشعبية جادة في مكافحته، وغير متراخية في تطبيق
القوانين، كي تتحقق آمالنا التي طالت وهذا ما سيوفر الحياة الرغدة،
والعيش الكريم وضمان مستقبل وحقوق الاجيال والوطن، والعراقيين سيبقون
ما بقيت الدنيا تخلد من سيقضي عليه.
* صحفي عراقي
|